مختصون في الفلك والشريعة: 6 آلاف قمر صناعي وضبابية التحري تعوق رؤية الأهلة في البلدان الإسلامية

قالوا إن شهادة الشهود تحتمل الظن وأحيانا الكذب

الواجب يدعو إلى التدقيق والتمحيص العلمي في شهادات كل من يتقدم للشهادة برؤية الهلال (تصوير أحمد حشاد)
TT

حدد متخصصون في علوم الشريعة والفلك ستة أسباب يكمن حولها الخطأ في تحديد الأشهر الهلالية في العالم أجمع، مؤكدين أن تباعد البلاد الإسلامية على سطح الكرة الأرضية بعضها عن بعض قد يؤدي إلى سهولة رؤية الهلال في بلد ما وصعوبة رؤيته في بلد ثان ثم استحالة رؤيته في بلد ثالث.

وذكر الدكتور حميد النعيمي، رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، أن أسباب الخطأ التي تقع فيها بعض البلدان الإسلامية هي عدم صفاء الجو، وأن الآفاق والأجواء المحيطة بالكرة الأرضية ملوثة بالكثير من الأبخرة، والغازات والسحب الدخانية على اختلاف أنواعها ودرجاتها من دخان وضباب عال وبخار ماء، وغشاوة ضبابية، ونفثات غازية متقطعة، وغبار، وثاني وثالث أكسيد الكبريت الناتج عن محطات توليد الطاقة الكهربائية ومحطات تكرير النفط، والهيدروجين الكبريتي الناتج عن تفاعل ثاني أكسيد الكبريت في الفضاء مع بخار الماء في تأثير الأشعة فوق البنفسجية، وأول وثاني أكسيد النيتروجين والحرائق.

جاء ذلك خلال مؤتمر «إثبات الشهور القمرية بين علماء الشريعة والحساب الفلكي» الذي ينظمه المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي برئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، في العاصمة المقدسة بحضور الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام للرابطة، والشيخ صالح بن زابن المرزوقي البقمي الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي.

وأشار النعيمي إلى أن وجود آلاف الأقمار الصناعية المصنوعة من مادة معدنية مصقولة ولامعة وعاكسة للنور (نحو 6 آلاف قمر صناعي) تدور بشكل مستمر وبسرعة متباينة تصل أحيانا إلى سرعة دوران الأرض حول نفسها، ويلاحظ الناظر إلى الأفق الغربي بعد المغيب في معظم الأحيان أن الجزء المواجه للشمس من القمر الصناعي يعكس النور فيبدو كأنه هلال قمر طبيعي.

وأفاد كذلك بأن كثرة الطائرات في الجو تجعل أشعة الشمس بعد غروبها تبقى مدة من الزمن في مقابلة هذه الطائرات، ويحدث ذلك لمعانا يراه الذي يقف على الأرض، ويظنه بعض الناس الهلال الجديد.

ويتحدث رئيس الاتحاد العربي للفضاء والفلك عن عدم الخبرة في مراقبة الهلال عند الناس إلا ما ندر، قائلا: «يظن بعض الناس أن الأمر سهل ولا يحتاج إلى خبرة، وتنتشر بين هؤلاء الناس كثير من الأخطاء الشائعة التي يظنون أنها لا يرقى إليها شك، فلقد وصل الأمر ببعض من شهد برؤية الهلال أن يقول عندما سئل عن الموعد الذي رأى فيه الهلال إنه رآه بعد الفجر، وأجاب آخر بأنه رآه قبل غروب الشمس، ويظن البعض أنه يعرف عمر الهلال بدقة بمجرد النظر إليه في أي يوم من أيام الشهر، دون معرفة موعد ولادته، وهذا لا يمكن لاحتمال وقوع الهلال في أعلى المنزلة أو أدناها، وإنما يعرف من موعد الاقتران، وهذا كمن يحاول معرفة عمر الطفل الصغير الذي عمره أيام من مجرد النظر إليه دون معرفة تاريخ ولادته، ولقد ثبت أن الخطأ في هذه الشهادات غير قليل».

