السعودية تعرض «الغذاء الحلال» أمام العالم.. وتطرح تجارب في مراقبته «تقنيا واقتصاديا وشرعيا»

برعاية الملك عبد الله: هيئة الغذاء والدواء تستضيف اليوم أول مؤتمر للرقابة

مرحلة أخرى للمراقبة على الغذاء سوف تقر من قبل مجلس إدارة هيئة الغذاء والدواء.. وتعنى بمراقبة المصانع والمستودعات الكبيرة في البلاد.. وفي الإطار الدكتور محمد الكنهل خلال حديثه في المؤتمر الصحافي («الشرق الأوسط»)
TT

كشف مسؤول رفيع في قطاع مراقبة الغذاء والدواء في السعودية عن عدم تلقي بلاده أي دعاوى قانونية أو ملاحقات جرَّاء الإعلان عن منتجات مستوردة تم سحبها من الأسواق المحلية، بحجة عدم سلامتها.

وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء نجاح الهيئة في تحقيق أعلى حد عالمي بخصوص مواصفات الغذاء والدواء، مرجعا ذلك إلى اعتماد الهيئة على تقنية عالمية وصلبة من خلال مختبراتها، وهو ما دفع كثيرا من الدول المتقدمة إلى الأخذ برأي الهيئة السعودية بخصوص أصناف من المنتجات ومدى مطابقتها للمواصفات في تحقيق السلامة وإحاطتها بالتجاوزات.

أكد الرجل الأول في الهيئة العامة للغذاء والدواء أن إقامة المؤتمر العالمي الأول يأتي تأكيدا لدور السعودية الريادي، وانطلاقا من مسؤوليتها ومكانتها الإسلامية وتجسيدها عبر رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اليوم في العاصمة السعودية الرياض للمؤتمر العالمي الأول للرقابة على الغذاء الحلال الذي يستمر حتى 15 فبراير (شباط) الحالي.

واعتبر الدكتور محمد الكنهل، الرئيس التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء في السعودية، أن عدم تسجيل شكاوى وملاحقات قانونية يؤكد دقة وسلامة الإجراءات السعودية بخصوص سلامة المنتجات من عدمها، وعلق الكنهل على سحب لحوم فاسدة من أحد المطاعم الشهيرة بالعاصمة الرياض بالقول إن سحب المنتجات الفاسدة في الأسواق يحدث في جميع دول العالم، منوها بأن مهمة الجهات الرقابية في العالم هي تضافر الجهود وتبادل المعلومات، ولدى المملكة مركز «إنذار مبكر» مرتبط بأوروبا والعالم، فأي حدث يوجد في تلك البلدان يُعرف في السعودية في وقته المحدد، ومن مصدر موثوق يمثل «قوة للبلاد»، وليس ضعفا كما يصوره البعض، وأصبح ذلك المركز على نحو خليجي.

وبين الكنهل أن لدى الهيئة 3 مستويات من الرقابة، تشمل «رقابة استباقية على ما يدور في العالم، وفسح الغذاء عبر دخوله من المنافذ، والمستوى الثالث الرقابة ما بعد التسويق»، وأشار إلى أن بعض البلدان، التي تستورد من بعض الدول بشكل محدود، لا تعمد إلى معيار واحد، وهو الرقابة في الأسواق بعد دخول الأغذية إلى البلاد.

وأشار إلى أن من أهم التحديات التي تواجه السعودية الاستيراد مما يقارب 150 دولة، في جميع بلدان العالم التي لديها رقابة على أغذيتها، والتي لا تحمل أي معايير رقابية على منتجاتها، بينما أبان أن السعودية حذرت من دواء لمرض السكري، وهي أول هيئة حذرت منه، وتمت الاستفادة من هذه المعلومة من قبل عدد من الدول مثل أميركا بعد 6 شهور.

وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء إن لدى الهيئة أكثر من 600 مراقب ومفتش في المنافذ الموجودة في البلاد، ولدينا الفرق الرقابية داخل البلاد بأكثر من هؤلاء المراقبين، وإن تلك الأعداد المعنية بمراقبة الغذاء المستورد تعتبر كافية وجيدة.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» عن وجود مرحلة أخرى للمراقبة على الغذاء سوف تقر من قبل مجلس إدارة هيئة الغذاء والدواء، وتعنى بمراقبة المصانع والمستودعات الكبيرة في البلاد، بينما أوضح أن انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية له متطلبات جيدة، إضافة إلى وجود مشقة في الالتزام بشروط وضعتها المنظمة، وهي بشكل عام تعتبر جيدة، إلا أن الدكتور إبراهيم المهيزع، نائب الرئيس لشؤون الغذاء، قال إن اتفاقية التدابير الصحية المنبثقة من منظمة التجارة العالمية تعتبر السعودية ضلعا نشطا بها، وتعمل على تنظيم حركة تجارة الأغذية بشكل جيد، والمملكة ملتزمة بتنفيذ بنود ما جاء بها، وجاءت تلك الاتفاقية على المساواة بين المنتج المحلي والمستورد.

