جدل حول تأخر مباشرة 10 آلاف خريج دبلوم صحي وظائفهم

4 جهات تتحرك لإيجاد شواغر لهم

الأوامر الملكية قضت بتوظيف نحو 14 ألف خريج تمريض في مختلف القطاعات
TT

فتح تأخر مباشرة نحو 10 آلاف خريج صحي لوظائفهم، جرى الإعلان عن تعيينهم من قبل ديوان الخدمة المدنية، مؤخرا، جدلا واسعا في القطاع الصحي السعودي، وسط تأكيدات رسمية من نحو 4 جهات أن مساعي حثيثة تجرى لاحتواء المعينين وإيجاد شواغر لهم واستيعابهم.

يأتي ذلك عقب الأوامر الملكية القاضية بتوظيف نحو 14 ألف خريج تمريض في مختلف القطاعات، التي بادرت وزارة الصحة فيها بتسهيل إجراءات 4 آلاف ممن عينوا لديها، بينما ما زال البقية يعملون على ذلك وسط مطالبات جماعية بسرعة البت في أوضاعهم.

إلى ذلك، أكد مسؤول في مستشفى الملك سعود الجامعي بالرياض وجود مشاريع توسعية من شأنها أن تسهم في زيادة الفرص الوظيفية لحملة الدبلومات الصحية، إضافة إلى تشكيل لجنة خارجية بوزارة التعليم العالي بهدف توظيف المتبقين منهم، لا يزال نحو 14 ألفا آخرين يضعون أيديهم على قلوبهم مترقبين انتهاء حل إشكاليات إعادة تأهيلهم ومن ثم توظيفهم.

في حين كشف الدكتور شارع البقمي، المتحدث الرسمي باسم جامعة الملك عبد العزيز في جدة عن تشكيل لجنة خارجية مكونة من وزارتي التعليم العالي والخدمة المدنية منذ أسابيع قليلة، تعمل على دراسة عملية التجسير لخريجي المعاهد وحملة الدبلومات، المتمثلة في إخضاعهم إلى برامج تطويرية عن طريق الجامعات بعد توظيفهم وتعيينهم في أعمالهم.

من ناحيته، أوضح الدكتور خالد مرغلاني، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن الذين اجتازوا اختبارات الهيئة صدر في حقهم قرار بتوظيفهم وفق آلية تتضمن تعيين 4 آلاف لدى وزارة الصحة، ومثلهم في القطاعات الصحية الأخرى المتمثلة في الخدمات الطبية بوزارتي الداخلية والدفاع، إلى جانب المستشفيات الجامعية، بينما يتم تعيين 6 آلاف خريج في مستشفيات القطاع الخاص، مؤكدا أن وزارة الصحة تعتبر أولى الوزارات التي نفذت القرار الملكي منذ صدوره.

وبالعودة إلى المسؤول في مستشفى جامعة الملك سعود بالرياض قال: «إن المستشفيات الجامعية ليست بحاجة إلى خريجي المعاهد الصحية من حملة الدبلومات في ظل وجود طلاب الجامعات الذين يعملون فيها خلال فترات تدريبهم، الأمر الذي من شأنه أن يحدث تضاربا – بحسب قوله.

وقال المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تعاني المستشفيات الجامعية ما يسمى (الشح) نتيجة صغر مساحاتها، إلى جانب عدم توافر مستشفيات جامعية في الكثير من المناطق ما عدا الرياض وجدة، وفي الوقت نفسه فإن الجامعات والكليات والمعاهد الصحية ما زالت تعمل على تخريج المزيد من الطلاب والطالبات».

وأرجع سبب التأخر في تنفيذ الأمر الملكي القاضي بتوظيف جميع خريجي المعاهد الصحية في المستشفيات إلى عدم وجود أماكن تحتوي هؤلاء الخريجين، نافيا، في الوقت نفسه، أن يكون السبب كونهم غير مؤهلين بالشكل الكافي. وأضاف: «إن مستقبل جميع الأقسام الطبية في السعودية يعتبر مبهرا؛ بدليل أن معظم المؤتمرات الدولية لا تخلو من مشاركة الطلاب السعوديين فيها حتى لو بورقة عمل واحدة، وهو ما يدل على أن الطلاب والطالبات مؤهلون بشكل كاف»، مستشهدا على ذلك بأحد الطلاب من حملة دبلوم التخدير الذي يتم الاعتماد عليه من قبل كبار الاستشاريين في مستشفيات الرياض باعتباره احترافيا في عمله.

