الأمير خالد الفيصل: مشروع الملك عبد الله لإعمار مكة المكرمة واجهة حضارية للعالم الإسلامي

مسؤول في الأمم المتحدة لـ «الشرق الأوسط» تجربة السعودية في إدارة الحجيج يمكن نقلها عالميا

الأمير خالد الفيصل خلال ورشة العمل الخاصة بالمرصد الحضري في مكة المكرمة أمس (تصوير: غازي مهدي)
TT

كشف مسؤول رفيع في هيئة الأمم المتحدة، أن تجربة السعودية في الحج تمثل نقلة في إدارة الحشود، ويمكن نقلها عالميا، من ناحية أسلوب الإدارة ونقل المعلومات في دراسة مؤشرات عملها في استقبال الزوار من الحجيج في فترة زمنية بسيطة.

وقال الدكتور طارق الشيخ رئيس بعثة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية لـ«الشرق الأوسط» إن العاصمة المقدسة لها خصوصيتها من ناحية مكانتها الإسلامية، وسكانها الذين ألفوا وتعاملوا في خدمة الحجيج، وخصوصية الزوار القادمين للمدينة، إضافة إلى الفترة الزمنية لقدوم وبقاء الزوار في أماكن محددة، وهذه خصوصية أخرى تمتاز بها المدينة عن بقية المدن في العالم، وهو ما يجعل هذه الخصوصية جديرة بأن يتم نقلها في التعامل مع حشود أخرى، كبرامج سياحية وطبية في عدد من الدول، من خلال دراسة مؤشراتها في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وكذلك كيفية التعامل من خلال البنى التحتية التي تحتاج لبنية متسارعة تواكب الفترة الزمنية لبقاء الزوار.

جاء ذلك خلال ورشة عمل لمشروع المرصد الحضري لمكة المكرمة، بهدف قياس جمع البيانات وإنتاج مؤشرات للخدمات المقدمة خلال موسم الحج وللمدينة بشكل عام، والتي تزيد على 100 مؤشر، ومن أبرز المؤشرات التي تتم دراستها، قياس نسبة الزيادة السنوية في عدد الحجاج من داخل السعودية ومن خارجها، وقياس مستوى رضا الحاج من الخدمات المقدمة، من غذاء وخدمات النقل والمواصلات، ونصيب استهلاك الحجيج من المياه، إضافة إلى قياس مؤشرات أخرى عن طريق خبراء في جميع المجالات العلمية، تتعلق بتلوث الهواء في الحج، والإصابات الناتجة من التغير المناخي، ونسبة الافتراش، ومعدل حوادث الطرق، والتائهين في الحج وخاصة من قبل الأطفال، ومعدل التسول والسرقات، ونسبة الحجيج من المستفيدين بالخدمات الصحية والمؤسسات الاجتماعية.

ووصف الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة مشروع المرصد الحضري الإقليمي بأنه مشروع تنموي من المشاريع التنموية التي تحتاجها كل مدينة ومنطقة وكل بلد ينوي الصعود للعالم المتحضر.

وقال الفيصل بوصفه رئيس المجلس الأعلى للمرصد الحضري، لدى حضوره ورشة عمل في جدة أمس حول «تجربة المرصد الحضري في مكة المكرمة وتطبيقاتها النوعية نحو مهنية عالية» أن «عالم اليوم لم يعد يسمح بالارتجال أو اتخاذ القرارات الفردية، لقاصدي نهضة هذه الأمة إنسانا ومكانا والارتقاء بها إلى حضارات العالم الأول ومصاف الدول المتقدمة، مما يحتم علينا الاهتمام بالمعلومات والإحصاءات والتدقيق في كل أعمالنا، وسلك المسلك الذي يسير عليه كل مجتمع متقدم في هذه الدنيا».

وحيا الفيصل أمانة العاصمة، وقال «أشد على يد كل مخلص ومهتم ومتفانٍ في خدمة هذه المدينة التي نتشرف بالسكن حولها وخدمتها وخدمة ضيوف الرحمن والقادمين إليها».

وخلص أمير منطقة مكة للقول: «مملكتكم تسير نحو مرحلة استثنائية يقودها ملك فذ وولي عهد أمين وحكومة رشيدة وشعب أبي، وهذه البلاد وهي تسير في هذه المرحلة العظيمة من تاريخها تفتخر بإنسانها الذي لا يقبل أبدا بالتخلف عن ركب الحضارة العالمية».

وشهدت ورشة العمل التي نظمتها أمانة العاصمة المقدسة حضورا دوليا تمثل في مكتب الأمم المتحدة للمرصد الحضري، فضلا عن حضور عربي ومحلي. وتناولت محاور الورشة المؤشرات الحضرية لمكة المكرمة في دورتها الأولى، وعرض خلال الورشة موجز لبعض المؤشرات المحورية المنتجة: الدور المؤسسي لإمارة منطقة مكة المكرمة في تكامل جهود متخذي القرار التنموي الحضري، دور المراصد الحضرية في أعمال تطوير التخطيط الحضري، تجربة المدينة المنورة في المرصد الحضري، المؤشرات الحضارية والبيانات العمرانية وأهميتها في التحليلات المكانية والمعلوماتية، النتائج الأساسية من المسوح الميدانية لمكة المكرمة وتأثيرها على إنتاج المؤشرات الحضرية المستهدفة، الدور المقترح للمرصد الحضري في تطوير الاستراتيجية التنموية لمنطقة مكة، آلية المعهد العربي لإنماء المدن في دعم شبكة المراصد الحضرية الوطنية، نظم المعلومات الجغرافية في مجال الدراسات الحضرية وتطبيقاتها في تحليلات المؤشرات الحضرية، وحلقة نقاش حول نظم المعلومات الجغرافية كأدوات في حل التحديات الحضرية لأمانة العاصمة المقدسة.

