جوازات مكة لـ «الشرق الأوسط»: سنداهم المنازل التي يتأكد لنا وجود خادمات هاربات بها

قالت إن العاصمة المقدسة أصبحت أرضا خصبة للمخالفين

TT

أوعزت جهات رسمية رقابية في العاصمة المقدسة تنامي ظاهرة هروب الخادمات في السعودية لما سموه بوجود شريحة مخالفة تتدثر تحت عباءة المواسم الدينية من جهة، وانضمامهم إلى مجاميع قد سبقتهم في التخلف.

ووصف مراقبون أن عملية تخلف الخادمات في السعوديات تقف خلفه منظومة احتيال كبيرة وشبكة مخالفة من الألف للياء، معتبرين إياه أنه الملف الأصعب على طاولة الإدارة العامة للجوازات في السعودية، بحكم تعقيداته وتسربل كثير من القادمين للعمل نحو أنشطة غير صريحة ومخالفة للأنظمة والقوانين. وقال المقدم محمد الحسين، المتحدث الرسمي للإدارة العامة للجوازات في العاصمة المقدسة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن ظاهرة تسرب الخادمات والسائقين في العاصمة المقدسة نظير وجود أشخاص يأتون لمكة المكرمة عن طريق المواسم الدينية.

وأفاد الحسين أن فرص الهروب بالنسبة للعمالة المخالفة أكبر، لوجود الحرم المكي الشريف، مؤكدا أنه في مكة المكرمة توجد أرضية خصبة من الأشخاص الذين يقومون بإيواء الهاربين والهاربات، وكذلك تأمين فرص العمل لهم من قبل سماسرة الخادمات.

وقال المتحدث الرسمي إن جهود الإدارة العامة للجوازات تكمن في عملية المراقبة للسماسرة الذين يجسرون وصولهم إلى المنازل السعودية، مؤكدا أن إدارته ستقوم بتفتيش المنازل التي يثبت لديهم وجود عمالة مخالفة فيها من الخادمات والسائقين بعد استصدار الأوامر الرسمية في ذلك وتعيين وتحديد المنازل المستهدفة في عمليات المداهمة. وحول ما إن كانت المواسم الدينية تشكل عبئا على رجال الجوازات في السعودية، تحفظ الحسيني على مفردة عبء، مشيرا إلى أنه يتم فيها تكثيف الجهود في المواسم الدينية لمواسم العمرة والحج، وتوزيع المهام المنوطة في ذلك بما يتناسب مع طبيعة العاصمة المقدسة.

من جهته ذكر الدكتور محمود كسناوي، في رسالة أعدها حول معالجة مخالفي أنظمة الإقامة والعمل والتستر، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن ظاهرة تخلف الوافدين وبقائهم في البلدان المختلفة تعتبر من ضمن الظواهر التي تعاني منها المملكة العربية السعودية وذلك باعتبار أن السعودية عامل جذب للعمل والاستقرار بحثا عن الأمن الاجتماعي والاقتصادي، ومما يزيد من حجم المشكلة تنامي أعداد المتخلفين بعد مواسم الحج وطيلة أيام العام بعد أداء العمرة، على الرغم من تبني العديد من الإجراءات التي كان يفترض أن تسهم في الحد من حجم المشكلة.

وقال كسناوي: «توجد أعداد كبيرة من غير المواطنين يقيمون بطريقة غير نظامية، وهم يعملون ويبيعون ويشترون بطرق غير شرعية نظاما، والبعض الآخر يتستر لدى المقيمين إقامة نظامية من أبناء جلدتهم أو لدى مواطنين، الأمر الذي أدى إلى ظهور مشكلات اقتصادية واجتماعية وجرائم أمنية تظهر أحداثها يوميا على صفحات الصحف والمجلات». وزاد الباحث الأكاديمي بالقول: «تعتبر السعودية من الدول التي تمتاز بعوامل جاذبة للإقامة والعمل باعتبار أنها تمتلك ثروات مالية كعائدات بترولية، وتقع في مركز دائرة مجتمعات بها كثافة سكانية عالية تعيش في مستويات اجتماعية واقتصادية متدنية كالهند وبنغلاديش وباكستان واليمن ومصر والسودان ونيجيريا وغير ذلك من الدول الفقيرة، الأمر الذي أدى إلى انطلاق موجات من البشر تحت ستار الحج والعمرة بفعل عوامل طاردة إلى المملكة العربية السعودية التي توجد بها عوامل جاذبة عديدة».