واقترح المصدر المسؤول تخصيص ساعات عمل لطلاب الجامعات وتدريبهم في المستشفيات الجامعية، وذلك من أجل إتاحة أماكن لعمل خريجي المعاهد الصحية في هذه المستشفيات، لكنه استدرك قائلا: «ثمة مشاريع توسعية تعمل عليها جامعة الملك سعود في ظل استغلالها مساحات شاسعة ورفع أبراج كبيرة وإنشاء أقسام إضافية مع توسعة الأقسام الموجودة، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في زيادة عدد الفرص الوظيفية». ولفت إلى أن بعض الخريجين يرفضون مباشرة أعمالهم في مناطق أخرى بعيدة عن مقار إقامتهم، على الرغم من أن الجهات المعنية تقدم لهم الفرص الوظيفية، غير أنهم لا يريدون الانتقال إلى هناك، معتبرا أن ذلك مجرد ثقافة مجتمعية تحتاج إلى إعادة تهيئة –بحسب وصفه.

إلى ذلك، أبان الدكتور خالد مرغلاني، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، وجود أكثر من 87 ألف موظف من حملة الدبلومات يعملون لدى الوزارة، من بينهم ما يزيد على 20 ألفا تم توظيفهم خلال السنوات الثلاث الماضية. واستطرد: «إن نحو 14 ألفا من الخريجين اجتازوا اختبارات الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، بينما هناك 14 ألفا آخرون لم يجتازوها؛ حيث صدر قرار بإعادة تأهيلهم من قِبل المعاهد والكليات التي درسوا فيها على أن يقوم صندوق تنمية الموارد البشرية بدعمهم لحين إعادة الاختبارات لهم في غضون 6 أشهر ومن ثم إعادة النظر في توظيفهم».

من جهته، عاد الدكتور شارع البقمي، المتحدث الرسمي باسم جامعة الملك عبد العزيز في جدة، ليؤكد، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «ترحب جامعة الملك عبد العزيز بتوظيف الكوادر السعودية، غير أن المستشفيات الجامعية لها مستوى أكاديمي وطبي معين، وخريجو الدبلومات بحاجة إلى التجسير؛ بحيث تكون فرصة الاستفادة منهم ممكنة». وأشار إلى أن اللجنة ما زالت قائمة على دراسة ذلك الأمر وكيفية وضع آلية لتعيين وتوظيف حملة الدبلومات وإحلالهم بدل المتعاقدين الآخرين، إلى جانب وجود لجان خاصة في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، التي تعمل على تسريع تلك العملية.

وفي سؤال حول الأعداد التي يمكن أن تستوعبها جامعة الملك عبد العزيز من الخريجين، ذكر الدكتور شارع البقمي أن هناك احتياجا للأشخاص المؤهلين، في ظل توجه الكثير من المستشفيات نحو الكوادر المؤهلة على المستوى الذي يمكنهم من الإحلال في الوظيفة وممارسة العمل مباشرة. وتابع: «إن الاحتياج لاستيعاب السعوديين موجود، والكل يبحث عنهم بشكل مباشر، إلا أن تحديد أعدادهم يعتمد على آلية تأهيلهم للعمل»، مؤكدا أن اللجنة التي تقوم على هذا الأمر مرتبطة بجهات أخرى، من بينها وزارة المالية، للخروج بقرار يضع آلية مناسبة لتلك الإشكالية.

كانت وزارة الخدمة المدنية قد أعلنت، الشهر الماضي، عن توظيف نحو 6 آلاف فقط من حملة الدبلومات الصحية في القطاع الخاص، على الرغم من أن إحصاءاتها السابقة كشفت عن بلوغ عدد غير السعوديين ممن يشغلون الوظائف الصحية ويحملون الدبلوم بعد الثانوية ما يقارب 17.5 ألف ممرض وممرضة، يعملون في مستشفيات حكومية.

كما أعلنت وزارة الصحة عن وصول عدد العاملين في التمريض من غير السعوديين في الوزارة إلى 38.2 ألف ممرض وممرضة و5087 في الخدمات الطبية المساعدة لدى الوزارة، إضافة إلى 23.2 ألف آخرين يعملون في التمريض من غير السعوديين لدى الجهات الحكومية الأخرى و8716 وافدا في الخدمات الطبية المساعدة بتلك الجهات.

