مكة المكرمة: تجميد 51% من المخططات ينذر بـ«أزمة» سكنية إضافية

أمين العاصمة المقدسة لـ «الشرق الأوسط» : جهات تنظيمية تشرع ببحث القضية ومعالجتها وسن قوانين جديدة

يفضل رجال أعمال تجميد مخططاتهم للحصول على أعلى قيمة سوقية في مكة المكرمة
TT

حذر خبراء إسكان في مكة المكرمة من خطورة ترك مخططات محورية وجوهرية دون النظر إليها بعين الاقتصاد المثمر إسكانيا، مؤكدين أن مكة تعاني أزمة ارتفاع غير مبرَّر في ظل وجود مخططات سكنية مجمدة.

وأرجع الخبراء الأزمة الخانقة في السكن إلى قلة العرض في ظل تنامي الارتفاع بشكل كبير، واستمرار أعمال الإزالات والهدد التي تمر بها العاصمة المقدسة في تحول تاريخي تمهيدا لانتقالها نحو العالم الأول كما يرسمه لها القادة في السعودية.

وإن كانت جهات غير رسمية تحركت في الآونة الأخيرة لدراسة الأطر السليمة للخروج من الضائقة الإسكانية إلا أن الدكتور أسامة البار، أمين العاصمة المقدسة، قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: هناك مشكلة تكمن في وجود مخططات مجمدة وبيضاء كمخطط الحمراء في مدخل مكة الغربي، مؤكدا أن المخطط توقف لأكثر من 12 عاما دون مبرر، ومعظم تجار العقار يخططون لكي يباع المتر الواحد بما قيمته بين 5 و6 آلاف ريال، والحقيقة أن هناك جهات تنظيمية شرعت في بحث هذه القضية ومعالجتها وفق سن قوانين جديدة.

وذكر سعد الشريف، خبير المنطقة المركزية، لـ«الشرق الأوسط»، أن مكة تمر بمشكلة إسكانية كبيرة تكمن في تحفظ كثير من أصحاب المخططات على بيع مخططاتهم بحجة انتظار ارتفاع القيمة السوقية، وهو خطر يفاقم المشكلة الإسكانية في ظل إقدام أمانة العاصمة المقدسة على تمشيط الأحياء العشوائية وإعادة ترتيبها من جديد بحيث تصبح أحياء نظامية مخططة على أحدث المستويات.

وأفاد خبير المنطقة المركزية بأن مكة تمر بتحولات إسكانية جديدة وتعتبر مدينة حديثة على المدن المخططة هندسيا، بحيث تعاني مشاكل عشوائيات جارٍ العمل على إزالتها، محذرا في السياق ذاته من خطورة ترك مخططات مجمدة في مدينة كمكة المكرمة؛ لأنها مدينة تسورها الجبال من جهاتها الأربع ولا اجتهاد في ترك المخططات دون ضخ عمليات الشراء لها لفك الاختناقات السكانية.

وحول تقديراته لحجم الأراضي المحتكرة على يد رجال أعمال ومستثمرين، أجاب خبير المنطقة المركزية بأن ثمة تقديرات رسمية بأن ما نسبته 51% هي أراضٍ محتكرة لم يتم البت فيها، وهو أمر خطير تحب معالجته بشكل جوهري ومحوري على مستوى رسمي، للحيلولة دون الوقوع في تراكمات إسكانية في السنوات الخمس المقبلة.

من جهته، اعتبر فواز عسير، أحد المستثمرين في منطقة الحسينية، أن سعر الأمتار المقدسة في ازدياد، فما يهم رؤوس الأموال هو المصالح الشخصية دون النظر في الحالات الاجتماعية للمواطنين، خاصة المقبلين على الزواج، وهي شريحة لم تجد في مكة المكرمة مكانا آمنا لها، معتبرا أن متوسط سعر المتر في المخططات خارج المنطقة المركزية ارتفع إلى 3000 دولار للمتر الواحد، وهو مؤشر خطير ومرتفع وبإمكانه أن يقود العاصمة المقدسة نحو مدينة ستكون من أغلى مدن العالم عقاريا.

وقال عسيري: الأمر يحتاج إلى ورش عمل متواصلة وشركات مساهمة يشارك فيها المواطنون على أن تطرح الوحدات بهامش ربحي بسيط بعكس القطاع الخاص الذي يبالغ في تحديد حصته الربحية، مؤكدا أنه يمكن الاستفادة في ذلك من تجارب الجمعيات التعاونية في الكثير من الدول التي نجحت في توفير السلع الغذائية بأسعار أقل 20% من السوق، وهو ما يواجه بانتقادات حادة من جانب القطاع الخاص الذي لا يبحث سوى عن الربح بالدرجة الأولى.

واختتم عسيري بالقول إن هناك مشاريع كالإسكان الميسر من شأنها أن تساعد فئة الشباب، وهو ما أتى عليه مشروع واحة مكة في تقديم أفكار إبداعية تؤدي إلى إيجاد شخصية عمرانية وبصرية مميزة تقوم على أساس التعبير عن المكان بمقوماته المحلية الثقافية والتراثية، وعن الزمان بإمكاناته المعاصرة، مع احترام وحدة التصميم والانسجام مع المباني المحيطة، ومراعاة الجوار من الجهات الأربع ومراعاة تأثير النواحي المناخية على التصميم بوجه عام، وعلى الفتحات الخارجية للمبنى بشكل خاص ومراعاة البعد الاجتماعي في التصميم، سواء على المستويين التخطيطي أو المعماري، واستخدام المفردات التراثية المعبرة عن ثقافة المجتمع المحلي.

وذكر عقاريون أهمية اللجوء إلى تطوير الأحياء السكنية شمال وشرق مجمع الدوائر الحكومية وبمساحة تقارب 1.5 مليون متر مربع قابلة للزيادة إلى 4 ملايين متر مربع.

ويأتي تنفيذ مشاريع السكن الميسر كحل مثالي لآلاف الأسر المكية التي عانت كثيرا جرَّاء ارتفاع المؤشر العقاري للشقق السكنية وقطع الأراضي، خاصة أن حجم التعويضات الذي قد يحصلون عليه لا يتواءم مع سعر الأراضي المعروضة للبيع حاليا في المخططات المعتمدة، التي تصل فيها مستويات الأسعار إلى نحو مليون ريال لقطعة الأرض الواحدة، وهو الأمر الذي قد يكون من المعوقات التي واجهت مشروع تطوير العشوائيات وعرقل تقدم مسيرتها.