ألفت قباني: 3 خطوات تفصل المرأة السعودية عن تولي منصب وزيرة

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن ارتفاعات تسعيرة الكهرباء الجديدة ستؤثر في زيادة تكلفة الإنتاج وسترفع سعر المنتج

الفت قباني (الشرق الأوسط)
TT

قدرت سيدة الأعمال السعودية ألفت قباني، نائب رئيس اللجنة الصناعية بغرفة جدة، حجم الاستثمارات الصناعية في المملكة من بنحو تريليوني ريال سعودي، منها نحو 214.5 مليار ريال استثمارات أجنبية، وعدد المصانع بنحو 5000 مصنع، يعمل بها ما يقارب من 600 ألف عامل ومهندس وموظف، أغلبهم من الرجال، حيث لا تتجاوز نسبة النساء بينهم 2 في المائة فقط.

وأشارت قباني خلال حوار خصت به «الشرق الأوسط» إلى أن الاحتياج يتجاوز مليون وظيفة خلال السنوات الـ5 المقبلة، مضيفة أن الأرصدة النسائية المجمدة في البنوك تجاوزت 70 مليار ريال، وهي القيمة التي تكفي لبناء 20 مدينة صناعية.

ودعت قباني، التي شغلت منصب رئيس لأول مجلس للمسؤولية الاجتماعية بغرفة جدة في وقت سابق، إلى تبني برامج الأسر المنتجة ودمج إسهاماتها في الاقتصاد الوطني، حيث يساعد ذلك - حسب رأيها - إلى محاربة البطالة من خلال تأهيل الشباب وإكسابهم مهارات تمكنهم من إيجاد فرص عمل حقيقية، وتوجيه طاقات المجتمع المدني لزيادة الناتج الوطني، وحثت المرأة على اقتحام مجالات عمل متعددة ومطلوبة في الوقت الحالي في ظل طفرة التشييد والعمران التي تعيشها المملكة في الوقت الحالي. وإلى نص الحوار..

* كنت من السيدات الأوليات اللاتي عملن في مجال الصناعة.. حدثينا في البداية عن تجربتك..

- أحمد الله أنني تربيت في أسرة لا تفرق بين المرأة والرجل وتعطي للفتاة كامل حقوقها.. كانت خطواتي الأولى عبر شركات العائلة التي تعلمت منها أصول وتقاليد التجارة والصناعة، ومنها دخلت إلى عالم الصناعة عبر شركات متخصصة في الصناعات التحويلية والعطور والبلاستيك، ولعل ما دفعني في تلك الفترة إلى دخول هذا المجال هو إحساسي بالمسؤولية ورغبتي في إثبات الذات.

* أليس غريبا أن تدخلي مجال الصناعة قبل عقدين من الزمن تقريبا في الوقت الذي كانت فيه معظم النساء مشغولات بفتح المشاغل وصالونات التجميل؟

- بالفعل أنا شخصيا أستغرب أن ينحصر اهتمام المرأة في مجالات محددة، في حين أن جميع المجالات، وخصوصا القطاع الصناعي مفتوحة أمامها والأمر يحتاج إلى الكثير من الشجاعة والمثابرة؛ فالصناعة هي العمود الفقري لتقدم الشعوب وتطورها.

* يبدو أن نجاحك في الصناعة جعلك بين أول 4 سيدات أعمال يتحملن المسؤولية في مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة..

- لقد كان ترشحي بالفعل لمجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة عن فئة الصناعيين (خاصة) في عام 2005، حيث كنا 18 رجلا وسيدة واحدة، مفاجأة للكثيرين.. وعندما حصلت مع 3 من سيدات الأعمال الناجحات على عضوية المجلس كان الأمر محل اهتمام الإعلام المحلي والخارجي، والحمد لله كانت التجربة ناجحة بكل المقاييس، واستطعنا فتح قنوات عمل جديدة للمرأة عبر الكثير من المبادرات والأفكار والإنجازات مع تفاعل كلي من جميع شرائح المجتمع (نساء ورجالا) على مدار السنوات الـ4.