وأشارت الدراسة إلى أن هذه الأعداد الكبيرة أدت إلى ظهور مشكلة مخالفة أنظمة الإقامة والعمل وذلك من حيث إن أعدادا كبيرة من الذين يأتون إلى العمرة أو الحج لا يعودون في الوقت المحدد، فالقادمون للعمرة يمكثون لأداء الحج وربما للعمل لعدة سنوات، وبعض الذين يفدون للحج يستمرون لسنوات أخرى، وكذلك بعض الذين يأتون للعمل يستمرون بعد انتهاء مدة الإقامة، ومنهم ممن يهرب من الكفيل إلى مساكن أو مدن أخرى، وبعض العمالة المنزلية كالخادمات والسائقين يهربون من كفلائهم ويجدون ملاذا للتستر والاختباء.

ووصف هذه الظاهرة بأنها أدت إلى نشوء مشكلات اقتصادية واجتماعية وأمنية أثرت سلبا على المواطن السعودي، فعلى الرغم من وجود العديد من الدراسات لمعالجة هذه المشكلة فإن المشكلة لا تزال مستمرة وفي حالة صعود سنويا، لذا فإن هذا البحث يأتي لمعالجة مخالفي أنظمة الإقامة والعمل والتستر لبحث الأسباب والعوامل ذات العلاقة والتوصل إلى نتائج وتوصيات إجرائية قابلة للتنفيذ عاجلا وآجلا.

ومع تزايد الأعداد عاما بعد آخر خاصة بعد موسم الحج وبعد شهر رمضان أصبحت هذه المشكلة بحسب كسناوي على درجة كبيرة من التعقيد مما استدعى تشكيل لجان عديدة من قبل وزارة الحج وإمارات المناطق والجوازات وإدارة الترحيل والشرطة وكافة الجهات ذات العلاقة لإيجاد الحلول لهذه المشكلة، خاصة أن التقارير الأمنية أوضحت أن هذه المشكلة أصبحت من الخطورة بحيث إنها تهدد أمن الفرد والمجتمع اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، والدليل ما تنشره الصفحات الأمنية من حقائق مصدرها الجهات الأمنية، وإدارات الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أن مخالفي أنظمة الإقامة يرتكبون جرائم أخلاقية وسلوكية وصلت إلى حد ترويج المخدرات والمسكرات والجرائم الجنسية والتهريب والسرقة والاعتداء على الممتلكات والأرواح.

وحول أهمية بحثه المقدم والنتائج المرجوة من ذلك، أفاد كسناوي: «تكمن أهمية البحث من منطلق أن مخالفي أنظمة الإقامة والعمل يشكلون خطرا يهدد أمن الفرد والمجتمع اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، لذا يأمل فريق البحث أن يستفيد المجتمع السعودي والقطاعات الأمنية والمؤسسات الحكومية والأهلية من نتائج البحث ومن التوصيات والمقترحات الرامية إلى إيجاد الحلول الإجرائية للحد من الآثار السلبية لهذه المشكلة خاصة من واقع الاستفادة من خبرات الدول الأخرى ومن المعلومات التي يتم الحصول عليها من الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى نتائج تحليل الاستبيانات، فالبحث يعتبر مهما لأن الاستفادة من نتائجه تشمل الفرد والمجتمع بصورة عامة».