أمير مكة: ملف العشوائيات أول ملف رفعته للملك.. ويحظى بمتابعة أممية

قال إن المشروع لا يتعلق بالمباني فقط بل بتنمية الإنسان ويحظى بمتابعة دولية

الأمير خالد الفيصل خلال توقيعه كرسي الأمير خالد لتطوير المناطق العشوائية (تصوير: أحمد حشاد)
TT

أكد الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة التنفيذية لمشروع معالجة وتطوير الأحياء العشوائية، أن إنشاء كرسي يختص بالعشوائيات سيكون عاملا مهما في معالجة مشكلة العشوائيات بمنطقة مكة المكرمة، مؤكدا أنه مشروع يحظى بمتابعة العالم أجمع والأمم المتحدة على وجه الخصوص.

وقال الأمير خالد الفيصل خلال تدشينه عقد إنشاء كرسي الأمير خالد الفيصل لتطوير المناطق العشوائية وتوقيع عقد أول مشروع استثماري لجامعة أم القرى مع صندوق التعليم العالي، إن «مشروع معالجة وتطوير العشوائيات بالمنطقة كان أول مشروع أرفعه لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد أن تشرفت بخدمة هذه المنطقة، ولقد وجدت من ولي الأمر - حفظه الله - كل الاهتمام للبدء فورا في تنفيذ هذا المشروع، حيث أمر بتشكيل لجنة برئاسة سمو ولي العهد وعضوية ثلاثة وزراء بالإضافة إلى أمير المنطقة ثم زاد عدد الوزراء إلى ستة وزراء وذلك لينتقل هذا المشروع من فكرة إلى مشروع تحت التنفيذ».

وأضاف أمير مكة: «مشكلة الأحياء العشوائية ليست خاصة بهذه المدينة أو هذه البلاد بل هي مشكلة عالمية، فهناك أحياء عشوائية في أكبر مدن العالم وتحظى معالجة مشكلة الأحياء العشوائية باهتمام دولي ومحلي، حتى الأمم المتحدة تهتم بهذا المشروع وتتابعه على الدوام».

وأفاد أمير منطقة مكة المكرمة بأن مشروع تطوير ومعالجة المناطق العشوائية لا يتعلق فقط بالمباني والأعمار وليس مشروعا سكنيا أو عمرانيا بل إنه مشروع إنساني، حيث إن هناك بشرا يسكنون هذه العشوائيات التي انتشرت لأسباب لا يتحملها أي شخص أو جهة، وهي موجودة في أكبر مدن العالم، لافتا النظر إلى أنه «آن الأوان لحل هذه المشكلة، خصوصا أننا في هذه البلاد المباركة نتمتع بجميع عناصر النجاح المنشود، فلدينا قيادة مهتمة بإسعاد الإنسان سواء كان مواطنا أو مقيما»، مؤكدا أن معالجة المشكلة في حد ذاتها معالجة لتطوير الإنسان وبنائه.

وأبان الأمير خالد أن بناء الإنسان ليس بالأمر الهين والسهل ومعالجة الأحياء العشوائية ليست هدم وبناء مبان فقط، فهناك مشكلة إسلامية وإنسانية واقتصادية وثقافية وطبية واجتماعية ونفسية، وهذه المشاكل لا بد من حلها في ظل ما ننعم به في هذه البلاد من استقرار وأمن وقدرة مالية، مشيرا إلى أن المشروع بني على أساس التنفيذ بمشاركة الدولة والقطاع الخاص من خلال تشجيع أصحاب الأموال للاستثمار في بلدهم، مطالبا رجال الأعمال بالاستثمار في وطنهم مع تحقيق الإقامة للمقيمين في هذه البلاد بصورة كريمة، خاصة لأولئك الفارين بدينهم من بلدانهم إلى هذه البلاد المباركة فهم يستحقون مكانا لائقا بهم إنسانيا وإسلاميا.

وأوضح الأمير خالد أن مشروع تطوير ومعالجة العشوائيات بدأ منذ أكثر من سنتين حيث كانت بدايته جيدة، فقد تم عمل مسح ميداني لكل من يستحق أن يشمله هذا التطوير وهذه المعالجة، مبينا أنه ظهرت عدة مشاكل في ما يتعلق بالمناطق العشوائية بالمنطقة منها صكوك الملكية، حيث وجدت عدة أحياء بها منازل على أرض ليس لها صكوك، كما أن هناك بعض الأحياء مقامة على أرض مملوكة لشخص واحد ومبني عليها مئات المنازل، كل هذه المشاكل لا بد من حلها أولا ثم الشروع في عملية التطوير والمعالجة التي هي عملية تغير من وضع غير إنساني إلى وضع إنساني، يرضاه المسلم لأخيه المسلم.

وأكد أمير مكة أن هذه المشاريع وكذلك مشاريع التنمية لا يمكن أن تنجح إلا بتضافر جهود جميع المؤسسات الحكومية والأهلية وشرائح المجتمع، مفيدا بأن جامعة أم القرى تشارك وتساهم بهذا الكرسي في مشروع شبكات التنمية الذي طرح قبل أيام، متمنيا من جميع الجامعات الخروج من أسوارها إلى خارجها لخدمة المجتمع، وأن يكون لرجال الأعمال المساهمة الفاعلة في دعم المشاريع والبحوث العلمية في معالجة العشوائيات وتطويرها، سائلا الله العلي القدير أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح لهذه البلاد المباركة.