الكثير من خريجي الدبلومات فضلوا الالتحاق بوظائف مختلفة في المستشفيات الخاصة لحين حل إشكالاتهم، بينما ما زال آخرون في منازلهم يتابعون، بصمت، ما يحدث دون أن يفقدوا الأمل في احتمالية وجود فرص لدى القطاعات الحكومية.

سعود الحربي، أحد خريجي معهد الكوادر الصحية الأهلي، الذي أنفق ما يقارب 45 ألف ريال لدراسة التمريض على مدار عامين و6 أشهر، يعمل في أحد المستشفيات الخاصة منذ نحو عامين وتصل ساعات عمله أسبوعيا إلى 60 ساعة مقابل راتب لا يزيد على 2333 ريالا بعد خصم التأمينات الاجتماعية منه.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تلقيت عرضا من إدارة المستشفى بالعمل لديهم أثناء فترة تدريبي وقبلت به، على الرغم من فروق الرواتب بين القطاعين الحكومي والخاص.. إلا أنني فوجئت بأن الزيادة السنوية لا تتعدى 250 ريالا، ولا أحصل عليها إلا إذا كانت لديَّ واسطة تساعدني في ذلك». وذكر أنه تقدم إلى كثير من المستشفيات الحكومية دون فائدة، مطالبا بضرورة تقديم المسؤولين إفادة واضحة بما يحدث كونهم يسمعون تصريحات وإعلانات ولا يرونها على أرض الواقع – بحسب قوله. وأكد رفض المستشفيات الحكومية توظيفهم كونهم يرغبون في تعيين البنات فقط، الأمر الذي يدفع بمديري شؤون الموظفين في تلك المستشفيات إلى عدم السماح لهم حتى بتقديم أوراقهم وسيرهم الذاتية.

وأشاد الحربي بنظام «نطاقات»، الذي تعمل عليه وزارة العمل حاليا، كونه قد أسهم قليلا في توظيف عدد من السعوديين داخل المنشأة الصحية التي يعمل فيها، غير أنه استدرك قائلا: «باتت إدارة المستشفى تضع هؤلاء السعوديين في وظائف الاستقبال فقط لتحقيق نسب السعودة، بينما لا يتم توظيفهم في المجال الطبي أو بما يتلاءم مع شهاداتهم ومؤهلاتهم».

ولا يختلف حال خالد المالكي عن الآخرين، إلا في أن تأخر الهيئة السعودية للتخصصات الصحية في إرسال بطاقة اجتيازه اختبارها كان سببا في ضياع فرصة التقديم على الوظائف المعلن عنها من قبل ديوان الخدمة المدنية.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل في مستشفى خاص لمدة 12 ساعة ونصف الساعة يوميا، على الرغم من أن دراستي للتمريض كلفتني ما يقارب 45 ألف ريال، في حين لا يزيد راتبي الشهري على 2500 ريال، خاصة أن الزيادات تُمنح لمن يفتعلون المشكلات مع إدارة المستشفى كي يحصلوا على حقوقهم». وأشار إلى أن التوظيف في المستشفيات الحكومية يشهد تلاعبا في ظل ضرورة وجود وساطات لتعيين المتقدمين، فضلا عن سوء تعامل إدارات شؤون الموظفين في تلك المستشفيات –على حد قوله - موضحا أن تجديد عقده في المنشأة التي يعمل بها لا يعطيه حق زيادة راتبه وفق سنوات عمله وإنما بناء على العقود الجديدة التي يستحدثها المستشفى.

بينما استبشر سعيد العسيري، أحد خريجي المعهد الفني للتدريب الصحي، خيرا في صدور اسمه من قبل ديوان الخدمة المدنية؛ إذ توجه إليهم بمجرد استقبال رسالة نصية على هاتفه الجوال تخبره بذلك، غير أنه فوجئ بأن عليه انتظار ترشيحه الذي ما زال ينتظره منذ 6 أشهر. ويضيف: «تقدمت فور تخرجي قبل نحو 4 أعوام لأكثر من منطقة، منها جازان والطائف والرياض وينبع وجدة وحتى شرورة، وذلك حينما كان النظام ينص على التشغيل الذاتي في المستشفيات، لكن دون جدوى».

في هذا الشأن، ردت وزارة الصحة على استفسارات «الشرق الأوسط» حول الإشكاليات التي تواجهها في توظيف خريجي الدبلومات الصحية بقولها: «إن الوزارة عملت على توظيف كامل النصاب المحدد لها من قبل وزارة الخدمة المدنية».

