وزير العدل السعودي: استقلال السلطة القضائية من أهم مبادئ النظام العدلي الجديد

في لقاء مفتوح مع عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي تناول محاربة السعودية للإرهاب

وزير العدل السعودي متحدثا للسيناتور الأميركي جون كيري («الشرق الأوسط»)
TT

ثمن الدكتور محمد العيسى، وزير العدل السعودي، التفهم الذي لمسه، خلال لقائه عددا من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، بالدور الذي تلعبه بلاده في محاربة الإرهاب، مؤكدا على وصفهم لذلك الدور بأنه يأتي في إطار كون السعودية أهم شريك في محاربة هذه الآفة العالمية.

وأوضح الوزير في تصريح خص به «الشرق الأوسط» أنه تم خلال اللقاء مع أعضاء الكونغرس الأميركي، وفي مقدمتهم مرشحا الرئاسة الأميركية السابقان، السيناتور جون كيري والسيناتور جون ماكين، التطرق للتحديثات والتطوير الذي يشهد مرفق القضاء بالسعودية، موضحا أنه تم الوقوف على كل الإصلاح في آلية العمل الإجرائية للنظام القضائي، التي شملت إصدار نظام جديد للسلطة القضائية، تم من خلاله تحديث مواد النظام السابق ليواكب مستجدات النظريات الحديثة في الترتيب الإجرائي لأعمال السلطة القضائية بالمملكة.

ويرأس الدكتور محمد العيسى وفدا سعوديا رسميا، يمثل عددا من الجهات الحكومية، يزور الولايات المتحدة الأميركية، وذلك لحضور فعاليات منتدى سيادة القانون المخصص للمملكة، مع حضور فعاليات أخرى مصاحبة كانت على هامش حضور الملتقى، حيث جرى للوفد عدد من اللقاءات المفتوحة مع أعضاء الكونغرس الأميركي، بالإضافة إلى حوارات ثنائية مع رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي ورئيسة نقابة المحامين الأميركيين وعدد من كبار مسؤولي النقابة.

وشدد على أن نظام السلطة القضائية الجديد بالبلاد ركز على تعزيز مبادئ استقلال السلطة القضائية، وعدم تدخل أي جهة في أعمالها، مؤكدا على أن هذا الأمر يمثل ضمانة دستورية نصت عليها، من قبل نظام السلطة القضائية، أهم الوثائق الدستورية للدولة، وهي النظام الأساسي للحكم، لافتا إلى أن القضاء مستقل، لا سيما عن السلطة التنفيذية.

وزاد: «فلا يجوز لأي جهة أن تتدخل في أعماله، بما في ذلك وزارة العدل التي تعتبر في حقيقتها الحارس والضامن التنفيذي لهذا الاستقلال، والداعم الإداري والمالي لعمل المحاكم، لتوفير البيئة المناسبة للعدالة».

وبين الدكتور العيسى أن نموذج معادلة التعاون بين السلطات، يهدف للوصول لمعادلة التوازن السليم بين مفهوم التكامل ومفهوم الفصل بين السلطات، مشيرا إلى أن مرجع السلطة القضائية هو الملك مباشرة، ولافتا إلى أن من أهم واجبات وزارته الرفع للملك عن أي محاولة لممارسة أي تأثير على سلامة هذا الاستقلال من أي جهة كانت.

وأشار إلى أن التحديث والتطوير في مجال القضاء شمل إعادة صياغة درجات التقاضي، والتوسع في إنشاء المحاكم المتخصصة، وتعزيز مبدأ علانية الجلسات، والتأكيد على نشر الأحكام القضائية، مشيرا إلى أن وزارته أخذت على نفسها تدريب القضاة والمحامين، ودعم مهنة المحاماة وإيجاد البيئة لاستقلالها الإيجابي.

وأكد وزير العدل على أن مهنة المحاماة في المملكة تعيش تطورا مطردا، وأن هناك لجنة وطنية للمحامين سوف يتم تحديثها بنظام جديد نترقب صدوره يحمل اسم هيئة المحامين.

وأضاف أن «تشريعنا وقضاءنا أكبر ضامن لحماية الحقوق والحريات، وأن للحريات حيزا واسعا، بشرط أن لا تمس الدستور والنظام، فمتى تجاوزت الحرية منطقتها ودخلت منطقة محظورات الدستور والنظام، فعندئذ تكون فوق الضوابط الوطنية، وهي بهذا تدعو للفوضى والمساس بسيادة الدستور والنظام».

وبين أن النص الإسلامي يفتح المجال بمساحة أكثر في المواد القضائية المدنية والتجارية والجنائية، موضحا أن الشريعة، التي هي دستور البلاد، تفوض السلطة التقديرية للقضاء أو للنصوص التشريعية، لافتا إلى أن ذلك أحد النماذج لما يسمى بعوامل المرونة والسعة في الشريعة الإسلامية.

وأكد وزير العدل على أن السعودية لا تتبع أي فكر أو مصطلح أو اسم، ولا تحمل أي هوية غير الإسلام بمفاهيمه الوسطية المعتدلة، ومؤكدا أن البعض يبرر انحرافه الفكري وأهدافه الشخصية وتصوراته السلبية بتأويلات متعسفة وغير مرادة مطلقا للنص الإسلامي.

وقال: «إن التطرف ليس له من ملاذ يعتقد أنه مؤثر على الآخرين سوى هذا الأسلوب المكشوف، وإن الإسلام لم يعان من التطرف مؤخرا فقط، بل عانى منه على طول تاريخه».

وبين أن الجريمة الإرهابية جريمة ذات بعد عالمي، ويجب أن لا ننظر إليها على أنها محلية، مشددا على أن القضاء السعودي صارم وقوي في التعامل مع المتورطين في هذه الجريمة، واصفا إياها بالفوقية في التدرج الإجرامي، ويكيف ظرفها بالظرف المشدد.

من جانبها، أكدت السيناتور، كي هوتشسون، على أهمية المملكة كقائدة في منطقة الشرق الأوسط، وكشريك تجاري مهم مع الولايات المتحدة الأميركية, مشيرة إلى الشراكة والتعاون المتميز مع المملكة، والعمل معا للتعامل مع مختلف القضايا التي تمر بها المنطقة, منوهة بدور السعودية في استقرار الوضع في المنطقة.

كما عد السيناتور جون كيري من جانبه المملكة أحد أهم الحلفاء في منطقة الشرق الأوسط, مؤكدا أهمية العلاقة التي تربط المملكة بالولايات المتحدة، وأضاف أن «المملكة تثبت في المرة تلو الأخرى أهميتها ومكانتها الدولية من خلال عملها في مجال الاقتصاديات العالمية».

وقال السيناتور جون ماكين من جهته: «المملكة لها دور مهم في منطقة الشرق الأوسط كمصدر للسلام والاستقرار», منوها بمتانة العلاقات السعودية - الأميركية التي تمتد لسنوات طويلة جدا, واتفاق البلدين الصديقين في عدة أمور.