* بصفتك نائب رئيس اللجنة الصناعية في غرفة جدة، ما الدور الذي تقومون به لدعم هذا القطاع الحيوي؟

- تعد اللجنة الصناعية المحرك الرئيسي لكل نشاطات الصناع في جدة، فهي تقوم بدارسة المشكلات والقضايا التي تهمهم وتسعى إلى إيجاد الحلول لها بما يخدم مصالح أصحابها نظرا لاتساع القطاع الصناعي وقوته، والمكانة الكبيرة التي تتمتع بها عروس البحر الأحمر بوصفها البوابة الرسمية للحرمين الشريفين.

وتقوم اللجنة بالتنسيق مع الجهات المعنية في ما يخص المشكلات التي تواجه الصناع على اختلاف منتجاتهم، وإجراء البحوث والدراسات اللازمة في ما يخص تطوير القطاع ورفع الكفاءة والإنتاجية فيه، والتنسيق بين أصحاب المهنة في ما يخص تنظيم المنافسة وحمايتهم من مصادر المنافسة غير المشروعة، علاوة على عقد المؤتمرات والمعارض الصناعية المتخصصة.

* ما أبرز المعوقات التي تواجه القطاع الصناعي في جدة؟

- أكبر المعوقات تتمثل في إقامة مناطق صناعية جديدة تستوعب الطلب المتزايد للصناع وتلبي احتياجات المدينة التي تحلم بأن تعود من جديد لقيادة قطار الصناعة السريع مثلما كانت منذ عقود كثيرة.. والحمد لله أننا نحظى بدعم كبير من الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، الذي وجه جميع الجهات ذات العلاقة للعمل على تذليل جميع المعوقات، وما زلنا نبحث مع أمانة جدة وهيئة المدن الصناعية توفير وتطوير الأراضي الصناعية لإحداث انتعاشة ونقلة نوعية للصناعة في مدينة جدة، لكن هناك خطة طويلة المدى للجنة الصناعية بأن يجري توفير ما يقرب من 200 مليون متر مربع خلال السنوات الـ10 المقبلة.

* في هذا الإطار عقدتم اجتماعا مع أمين جدة في الفترة الماضية.. هل وصلتم إلى تحقيق جزء من طموحاتكم؟

- نعم.. وجدنا تجاوبا من الدكتور هاني أبو راس بعد أن عانينا منذ عام 2006 مع أمانة جدة لتوفير أراض صناعية وكنا ندور في دائرة مقفلة مع الأمانة التي كانت حريصة على أن تقوم شركة «جدة للتطوير العمراني» بتطوير هذه الأراضي، وهو أمر غير مقبول للصناعيين.. فالمصلحة العامة تقتضي أن تقوم هيئة المدن الصناعية بتطوير هذه الأراضي، وهو الغرض الذي أنشئت من أجله، خصوصا أن هيئة المدن خصصت لها ميزانية هذا العام بنحو ملياري ريال، فإذا لم تتوفر لجدة الأراضي.. فلن يكون لها نصيب من هذه الميزانية.

* بعيدا عن توفير الأراضي الصناعية الجديدة.. ما هو الدعم الذي يحتاجه الصناع بشكل عام والمستثمرات على وجه الخصوص؟

- كل العاملين في القطاع الصناعي بالمملكة ينتظرون سَن الكثير من القوانين والتشريعات التي تسهم في ضخ المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع الذي يعد الرافد الثاني للدخل الوطني بعد البترول (الميزانية واهتمامها بالصناعة).

أما بالنسبة للمستثمرات، فمن المهم جدا تفعيل الفقرة الرابعة من قرار مجلس الوزراء رقم 120، التي تنص على إلزام الجهات ذات العلاقة بتخصيص أراض داخل حدود المدن وتطويرها لإقامة مشاريع صناعية تعمل فيها نساء، وينبغي أن تلقى المصانع التي تعمل بها النساء دعما من الدولة لتشجيعهم على توفير بيئة العمل المناسبة للمرأة.

