النساء يتفوقن على الرجال في الإقلاع عن التدخين

مختصون لـ «الشرق الأوسط»: 90% منهن لا يعدن إليه بعد تركه

عيادة جمعية «كفى» المتحركة لمكافحة التدخين
TT

من المنتظر أن تعلن جمعية «كفى» للتوعية بأضرار التدخين، خلال الأيام المقبلة، عن تقرير يبين نسبة السيدات اللاتي ساهمت الجمعية من خلال عياداتها في معالجتهن للإقلاع عن التدخين، وبين المدير التنفيذي للجمعية أنهم تمكنوا من مساعدة أكثر من 8 آلاف شخص للتوقف عن التدخين بشكل نهائي من خلال سلسلة البرامج التي نفذتها الجمعية العام الماضي.

وأوضح صلاح الزهراني، المدير التنفيذي لجمعية «كفى»، أن العيادات المتنقلة «بشكل خاص» ساهمت في مساعدة أكثر من 8 آلاف شخص للإقلاع عن التدخين، من بينهم 74 في المائة من السيدات خضعن لما يزيد على 23 ألف جلسة علاجية داخل العيادات المتخصصة بمنطقة مكة المكرمة.

ولفت الزهراني إلى أن نسبة المقلعين بين الأشخاص المدخنين الذين تم إخضاعهم لجلسات العلاج بلغت 47 في المائة، الأمر الذي يعني أن هناك استجابة جيدة لدى المجتمع للخلاص من هذه العادة السيئة التي ثبت ضررها علميا وصحيا على الإنسان، إضافة إلى أن التدخين يعتبر السبب الرئيسي لأمراض القلب وتصلب الشرايين.

وأوضح أن الأرقام التي سجلتها الجمعية في حملتها خلال العام الماضي تعتبر مؤشرا جيدا مقارنة بالإحصاءات السابقة، مشيرا إلى أن عدد المستفيدين يقارب المليون شخص، ومؤكدا أن استجابة المجتمع لحملات التوعية أصبحت أكثر تطورا عن الأعوام السابقة، وبين أنهم حققوا جزءا كبيرا من خطط التوعية ضمن برامج الجمعية التي نفذتها هذا العام، وشملت الحجاج والمعتمرين في ساحات المسجد الحرام.

وفي السياق نفسه كشفت منظمة الصحة العالمية خلال إحصائيتها الأخيرة عن أن هناك نحو 200 مليون سيدة مدخنة بين أكثر من بليون مدخن في العالم، حيث تبلغ نسبة المدخنات 9 في المائة مقارنة بنسبة المدخنين التي تبلغ 40 في المائة، بينما 7 في المائة من المراهقات يدخن السجائر مقابل 12 في المائة من المراهقين.

ووفقا للإحصائية فإنه من بين أكثر من 5 ملايين شخص يموتون سنويا بسبب تعاطي التبغ، هناك 1.5 مليون امرأة تقريبا، وإن النساء يشكلن نسبة 20 في المائة تقريبا ممن يدخنون التبغ.

وحول أسباب التدخين لدى الفتيات والسيدات بينت جود أحمد، إحدى الفتيات المدخنات، أنها بدأت التدخين بعد أن أقنعتها إحدى صديقاتها بأن التدخين يساعد على إنقاص الوزن بشكل سريع، وقالت لـ«الشرق الأوسط» أقدمت على التدخين منذ ما يقارب خمس سنوات، وذلك بعد أن أقنعتني صديقتي بأن سبب رشاقتها هو الدخان، وأنا أعاني من زيادة الوزن وكنت قد جربت جميع الطرق لإنقاصه ولكن دون فائدة، وأضافت إلا أن وزني لم ينقص وأصبحت مدمنة على الدخان.

وأضافت: «للأسف بعد أن أدمنت على التدخين لم يعد بمقدوري الامتناع عنه على الرغم من محاولتي أكثر من مرة وبأكثر من طريقة، حيث إنني ذهبت لعيادات مكافحة التدخين ولكن دون فائدة».

بينما كان السبب الرئيسي لإدمان غيداء على التدخين هو أنها نشأت في بيئة مدخنة، وبينت لـ«الشرق الأوسط» أنها تدخن منذ كان عمرها 14 عاما، حيث كان والداها يدخنان أمامها، ورأت أنه لا مانع من أن تجرب، وبالفعل بدأت تدخن مع صديقاتها وهي في المرحلة المتوسطة ولكن دون علم والديها.

وأضافت غيداء بعد ذلك أصبحت أدخن أمام والدتي ووالدي دون أي اعتراض منهما، وأصبح الآن عمري 19 سنة وأدخن بشكل مستمر الدخان والنارجيلة أحيانا مع والدتي في المقاهي وفي المنزل، خاصة عندما تجتمع خالاتي وقريباتي كل خميس، ولا أفكر الآن في الإقلاع عن التدخين على الرغم من الأضرار التي أعرفها، إلا أنني مضطرة أن أكون مدخنة بسبب البيئة التي أعيش فيها.