من جانبه، تحدث الدكتور إبراهيم المهيزع، نائب الرئيس لشؤون الغذاء في الهيئة العامة للغذاء والدواء، عن قضية إغلاق مطعم شهير في العاصمة الرياض قبل أسابيع معدودة بالقول إنه كمتخصص في الأغذية يقول إنه من الناحية القانونية تعتبر قضية اللحوم الفاسدة منتهية الصلاحية مخالفة واضحة وصريحة. وأشار إلى أن فترة الصلاحية تصاحبها عوامل أخرى تؤثر على سلامة المنتج، وتعتمد أيضا على سلامة التخزين.

وبالانتقال إلى الدكتور الكنهل، أكد أنه من التحديات التي تواجه سلامة الغذاء في السعودية أن القائمين على الغذاء أسوأ أناس، ولا يمتلكون مهنة محددة، وتلك التحديات تضع عبئا على الجهات الرقابية، وأن السعودية لديها أضعاف الأعباء التي توجد في بعض الأسواق مثل أوروبا؛ لأنها تستورد من دول محدودة، وأن المندرجين في سلك الغذاء في أوروبا، على سبيل المثال، ذوو خبرات تعليمية ممتازة.

وبيَّن، خلال رده على تساؤلات «الشرق الأوسط»، أن هناك مختبرات على مستوى عالٍ في منافذ البلاد، وأن المملكة ابتعثت أكثر من 400 طالب، واستحدثت كوادر بشرية، إضافة إلى وجود مختبرات حديثة سوف تحصل على اعتماد حكومي في وقت قريب.

وعرج الكنهل إلى أن الخطورة في بعض المنتجات تكمن في هجرة مادة التغليف المصاحبة للمنتج، ولدى المملكة المختبر الوحيد الموجود في منطقة الشرق الأوسط لدراسة تلك المنتجات، وفي هذا الخصوص، كشف أيضا عن إجراء تعميم على الغرف التجارية ألا يتم دخول أي منتج إلى المملكة دون وجود علامة المناسبة الغذائية.

وعلى صعيد المؤتمر العالمي الأول، أكد نائب الرئيس لشؤون الغذاء أن ما يربو على 70% من الأغذية في السعودية تأتي من الخارج، وأكثر من 150 دولة حول العالم، وأن كثيرا من تلك الدول قد تتبنى أنظمة وقوانين ومعايير لا تتفق مع المعايير الدولية، خاصة في إعداد الغذاء، وما تقرره الشريعة الإسلامية.

وشدد المهيزع على أن من أهم ما يوصى به عند المنافذ عندما يتم استقبال إرساليات الغذاء التأكد من سلامة الغذاء عبر التأكد من الوثائق المصاحبة لإرساليات، أو إذا استدعت الضرورة نقلها إلى المختبرات الخاصة بالهيئة، ويتم من خلالها الفحص المعملي لها.

وأوضح المهيزع أهمية قيام هذا التجمع العالمي للرقابة على الغذاء الحلال من الناحية الاقتصادية؛ إذ يمثل حجم التجارة التي تقدر قيمتها السنوية بـ90 مليار ريال. وأبان أن هذا المؤتمر يجتمع من خلاله المختصون من علوم التقنية والتغذية، وأطباء الطب البيطري، وعلماء الشريعة، إضافة إلى مشاركة الجهات الرقابية، وتلك الأخيرة يقع عليها عبء كبير؛ إذ تكثر الشائعات والشبهات حول عملها، لبحث تلك القضايا وآخر المستجدات حولها، ومنها التقنية الحيوية، التي أتت نتيجة الهندسة الوراثية. وأضاف: «من ضمن التقنيات التي استحدثت في الآونة الأخيرة تقنية (النانو)؛ إذ توجد منتجات تبدأ بأشياء محرمة، وتنتهي بمنتجات من الممكن أن تصبح في حكم المشتبهات».

وبيَّن المهيزع أن من أهداف المؤتمر التعريف بمفهوم الغذاء الحلال ومتطلباته من منظور شرعي، والتعرف على الجوانب الفنية والاقتصادية للغذاء الحلال في ظل زيادة الطلب على هذا الغذاء في جميع أنحاء العالم.

وأضاف نائب الرئيس أنه ورد إلى اللجنة العلمية أكثر من 90 بحثا وورقة علمية من أكثر من 20 دولة، وقد قامت اللجنة العلمية بتقييم وتصنيف الأوراق المقبولة وتوزيعها على 8 جلسات رئيسية، بالإضافة إلى حلقتي نقاش تغطيان الكثير من الجوانب الشرعية والفنية والاقتصادية، ومنها «حلية المواد المضافة للغذاء، وطرق تحليل الغذاء الحلال، ومراقبة الغذاء الحلال، ومواصفات الغذاء الحلال، وشهادات الحلال، وتجارب الدول في مراقبة الغذاء الحلال».

ويأتي في حلقات النقاش موضوعان مهمان هما «طرق التدويخ والذبح، والاستحالة في الأغذية المنتجة بالتقنية الحيوية وتقنية (النانو) والتغيرات الكيمائية».