«الشؤون الاجتماعية» تتوقع وجود سلبيات لدى لجان التنمية الاجتماعية الأهلية في السعودية

في حين وصفت الثانية تبعيتها للوزارة بـ«العائق» لأعمالها

نجاح تجربة التطوع في كارثتي جدة قاد لجان التنمية الاجتماعية الأهلية لنقلها إلى مناطق المملكة الأخرى بأسلوب علمي («الشرق الأوسط»)
TT

لم تستبعد وزارة الشؤون الاجتماعية وجود بعض السلبيات لدى لجان التنمية الاجتماعية الأهلية القائمة على تنفيذ عدد من البرامج التنموية، والتي يتجاوز عددها 369 لجنة تابعة لمراكز التنمية الاجتماعية في مختلف مدن السعودية، باعتبارها تقوم على تنفيذ نحو 5656 برنامجا تنمويا معتمدا من قبل الوزارة نفسها.

وقال عبد العزيز الهدلق وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للتنمية الاجتماعية، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذه اللجان لها صفاتها الاعتبارية، إلا أنه من المتوقع وجود بعض السلبيات في عملها»، ولكنه استدرك قائلا: «تعمل الوزارة مع لجان التنمية الاجتماعية الأهلية على تنويع البرامج المقدمة من قبلها، وتسعى إلى تقديمها بشكل سليم».

في حين اعتبر المهندس عوض السريحي رئيس لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية في حي البديعة بالرياض، رجوع اللجان إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لاعتماد برامجها قبل تنفيذها أحد العوائق التي من شأنها أن تعوق عمل تلك اللجان، لافتا إلى أن الفترة التي تستغرقها الوزارة للموافقة على البرامج المقدمة من تلك اللجان لا تقل عن شهرين أو ثلاثة أشهر.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «تقوم كل لجنة برفع البرامج التي ترغب في تنفيذها على مدار العام إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، التي بدورها تعتمدها جملة واحدة وليس بحسب أولوية تقديمها، الأمر الذي من شأنه أن يعوق عمل تلك اللجان وتأخرها في تأديته»، مشيرا إلى وجود دعم حكومي مقدم للجان التنمية الاجتماعية الأهلية من قبل الوزارة والجمعيات الخيرية، غير أنه يصعب التنسيق في ما بين اللجان نفسها.

وأفاد بأن أبرز المشكلات الاجتماعية التي تم رصدها من قبل تلك اللجان في منطقة الرياض هي الفراغ الذي وصفه بـ«الكبير» بين فئة الشباب، بحكم احتياجهم إلى أماكن ترفيهية يستثمرون فيها أوقاتهم بالشكل الصحيح، ولا سيما أن معظم النوادي الرياضية تقدم خدماتها مقابل رسوم مالية، مما يجعل الاستفادة منها محدودة على فئات معينة.

وأكد على أن هذا الفراغ الذي يعيشه الشباب كان سببا في انتشار إدمان المخدرات بينهم، إلى جانب البحث عن الرفقة السيئة من منطلق رغبتهم في قضاء أوقاتهم بأي طريقة كانت ومن ثم ارتكاب ممارسات سلوكية خاطئة، غير أنه رفض الإفصاح عن إحصاءات حول أعداد المدمنين في المنطقة باعتبار أن لجان التنمية الاجتماعية الأهلية تعمل بصفة توعوية فقط، على حد قوله.

يأتي ذلك في وقت اعتمدت فيه وزارة الشؤون الاجتماعية مبلغ 130 مليون ريال خلال ميزانية العام الحالي حيث تم تخصيصها للبرامج التنموية المنفذة من قبل لجان ومراكز التنمية الاجتماعية على مستوى مناطق السعودية، حيث بلغ الدعم الحكومي للوزارة المتعلق بتلك البرامج خلال العام الماضي نحو 89 مليون ريال.

وأعلن لـ«الشرق الأوسط» وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للتنمية الاجتماعية عن اعتماد نحو 140 مليون ريال بهدف إنشاء 4 مبان لمراكز التنمية في كل من حفر الباطن وبيشة وشرورة وعرعر، والتي كانت في السابق تشغل مباني مستأجرة، موضحا أن الميزانية المعتمدة لكل مركز منها تصل إلى 35 مليون ريال. وأضاف: «بلغ عدد مراكز التنمية الاجتماعية في السعودية حتى الآن 38 مركزا بعد اعتماد إنشاء 4 مبان جديدة في كل من محافظة جدة والدمام وعسيف ووادي الدواسر، والتي حدد إنشاؤها بناء على حاجة تلك المناطق ومساحتها، إلى جانب احتياج المجتمعات المحلية لها»، مشيرا إلى أن مركز التنمية في جدة يعد الأول بها حيث يخدم المحافظة والمحافظات الواقعة شمالها.