* دعم الحكومة عن طريق صندوق التنمية الصناعية.. ما هي مرئياتكم عن الصندوق وكيف ترونه؟

- يقوم الصندوق بدور مهم لدعم الصناعات الصغيرة وأصحاب المشاريع الجديدة، من خلال تقديم القروض الميسرة، بالإضافة إلى توفير الاستشارات الفنية والإدارية والمالية والتسويقية للمشاريع المقترضة، مما يسهم في رفع مستوى الأداء في هذه المشاريع ويساعدها في التغلب على مشكلاتها، وقد أطلق الصندوق برنامج «كفالة» لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتشجيع البنوك على توفير التمويل اللازم لهذه المنشآت بغض النظر عن معيار الضمانات التقليدي.

وعلى الرغم من الدور الكبير الذي يقوم به هذا الصندوق فإنه من وجهة نظري لا يكفي لتحريك الركود وتحقيق التنمية المرجوة في القطاع الصناعي.. فالصناعة تحتاج إلى تضافر كل الجهود الرسمية وغير الرسمية.

* هل تأثر القطاع الصناعي بتسعيرة الكهرباء الجديدة، وما هو مدى التأثير، خصوصا أن شركة الكهرباء تقول إن التأثير على الأرباح فقط؟

- هذا كلام غير منطقي.. فإذا كانت شركة الكهرباء ترى أن التأثير على الأرباح لا يمثل معضلة فهذا أمر مغلوط، فالجميع في الدورة الإنتاجية يبحثون عن الربح، وأتوقع أن تؤثر الارتفاعات التي حدثت في زيادة تكلفة الإنتاج، وبالتالي رفع سعر المنتج.. وبالتأكيد سيكون المستهلك في النهاية هو الضحية، وعلينا أن ندرك أن السعر ارتفع للضعف (من 12 هللة إلى 26 هللة لكل كيلووات/ ساعة)، وشركة الكهرباء ستجني 3.200 مليار ريال من هذا الارتفاع، وهناك 550 مصنعا منتجا في المدينة الصناعية بجدة بحاجة إلى طاقة كهربائية بسعر معقول للتشغيل المتواصل دون انقطاع، ورفع السعر عليها بشكل مبالغ سيهدد الكثير منها بالإغلاق أو الخسارة، ومن المعروف أنه لا توجد صناعة بلا كهرباء، حيث تمثل عنصرا أساسيا لاستمرار الإنتاج الصناعي في المملكة.

* كم تقدرون حجم الاستثمارات في قطاع الصناعة؟ وما هو عدد المصانع في السعودية؟

- لقد انتقلت الاستثمارات الصناعية في المملكة من خانة «المليارات» إلى «التريليونات».. وحسب التقديرات الأخيرة فقد اقتربت من تريليوني ريال سعودي.. منها نحو 214.5 مليار ريال استثمارات أجنبية، وبالنسبة لعدد المصانع، فحسب إحصائية وزارة العمل فقد قفزت المنتجة منها في كافة مناطق المملكة إلى أكثر من 5000 مصنع، يعمل بها ما يقرب من 600 ألف عامل ومهندس وموظف أغلبهم من الرجال، حيث لا تتجاوز نسبة النساء بينهم 2 في المائة فقط.

* كيف تقيمون وضع المناطق الصناعية في السعودية، وهل هناك حاجة لمناطق صناعية جديدة؟

- هناك 26 مدينة صناعية، بينها 14 تم الانتهاء من تطويرها والبقية سيأتي عليها الدور، والحق يقال إن النهضة الصناعية الحقيقية بدأت مع إعلان حكومة خادم الحرمين استراتيجية وطنية للصناعة تهدف إلى تعزيز القدرات التنافسية الصناعية السعودية، وزيادة ارتباطاتها التكاملية محليا وإقليميا وعالميا، وتحفيز الصناعات المتقدمة ذات القيمة المضافة العالية، والتوسع في توفير الصناعة المعرفية والتجهيزات والخدمات اللازمة لتحقيق التنمية الصناعية في جميع مناطق المملكة، وعلينا أن ندرك أن الصناعة هي الرافد الثاني في الناتج القومي بعد البترول.

* ما نسبة السيدات السعوديات العاملات في المصانع السعودية، وكم حجم الفرص المتاحة؟

- للأسف الشديد.. نسبة مشاركة المرأة في القطاع الصناعي لا تتجاوز 2 في المائة رغم أن المرأة تشكل 51 في المائة من حجم السكان في السعودية، وهناك 4 ملايين امرأة في سن العمل، ومن المهم خلق فرص وظيفية نسائية حقيقية، مع وجود حوافز لتشجيع المستثمرين على الاستعانة بالمرأة في المجال الصناعي.