جدير بالذكر أن مصادر في إحدى الجامعات الحكومية كانت قد أرجعت في تصريحات عبر وسائل الإعلام سبب تأخر توظيف خريجي الدبلومات الصحية في المستشفيات الجامعية إلى عدم توافق مؤهلاتهم مع مستوى الجودة، إضافة إلى رفض وزارة المالية أي اعتمادات لوظائف جديدة، وسط مطالبة الخدمة المدينة باستيعابهم من دون الحاجة إلى المفاضلة التي تعتمدها الجامعات.

في حين بررت مصادر أخرى تعطل مباشرة نحو 4 آلاف خريج لوظائفهم، وجهتهم وزارة الخدمة المدنية لجامعات الملك سعود والإمام محمد بن سعود في الرياض والملك عبد العزيز بجدة، بأن تصنيف مستشفيات تلك الجامعات سيتعرض للانهيار بمجرد مباشرة هؤلاء الخريجين لعملهم فيها.

وقالت في ذلك الوقت: «إن الجامعات الثلاث تواجه مشكلة مباشرة خريجي الدبلومات الصحية الأهلية، على الرغم من تلقيها قوائم بأسماء هؤلاء الخريجين، لتسكينهم على وظائف رسمية ضمن ميزانية كل جامعة، إلا أن الإشكالية تكمن في عدم توافق مؤهلاتهم مع مستوى الجودة في المستشفيات الجامعية باعتباره يخضع لمعايير واشتراطات عالمية مكنتها من الحصول على شهادات الجودة (أيزو)». ولفتت إلى أن هذه المعايير تتطلب ضرورة أن يكون الموظفون على مستوى عالٍ من التدريب والتأهيل، وأن يحملوا شهادات لا تقل عن البكالوريوس في المجالات الطبية. وأفادت بأن مباشرة هؤلاء الخريجين وظائف في مستشفيات الجامعات تعني تعرض الاعتمادات الأكاديمية التي حصلت عليها المستشفيات الجامعية للإلغاء؛ كون الشروط التي وضعتها هيئات دولية متخصصة في جودة الخدمات الصحية بالمستشفيات الجامعية لا تتطابق مع شهادات وتدريب هؤلاء الخريجين.

وزادت: «يمكن للجامعات استيعاب هؤلاء الخريجين وفق آلية يتم من خلالها إخضاعهم للتأهيل والتدريب قبل التحاقهم بالعمل في المستشفيات الجامعية، غير أن الإشكالية التي ستواجهها الجامعات بعد تأهيلهم تتمثل في كيفية استيعاب المخفقين منهم، الذين لم يجتازوا الاشتراطات اللازمة التي يتطلبها العمل في المستشفيات الجامعية، مما يعتبر مجازفة بجودة الخدمة الصحية حال توظيف من أخفقوا في اجتياز برنامج التأهيل».

وكشفت المصادر، آنذاك، عن وجود تشاور يجرى حاليا بين الجامعات والجهات المعنية لإيجاد آلية تضمن تسكين هؤلاء الخريجين دون وقوع إشكالات قد تضر بجهة على حساب جهة أخرى، متوقعة أن يتم التوصل لحل هذه المشكلة خلال الأيام القليلة المقبلة.

بينما أكد المتحدث الإعلامي لجامعة الملك عبد العزيز بجدة، في ذلك الوقت، أن الجامعة تلقت من الخدمة المدنية بيانا بأسماء مجموعة كبيرة من خريجي الدبلومات الأهلية لتمكينهم من المباشرة، وأن مدير الجامعة، الدكتور أسامة طيب، أصدر قرارا يقضي بتشكيل لجنة عليا تضم عددا من وكلاء الجامعة وعمداء الكليات لإيجاد آلية مناسبة لتسكين هؤلاء الخريجين على الوظائف المتاحة في مستشفى الجامعة والوحدات الصحية التابعة له.