وزاد في حديثه: «استعمال التلسكوب يقرب الأجرام الموجودة في السماء فتبدو أكبر، وربما رأى بعضهم هلال بعض الكواكب فيظنه هلال القمر، ومما يدل على عدم الدقة أن يشهد الشاهد بشيء مستحيل فإن الواجب يدعو إلى التدقيق والتمحيص العلمي في شهادات كل من يتقدم للشهادة برؤية الهلال. إن ادعاء الرؤية الحاصل من بعض الناس والهلال لم يولد بعد إنما هو اشتباه وخطأ كبير. إن تحريات بعض العلماء مع المراصد الفلكية العالمية صحيحة وصادقة، وإن جميع المؤسسات العلمية الفلكية أكدت استحالة رؤية الهلال قبل ولادته».

وقال النعيمي: «لا شك في وقوع خطأ واشتباه في الشهادات التي أعلنت لأن من لوازم الرؤية أن يتأخر غروب القمر عن غروب الشمس، فلا رؤية لقمر قد غرب قبل الشمس أو معها، كما أن القمر حينئذ يكون نصفه المواجه للأرض معتما محاقا، لا نور ينعكس عنه، والقمر لا يسمى هلالا قبل ظهور قوس النور فيه، فلا هلال إلا بنور ولا نور إلا بعد اقتران ولا هلال قبل اقتران، فمنزلة الاقتران سابقة على منزلة الاستهلال، ولذلك لا يرصد الهلال عند الغروب إذا لم يكن الاقتران قد حدث، ولا عبرة بالاقتران الذي يحدث بعد الغروب لاستحالة وجود الهلال في الأفق الغربي، فالاستمرار على هذا الخطأ لا يجيزه النص ولا القياس ولن نعذر عند الله وعند خلقه بالسكوت عنه، فلأن نخطئ في التوثق والاحتياط أولى من أن نخطئ في التساهل والاستعجال».

وحول طرق تحديد بداية أشهر رمضان وشوال وذي الحجة لدى بعض الدول، قال النعيمي: «إن السعودية تعمل على التأكد من ولادة القمر وغروبه بعد غروب الشمس، وفي السنوات الأخيرة بدأت الاستئناس بالرأي الفلكي والاعتماد على الرؤية الفعلية. أما في الأردن والإمارات فيتم التأكد من ولادة القمر وغروبه بعد غروب الشمس، ويستعان بالحسابات الفلكية ويعتمد على الرؤية الفعلية».

وزاد بالقول: «قطر والكويت والبحرين واليمن وسوريا يتبعون السعودية (على الرغم من أن لهم قاضي قضاة أو هيئة ثبوت الرؤية)، أما مصر فتلجأ إلى التأكد من ولادة القمر وغروبه بعد مدة لا تقل عن 5 دقائق، وتستعين بالحسابات الفلكية، في حين تقوم الجزائر وتونس باعتماد معيار العمر وارتفاع القمر عن الأفق وبعده الزاوي، أما ليبيا فتعتمد لحظة ولادة القمر ومن ثم يبدأ الشهر من فجر اليوم الذي يلي الولادة».

وعن الهند وباكستان وبنغلادش والمغرب قال إنها دول تعتمد الرؤية بالعين المجردة (القرار لقاضي القضاة أو لهيئة ثبوت الرؤية الشرعية)، ونيوزلندا وأوروبا تعتمدان على دول مجاورة، وماليزيا وبروناي وإندونيسيا يعتمدون العمر > من 8 ساعات، وارتفاع القمر عن الأفق > من درجتين والبعد الزاوي > من 3 درجات، وتركيا تعتمد على قرار اتخذته لجنة فقهية في أحد المؤتمرات الإسلامية الذي عقد في مدينة إسطنبول عام 1978م بشأن تحديد ظروف رؤية الهلال.

وقال النعيمي: «إن ما يحصل أحيانا هو أن تعلن بعض الدول ثبوت الرؤية دون تدقيق وتمحيص لشهادات الشهود وعلى الرغم من أن القمر لم يكن موجودا بسبب عدم ولادته بعد أو لغروبه قبل الشمس، وذلك لأسباب كثيرة، منها عدم الاكتراث للحسابات العلمية الفلكية وعدم الأخذ بها للاعتقاد بأن هذه الحسابات ظنية وليست قطعية».