وقبل أن نحدد الفرص الحقيقية الموجودة للمرأة في القطاع الصناعي، ينبغي أن تقدم الجهات المسؤولة التحفيز المناسب لتوظيف المرأة، وفي المقابل ينبغي على أصحاب الأعمال التحلي بالصبر وعدم الحكم مبكرا على فشل تجربة التوظيف النسائي، وفي تصوري أن القطاع الصناعي يمكن أن يخلق خلال الفترة المقبلة ما يقارب من 100 ألف فرصة وظيفية للمرأة.

* يقال إن دور المرأة في الغرفة التجارية أقل منه عن مجلس الإدارة السابق..

- لا أستطيع أن أحكم على ذلك.. لقد أعطى وجود 4 سيدات أعمال في مجلس إدارة الغرفة التجارية في دورتها الماضية زخما كبيرا للعمل وقتها.. وكان مثار اهتمام وإعجاب المجتمع الداخلي والخارجي، خصوصا أن الجميع اعتاد أن تأتي الأولويات من مدينة جدة.. والحقيقة كانت الغرفة التجارية الصناعية في جدة سباقة في إعطاء الفرصة للمرأة لتمثيل صاحبات الأعمال بشكل عاد بالنفع على الجميع. كما أن المبادرات والمناشط التي تم إطلاقها في تلك الفترة أكدت قدرة المرأة الكبيرة على تحمل المسؤولية.. أما الآن فأنا متأكدة من أن أخواتي في مجلس الإدارة الحالي سائرات على الركب ولا شك في ذلك.

* كيف تصفين تجربتك في الغرفة التجارية الصناعية بجدة؟

- الحمد لله كانت التجربة ناجحة بكل المقاييس.. وعلى الرغم من أن مشاغلي العملية منعتني من الترشح للدورة الحالية، فإنني استجبت لنداء المسؤولين في بيت أصحاب الأعمال، وبدأت أشارك عبر اللجنة الصناعية التي تضم مجموعة كبيرة من الكفاءات الوطنية لتقديم خبرتي في هذا القطاع المهم والمؤثر.. ونحمد الله أننا من أكثر اللجان الفاعلة التي حققت إنجازات كبيرة في فترة قصيرة.

* في تصورك.. ما أبرز العقبات التي تواجه سيدات الأعمال في القطاع الصناعي في السعودية؟

- هناك أمور مهمة تحتاج إليها سيدات الأعمال اللاتي يعملن في المجال الصناعي على وجه التحديد منها تبسيط الإجراءات وإزالة «الروتين» والتعقيدات الموجودة في المصالح الحكومية.. مع وجود الحافز لمسألة التوظيف النسائي، ونشر ثقافة عمل المرأة، خصوصا في القطاع الصناعي، وتغيير المفاهيم السائدة عن عمل الفتيات في المصانع، لا سيما أنها من أكثر الأماكن التي تطبق بيئة العمل الصحيحة وتحافظ على الضوابط الشرعية.

من المهم أيضا أن تكون هناك استراتيجية موحدة بين جميع الغرف السعودية لتوظيف المرأة، والارتقاء بنوعية وأساليب التدريب ليتناسب مع ما تحتاجه سوق العمل، وتفعيل الفقرة الرابعة من قرار مجلس الوزراء رقم 120 التي تهدف إلى إقامة مشاريع صناعية تعمل فيها نساء، ويتم تجهيزها بالبنية التحتية والمرافق العامة، وحل مشكلة النقل والمواصلات وتأمين حاضنات أطفال بشكل مجاني أو بتكاليف رمزية في المناطق الصناعية.

