تحرك للحصول على دعم لأطفال التوحد من بوابة «الشورى»

يخططون لزيارة المجلس في الأيام المقبلة.. وعضو في «الشورى» يؤكد ضرورة تقديم الدعم المادي للمراكز التأهيلية

ممارسة الأنشطة المتعددة تساعد الطفل المصاب بالتوحد على التخفيف من اضطراباته وتؤهله لأن يعيش حياة طبيعية كأقرانه («الشرق الأوسط»)
TT

من المقرر أن يتشكل توجه سعودي نحو فئة أطفال التوحد وأسرهم، وذلك لإيجاد إجراءات جديدة ترمي من خلالها إلى مناقشة إمكانية دعم وتطوير الأنظمة المعمول بها في البلاد، والعمل على معالجة المشاكل الحادث للمصابين بهذا المرض.

تلك المطالبات تأتي في وقت يعاني الأطفال المصابين مع مرض التوحد، وعدم وجود تأهيل مستمر للأطفال.

أمام ذلك، كشف عبد المحسن العتيبي، المستشار في جمعية أسر التوحد الخيرية والذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» على وجود توجه لمجلس الشورى في السعودية لدعم فئة أطفال التوحد وأسرهم وذلك في زيارة أجراها مع أطفال التوحد لحضور إحدى جلسات المجلس، ومناقشة إمكانية دعم تطوير الأنظمة وإيجاد آلية لتفعيل المشروع الوطني للتوحد.

من جانبه، أبرز الدكتور مشعل آل علي، عضو مجلس الشورى، أهمية تقديم الدعم المادي للمراكز التأهيلية لذوي الاحتياجات الخاصة وتمويلها؛ ويسعى أعضاء المجلس بدورهم إلى توضيح الحاجة الماسة لتلك المشاريع الحيوية.

وفضلا عن غموض أسباب إصابة الأطفال باضطراب التوحد، فلا توجد هناك إحصائيات دقيقة عن معدلات إصابة الأطفال بالتوحد في السعودية، إلا ما ذكرته الأميرة سميرة الفيصل، رئيسة مجلس إدارة جمعية أسر التوحد عن إصابة 200 ألف طفل بالتوحد في السعودية.

هذا وقد بادرت جمعية أسر التوحد الخيرية بتقديم الدعم المادي إلى جانب الرعاية النفسية والاجتماعية لأسرة طفل التوحد بشكل كامل، بزيارات دورية من الاختصاصيين لتعليم وتثقيف الأهالي على الطرق السليمة في تأهيل التوحدي في المنزل، وقد تبنت الجمعية أيضا نشر الوعي عن اضطراب التوحد في ومحاولة دمج التوحدي مع أفراد المجتمع.

الدكتور علي الضاحي، عضو مجلس الإدارة ورئيس اللجنة الإعلامية، قال إن الجمعية تقدم خدماتها لما يقارب 400 أسرة بأنحاء السعودية، بعمل دورات تثقيفية وتدريبية لمعاونة أسر التوحد في التعامل مع طفلهم التوحدي ورعايته بشكل سليم، بالإضافة إلى ملتقيات علمية لمتخصصين في التوحد من أميركا وأوروبا، لعرض ما استجد عن أبحاث التوحد وسبل علاجه. وتابع قائلا «الجمعية بصدد إنشاء فروع لها في محافظة الخرج (جنوب العاصمة الرياض)، والمنطقة الشرقية والغربية وفي شمال المملكة».

ومن جانب آخر، فإن الأهالي يعانون في رعاية التوحدي من تكلفة مراكز التأهيل المتخصصة بالتوحد التي أثقلت كاهلهم ماديا، حيث تصل رسوم تسجيل الطفل فيها إلى ثلاثين ألف ريال سعودي للعام الواحد، الأمر الذي جعل الأسر محدودة الدخل إلى توجيه رعاية الطفل داخل المنزل، كون الإعانات التي تقدم لهم غير كافية على حد قولهم إلا لشراء مواد غذائية للطفل التوحدي. فقد انصبت مطالباتهم على جعل رسومها أقل، لوجود أطفال ذوي معدل ذكاء مرتفع يحرمون من التأهيل الكافي للتعلم.