وأضاف: «قد يتم رؤية كوكب من كواكب المجموعة الشمسية من قبل أشخاص ليسوا فلكيين كالزهرة أو المريخ أو غيرها بدلا من الهلال الوليد كما حصل في حالات كثيرة، فتصوم تلك الدول أو تفطر لرؤية الزهرة مثلا، وأسباب تتعلق بعدم مصداقية الشهود سعيا وراء الحصول على الهبات والمكافآت المادية المختلفة».

وأفاد النعيمي بأن دولا أخرى تتأخر في الإعلان بيوم أو يومين على الرغم من أن الهلال موجود في سمائها وإمكانية الرؤية له متيسرة، مشيرا: «من هنا نجد ولسوء الحظ أن الاختلافات في تحديد بداية الشهر القمري قد تصل إلى يومين أو ثلاثة أيام.

وزاد بالقول: «من خلال خبرتنا البسيطة في هذا الميدان ننصح الناس جميعا وبالأخص زملاءنا الفلكيين أن لا يغضبوا أو يتطيروا كثيرا عند حصول مثل هذه الاختلافات في تحديد بداية الشهر القمري، فمن هذه الاختلافات وبخاصة الاختلاف بيوم واحد قد يكون طبيعيا جدا بسبب اختلاف المطالع كما أسلفنا. أما الاختلافات الأخرى فمنه ما نرده إلى عدم مصداقية الشهود، وهذا أمر يتعلق بالشهود أنفسهم، إذ هم من يتحمل الوزر في مثل هذه الحالات. أو أن يكون الاختلاف لأسباب أخرى لا نعرف أهدافها، وهذا الأمر متروك للدول التي تعتمده، فهي المعنية بهذا الأمر وعليها تقع المسؤولية والتبعات». وعما يحدث أثناء المراقبة أفاد بقيام الغالبية العظمى من الفلكيين والناس الآخرين المهتمين برؤية الهلال بالبحث والتحري عن هلال أول الشهر في الأفق الغربي بعد غروب الشمس مباشرة، ومن بين هؤلاء الناس من له خبرة ودراية واسعة بمعرفة المكان الذي يحتمل وجود الهلال فيه، ومنهم من لديه حسابات علمية فلكية دقيقة عن مواصفات الهلال في يوم المراقبة، كارتفاعه عن الأفق وبعده الزاوي عن الشمس وعمره الزمني عند غروب الشمس ومدة مكثه فوق الأفق ومقدار نورانيته وشكله في السماء وزمن غروبه.

وأفاد كذلك بأن هؤلاء الذين لديهم مثل هذه المعلومات العلمية الدقيقة هم بالطبع الفلكيون الذين بالإضافة إلى معلوماتهم غالبا ما يكونون مزودين بالتلسكوبات المحوسبة أو التلسكوبات البصرية المناسبة المخصصة لهذه الأغراض، وذلك يجعلهم أكثر المهتمين برؤية الهلال معرفة وخبرة في الأرصاد وإمكانية الرؤية من عدمها. أما بقية الناس الآخرين فهم وفي كثير من الأحيان يعتمدون على قوة أبصارهم وتجربتهم البسيطة في الأرصاد.

بعد مرور مدة من الزمن بعد غروب الشمس وبحدود ساعة أو ساعتين ينتهي عمل المراقبين والراصدين والباحثين عن الهلال، فيلجأون إلى الجهات الدينية والقضائية أو إلى الهيئات المتخصصة في إثبات رؤية الهلال والموجودة في كل الدولة العربية والإسلامية. عندها تعلن هذه الهيئات استنادا إلى شهادات الشهود العدول إثبات رؤية الهلال من عدمها، فإذا تأكد لديها ثبوت رؤية الهلال مساء يوم المراقبة كان اليوم التالي هو أول أيام الشهر القمري الجديد، أما إذا ثبت لديها العكس كان اليوم التالي مكملا لعدة الشهر السابق ثلاثين يوما، واليوم الذي يليه هو أول أيام الشهر القمري الجديد.