* ترأستي أول مجلس للمسؤولية الاجتماعية أقيم في مدينة جدة.. كيف تقيمين تلك التجربة؟

- شرفت برئاسة مجلس جدة للمسؤولية الاجتماعية عند تأسيسه ولمدة 4 سنوات.. ونجحنا في فترة وجيزة أن نجعل المسؤولية الاجتماعية مفهوم حياة لدى الكثير من الشركات، حيث أطلقنا عددا كبيرا من المبادرات.. منها إطلاق جائزة سنوية لأفضل مؤسسات القطاع الخاص التي تقوم بواجبها تجاه المجتمع، وذلك في «منتدى جدة الاقتصادي 2008»، وأبرمنا اتفاقية مع غرفة الرياض لتوحيد الجهود في مجال المسؤولية الاجتماعية، وأبرمنا كذلك عددا كبيرا من الاتفاقات والعقود التي ستعود بالنفع على أصحاب وصاحبات الأعمال سنوات طويلة مقبلة، كما أسهم المجلس في خلق فرص وظيفية متعددة للمرأة، وخصوصا العمل في المصانع، وقدم نماذج باهرة لفتيات سعوديات يكسبن رزقهن بالجد والمثابرة والتعب. وبشكل عام أرى أن التجربة أسست قاعدة للعمل المسؤول في المجتمع، مما أدى إلى تكريس المسؤولية الاجتماعية للشركات.

* كيف تقيمين تعامل الشركات مع جوانب المسؤولية الاجتماعية؟

- المسؤولية الاجتماعية بمفهومها العالمي الصحيح لم تتأصل في المجتمع السعودي بشكل كاف، والمشوار ما زال طويلا جدا لتحقيق الحد الأدنى الذي يرضينا، فنحن نحتاج في البداية إلى تصحيح الكثير من المفاهيم الدارجة وغير المنصفة لتعريف المسؤولية الاجتماعية، كما نحتاج إلى نشر هذه الثقافة بشكل أوسع على مختلف الأصعدة.. ولعل هذا كان الدافع الحقيقي بالنسبة لنا لإطلاق شركة «الرها للمسؤولية الاجتماعية» التي ستسعى إلى تغيير المفاهيم المعروفة عن المسؤولية الاجتماعية وستقدم خلاصة خبراتها وفكرها لنشر المسؤولية المستدامة في القطاع الخاص وتحفيزه على أن يلعب الدور المأمول في مجتمعه.

وربما لا يدرك الكثيرون حتى الآن حجم الأهمية التي يعطيها العالم للمسؤولية الاجتماعية.. فحجم الصناديق الاستثمارية التي استثمرت في الشركات «الواعية» اجتماعيا حتى عام 2007 تجاوزت إدارة أصولها أكثر من تريليوني دولار في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وذلك طبقا لأبحاث عالمية منشورة، مما يؤكد أن اهتماما عالميا يتجه في الاستثمار في الشركات ذات الطابع المسؤول، أكثر من الشركات التقليدية.

* وما هي المعايير التي ستطبقها شركتكم لتفعيل المسؤولية الاجتماعية بشكل كبير في السعودية؟

- هناك مجموعة من الآليات والمعايير التي ستطبقها الشركة الجديدة لقياس مدى التزام أي منشأة ببرامج المسؤولية الاجتماعية تنسجم مع المعايير التي حددتها «الآيزو»، ومنها الالتزام الأخلاقي والاجتماعي المسؤول تجاه الموظف، وتبني أخلاقيات العمل والحفاظ على حقوق الموظفين الأمر الذي سيسهم في زيادة ولائه وخفض تكاليف التدريب ورفع الكفاءة الإنتاجية الناتجة عن التزام الموظف تجاه عمله، وتقديم قيمة مضافة للشركة التي ستكون في حال اجتيازها للمعايير تمثل عنصر جذب لكل الخبرات والكفاءات الوطنية.

وقد حرصنا على قراءة الواقع العالمي في مجال مسؤولية الشركات، ومقارنته بالممارسات الاقتصادية العربية والمحلية، التي تسير في اتجاه برامج «خدمة المجتمع، دون الدخول في استراتيجيات الشركات وربطها بالمسؤولية الاجتماعية، والقيم العالية التي تثمر عن تنمية مستدامة لأداء الأسواق ونظرة المستهلكين، وتحليلات صناع الرأي العام من وسائل إعلام ومجتمعات محلية».