وبينت عبير عبد الله، الفتاة المدخنة منذ عشرة أعوام، أنها بدأت التدخين «عنادا» مع أحد أقربائها، حيث طلبت منه أن يترك التدخين ولكنه رفض، فاضطرت أن تدخن مثله، واستمرت من ذلك اليوم، وقالت على الرغم من علمي بأن التدخين مضر وأنا متأكدة من قدرتي على تركه، فإنني لا أريد اتخاذ ذلك القرار الآن.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» موضوع الإدمان على التدخين لا علاقة له بالمجتمع، لأن كل شخص لديه عقله وقناعاته، وأنا أرفض أن يعلق الشخص أخطاءه على شماعة المجتمع والظروف، وأضافت صحيح أن الكوفي شوب والمقاهي عوامل مساعدة إلا أن الفتيات يقدمن على ذلك بإرادتهن.

من جهته أكد عبد الله سروجي، المدير التنفيذي السابق لجمعية «نقاء» لمكافحة التدخين، أن 90 في المائة من النساء اللاتي يأتين للعيادة ولديهن الرغبة في الإقلاع عن التدخين لا يعدن له مرة أخرى، في حين أن الرجال يعود أغلبهم للتدخين بعد مرور عدة أشهر.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن أكثر حالات النساء المدخنات اللاتي عالجتهن الجمعية، كانت بسبب وجود الفتاة في مجتمع مدخن، سواء بيئة العمل أو المنزل أو حتى الصديقات، لافتا إلى أن الإعلانات التي تظهر المرأة وهي تدخن السيجارة أو النارجيلة، لها دور كبير في انتشاره بينهن، وأضاف: «ينتشر التدخين في مجتمع السيدات أسرع من الرجال، مرجعا السبب لقدرة المرأة المدخنة على التأثير على صديقتها المدخنة». وقال: «المقاهي تشهد بذلك وتوضح النسبة المرتفعة للنساء والصديقات اللاتي يجتمعن لتدخين النارجيلة».

وحول الإحصائيات بين سروجي أن هناك أشخاصا ليسوا مدخنين بالمعنى الصحيح لكلمة مدخن، أي أنه يدخن كل ثلاثة أيام أو أربعة، وبالتالي فعند الإحصائيات يدرج اسمه ضمن المدخنين، وهذا خطأ لأن صفة الإدمان غير موجودة فيه، وبين أن الشخص المدخن الحقيقي هو الذي يدخن بشكل مستمر يوميا.

وبالعودة إلى الزهراني فإنه أكد أن السيدات في الفترة الأخيرة هن الأكثر حضورا لعيادات مكافحة التدخين، وأنهن يقبلن على تدخين النارجيلة أكثر من الدخان، لافتا إلى وجود سيدات تبدأ أعمارهن من 18 عاما تمت معالجتهن، فيما يقل عدد الحالات تحت 18 عاما بين النساء.

وأوضح أن نسبة المدخنات ترتفع في المدن بسبب توفر المقاهي والكوفي شوب، مشيرا إلى أن ذلك يعد من الأمور التي تساعد على ارتفاع نسبة التدخين، ولافتا إلى قلة المدخنات في القرى بسبب عدم توفر المقاهي النسائية فيها.

الأمر الذي أكده سروجي، حيث قال أطالب المسؤولين بأن يفعلوا القوانين الخاصة بالمقاهي التي لها دور كبير في انتشار التدخين بين السيدات والفتيات المراهقات، موضحا أن وجود المقهى داخل الحي السكني يساعد على أن ترتاده الفتيات بشكل شبه يومي، وأضاف انتشرت المقاهي في مدينة جدة تحديدا داخل الأحياء، لذا أطلب من المسؤولين أن يفعلوا القوانين التي تمنع التدخين، كنقل هذه المقاهي خارج العمران ومنع وجودها في أماكن يرتادها الأطفال، لافتا إلى أن النظام أو القانون إذا صدر دون متابعة وتنفيذ فإنه يصبح بلا جدوى، كما طالب بتشديد الرقابة على البقالات التي تقوم ببيع الدخان للأطفال، وقال جاءتني حالات لأطفال دون العاشرة يشترون الدخان من مصروفهم، حيث إن هناك بقالات تبيع السيجارة الواحدة مقابل ريال أو ريالين للأطفال الذين لا يملكون ثمن علبة الدخان.

وحول انتشار الأجهزة التي تساعد في الإقلاع عن التدخين ومدى صحتها وفعاليتها، بين المدير التنفيذي السابق لجمعية «نقاء» أنه قبل البدء في العلاج بهذه الأجهزة لا بد من التأكد من صحتها وفعاليتها، إضافة إلى ضرورة اعتمادها من وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء، والتأكد من شرعيتها، مشيرا إلى السيجارة الإلكترونية التي انتشرت قبل عدة سنوات كوسيلة للعلاج، ولكن تبين بعد فترة أنها لا تصلح للعلاج بل هي وسيلة من وسائل التدخين، وأن الأمر عبارة عن ترويج لهذه السيجارة.