60 يوما تفصل بين خسائر المستثمرين في المطاعم والمقاهي ومكاسبهم التي تتجاوز 90 ألف ريال شهريا

المستثمرون متذمرون من إلغاء رسوم الخدمة.. و«حماية المستهلك» لا ترى مانعا من فرضها بـ«ضوابط»

منافسة المطاعم على رفع أسعار رسوم الخدمة تعد غير نظامية («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي أمهلت فيه وزارة التجارة المطاعم 60 يوما لتنفيذ قرار إلغاء رسوم الخدمة، ما زال القرار محل تذمر من قبل المستثمرين، الذين وصفوه بـ«التعسفي» وغير المجدي نظرا لصدوره من دون عقد اجتماعات معهم، ومعرفة آرائهم، وتفاصيل مصروفاتهم - على حد قولهم. وأشار مجموعة من المستثمرين إلى أن قرار إلغاء رسوم الخدمة من المطاعم من شأنه أن يؤثر بشكل سلبي على قطاع الاستثمارات في هذا مجال بنسبة قدروها بنحو 30 في المائة. واعتبروا عدم تصنيف المطاعم من قبل وزارة التجارة أهم أسباب اختلاف نسبة رسوم الخدمة بين المطاعم، والتي وصلت في بعضها إلى 40 في المائة، بينما حذرت حماية المستهلك المستثمرين من اللجوء إلى تعويض هذه الأرباح برفع أسعار قائمة الطلبات في المطاعم، لا سيما أنها دعت المستهلكين إلى متابعة الأسعار قبل وبعد القرار، والإبلاغ عن أي تلاعب عبر الخطوط الساخنة التابعة لوزارة التجارة والصناعة، والأمانة، وحماية المستهلك. نايف الراجحي، أحد المستثمرين ونائب رئيس لجنة الضيافة في الغرفة التجارية بجدة، انتقد خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» وزارة التجارة والصناعة، لإصدارها هذا القرار من دون عقد اجتماع لمشاورة المستثمرين في هذا القطاع، أو أعضاء لجنة الضيافة في الغرف التجارية والصناعية بالسعودية، ومناقشتهم لمعرفة آليات إنفاق تلك الرسوم، ومدى الاعتماد عليها في الاستثمار تفاديا للإضرار بمنشآتهم.

ولفت إلى أن وزارة التجارة والصناعة تعلم - بحسب قوله - التضخم الذي يسود أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، والذي لم تستطع حتى الآن الحد منه، مشيرا إلى أن الضغوط تزداد على المستثمر مما يعرض الاستثمار للفشل على خلفية ارتفاع التكلفة. في حين يرى درويش الخضراء، نائب رئيس لجنة الضيافة التابعة للغرفة التجارية بجدة، أن إلغاء رسوم الخدمة للمطاعم سيؤثر على 30 في المائة من الاستثمارات في القطاع، معتبرا أن القرار اتخذ بطريقة ارتجالية كونه يضر المستثمر والمواطن - على حد وصفه. وبالعودة إلى نايف الراجحي، فقد أكد على أن هذه الرسوم تعتبر ربحا للكثير من المستثمرين في قطاع المطاعم والمقاهي، إلى جانب أن تكاليف تلفيات المطعم وصيانته وتجديده عادة ما يتم تعويضها من خلال رسوم الخدمة. واستنكر إصدار قرار إلغاء رسوم الخدمة من دون تصنيف المطاعم والمقاهي من قبل وزارة التجارة، مشيرا إلى أن المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة تختلف خدمتها وعدد عمالها عن المطاعم الأخرى التي تخدم مائدة الزبون وتقدم له كل طلباته. واتفق مدير أحد المقاهي في فندق «بارك حياة» في جدة مع ما قاله نايف الراجحي، حول الخسائر التي قد يتكبدها المستثمر نتيجة هذا القرار، من تحمل تكاليف التلفيات والصيانة والأمور المتعلقة بالمنشأة، غير أنه يرى وجود فئة أخرى متضررة في بعض المنشآت وهي فئة العاملين، الذين يتم توزيع ما يتبقى من تحصيل رسوم الخدمة بعد خصم مبلغ التلفيات عليهم، مما يؤدي إلى تعرضهم للخسارة المالية جراء تنفيذ ذلك القرار، والتي تتراوح قيمتها ما بين 400 و600 ريال شهريا. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تقدر رسوم الخدمة في المقهى الذي أعمل لديه بنحو 15 في المائة، ويتم تحصيلها شهريا وصرف جزء منها كتعويض عن التلفيات خلال كل شهر، إلا أن الجزء المتبقي يتم توزيعه بالتساوي على العاملين في المحل، والذي سيتم فقده في حال وصول التعميم وتطبيقه».

وقدر مبلغ رسوم الخدمة الذي يتم تحصيله في اليوم إلى ما يقارب 1000 ريال، أي ما يعادل 30 ألف ريال شهريا، واصفا هذا المبلغ بـ«المتواضع جدا» مقارنة بمطاعم ومقاه أخرى تحدد نسبة الخدمة بما يقارب 17 في المائة، بينما يصل المبلغ الذي يتم تحصيله في نهاية الشهر إلى 90 ألف ريال. ونفى الاتهامات التي يطلقها البعض حول توقعاتهم بتلاعب المطاعم والمقاهي في حال إلغاء رسوم الخدمة، ولجوئهم إلى زيادة أسعار الطلبات لتعويض الخسائر التي ستطالهم، مؤكدا حرص الكثير من المستثمرين على إرضاء العميل حتى وإن قلت نسبة الربح في استثمارهم.

من جهته، شدد ناصر التويم، رئيس جمعية حماية المستهلك، على ضرورة حصول العميل على نسخة من قائمة الطلبات ومراقبة الأسعار بعد تطبيق القرار، مطالبا بالاتصال بالخط الساخن لوزارة التجارة والصناعة أو أمانة المنطقة أو جمعية حماية المستهلك في حال اكتشاف أي تلاعب لاتخاذ الإجراءات اللازمة. وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن المنافسة في رفع رسوم الخدمة بين المطاعم والتي وصلت في بعضها لنحو 40 في المائة تعد غير نظامية ولا تخضع لأي أنظمة أو ضوابط، الأمر الذي دفع بوزارة التجارة والصناعة إلى وضع حد لهذا التضخم».

ولم يمانع رئيس جمعية حماية المستهلك في استصدار قانون لفرض رسوم الخدمة في المطاعم بالتفاهم مع وزارة التجارة والصناعة وفق نظام وضوابط، بعد تصنيفها من ناحية الجودة، من نجمة واحدة إلى خمس نجوم، والذي يحدد جودة الطعام المقدم، والخدمة المميزة، مؤكدا في الوقت نفسه على أن هذا التصنيف سيحدد نسبة تلك الرسوم وفق ضوابط ومعايير محددة، تحمي المستهلك من الغش، وتحد من التضخم الذي ساد في كل القطاعات.