مختصون: تكرار الإصابات يدفع نحو تجسير 40 موقعا تاريخيا في العاصمة المقدسة

قالوا إن تركها على حالها يسهم في مزيد من المغالطات العقدية

وعورة الأماكن التاريخية فتحت النقاش حول أهمية عصرنتها («الشرق الأوسط»)
TT

جدد مختصون في مجال الحج والعمرة أهمية تجسير الوصول إلى المناطق التاريخية والوعرة في مكة المكرمة والتي قدرت بأنها أكثر من 40 موقعا أثريا.

وأتت المطالبات على أثر الإصابات المتلاحقة والمتكررة للحجاج والمعتمرين جراء الوعورة التي تنتج من صعود الأماكن المرتفعة والخطرة.

وتناول مختصون في قطاع السياحة، وجهات ذات علاقة، وأكاديميون، قضية تفعيل المواقع التاريخية والمقدسة في مكة المكرمة، التي من شأنها أن تغير الهيكلة الجغرافية لتلك المواقع، بغية تحصين مواطن السلامة للطرق الجبلية الملتصقة بأحداث تاريخية ومفصلية في التاريخ الإسلامي.

وأكدوا أن أداوت تفعيل المواقع التاريخية، لا بد أن تمر وفق آلية مدروسة يتم من خلالها وضع التصورات والمقترحات التي تكفل لهذه المواقع الاستفادة منها على كافة الأصعدة، والتي من أهمها المحافظة على سلامة الزائرين للمواقع التي يصعب الوصول إليها كغار حراء، وجبل ثور، والتي طالبت فيها إدارة الدفاع المدني بضرورة إغلاق هذين المعلمين التاريخيين حتى يتم توفير أدوات السلامة، كاشفة في ذات الوقت أن عددا من الجهات المسؤولة وعلى رأسها أمانة العاصمة المقدسة، وهيئة تطوير مكة تدرس الأمر السامي القاضي بضرورة توفير أدوات السلامة للصاعدين إلى هذين الجبلين.

وطالبوا بوضع مراكز إرشادية في المواقع الإسلامية التي تصل إلى أكثر من 40 معلما مقدسا في مكة المكرمة «بحسب أحد الخبراء في الآثار الإسلامية» تعين المعتمر أو الحاج أو الزائر في استقصاء المعلومات الصحيحة، والسليمة، والتي من شأنها أن تمحو وتنبذ الكثير من المعتقدات والممارسات الخاطئة، من بدع وخرافات، ابتدعها الكثير من الزائرين عند قدومهم إلى تلك المواقع الأثرية.

وطرحوا عددا من المقترحات لتطوير الجبلين، ومنها إنشاء تلفريك، أو سلالم كهربائية، أو تمهيد طرق معبدة، بالإضافة إلى وضع محطات صغيرة تبيع المشروبات والمياه التي يحتاجها الصاعد إلى الجبل لتعينه في عملية الصعود.

وجرى استطلاع الكثير من الآراء حول مدى تفعيل المواقع التاريخية والمقدسة، وطرق تفعيلها وتنشيطها، وما هي السبل التي تكفل للجهات المسؤولة المحافظة على تاريخ إسلامي كبير.

وقال وليد أبو سبعة، رئيس لجنة السياحة والفنادق في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة لـ«الشرق الأوسط»، إن تفعيل الأماكن الأثرية والتاريخية لا بد أن يرتبط بالنظرية التعريفية عن هذه الأماكن، بحيث يتم تعريف الحاج والمعتمر عن النواحي التاريخية لهذه الأماكن المقدسة، وإنها ليست للتعبد والتقرب إلى الله، فبالتالي لا بد من ربطها تاريخيا وليس للعبادة.

وأضاف أبو سبعة أنه في الماضي كانت أمور التعبد لدى الحاج والمعتمر منتشرة، وذلك لغياب التثقيف الديني لهم، حيث إن علماءنا كانوا متحفظين على فتح هذا الباب، ولكن الآن وفي الوقت الراهن العلم تطور، وأصبح الإنسان ذا ثقافة عالية، فيكون دور شركات الحج والعمرة في تثقيف الحاج والمعتمر لدى قدومه إلى الأراضي المقدسة في أن جميع تلك الأماكن المقدسة، هي أمور تاريخية، لا بد من معرفة تاريخها والأحداث التي صاحبتها في التاريخ الإسلامي الأول.

واقترح رئيس لجنة السياحة في غرفة مكة أن تكون هناك مقار تابعة للهيئة العامة للآثار والسياحة، تتمركز في المناطق التاريخية في مكة المكرمة أو المدينة المنورة، بحيث عندما تقوم شركات العمرة والحج في تنظيم مسيرات ورحلات إلى تلك المناطق يجد الحاج أو المعتمر مركزا إرشاديا يتلقى منه جميع المعلومات التاريخية المتعلقة بهذا المكان، وبالتالي تنجح هذه الفكرة في قتل البدع والخرافات التي تصاحب المعتمرين والحجاج عند قدومهم إلى الأماكن المقدسة بهدف التعبد والتقرب إلى الله وهذا أمر مخالف شرعا.

وأشار أبو سبعة إلى أن ثقافة الحاج والمعتمر في هذه الآونة تقتصر على تأجيره لمركبة أو حافلة تقله هو وبني جلدته إلى مكان مقدس كجبل ثور، أو غار حراء، باتفاق مع السائق، ومن بعدها يتركهم السائق، ويبقون بلا ثقافة بل على العكس يقومون بأمور مخالفة للدين، بل الأكثر من ذلك فقد انتشرت في هذه الفترة أن السائق الذي يتم الاتفاق معه على نقلهم إلى أماكن مقدسة أو تاريخية، يقوم بإيصالهم إلى أماكن مختلفة ويفيدهم بأن هذا المكان هو مقصدهم، ويأخذ منهم مبالغ طائلة، ويظل هؤلاء الحجاج والمعتمرون مخدوعين في أمرهم، وقد استردك البعض منهم، أصبحوا يستعينون بمرشد سياحي من بني جلدتهم، وهذا الأمر كان لا بد أن نفعله نحن متمثلين في الهيئة العامة للسياحة والآثار.

وأبان أبو سبعة أن مكة المكرمة والمدينة المنورة، تحويان الكثير من الأماكن التاريخية، التي تعتبر مهمة جدا في تعريف تاريخ المسلمين، وكيف نشأ الإسلام، بل إن مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم والمختلف فيه لا بد أن يتم التعريف عنه، فالحاج والمعتمر عندما يأتي إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة للحج والعمرة أو لزيارة قبر الرسول يريد كذلك أن يتعرف على التاريخ الإسلامي المتمثل في مواقع الحروب الإسلامية كحرب بدر وأحد، أو المكان الذي تعبد فيه الرسول ربه في غار حراء وجبل ثور.