«نفحات البرد» تشعل سوق الحطب وتعيد أزمة ارتفاع الأسعار إلى الواجهة

بعد أن شهدت ركودا حادا تجاوز شهرا نتيجة اعتدال الأجواء

موجة البرد دفعت لزيادة الطلب على الحطب في الرياض خلال الأيام الماضية (تصوير: خالد الخميس)
TT

عادت مشكلة ارتفاع أسعار الحطب إلى الواجهة من جديد، بعد أن ضربت موجة البرد التي عادت إلى الأجواء العامة في السعودية، حيث حركت هذه الموجة الباردة مبيعات الحطب لأكثر من 70 في المائة، بعد أن شابها الركود لأكثر من شهر كامل رغم انتصاف فصل الشتاء، الذي اعتبره الكثير من تجار الحطب الأسوأ نتيجة تقلب الأجواء وعدم استمراريتها بالانخفاض في درجات الحرارة، وهو الأمر الذي دفع هؤلاء التجار إلى إعادة برمجة الأسعار لتتكيف من جديد مع نفحات البرد التي أجبرت الجميع على الاستعانة بالحطب كوسيلة ممتازة للتفادي من برد الشتاء إلى أجواء أقل برودة، وهو الأمر نفسه الذي وجد في أسعار الحطب الذي ارتفعت أسعاره لتكون أشد سخونة، بعد علم ملاكه بأهميته في مثل هذا الوقت الذي يشتد فيه التنافس على الظفر بأجود وأرخص كمية ممكنة منه.

وأكد محمد الرشيدي، بائع حطب، أن عودة الأجواء الشتوية بقوة خلال الأيام القليلة الماضية، أسهمت بشكل كبير في عودة الأرباح إلى تجارتهم التي توقفت تماما خلال الشهر الماضي، على الرغم من كونها محسوبة على فصل الشتاء وهو الأمر الذي انعكس سلبا على إيراداتهم التي انخفضت بشكل غير متوقع، إلا أن الموجة الباردة التي لفت الرياض أعادت احتياج السكان للحطب إلى الواجهة من جديد.

وحول أسباب الارتفاع على الرغم من تعدد طرق التدفئة، أكد الرشيدي أن الكثيرين يفضلون الحطب كأفضل وسيلة من وسائل التدفئة، موجها أصابع اتهام ارتفاع الأسعار إلى منع الاحتطاب الذي أسهم في احتكار السوق، ناهيك عن تحكم بعض التجار الذين يمتلكون بعض الكميات القليلة من الحطب المحلي الذي تفضله شريحة كبيرة من المشترين، والذي اجتز قبل منع الاحتطاب.

وفي صلب الموضوع كشف لاحم البقمي، تاجر حطب، عن أن هناك ارتفاعا في الأسعار يقدر بـ25 في المائة، على ما كانت عليه قبل أيام قليلة، وأوعز هذا الارتفاع إلى رغبة التجار باللحاق بالموسم الذي شارف على العزوف دون تحقيق العوائد المرجوة أو المرسومة، مما جعل فرصة انخفاض درجات الحرارة، بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا، ولا يمكن أن تمر دون أن تتم الاستفادة منها بشكل كبير.

وعن الاختلافات بين الأنواع، أشار إلى أن لكل نوع صفة تميزه عن الآخر، فتجد أن الأرطي يعرف بخفته وعدم احتوائه على القشور، ويتميز بسرعة اشتعاله، وعدم إصداره الأدخنة أو الكربونات، أما السمر الذي يعد الدرجة الثانية من الأنواع فيتميز بالقشور، والرائحة الزكية وهي أكثر الأنواع استخداما ورواجا، كما أن هناك أنواعا أخرى تشهد طلبا مثل الغض، والسلم والرمث، فلكل نوع ميزة يختلف بها عن الآخر.

من جهته، أوضح رائد العتيبي، وهو تاجر حطب، أن أسعار رزم الحطب ارتفعت من 15 ريالا لأصغر رزمة إلى 20، وأما عربات النقل المحملة بالحطب ذات وزن طنين فارتفع سعرها من 3200 ريال إلى 3700 ريال، أما ذات وزن طن واحد فارتفع سعرها من 1800 ريال إلى 2000 ريال، أما التي تبلغ سعتها نصف طن فقد ارتفعت من 900 ريال لتصل إلى 1300 ريال، في حال وجودها، لافتا إلى أن الجميع يسعى إلى حجز كميته من الحطب، مما سيلقي بظلاله على حركة السوق بشكل عام.

يذكر أنه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2009، منعت وزارة الزراعة السعودية الاحتطاب الذي يؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي، بمعدلات سريعة مما ينتج عنه مشاكل جمة، تتعلق بالتصحر وتدهور بيئة الإنسان والتنوع الحيوي وتتسبب في حدوث تعرية هوائية ومائية للتربة، وانخفاض في كمية المياه التي تغذي الطبقات الحاملة للمياه الجوفية، وما ينتج عن ذلك من زيادة معدل حدوث الفيضانات والسيول الجارفة التي قد تسبب خسائر بشرية واقتصادية.

وأشارت الوزارة في توضيح لها بهذا الشأن، إلى أن الاحتطاب قد يؤدي لتزايد معدلات زحف الرمال مسببة خسائر كبيرة، للمنشآت والمزارع وتزايد مساحات الأراضي المتصحرة وبطريقة غير مباشرة، لرفع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وارتفاع في معدل درجات الحرارة ليسهم ذلك في التأثير على التغير المناخي بوجه عام.

وحذرت بأن من يضبط وهو يقوم بالاحتطاب، فستتم معاقبته للمرة الأولى إما بغرامة مالية مقدارها 500 ريال وإما بالسجن لمدة شهر، وعند تكرار المخالفة تضاعف الغرامة أو تطبق العقوبتان، مع مصادرة الكميات المضبوطة وبيعها وإدخال العائد منها لخزينة الدولة.