وذكر أن هذه المراكز تشرف على أكثر من 369 لجنة تنمية اجتماعية أهلية تم تشكيلها من ذوي الرأي والمشورة ومحبي العمل الاجتماعي والتطوعي للعمل على تنفيذ البرامج التنموية التي تقابل احتياجات الأهالي وتلبي رغباتهم وتقوم على أساس مشاركتهم الفعلية في تنفيذ هذه البرامج والاستفادة منها.

ولفت إلى تنفيذ مراكز التنمية الاجتماعية بقسميها الرجالي والنسائي ما يقارب 293 برنامجا، والتي بلغ الدعم الحكومي المخصص لها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية نحو 6.5 مليون ريال خلال السنة المالية الماضية، في حين وصل عدد البرامج التي نفذتها لجان التنمية الأهلية التي تشرف عليها هذه المراكز إلى 5656 برنامجا بدعم حكومي يقدر بنحو 83 مليون ريال.

وفي ما يتعلق بنوعية البرامج المنفذة من قبل مراكز التنمية الاجتماعية واللجان الأهلية التابعة لها، أفاد عبد العزيز الهدلق بأنها متنوعة وشاملة لجميع فئات المجتمع على اختلاف أعمارهم وأجناسهم، حيث كان من أهمها برامج تنمية الطفولة والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة والتوعية والتثقيف الاجتماعي، إضافة إلى تنمية الإنتاج الأسري والمرأة والتنمية الأسرية والإرشاد الأسري والروابط الاجتماعية والدراسات والبحوث، فضلا عن البرامج التطويرية للجان التنمية الاجتماعية.

واستطرد في القول: «إن وزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة في وكالة الوزارة للتنمية الاجتماعية تبذل جهودا حثيثة للعمل على تنمية المجتمع المحلي وتفعيل مفهوم تنميته والذي يهدف إلى إحداث تغيير مقصود في سلوك المواطنين ضمن إطار القيم الإسلامية وتحقيق نمو متوازن عن طريق استغلال الإمكانات المادية والبشرية المتاحة».

وهنا، علق المهندس عوض السريحي قائلا: «من واقع استطلاعات سابقة تقوم بها لجان التنمية الاجتماعية الأهلية لتحديد احتياجات الأهالي على اختلاف أطيافهم وفئاتهم العمرية، يتم تحديد البرامج التي سيتم تنفيذها في كل مدينة من مدن المملكة، ومن ثم استقطاب الجهات المعنية كالدفاع المدني والبلديات لتجهيز الأماكن أو رعاية بعض البرامج، فضلا عن المجمعات التجارية التي يتم من خلالها إطلاق برامج تثقيفية لعامة الناس لكونها تحوي أعدادا كبيرة من الأفراد».

اسم «لجان تنمية اجتماعية أهلية» كان سببا في ضعف الثقة في ما بينها وبين المجتمع ببعض المناطق في ظل اعتقادهم أن تلك الجهات تقدم خدماتها مقابل مبالغ مادية لكونها أهلية، غير أن رئيس لجنة التنمية الاجتماعية في حي البديعة بالرياض نفى تقاضيهم لأي رسوم، مشددا على أن هذه اللجان قد تنفق من حساباتها الخاصة على تنفيذ بعض البرامج أيضا، بحسب قوله.

وأضاف: «التقينا بالدكتور يوسف العثيمين وزير الشؤون الاجتماعية قبل نحو شهرين وناقشنا معه تغيير الاسم، حيث سيساعدنا ذلك على تغيير نظرة بعض المجتمعات إلينا»، مطالبا في الوقت نفسه بضرورة إثبات مراكز الأحياء لوجودها من خلال نوعية البرامج التي تقدمها وتنوع فريق العمل لديها كي يشمل جميع فئات المجتمع، وخصوصا أن دورها ما زال محدودا.

ولفت المهندس عوض السريحي إلى أن ارتباط مراكز الأحياء في كل من مكة المكرمة ومحافظة جدة بإمارة المنطقة، أكسب إداراتها قوة بخلاف ما هو حاصل في الرياض وبعض المناطق الأخرى لكونها مرتبطة إلى حد ما بوزارة الشؤون الاجتماعية.

الجدير بالذكر أن لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية في حي البديعة بالرياض قامت أمس بتكريم نحو 85 جهة من الجمعيات الخيرية والأفراد الذين أسهموا في تنفيذ برامجها التنموية على مدار العام الماضي، إلى جانب التشجيع على التطوع بين فئة الشباب في الرياض.