محافظة بدر تستقبل زوارها بين ذكرى التاريخ وطبيعة المكان

تتميز بوقوعها بين 4 مدن رئيسية.. ومحطة لطرق القوافل التجارية

محافظة بدر تستقبل ضيوفها من خلال 4 طرق تتوزع على 4 اتجاهات (واس)
TT

محافظة بدر، الواقعة في الجزء الغربي من السعودية، وتحديدا جنوب غربي منطقة المدينة المنورة، والتي ترجع تسميتها إلى تشابه موقعها الجغرافي بملامح القمر عند اكتماله، تتميز تلك البقعة من الأرض باحتضانها أولى غزوات الإسلام، حيث سطر فيها المسلمون أروع انتصاراتهم، وتميزت هذه المحافظة عن غيرها من المواقع الإسلامية بورود اسمها في القرآن الكريم، يضاف إلى ذلك نزول الملائكة على جبالها، ولكونها أرضا حظيت في جنباتها بإقامة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وثلة من صحابته، رضوان الله عليهم جميعا.

ومحافظة بدر هي إحدى محافظات منطقة المدينة المنورة الـ6 وتبلغ مساحتها قرابة 8226 كيلومترا مربعا، وتمثل ما يربو على 5 في المائة من مساحة المنطقة، بينما يبلغ عدد سكانها نحو 61 ألف نسمة، وتحتل المرتبة الخامسة من بين محافظات المنطقة من حيث السكان، في حين يرتبط بها إداريا 4 مراكز.

واختلف المؤرخون في تسمية المحافظة بـ«بدر»، فمنهم من نسبها إلى اسم بدر بن يخلد بن النضر، وهو من كنانة، وقيل إنه من بني ضمرة، وسكن هذا المكان في قديم الزمان فسميت به، وقيل إن الاسم جاء انتسابا إلى بدر بن قريش الذي حفر بئرا في بدر فسميت البئر باسمه، بينما ذكر «معجم البلدان» لياقوت الحموي أن إطلاق اسم «بدر» جاء من ماء مشهورة بين مكة والمدينة في أسفل وادي الصفراء، وذكر آخرون أن هذه التسمية نسبة لشكل أرضها التي تحيط بها الجبال من كل جهة، مما جعل أرضها تشبه ملامح القمر عند اكتماله بدرا.

ولمحافظة بدر عدة مسميات، منها: «بدر الصفراء» نسبة إلى وادي الصفراء، و«بدر الكبرى» نسبة إلى غزوة بدر، وكذلك «بدر حنين» نسبة إلى عين الحنين التي كانت تسقي خيف إدمان، وقد ذكرها العلامة حمد الجاسر في حاشية رحلة ابن عبد السلام.

وتستقبل محافظة بدر ضيوفها من خلال 4 طرق تتوزع على 4 اتجاهات، فهي تقع بين أكبر أربع مدن بالمملكة هي مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، وينبع الصناعية، حيث تبعد عن مكة 310 كيلومترات باتجاه الشمال الغربي، وعن المدينة 150 كيلومترا باتجاه الجنوب الغربي، وعن جدة 270 كيلومترا باتجاه الشمال، ويفصلها عن ينبع 85 كيلومترا باتجاه الجنوب الشرقي.

ولموقع محافظة بدر الجغرافي تأثير كبير على مناخها، حيث يتميز مناخها بوجود فصلين، صيف رطب وشتاء جاف مع ارتفاع الحرارة، وقلة الأمطار التي تهطل شتاء، فقربها من البحر جعل مناخها شديد الحرارة والرطوبة صيفا ومعتدلا شتاء، حيث تتراوح الحرارة ما بين 16 - 25 درجة مئوية.

وتوصف أرض بدر بأنها رملية بوجه عام، وطينية في بعض المواقع، في حين يمر من طرفها الجنوبي وادي الصفراء، ويمر في أرضها وادي «بدر ذو الخشب»، ولها عدوتان هما العدوة الدنيا والعدوة القصوى، وتحيط بهما من الشمال والغرب كثبان رملية وجبال، ومن الجنوب جبال وهضاب، ومن الشرق جبلان كبيران هما «الصدمتان».

واشتهرت محافظة بدر منذ عصر الجاهلية، نظرا لشهرة مائها المعروف باسم «ماء بدر»، ومنحت مكانة اقتصادية متميزة نظير موقعها الاستراتيجي على طريق القوافل التجارية المتجهة إلى الشام من مكة، والطريق القادم من المدينة لميناء المدينة القديم على البحر الأحمر، وشهدت أرضها إقامة إحدى الأسواق المشهورة عند العرب آنذاك.

ونالت المحافظة شرف احتضان ثراها 14 شهيدا من المسلمين الذين شاركوا في غزوة بدر، دفن 13 منهم فيها، وواحد في مكان يسمى «الحمراء»، ويبعد 30 كيلومترا شمال المحافظة باتجاه المدينة المنورة، وهو أبو عبيدة بن الحارث، ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، بينما تحدث كثير من الرحالة والمؤرخين عنها، وسجلوها في كتبهم كابن بطوطة وابن جبير، وغيرهما.

وتتمتع المحافظة بمعالم عدة، أبرزها «مسجد العريش»، الذي كان بمثابة مركز قيادة المسلمين أثناء غزوة بدر، وهو المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء الغزوة تحت عريش من النخل، فبني المسجد حينها وسمي بـ«العريش».

ومن أبرز معالمها أيضا مقبرة الشهداء التي تضم رفات شهداء بدر، إلى جانب موقع العدوة الدنيا، وهو مكان قدوم المسلمين من المدينة المنورة، والعدوة القصوى، وهو مكان قدوم المشركين من مكة المكرمة، بالإضافة إلى وجود جبل الملائكة، والواجهة الساحلية على البحر الأحمر، وغيرها من الشواطئ.

ويتميز موقع المحافظة بتعدد التضاريس والبيئات الطبيعية المختلفة، فيحيط بها من جميع الجهات الأربع جزء من سلسلة جبال السروات، أما بيئتها الصحراوية فهي عبارة عن كثيب الحنان المعروف بـ«دف علي»، الذي يقف في الركن الشمالي الغربي منها، كما تنتشر فيها مزارع النخيل، والوديان، حيث تقع في نهاية مصب وادي الصفراء ويمر بها وادي «بدر ذو الخشب»، وتتميز كذلك ببيئة السهول والبيئة البحرية، فالبحر يبعد عنها مسافة 35 كيلومترا فقط.