وغالبا ما يتم كشف إصابة الطفل به في سن مبكرة من عمره، وتحديدا خلال السنوات الثلاث الأولى بحياة الطفل، حيث يلحظ الأهل على طفلهم بعض التصرفات تنبئ بوجود خلل ما، من عدم استجابة الطفل للتواصل البصري أو السمعي أو اللفظي لذويه ممن يرعاه، أو يكون انشغاله بتقليب لعبة واحدة بيده فترة طويلة دون أن يبدي تغيرا في حركته مؤشرا على الخلل بحد ذاته؛ فالأطفال التوحديون يشاهدون الكون حولهم مزعجا وشيئا غير مألوف بالنسبة لهم، فلا يبادرون للتواصل معه. يضطربون سلوكيا ومع أقرانهم اجتماعيا، بسب «طيف» سبب لهم خلل عصبي في وظائف الدماغ، أدى إلى إقصائهم من تطور السلوك والتواصل الاعتيادي في مراحل النمو الطبيعية للأطفال العاديين.

أمام ذلك، ذكرت نورا الوادعي اختصاصية نفسية في جمعية أسر التوحد الخيرية بالرياض بأن أعراض التوحد الرئيسية الثلاثة هي ضعف العلاقات الاجتماعية وضعف الناحية اللغوية بالإضافة إلى الاهتمامات والنشاطات المتكررة؛ وقد يصاحب ذلك اضطرابات في السلوك، كالنشاط الزائد أو نوبات الغضب الشديدة وصعوبة النوم وقد يظهر سلوك مؤذ لنفسه وقد تصحب بعض حالات التوحد تشنجات ونوبات صرع.وأضافت الوادعي أن تركيز الأطباء والمختصين بمعالجة آثار اضطراب التوحد ينصب حاليا على ما يسمى بالتدخل المبكر في سن الثالثة إلى سن دخول المدرسة، حيث يخضع الطفل إلى برنامج تأهيلي في تعديل السلوك، وقياس درجة الذكاء وتكثيف التخاطب.

إلى ذلك، قال هدى الحيدر رئيسة وحدة التوحد في وزارة الشؤون الاجتماعية في ورقة عن التدخل المبكر قدمتها في محاضرة وجهت لذوي أطفال التوحد في مقر جمعية أسر التوحد الخيرية، حثت فيها الأمهات والآباء على أهمية مساعدة الطفل التوحدي مع ما حوله قبل أن يتعلم النطق والعد، بدمجه في مع الأطفال الطبيعيين من هم في عمره بدخوله للمدرسة لفترة معينة حتى يختلط مع الأطفال من حوله ولا يخاف.

وعلى صعيد التدخل المبكر، فقد لجأت الأمهات إلى تبادل الخبرات فيما بينهن عن طريق توسع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، من خلال عرض تجاربهن في تخفيف حدة اضطرابات التوحد وطرق تأهيل الطفل وتعليمه داخل المنزل بعد الفترة الصباحية التي يقضيها في المركز التأهيلي. إحدى الأمهات التي فضلت عدم ذكر اسمها، قد أنشأت قناة على شبكة «يوتيوب» تصور فيها الحياة اليومية مع طفلتها عند تعليمها التخاطب والحساب، حيث ذكرت لـ«الشرق الأوسط» عن تجربتها مع ابنتها بالقول «ابنتي تتلقى تعليما خاصا في مدرسة للاحتياجات الخاصة، وقد بدأت بتأهيلها منذ كان عمرها أربع سنوات، وهي الآن أفضل بكثير من السابق حيث كانت لا تتكلم ولا تستطيع أن تعبر عن احتياجاتها وليس لديها تواصل مع الآخرين بالإضافة إلى نوبات البكاء والصراخ دون سبب وهي أفضل الآن لكن التدريب والتأهيل مستمران».