* نصل إلى الحديث عن الأسر المنتجة.. كيف تقيمون حجم الدعم الموجود لها؟

- هناك إجماع على أهمية تنمية كوادر الأسر المنتجة ودمج إسهاماتها في الاقتصاد الوطني، حيث يساعد ذلك على محاربة البطالة من خلال تأهيل الأسر وإكسابهم مهارات تمكنهم من إيجاد فرص عمل حقيقية، وتوجيه طاقات المجتمع المدني لزيادة الناتج الوطني، والحقيقة أن الأسر المنتجة في منطقة مكة المكرمة تجد دعم ورعاية من الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، والدليل النجاح الذي تحقق لجميع المعارض التي جرت في الفترة الأخيرة.

* ترأستي المنتدى الأول للأسر المنتجة ولم نسمع أي إعلان عن المنتدى الثاني ما هي الأسباب؟ وهل تم تفعيل توصيات المنتدى الأول؟

- أشعر بكثير من الفخر بأنني ترأست أول منتدى للأسر المنتجة الذي حظي برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقد أوصى المنتدى بإنشاء كيان وطني لاحتضان الأسر المنتجة، وطالب بتوفير مصادر تمويل من كل المصادر التمويلية المتاحة (المنح - الأوقاف - الصناديق القائمة والمستقبلية) لتمويل مشاريع الإنتاج الأسري، وتبنى إطلاق جائزة السنوية باسم خادم الحرمين الشريفين لتحفيز الأسر المنتجة وتشجيعها على مواصلة نشاطها.

وشدد المنتدى على ضرورة تفعيل الشراكات والتكامل بين مختلف القطاعات ذات العلاقة، من خلال إنشاء كيان وطني لتنمية ورعاية واحتضان الإنتاج الأسري، وشملت التوصيات أيضا إنشاء كرسي علمي للإنتاج الأسري، وحرص الجميع على أن تخرج جميع توصيات المنتدى بشكل واقعي يتماشى مع الواقع بحيث يمكن تطبيقها بشكل فعلي.

أما بالنسبة لإقامة النسخة الثانية من المنتدى، فأنا أرى أنه لا بد من تفعيل توصيات المنتدى الأول حتى يتم إقامة نسخة أخرى، فالمنتديات ليست مجرد خطب مسترسلة من دون تفعيل.

* إذن من المسؤول عن عدم تفعيل توصيات المنتدى الأول؟

- عدم التنسيق الكافي بين الجهات ذات العلاقة قد يكون سببا في إعاقة تنفيذ كامل التوصيات حتى الآن.

* ما زالت حتى الآن نشاطات سيدات الأعمال وحتى صاحبات الأسماء البارزة محدودة، ولا تتعدى المنشآت الصغيرة، ما السبب؟

- أختلف مع هذا الكلام.. فهناك خطوات لافتة تحققت للمرأة في وقتنا الحالي نتيجة توفر الدعم الكامل.. والسنوات الـ10 الأخيرة شهدت نهضة حقيقية بالنسبة للمرأة، ليس على الصعيد الاقتصادي فقط، بل أيضا على كل الأصعدة.

صحيح أن أغلب القيادات في المؤسسات الكبرى ما زالت «ذكورية».. لكن بالنظر إلى الماضي نجد أننا قطعنا شوطا لا بأس به.. وننتظر الكثير في الفترة المقبلة، ويجب أن لا ننسى أن عامل الخوف يعتبر أحد الأسباب الرئيسية في عدم إقدام المرأة على إنشاء مشاريع عملاقة.. فالأرصدة النسائية المجمدة في البنوك التي تتجاوز 70 مليار ريال تكفي لبناء 20 مدينة صناعية متكاملة والدخول في استثمارات متنوعة وإطلاق شركات كبيرة.. لكن البعض ما زال يؤمن بأن «رأس المال جبان»، كما يقول المثل القديم.