من جانبه، قال الدكتور بكر عساس، مدير جامعة أم القرى: «لقد كانت وما زالت العشوائيات مشكلة مكة المزمنة والتحدي الكبير الذي واجه كل من ولي مسؤوليتها والبؤرة التي ولدت كثيرا من المشاكل الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، لم تكن هذه المشكلة خافية على المسؤولين ولا كانوا عازفين عن حلها ولكنها كانت بحاجة إلى قلب كقلب خالد وعقل كعقل خالد وعزم كعزم خالد».

وأشار عساس إلى أنه يحسب للأمير خالد أنه أول من تناول هذه المشكلة بهذا القدر من الجدية والعملية والعلمية أيضا، وأول من طرحها واقعا واستخلص لها الميزانيات اللازمة، وها هو اليوم يدشن هذا الكرسي ليكون النواة العلمية الصلبة لمشروع تطوير العشوائيات بتمويل من شركة «بن لادن» السعودية، مبينا أن هذا الكرسي معني بالتأصيل العلمي والبحثي لأفضل الممارسات في تطوير المناطق العشوائية محليا وعالميا وطرق الإفادة منها وإيجاد معايير مبنية على أسس علمية لتقييم بدائل تنمية وتطوير المناطق العشوائية واستخدام مؤشرات أداة تطوير المناطق العشوائية والتنمية الاجتماعية كمدخل لمشاريع الارتقاء، وهو يمثل صورة مشرقة من صور إسهام الجامعة في خدمة المجتمع وحل مشكلاته، كما أنه نموذج مشرق من نماذج اقتصاد المعرفة الذي وجه إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وسعت وزارة التعليم العالي حثيثة إلى تحويله واقعا.

وأبان مدير جامعة أم القرى أن هذا الحدث الجميل يتزامن مع انطلاق المشاريع الاستثمارية لجامعة أم القرى، هذه المشاريع التي ستوفر بإذن الله إمكانات ضخمة تعين الجامعة على أداء رسالتها وتخفف من اعتمادها على ميزانية الدولة، ذلك أن تكاليف التعليم والبحث العلمي تتعاظم ويجب على الجامعات وقد أسستها الدولة ومكنت لها أن تقوم بدورها في تمويل أبحاثها ومشاريعها لترد للوطن جزءا من دينه عليها.

إلى لك، شوهد صور ومجسم المشروع الاستثماري للجامعة بمنطقة زهرة كدي الذي يقع على مساحة إجمالية قدرها 248 ألف متر مربع.

وقد روعي في الأعمال التصميمية للمشروع الدمج بين الاتجاهات الحديثة في البناء والأصالة في النمط المعماري الخاص بمكة المكرمة والبيئة الإسلامية، بحيث تكون مبانيه معبرة عن جوهر أصالة المنطقة والبعد التاريخي لها، وتحمل روح المعاصرة والتطور الذي تشهده المنطقة والرؤية المستقبلية لها نحو العالم الأول.

ويتكون المشروع من مجمع إداري للمكاتب والخدمات التجارية وهو عبارة عن برج مكون من خمسة وعشرين طابقا بمساحة تزيد على أكثر من ثلاثة آلاف متر مربع، ملحق بها مساحات خصصت كمواقف للسيارات وأخرى لخدمات المبنى، كما يضم المشروع أيضا برجا للشقق السكنية بارتفاع ستة وعشرين طابقا ويحتوي على شقق سكنية للاستخدام (طويل المدى)، والمشروع مزود بمناطق مخصصة لمواقف السيارات والحدائق، وقد روعي في تصميمه المحافظة على خصوصية السكان بجميع مرافقه إلى جانب اشتمال المشروع على مجمع للمباني السكنية تضم ستة مبان يتكون كل منها من أربعة وعشرين طابقا متكررا بمساحة 900 متر مربع تقريبا لكل طابق، ومبنى للشقق الفندقية (خصص للتأجير الاستثماري قصير المدى) بارتفاع ثلاثة عشر طابقا وعلى مساحة تقدر بأكثر من ستة آلاف متر مربع، كما يتضمن المشروع ثلاثة أبراج فندقية فئة «5 نجوم» بارتفاع ثمانية وعشرين طابقا لكل منها، بالإضافة إلى ثلاثة طوابق أخرى (أرضي وميزان وطابق للمطاعم) بمساحة تبلغ أكثر من 800 متر مربع، وتحوي الأبراج الفندقية مجمعات تجارية ومراكز للتسوق تتصل بالفندق في الطابق الأرضي ومواقف للسيارات وأماكن للترفيه ومطاعم وأماكن لألعاب الأطفال، إضافة إلى مجمع لخدمات المنطقة السكنية يضم مركزا اجتماعيا وترفيهيا لخدمة السكان على مساحة أكثر من ألف وثلاثمائة متر مربع.

أما الجزء الآخر من هذا المشروع والذي يمثل أحدث الاتجاهات في تصميم المباني صديقة البيئة وهو الأول من نوعه في مكة المكرمة، فيضم مبنيين للمعارض والشقق الفندقية بارتفاع ستة طوابق وعلى مساحة تقارب سبعة آلاف متر مربع لكل منهما، خصص الدور الأرضي في كل مبنى للمعارض التجارية، أما الأدوار العلوية منهما فخصصت للشقق الفندقية، كما يضم كل منهما أيضا منظومة من الخدمات التجارية والإدارية والتسويقية ومواقف للسيارات ومساحات خضراء.

ويضم المشروع مجمعا للمباني السكنية يتكون من أربعة مبان بارتفاع عشرة طوابق متكررة لخدمات السكن الدائم، ويشتمل على مرافق للخدمات ومركز ترفيهي اجتماعي في طابقين يمتدان بين المباني لتكون كتلة اتصال بصري ووظيفي بينها.