من جانبه قال الدكتور عبد الخالق الشدادي، أستاذ علم الفلك بالمدرسة المحمدية في جامعة محمد الخامس، أن كون المسلمين أمة واحدة لا يقتضي ضرورة أن يتوحدوا في بدايات الشهور وتواريخ الأعياد. ومن جهة أخرى، ومع التسليم بأن مسألة التقويم أساسية وأنها ضرورة حضارية، فلا مندوحة للبلدان الإسلامية من العمل بتقويمين، أحدهما قمري والثاني شمسي.

وقال إن الأول تفرضه الثوابت الدينية، والثاني تفرضه طبيعة الحياة على ظهر هذا الكوكب الذي يدور حول الشمس. وقد حلت أمم مختلفة إشكاليات مشابهة باصطناع تقاويم قمرية - شمسية للأغراض الدينية، لكن ليس في وسع الأمة الإسلامية فعل ذلك لأن عملية مثل هذه - وهي النسيء - كانت تقوم بها العرب في الجاهلية فجاء الإسلام بإبطالها وتحريمها بصريح لفظ القرآن.

وزاد الشدادي بالقول: «لا شك أن كثيرا من مسائل رؤية الأهلة يحتاج إلى تجديد النظر على ضوء المعارف العلمية الفلكية الحديثة، التي أصبحت اليوم رهن إشارة علماء الشريعة، ومن هذه المسائل ما يتعلق بمبحث المطالع، ومفهوم اتفاقها واختلافها، وما يترتب على ذلك. وقد بسطت هذه الورقة القول في هذه المواضيع من جوانبها الفلكية. ثم ناقشت مبدأ نقل الرؤية مطلقا، أي تعميم الرؤية متى تحققت في مكان ما على جميع البلدان، وهو مذهب قال به كثير من الفقهاء في القديم والحديث».

وأشار الباحث الإسلامي: «قد تبين من البحث أنه يتعذر تطبيق هذا المبدأ بسبب فوارق التوقيت الكبيرة بين البلاد الشرقية والغربية. وقدمت الورقة في النهاية مقترحات أخرى تروم تنظيم مسألة نقل الرؤية بما يتوافق والإكراهات العملية المتعلقة بفوارق التوقيت. ويتبين أيضا أن بعض هذه المقترحات لا يفي بشرط التوافق مع المعارف الفلكية المتعقبة بالمطالع، وهو يلتقي مع بعض ما قال به الفقهاء في القديم، مثل فكرة نقل الرؤية داخل الأقاليم. ويمكن أن يخضع تحديد هذه الأقاليم لاعتبارات مختلفة».

ويضيف الشدادي: «ومع كل هذا يظل من الضروري قبل مناقشة هذه المقترحات تحديد المراد من طرح إشكالية المطالع، فهل هو هاجس توحيد بدايات الشهور عبر العالم الإسلامي؟ أم هو الرغبة في مراعاة الحقائق العلمية الفلكية؟ أم غير ذلك؟ ومن جهة أخرى لن يكون نقل الرؤية مجديا ما لم يتم حل إشكالية الرؤية في حد ذاتها من جانب التأكد أنها رؤية صحيحة، وتصور منهجية ناجعة تلتزم النصوص الشرعية وتتسلح في الآن ذاته بآخر ما توصل إليه علم الفلك الحديث في ما يخص الموضوع».

وحول رؤية الهلال بين المشرق والمغرب قال الشدادي: «ومن الحقائق العلمية المهمة والمسلم بها عند أهل الاختصاص أن فرص رؤية الهلال تزداد كلما اتجهنا غربا. فالقمر يبتعد أكثر عن الشمس التي تحجب بتوهج أشعتها رؤيته، وتزداد مساحة الجزء المنير المرئي من سطحه. فإذا فرضنا أنه رئي رؤية صحيحة في منطقة ما، فإن رؤيته في المناطق التي تقع إلى الغرب من المنطقة الأولى يجب أن تكون أشد وضوحا وسهولة، وتصبح النتيجة المنطقية هي أن المناطق الغربية من العالم، حيث يتأخر غروب الشمس، يجب أن تسبق المناطق الشرقية في رؤية الهلال».