الدكتورة صباح أبو زنادة، رئيسة المجلس العلمي للتمريض، أفادت بأنه تمت المطالبة بإلغاء الدبلومات منذ 20 عاما في ظل صدور توصيات منظمة الصحة العالمية حول ضرورة أن يكون موظفو التمريض من حملة شهادات البكالوريوس بحلول عام 2010، لا سيما أن قطاع التعليم يمثل 50% من القوى العاملة الصحية، ويقدم نحو 70% من الخدمات الطبية، لافتة إلى أن تلك التوصيات كانت على مستوى العالم وليس فقط في السعودية. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «بسبب ظروف معينة فقد تم الاتفاق في دول الخليج على تطبيق القرار بحلول عام 2015، إلا أنه منذ صدور التوصيات عام 1995 وحتى الآن لم يتم وضع أي استراتيجيات فعالة لتطبيقه بطريقة منظمة». وأبانت أن هذا الموضوع ظل عائما حتى عام 2010، خصوصا أنه بتعيين وزير الصحة الحالي أعلن تطبيق ذلك النظام، غير أن وزارة الصحة، منذ عام 2007، نقلت مسؤولية المعاهد والكليات الصحية إلى وزارة التعليم العالي، في حين ما زال نحو 120 معهدا خاصا تقع تحت مظلة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، مبدية استغرابها من إعلان تطبيق النظام في وقت ما زالت فيه هذه المعاهد تسرح أعدادا كبيرة من الخريجين والخريجات.

واستطردت: «إن المعاهد الصحية بشكل عام تعاني ضعف البنية التحتية لديها، خاصة أن دخول القطاع الخاص في التعليم الصحي كان لمجرد التجارة فقط؛ حيث إن الخريجين ليسوا على مستوى عالٍ في اللغة الإنجليزية التي تعتبر الأساس في المستشفيات السعودية، إضافة إلى وجود نحو 70% من الممرضين المتعاقدين من خارج السعودية الذين لا يتحدثون اللغة العربية».

ووصفت مستوى التدريب العملي والدراسة النظرية في المعاهد الصحية بـ«الضعيف»، إلى جانب أن عامين ونصف العام ليست كافية لتخريج كوادر مؤهلة، مؤكدة وجود مطالبات بتحسين المخرجات التعليمية لتلك المعاهد منذ بدايتها في عام 2005. وزادت: «ما زال الاستشاريون والأطباء والصيدلانيون هم من يمثلون قطاع التمريض على طاولة القرار، على الرغم من وجود 24 ممرضا وممرضة على مستوى دكتوراه، فضلا عن 100 آخرين من الحاصلين على درجة الماجستير في التمريض، إلا أنه لا يسمح لهم بتمثيل هذا القطاع في اللجان أو المناسبات المسؤولة عن مناقشة إشكالاته».

ووضحت الدكتورة صباح أبو زنادة أن المستشفيات الحكومية تأخذ نسبا قليلة جدا من الممرضين الرجال في ظل وجود عنابر مخصصة للنساء والأطفال، التي لا يمكن أن يعمل فيها سوى ممرضات، مقدرة احتياج المستشفى لنسبة لا تزيد على 25% من الممرضين فقط، بينما تقوم معاهد التمريض الخاصة بتخريج أعداد كبيرة من الشباب.

وهنا أكد المصدر المسؤول في مستشفى جامعة الملك سعود بالرياض أن طالب الدبلوم كان بإمكانه في السابق العمل داخل أقسام النساء والولادة والأجنحة النسائية، إلا أنه الآن أصبحت هناك أعداد كبيرة من البنات الحاصلات على شهادات الدبلوم، مما جعلهن الأجدر لشغل تلك الوظائف.

وبالعودة إلى رئيسة المجلس العلمي للتمريض، فقد أشارت إلى أن مستشفيات القطاع الخاص ترفض توظيف السعوديين في هذا القطاع كونها لا تريد دفع رواتب كبيرة، مما يجعلها تتجه نحو توظيف غير السعوديين الذين يقبلون بتلك الرواتب المتدنية، منوهة في الوقت نفسه بأن إشكالية القطاع الحكومي تكمن في كثرة عدد خريجي الدبلومات في وقت ينبغي ألا تشكل نسبتهم أكثر من 30% في المستشفى الحكومي.

وطالبت بضرورة فتح برنامج للارتقاء بحملة الدبلومات إلى درجة البكالوريوس، إضافة إلى توزيع الرجال منهم على مستوى مدن المملكة ككل وعدم تركيز عملهم على المدن الكبيرة فقط، مضيفة: «إن وزارة الصحة لا تعطي للمجلس أي مجال للحديث أو المطالبات، إضافة إلى أن جهود القطاعات الطبية الحكومية تعتبر فردية وتفتقر إلى توحيدها».

من جهتها، حاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع المتحدث الرسمي باسم وزارة الخدمة المدنية، وبعثت له برسالة نصية على هاتفه الجوال، غير أنه لم يرد حتى وقت النشر.