شباب سعوديون يعالجون قضاياهم «المعاصرة» من خلال 40 عملا فنيا متنوعا

أجمعوا على ضرورة التواصل مع العالم من خلال الحوار الفني

صورة للوحة الفنان إبراهيم أبو مسمار («الشرق الأوسط»)
TT

«يجب أن نتحاور» تحت هذا العنوان انطلقت بجدة أول من أمس فعاليات معرض «Edge of Arabia 2012» بمشاركة العديد من الفنانين السعوديين، والذي يعد أحد المعارض الفنية العالمية التي تحمل بين طياتها معالجة العديد من القضايا المعاصرة من خلال فن وإبداع العديد من الشباب السعودي، ويرى القائمون على المعرض ضرورة انطلاقه من خلال حوار أو محادثة كونه أول معرض عام بارز للفن السعودي المعاصر.

وبين محمد حافظ المنسق الفني ل- Edge of Arabia 2012 أن الفنان السعودي ناقش مؤخرا سلسلة من المواضيع الشيقة سواء داخل وطنه أو خارجه، لافتا إلى أن هذا المعرض موجه إلى جميع شرائح المجتمع بهدف تشجيعهم على التحدث بطريقة حضارية وعصرية.

وأوضح أنه من خلال المعرض فكر في ابتكار طريقة تكون على صلة وثيقة بالجمهور المحلي مختلفة عن نظرة الدول الأخرى لتقييم المعرض في الدول الأخرى، لا سيما وأن المجتمع السعودي لا يزال حديثا نسبيا في معرفته للفن المعاصر الأمر الذي دفعنا إلى اختيار مواضيع تهم الجمهور السعودي، لافتا إلى أنهم يرغبون من خلال هذا الفن التواصل مع جمهور لا يزال يكتشف هذا النوع من الحوار المرئي مشددا على أن هذا هوا الهدف وليس الإثارة.

وقُسم المعرض إلى ثلاثة أقسام يحتل كل منها مساحة خاصة في ساحاته، مبتدئة بالماضي الذي جعل الفنان يفكر فيما خسره وما ورثه السعوديون ليس من الناحية المادية فقط بل من الناحية الأيدلوجية والأديان إضافة إلى القيم الاجتماعية حيث يحاول الفنانون أن يعبروا بطرق عديدة عن الماضي الثقافي الذي دُمر بشكل سريع في السباق نحو التطور. القسم الآخر من المعرض يتعلق بالحاضر حيث تفاعل الفنانون مع واقع ينطوي على صرح كبير ويحثهم على طرح عدد من المسائل الشائكة بما فيها التدهور البيئي وسرعة التطور ودور المجتمع والعائلة وتصادم الاستهلاكية مع تقاليد المجتمع الإسلامي. فيما يناقش القسم الثالث المستقبل القائم على بعض المخاوف والأمل الملحوظ بإيجاد الحلول عبر هذا النوع من المناقشات الشاملة المطروحة في سياق المعرض.

وتضمن المعرض أكثر من 40 عملا فنيا جديدا بمختلف أنواع الفنون المعاصرة كالفيديو والنحت والتصوير بطريقة إبداعية، الهدف منها رفع نسبة الوعي في المجتمع السعودي من خلال خلق لغة حوار جديدة لقضايا الشباب المعاصر.

