خبراء إسكان: عشوائيات مكة مرشحة للزيادة في ظل تنامي أعداد المخالفين

الطائفة البرماوية بذرت أولى العشوائيات في ضاحية الحسينية

توقعات بزيادة العشوائيات في مكة المكرمة نتيجة زيادة أعداد المخالفين (تصوير: أحمد حشاد)
TT

دفع تواصل أعمال الإزالات في العاصمة المقدسة إلى خلخلة أحياء عشوائية بالكامل، أضحى قاطنوها المتخلفون بين عشية وضحاها في مواجهة مفتوحة مع رجال الجوازات السعودية.

«الأرتال» البشرية التي اصطدمت دوما في وجه رجال الجوازات لم تستطع أن تتوارى في كرّها وفرّها خلف المنازل العشوائية في أعالي الجبال وأضيق الأزقة، لتنقل تخلفها ومخالفيها دفعة واحدة خارج حدود الحرم المكي الشريف.

وخلقت تلك المجاميع أحياء عشوائية مماثلة للتي عرف بها شارع منصور الشهير في قلب مكة، والذي لا يبعد عن الحرم المكي سوى خمس دقائق فقط بالأقدام، لتقرأ الجاليات البرماوية، التي غص بها حي النكاسة، المشهد بتمعن أكثر، زارعة بذور عشوائية أكبر في ضاحية الحسينية جنوب العاصمة المقدسة.

ووفقا لدراسات عمرانية وإنشائية حديثة، توقعت نزوح المخالفين والمخالفات نحو مناطق عشوائية قدرت بأكثر من اثنتي عشرة عشوائية، بدأ البرماويون والأفارقة على وجه الخصوص في تملك أحواش مخالفة والنزوح إليها وسط تكاثر لأعدادهم التي أضحت في تزايد، وباتت تثير تساؤلات اقتصادية حول مدى تأثيرهم على فرص العمل لدى السعوديين.

مكة المكرمة وجدة والطائف والمدينة المنورة وينبع والقنفذة، باعتبار أن غالبية مخالفي أنظمة الإقامة والعمل يفدون إلى المملكة العربية السعودية لغرض الحج والعمرة، ومن ثم يتخلفون وينتشرون في المدن والقرى ويقيمون ويعملون بطريقة غير مشروعة.

وبحسب الدكتور محمود كسناوي، باحث ومتخصص في جامعة أم القرى، في حديثه لـ«الشرق الأوسط، فإن هذه الأعداد الكبيرة أدت إلى ظهور مشكلة مخالفة أنظمة الإقامة والعمل، وذلك من حيث إن أعدادا كبيرة من الذين يأتون إلى العمرة أو الحج لا يعودون في الوقت المحدد، فالقادمون للعمرة يمكثون لأداء الحج وربما للعمل لعدة سنوات، وبعض الذين يفدون للحج يستمرون لسنوات أخرى، وكذلك بعض الذين يأتون للعمل يستمرون بعد انتهاء مدة الإقامة، ومنهم ممن يهرب من الكفيل إلى مساكن أو مدن أخرى، وبعض العمالة المنزلية كالخادمات والسائقين يهربون من كفلائهم ويجدون ملاذا للتستر والاختباء.

واستطرد الأستاذ الجامعي: «إن هذه الظاهرة أدت إلى نشوء مشكلات اقتصادية واجتماعية وأمنية أثرت سلبا على المواطن السعودي، فعلى الرغم من وجود الكثير من الدراسات لمعالجة هذه المشكلة فإن المشكلة لا تزال مستمرة وفي حالة صعود سنويا».

وأشار في حديثه: «تزايد الأعداد عاما بعد آخر، خصوصا بعد موسم الحج وبعد شهر رمضان، أصبح مشكلة على درجة كبيرة من التعقيد، مما استدعى تشكيل لجان كثيرة من قبل وزارة الحج وإمارات المناطق والجوازات وإدارة الترحيل والشرطة وكل الجهات ذات العلاقة لإيجاد الحلول لهذه المشكلة، خصوصا وأن التقارير الأمنية أوضحت أن هذه المشكلة أصبحت من الخطورة بحيث إنها تهدد الفرد والمجتمع اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، والدليل ما تنشره الصفحات الأمنية من حقائق مصدرها الجهات الأمنية وإدارات الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أن مخالفي أنظمة الإقامة يرتكبون جرائم أخلاقية وسلوكية وصلت إلى حد ترويج المخدرات والمسكرات والجرائم الجنسية والتهريب والسرقة والاعتداء على الممتلكات والأرواح».

وقال كسناوي: «من هذا المنطلق فإن مشكلة البحث تكمن في أن المجتمع السعودي يواجه تحديات داخلية مستمرة على مر الأيام والسنين، ما دامت عوامل الجذب الاقتصادي والاجتماعي مشجعة للإقامة غير المشروعة في المملكة العربية السعودية وما دامت عوامل الإقامة غير الشرعية المتمثلة في الفقر والبطالة وتدني المستوى الاقتصادي والاجتماعي ما زالت تمثل معاناة لبعض الدول الآسيوية والأفريقية، الأمر الذي أدى ولا يزال يؤدي إلى الإقامة بطريقة مخالفة للنظام للبحث عن الأمن الغذائي والعمل الدخل الاقتصادي بعيدا عن الرقابة من الجهات الأمنية».

وزاد في حديثه: «مما يؤسف له أن بعض المؤسسات الخاصة والمقاولات المعمارية يقومون بتشغيل العمالة الهاربة من أيدي العدالة، كما أن بعض المواطنين يقومون بالتستر على العمال والخدم والخادمات بتوفير العمل لهم وتأمين الإيواء والسكن لهم، وكأنهم يوفرون لهم المناخ الاجتماعي المناسب للاستقرار النفسي والاقتصادي. يقومون بذلك من منطلق الأنانية وحب الذات والمصلحة الخاصة دون الأخذ في الاعتبار من مخاطر ومشكلات أمنية يتضرر بها المواطنون وتعتبر بمثابة خروج عن طاعة ولاة الأمر في الامتثال بتطبيق الأوامر والتنظيمات، حفاظا على أمن الفرد والمجتمع وحفاظا على رفاهية المجتمع السعودي ورقيه اقتصاديا واجتماعيا».