وأوضح المهندس درويش الغامدي، مدير عام إدارة المتابعة والتنسيق في إمارة منطقة مكة المكرمة، أن المراصد الحضرية الإقليمية تقوم على أساس جغرافي كامل «قاعدة بيانات جغرافية» ونظام بيئي متكامل، مشيرا إلى أنها تسمى بالمكاتب الإقليمية المنظمة، وتعتبر نقطة ارتكاز رئيسية ومهمة يتم من خلالها تغذية المرصد الوطني ثم العالمي، وهو نقطة مركزية للمراقبة الإقليمية. وقال «يمثل المركز الإقليمي شبكة محلية تجمع أصحاب المصالح المشتركة وتعد مسؤولة عن تجميع وتحليل ونشر البيانات المتعلقة بمجموعة من المؤشرات الهادفة، التي تعكس قضايا مجتمعية ذات أولوية في ميدان التنمية المستدامة».

وحول مهمات المرصد الإقليمي لمنطقة مكة المكرمة قال المهندس الغامدي «إن هناك مهمات عدة يتولاها المرصد، تشمل خلق نظم مراقبة إقليمية مستدامة لمساندة عمليات الإدارة والتخطيط الإقليمي وربط البيانات بالسياسات، وتعزيز القدرة المحلية بغية إعداد واستخدام المؤشرات الإقليمية التي تسهل تجميع البيانات المبوبة على مستوى المنطقة والمستويات الفرعية من المحافظات والمدن والقرى، تعزيز الملكية المحلية لنظم المؤشرات الإقليمية والمحلية وتعزيز ثقافة المراقبة والتقويم في القطاع الحضري والقروي، والاهتمام بالقضايا والمشاكل المشتركة بين المراصد الحضرية المحلية».

كما تشمل المهمات، بحسب مدير عام التنمية، تقديم معلومات جيدة النوعية ومحدثة حول المنطقة والمحافظات والمدن والقرى، رصد الأوضاع الحضرية الراهنة وتحديد القضايا المتعلقة بالحكم المحلي والبنية التحتية وتمويل البلديات لفهمها وتشخيصها والسيطرة عليها، إنتاج المؤشرات وتغذية صناع القرار والجهات التنفيذية بقاعدة معلومات قابلة للمقارنة لتمكنهم من التخطيط الواعي واتخاذ القرار الصائب فيما يختص بشؤون التنمية الحضرية، تمكين الكيانات المحلية الحضرية بالمعلومات التحليلية التي تساعد على الشفافية والمراقبة وتقييم الأداء وتحديد الفجوات والأولويات، والإسهام في وضع السياسات ورسم خطط التنمية الحضرية المستدامة وتحديد أولويات خطط التنمية من خلال المؤشرات المنتجة ومن ثم طلب التمويل الملائم للبلديات ذات الاحتياجات الملحة.

من جهة أخرى، رأس الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس هيئة تطوير مكة والمشاعر رئيس اللجنة التنفيذية لمشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لإعمار مكة، اجتماع هيئة تطوير مكة، وأكد الفيصل حرص الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين على سرعة تنفيذ مشروع إعمار مكة باعتباره من أهم المشاريع التي تنفذ في السعودية، لارتباطه بالعاصمة المقدسة للمسلمين والواجهة الحضارية الأولى للسعودية، وإنسانها في العالم الإسلامي، إضافة إلى خدمته لمواطنيها وقاصديها من ضيوف الرحمن.

وأوضح الفيصل لدى ترؤسه اجتماع اللجنة التنفيذية الثامن لهيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة في جدة أمس، أن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير نايف بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية يوليان المشروع أهمية بالغة، لما يحققه من نقلة حضارية كبرى، بالتكامل والتوازن التنموي بين تطوير مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكي، مشيرا إلى أن المشروع يعتبر تجربة فريدة من نوعها في المملكة.

وشدد الأمير خالد الفيصل في هذا السياق، على أهمية اللجنة التنفيذية للمشروع، التي تم الحرص على أن تمثل كل جهة مسؤولة عن التنمية والمشاريع في مدينة مكة المكرمة، من أجل تفعيل العمل المشترك بين الجهات ذات العلاقة كافة، مطالبا بالتقيد بالجداول الزمنية لإنفاذ المشاريع التطويرية العملاقة بحيث تكتمل المراحل الأولى من تنفيذ مشروع إعمار مكة، بالتزامن مع توسعة خادم الحرمين الشريفين الشمالية للحرم المكي الشريف واستكمال منظومة شبكات الطرق الدائرية وفتح محاور الحركة الإشعاعية، فضلا عن تطوير الأحياء العشوائية.

وخلص الفيصل للقول «نريد أن نرى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تشرف كل إنسان سعودي، وتشرفكم أنتم الذين أتيحت لكم الفرصة أن تفعلوا هذا».

وناقش اجتماع اللجنة، الذي ترأسه أمير المنطقة في حضور أعضائها وأعضاء اللجنة التنفيذية لمشروع إعمار مكة، الإجراءات التنفيذية لمشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لإعمار مكة، والتي اشتملت على نتائج الاجتماعات التنسيقية مع الجهات ذات العلاقة، تخطيط المحاور الإشعاعية، استكمال دراسة الوصلات بالطريق الدائري الثاني، ودراسة التقاء المحور الغربي - طريق الملك عبد العزيز - مع الطريق الدائري الأول. كما قدمت وزارة الحج عرضا عن تطبيق المرحلتين الرابعة والخامسة للنقل بالرحلات الترددية بالمشاعر المقدسة، وهو المشروع الذي سيخدم حجاج الدول العربية وجنوب آسيا ويستغرق تنفيذه عامين.