* وماذا عن التوظيف.. كيف ترين مستقبل السعودة وتوطين الوظائف في الفترة المقبلة؟

- أعتقد أن القضاء على البطالة يعد الهاجس الأكبر الذي يشغل المجتمع السعودي بكل أطيافه (نساء ورجال) في الوقت الحالي، ومع الميزانية الضخمة التي تم الإعلان عنها مؤخرا، والتي وصلت إلى 690 مليار ريال، نتوقع أن يجري فتح باب التوظيف في جميع القطاعات بشكل مقنن ومدروس، فنحن نحتاج إلى مليون وظيفة خلال السنوات الـ5 المقبلة لاستيعاب الخريجين وتوفير سبل الحياة الكريمة للجميع، ومن المهم العمل على تحسين مستوى دخل الفرد السعودي وزيادة المداخيل وتوفير السكن بأسعار معقولة.. وأن تدخل الدولة لإنجاز 500 ألف وحدة سكنية كان من الحلول النموذجية.

* «التقليد» يعد أكبر المشكلات التي تواجه الصناع في هذا القطاع.. كيف يتم مواجهة ذلك؟

- «الغش التجاري» يعتبر أكبر آفة تواجه الصناعة بشكل عام.. وأتصور أن أغلب العاملين في هذا المجال يشتكون من ظاهرة «التقليد».. وعلى الصعيد الشخصي تعبنا من كثرة الكلام عن ضرورة ملاحقة المخالفين، والحل يتمثل في تفعيل الأجهزة الرقابية في وزارة التجارة، وملاحقة هؤلاء المقلدين لأن ذلك يتسبب في خسائر كثيرة وفادحة للمستثمرين.

* وكيف للمستهلك التفريق بين المقلد والأصل منها؟

- لا بد للمستهلك أن يتأكد من الاسم التجاري ومكان الصنع والشركة المصنعة حتى يتأكد أن المنتج غير مقلد.

* نعرف أنك دخلت أيضا مجال المقاولات.. هل تعتبرين ذلك مناسبا لقدرات المرأة؟

- فعلا أنشأت شركة «راج» الدولية للمقاولات، ونملك - ولله الحمد - اسما جيدا في السوق، وهذه المنشآت تتطلب فن إدارة وتخطيط استراتيجي، وهي أمور تدخل ضمن القدرات التي تتميز بها المرأة، ولا أتصور أن هناك أي صعوبة في إدارة شركة من هذا النوع، فقد أصبحت المرأة قادرة على دخول جميع المجالات بنجاح وجدارة، ومن المهم استثمار كل الفرص المتاحة، في ظل إقدام المملكة على مشاريع إنشاءات وعمران عملاقة تتطلب تتضافر كل الجهود، وتوفير كل الإمكانات لتنفيذها.

* هل وجدت صعوبة في الحصول على مشاريع في سوق يسيطر عليها الرجال؟

- ما دمت تملك شركة قوية تتمتع بسمعة جيدة وتملك شركاء محليين ودوليين وعلى قدر من الكفاءة العالية، فبالتالي أنت قادر على تقديم عطاءات مميزة والحصول على المشاريع، والمنافسة مفتوحة للجميع سواء كان القائم على الشركة رجل أو امرأة، والفيصل في النهاية للعمل الجيد الذي يفرض نفسه.

* هل تعتقدين أن المرأة سيكون لها دور فعال وبارز في مجلس الشورى قريبا؟

- ولمَ لا.. فقد سعدنا جميعا بقرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتمثيل المرأة في مجلس الشورى والمجالس البلدية، وإن شاء الله تشهد الفترة المقبلة إعدادا جيدا للمرأة لتكون قادرة على تقديم قيمة مضافة وحقيقية للمجلس، ومؤثرة في صياغة القوانين واللوائح التي تخص الكثير من القطاعات والمجالات.

* ما الذي ينقص المرأة السعودية حتى تصبح وزيرة؟

- الدعم موجود على أعلى مستوى، لكن هناك 3 خطوات مهمة - من وجهة نظري - تنقص المرأة السعودية لشغل هذه الوظائف، أولاها: امتلاك الخبرة والمعرفة والأدوات في مجال العمل العام، والثانية: الحصول على مساندة ودعم المجتمع بكل شرائحه وتصنيفاته، والخطوة الثالثة إتاحة الفرصة لها لتثبت وجودها.

وهنا أتوجه بالشكر إلى كل إنسان يدعم المرأة؛ سواء القائد (المسؤول)، أو الأب، أو الزوج، أو أي فرد من أفراد المجتمع، وأعتب على كل من يقف عقبة في وجه التنمية من خلال تعطيل مشاركة المرأة.