رحيل عبد العزيز السنيد.. المحامي عن العمال

أحد رواد الصحافة في المنطقة الشرقية

TT

غيب الموت، أمس، عبد العزيز بن عبد الرحمن السنيد، أحد رواد الصحافة في المنطقة الشرقية بالسعودية، وأحد أهم الشخصيات التي عرفت في مرحلة الخمسينات من القرن الماضي بعملها الدؤوب لتحسين ظروف وقوانين العمل والعمال.

عرف السنيد الذي رحل أمس عن 90 عاما بريادته المبكرة لجهود العمال السعوديين والأجانب العاملين في قطاع النفط الذي كانت تديره في فترة الامتياز شركة أجنبية، من أجل الضغط النقابي على إدارة الشركة لتحسين ظروف العمال. وأدى ذلك فعلا إلى استجابة الملك سعود لمطالب العمال وإصدار مرسوم بذلك، وإنشاء هيئة ملكية للنظر في القضايا العمالية.

كما عرف السنيد بريادته في تأسيس الصحافة شرق المملكة. فقد كان السنيد صاحب فكرة إنشاء أول صحيفة بالمنطقة الشرقية، تحت اسم «الشباب»، والتي حصل على موافقة رسمية بشأنها عام 1372هـ (1952). وهو المشروع الذي لم يكتمل. كما تعاون مع صديقه الراحل يوسف الشيخ يعقوب في تأسيس صحيفة «الفجر الجديد» عام 1374هـ (1954)، وعاونهما مثقفون آخرون.

يتحدر عبد العزيز السنيد من أسرة نجدية، كانت تقيم في بريدة بالقصيم، ولكنها نزحت للعراق بدايات القرن الماضي، لطلب المعيشة والبحث عن فرص للعمل. وولد السنيد في منطقة سوق الشيوخ، جنوب العراق سنة 1341هـ (1922)، وكان والده عبد الرحمن السنيد، يحترف تجارة «البشوت»، ووجد فرصة في قرية الخميسية بسوق الشيوخ، لكي يقيم هناك ويعمل، مستفيدا من تجربة رجال العقيلات الذين نزحوا على مراحل إلى العراق والشام وتعودوا الترحال للتجارة وتحسين ظروف المعيشة. وفي تلك القرية تزوج عبد الرحمن السنيد وأنجب ولده عبد العزيز وأخاه ناصر.

تلقى السنيد الابن، تعليمه الأولي في العراق، وهناك عمل في توزيع الصحف كما عمل في مصلحة البريد. وقد عمل في جريدة «الثبات» في بغداد، وهي الصحيفة التي كان يصدرها محمود شوكت، في حين كان يتعاون مع صحيفة «الوطن» التي يرأسها عزيز شريف الذي كان حاكما في القضاء العراقي، وهي صحيفة تتبع حزب الشعب.

لكن السنيد ومع قيام الدولة السعودية رجع إلى بلاده ليعمل موظفا في شركة الزيت العربية الأميركية (أرامكو) متدرجا حتى أصبح مدرسا في مدرسة تعليم العمال المبتدئين بالشركة عامي 1369 - 1370 هـ (1949).

وخلال عمله في الشركة، انخرط في نشاطات نقابية وسياسية، كانت تستهدف في المقام الأول الضغط على الشركة الأجنبية لتحسين ظروف العاملين العرب والسعوديين على وجه التحديد، وتم تشكيل اللجنة العمالية التي أصبح عضوا رئيسيا فيها عام 1372هـ (1952).

وعلى الرغم من أن السنيد اضطر عام 1953 بعد تصاعد موجة الاحتجاجات إلى مغادرة البلاد، فإن الملك سعود أخذ مبادرة في نفس العام أدت لتبني المطالب العمالية والاستجابة لها. فقد أصدر الملك سعود في ديسمبر (كانون الأول) 1953 وخلال زيارته للظهران في العاشر من الشهر نفسه مرسوما بإحداث تحسينات كبيرة في ظروف العمل، وتضمن ذلك زيادة أجور جميع العمال، وتحسين أوضاعهم السكنية، وبناء مدارس في المدن المجاورة لأبناء العاملين في «أرامكو» والإنفاق عليها. كما شكلت عام 1954 هيئة ملكية دائمة للنظر في الشؤون المالية بأمر من الملك سعود، وجعل مقرها في مركز إمارة المنطقة الشرقية في الدمام، وأعطيت قراراتها صفة البت، وتمت إعادة أعضاء اللجنة العمالية إلى مواقعهم. واختار الملك سعود مستشاره الخاص عبد العزيز المعمر، المعروف بعلاقاته القوية مع مختلف التيارات الناشطة آنذاك ليكون مديرا عاما لمصلحة العمل والعمال في المنطقة الشرقية عام 1954، وهي المصلحة التي كانت نواة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية لاحقا.

في منتصف السبعينات رجع السنيد إلى المملكة، وعمل في القطاع الخاص، ثم أصبح لفترة كاتبا في الصحف المحلية («اليوم» ومجلة «الشرق»).