أخيرا.. وزارة الثقافة والإعلام تكشف عن معرض لفن النحت في الدوادمي

بعد جدلية غياب فن النحت عن الساحة الثقافية السعودية

أحد أعمال النحات السعودي العالمي ضياء عزيز
TT

قطعت وزارة الثقافة والإعلام جدلية غياب فن النحت عن الساحة الثقافية السعودية بإعلان وكالة الشؤون الثقافية إقامة معرض «سمبوزيم الدوادمي للنحت» في فبراير (شباط) المقبل.

وكان فن النحت لا يزال يسجل غيابا في الإنتاج والعمل الثقافي على الرغم من عراقة تجربة بعض الفنانين النحاتين في السعودية الذين وصلوا إلى العالمية، ومنهم كمال المعلم وضياء عزيز، اللذان استطاعا بسبب القيمة الفنية العالية لأعمال كل منهما الوصول إلى تقدير العالم.

ولكن كانت عملية تقييم أعمال فن النحت تقوم في السعودية على أساس ديني وعقائدي وتدخل فيها مسألة الحلال والحرام، الأمر الذي جعل هذا الفن محصورا في مدينة سعودية واحدة وهي مدينة جدة.

وقال فنانون نحاتون لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق: «إن فن النحت محارب في المدن السعودية، مع أن الحضارات التي سادت العالم عبر التاريخ كان مقياس قوتها الأعمال الفنية التي وجدت في آثارها»، مؤكدين أن النحت فن راق يكرس معاني مختلفة، فكرية وفلسفية ووطنية وجمالية وتاريخية.

وبخلاف ذلك، أكدت وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية، حرصها على إقامة المناسبات الخاصة بالنحت، ومنها ما سيكون في الدوادمي، ودعت الفنانين النحاتين الراغبين في تقديم الطلبات إلى إقامة مناسبات تبرز هذا الفن العريق.

وفي هذا السياق أكد الدكتور ناصر الحجيلان، وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أهمية فن النحت في حياة المجتمع، مبينا أن النحت من الفنون التي تستحق العناية والاهتمام لما تتضمنه من الإبداع الذي يستثير الحس الجمالي لدى المتلقي.

وأوضح الحجيلان أن وكالة وزارة الثقافة والإعلام تحرص على إقامة المناسبات الخاصة بالنحت، مبينا أن من بينها ما سيكون في الدوادمي، وقال: «نحن حريصون على أن نتلقى من الفنانين الطلبات لإقامة مناسبات تبرز هذا الفن العريق. وتحرص وزارة الثقافة والإعلام بالتعاون مع وزارة الشؤون القروية والبلدية وأمانات المدن على استثمار الفنون، ومنها النحت، في تجميل مداخل المدن وميادينها، ونأمل أن يحقق هذا التعاون ما يفيد الفن ويبرزه للجمهور».

وأوضح أن وكالة الشؤون الثقافية تقيم معرض «سمبوزيم الدوادمي للنحت» بهدف إتاحة الفرصة للفنانين النحاتين في السعودية لممارسة فن النحت بأحجام كبيرة، وتبادل التجارب، ونشر الثقافة البصرية، وتفعيل المشهد التشكيلي في السعودية، حيث تعني عبارة «سمبوزيم الدوادمي للنحت» ورشة عمل مفتوحة لأجل إنجاز أعمال نحتية بأسلوب فني معاصر، مستلهمة من التراث السعودي الأصيل، وذلك بمشاركة 15 نحاتا من الفنانين السعوديين.

وأضاف أن شروط المشاركة، أن يكون الفنان النحات سعوديا ممارسا لفن النحت وحضوره وإقامته في الدوادمي مدة السمبوزيم، علما بأن ملكية وحقوق طبع جميع الأعمال ستعود للوزارة، وسيكون الخامس من ربيع الثاني آخر موعد لتسلم طلب المشاركة.

وكان فنان النحت السعودي ضياء عزيز ضياء قد أكد في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» أن فن النحت منحصر في مدينة جدة فقط، ويبدو أنه محارب في المدن الأخرى لأسباب عقائدية أو لأسباب مادية، مشيرا إلى أن بناء عمل نحتي فني على أصول الصنعة مكلف ويحتاج إلى خبرات متخصصة، وهي موجودة محليا في جدة وربما في الشرقية فقط.

ويرى عزيز أهمية النظر إلى العمل المنحوت على أنه فن خالص، الغرض والهدف من ورائه هو تكريس فكرة جمالية أو وطنية أو تاريخية ولا هدف غير ذلك، مبينا أن الحضارات التي سادت العالم عبر التاريخ كان مقياس قوتها الأعمال الفنية التي وجدت في آثارها. وقال: «إذا أردنا بناء حضارة تبقى عبر التاريخ فيجب أن نجسد القيم التي نؤمن بها في أعمال فنية منحوتة ومرسومة».

وقال عزيز: «لا توجد عوائق تحول دون تنفيذ أعمال نحتية فنية تحمل المعاني التي ذكرت آنفا سوى أن نحاول التحرر من المفهوم الخاطئ عن الأعمال المجسمة، الذي يمكن أن يصادر كل مجهود فني صادق بل ويعم جمع أنواع الفنون التي هي المقياس الحقيقي للتجربة الإنسانية، وأن ننظر إلى الأعمال المجسمة نظرة جمالية وفكرية مجردة».

وأما في ما يتعلق بالمعتقد الذي يقول إن رسم الصور ذات الجسم الإنساني أو الحيواني أو المجسم ذي الثلاثة أبعاد سيحاسب عليه صانعه يوم القيامة ويسأل أن يبعث فيها الروح وما شابه ذلك، قال عزيز: «أنا لا أعلم من أين جيء بهذه الخرافات، ومن الذي خاض هذه التجربة ليعلم عنها، ومن يجرؤ على تخيل تفاصيل ما سيحدث يوم الحساب، فبعد بحث طويل ودراسة القرآن الكريم لم أجد ما ينوه بأحداث مثل هذه ستحدث لفناني العالم».

وأضاف أنه «على كل حال كل فنان ادعى أنه يستطيع أن يبعث الروح في عمل فني له فهو وصل إلى حالة بائسة يحتاج عندها أن يعالج في مصحة نفسية».

وعاد عزيز وأكد أن فن النحت ينحصر وجوده إلى حد طيب في مدينة جدة فقط، مبينا أن هذه المدينة يوجد بها متحف الهواء الطلق الذي يحوي أعمالا نحتية كثير منها ما له قيمة فنية عالية محليا وعالميا، إلى جانب أعمال فنية رمزية هائلة في مراكز الميادين والساحات المفتوحة والساحات المطلة على الشواطئ، مبينا أنها تختلف في مواضيعها وأحجامها والمواد المصنعة منها.

وزاد أن معظم هذه الأعمال تم إنجازها في فترة أمين مدينة جدة السابق المهندس محمد سعيد فارسي، مؤكدا أنه استطاع أن يصل إلى المعادلة التي تمكنه من تنفيذ إنجاز كهذا، وهو في نظره إنجاز عظيم ونوعي.

أما حضور فن النحت السعودي عالميا، برأي ضياء محدود على بعض الفنانين المحلين.