وطبقا لهذه الحقيقة - بحسب الشدادي - فإن البلدان الغربية هي التي يجب أن تسبق في ابتداء الشهور، وتتأخر البلدان الشرقية يوما أو قد تبتدئ الشهر مع الغربية في يوم واحد. لكن الذي يحصل في الواقع هو العكس تماما، حيث تسبق هذه البلدان عموما المغرب، ويعلن عن رؤية الهلال في المشرق في حين لا يشاهد في المغرب ساعات بعد ذلك مع ما هو معروف من الاعتناء برؤيته عند أهل المغرب، حتى أصبحت طريقتهم تحظى باحترام الأوساط المهتمة في مجموع العالم الإسلامي سواء من الفلكيين أو من الفقهاء. ويظهر أن هذا الخلاف بين المغرب والمشرق قديم نسبيا، ونظرا لتكرر سبق المشرق إلى إعلان الرؤية فقد أصبح عامة الناس وكثير من الفقهاء في عصرنا يظنون أن هذه هي القاعدة والعكس خطأ.

وأشار الشدادي إلى أن الفلكي الماليزي محمد إلياس أول من تناول موضوع الأهلة في العالم الإسلامي المعاصر من زاوية البحث العلمي الحديث، مستعملا تقنيات حسابية حديثة ونماذج متطورة في علم الفلك. وشق كتابه المنشور في الموضوع سنة 1984م طريقا جديدا لباحثين ومختصين من البلاد الإسلامية، تناولوا الموضوع من وجهات علمية. والمثير أن أعمال إلياس نتج عنها أيضا تصاعد اهتمام علماء الفلك الغربيين أنفسهم بهذا، والمثير أيضا أن خصوبة الموضوع العلمية جعلت حتى غير المسلمين من العلماء الفلكيين يهتمون بهذا الموضوع الذي ظل على مدى قرون طويلة موضوعا إسلاميا خالصا، وينظمون حملات رصد لجمع المعطيات اللازمة لتمحيص النماذج الرياضية والفيزيائية التي تعالج مسألة الرؤية.

وأبان أن من أبرز إنجازات إلياس اكتشافه لما سماه «خط التأريخ القمري العالمي»، وهو اكتشاف خطير أدى إلى تجديد أساليب معالجة مسألة رؤية الأهلة، وطبقا لهذه البحوث المستجدة أصبح بالإمكان تناول الموضوع تناولا شموليا يهم مجموع الكرة الأرضية، وقد نشرت أولى الخرائط الشمولية عام 1978م.

واختتم الشدادي حديث: «بعد أن بيّنا الجوانب الفلكية للموضوع وانعكاسها على المذاهب المختلفة نناقش في هذا المطلب بعض المقترحات التي يمكن أن تسهم في الحد من التباين في بدايات الشهور، وذلك باعتماد قواعد معينة لنقل الرؤية. غير أنه من المفيد أن يناقش الأمر على نطاق أوسع من حيث المنطلق، وأن يحدد المراد من نقل الرؤية، وهل الغرض هو مراعاة الجوانب الفلكية أو غير ذلك».

وقال: «وكل هذه المقترحات تقدم في إطار تحقق الرؤية البصرية مع اعتماد الحساب الفلكي لتعضيدها وتمحيصها، لا للحلول محلها. ولذلك فنقل الرؤية الذي نعنيه في ما يلي هو نقل الرؤية بعد تحققها».

وتجدر الإشارة إلى بروز مقترحات في الآونة الأخيرة تروم وضع «تقاويم مسبقة» لا تتخذ من تحقق الرؤية الفعلية وسيلة لدخول الشهر، لكن تعتمد حساب الرؤية أو حسابا اصطلاحيا يراعي الرؤية في غالب الأحيان. وهي بهذا تطرح إشكاليات جديدة مثل الاتفاق على تعميم الحكم بإمكانية الرؤية حسب هذا الحساب الاصطلاحي، وهو يعني الحكم المسبق بنقل رؤية لم تحدث بعد، بل قد لا تحدث في بعض الأحيان.