وأوضح أحمد قنديل رئيس مجلس إدارة شركة «دورشيستر» العقارية الجهة المنظمة للمعرض، أن هذه المعارض تشجع بدورها الفن والإبداع من خلال العمل الجماعي بمختلف المجالات، لا سيما أن المعرض يرتكز على تشجيع الحوار البناء بين الفنانين والمجتمع من خلال ربط الماضي بالحاضر والمستقبل. وبين قنديل أنه تم إقامة المعرض على مساحة تتجاوز 1000 متر مربع ويشارك به أكثر من 23 فنانا، لافتا إلى حضور عدد كبير من كبار الشخصيات والسفراء ورجال الأعمال والمهتمين بالفن، وكشف أن المعرض الذي سيستمر لمدة شهر يرافقه زيارات ميدانية وجولات لطلاب المدارس والجامعات. من جهتها أشارت حنين ناظر، إحدى المنظمات لـEdge of Arabia 2012 أن المعرض تجول في مدن العالم المختلفة كباريس ولندن وبرلين واسطنبول ودبي والآن عاد إلى جدة، بهدف تعريف العالم بالشباب السعودي المبدع وقدرته على الوصول للعالمية ومخاطبتهم من خلال أعماله الفنية التي باتت الآن تباع في المعارض الدولية بمبالغ هائلة، مشيرة إلى بيع لوحة للفنان السعودي عبد الناصر غارم في أحد المعارض بمبلغ 800 ألف دولار. وقالت ناظر لـ«الشرق الأوسط»: تركنا الدعوة مفتوحة لجميع شرائح المجتمع لزيارة المعرض وفتح باب الحوار والنقاش والحمد لله في اليوم الأول من الافتتاح وصلنا إلى أكثر من 700 زائر من مختلف الأعمار والإمكانات وهذا يدل على أن الشباب السعودي لديه القدرة على إيصال صوته من خلال أعماله بإمكاناته المحدودة.

كما عبر إبراهيم أبو مسمار أحد الفنانين السعوديين المعاصرين والمشاركين بالمعرض عن سعادته بالإقبال الكبير على المعرض خلال اليوم الأول من افتتاحه وقال لـ«الشرق الأوسط»: حرصت على المشاركة بالمعرض حتى يتعرف العالم أجمع على مدى ثقافة الشباب السعودي وقدرته على الحوار والتواصل مع المجتمعات المختلفة بجميع الطرق، رغبة مني في تغيير نظرتهم للشعب السعودي لا سيما أن بعض المجتمعات الأجنبية لا تزال تعتقد أننا نعيش في صحراء داخل الخيام ووسيلة تنقلنا هي الجمال.

وشارك أبو مسمار بعمل فني عبارة عن بيوت للعصافير استخدم فيه أدوات بسيطة غير مكلفة كالأوراق والكرتون المستهلك وبعض الأخشاب، بهدف توصيل رسالة للعالم بأهمية المحافظة على البيئة وعدم قطع الأشجار لعمل بيوت للعصافير وقال: العصافير تستطيع أن تنشئ بيوتها بنفسها على الأشجار فلا داعي لقطعها لا سيما أن 20 في المائة من غابات الأوزون أزيحت بسبب صناعة الورق والكارتون، لذا أردت من خلال هذا العمل أن أوصل رسالة للعالم بأننا نستطيع أن ننشئ بيوتا للعصافير من خلال إعادة استخدام هذه الكراتين المستهلكة والأوراق، لا سيما أن البشر هم المتسببون في التلوث البيئي والكثير من الكوارث الطبيعية وذلك بجهلهم. إلا أن الفنان ناصر السالم شارك بالمعرض بطريقته المختلفة وهي عبارة عن أربع قطع علقت على جدران المعرض ووضع على إحدى هذه القطع رقم 63، والأخرى رقم هاتف، والأخرى رقم اشتراك الإنترنت والأخيرة وضع عليها رقم صندوق التمنية العقاري.

وبين السالم في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه اللوحة تحكي تاريخ البدو وحياتهم المتنقلة من منطقة لأخرى بهدف البحث عن لقمة العيش، مشيرا خلالها إلى النقلة الواضحة في حياة السعوديين الأوائل الذين كانوا يقطنون القرى ويسكنون الخيم.

وحول مشاركته في معرض دولي يجول العالم قال: لا بد أن يعرف العالم أن الشباب السعودي شباب له تاريخ وحاضر ومستقبل بإذن الله، يستطيع أن يتحاور مع العالم بشتى الطرق ومختلف اللغات ويوصل رسالته من خلال الفن المعاصر.