مكة المكرمة: 40 جهة حكومية ومدنية تبحث البرامج الإصلاحية في تقويم سلوك السجناء

مدير عام السجون: عدم تقبل القطاع الخاص للسجناء عطل مشروع توظيفهم خارج السجن

TT

كشف اللواء علي الحارثي، مدير عام السجون في السعودية، عن معوقات تعترض طريق تنفيذ مشروع توظيف السجناء، أسهمت في تنفيذ المشروع على الوجه الذي كانوا يأملونه، نتيجة عدم تقبل القطاع الخاص للسجناء، مشيرا في ذات الوقت إلى أن أربع إصلاحيات يتم إنشاؤها، وبصدد طرح مشاريع إنشاء تسع أخرى في جميع مناطق المملكة.

وقال الحارثي خلال تدشين ورشة عمل تطوير برامج السجناء، الذي عقد في مقر إمارة مكة المكرمة، بحضور الدكتور عبد العزيز الخضيري وكيل الإمارة: «الحق يقال، إن الأمل الذي كنا نتوقعه في تحيق هذا المشروع لم يكتمل، ولم نصل إلى النتائج التي نطمح إليها لوجود بعض العوائق المتعلقة بقبول المسجون من قبل القطاع الخاص، وكذلك البعض من السجناء غير ملتزم بالضوابط، على الرغم من الحوافز التي نقدمها لمشغلي السجناء في تلك الوظائف، بحيث إن عمل سجين في قطاع معين تحسب لهذا القطاع بموظفين اثنين في السعودة، ومن المهم أن يكون هناك تشريع لهذا الأمر وبالتالي سيوجد من خلال هذا التشريع الوسائل التي تكفل تنفيذ هذا المشروع، وهناك اتفاق مع هيئة المدن الصناعية لإنشاء مصانع قريبة من السجون، وبالتالي سنحتضن الكثير من السجناء في هذه الوظائف».

وحول فكرة إنشاء قاعات جامعية داخل السجون قال الحارثي: «إن هذا المشروع قد أقر من مقام مجلس الوزراء، حيث إن للسجين الحق في أن يدرس دراسات جامعية، وبدأنا بالانتساب، وبالتالي يكون هناك اختبارات تتم داخل السجون بإشراف لجنة يتم تشكيلها من قبل الجامعات. وبادرت جامعة القصيم بفتح فصل دراسي داخل سجن بريدة للمنتسبين أو الدارسين في الجامعة، الذين قبلتهم الجامعة في الدراسات، وهناك الآن جامعة الملك فيصل في الدمام تنسق مع سجن الدمام لفتح فصلا دراسيا داخل السجن. وندعو الجامعات الأخرى لفتح فصول دراسية داخل السجون».

وناقش ممثلو 40 جهة حكومية وأمنية وأكاديمية ومدنية في منطقة مكة المكرمة البرامج الإصلاحية ودورها في تقويم سلوك السجناء، ضمن ورشة عمل موسعة أطلقتها إمارة المنطقة برعاية الأمير خالد الفيصل أمير المنطقة، وافتتحها وكيل إمارة المنطقة الدكتور عبد العزيز الخضيري في حضور مدير عام السجون في المملكة اللواء علي الحارثي.

وتناولت الورشة التي تهدف إلى تفعيل مبادرة تقودها إمارة منطقة مكة المكرمة لتطوير البرامج الإصلاحية المقدمة لنزلاء السجون والإصلاحيات في المنطقة، خمسة محاور رئيسة هي: تطوير وتقويم عمل البرامج الإصلاحية القائمة وتحديد المعوقات الإجرائية، والبرامج الإصلاحية ودورها في تقويم سلوك السجين، والنظر في إمكانات تطوير بيئة العمل لهذه البرامج، ودراسة بناء أوقاف يعود ريعها لدعم مثل هذه البرامج، وإمكان مشاركة القطاع الخاص ورجال الأعمال في دعمها.

واعتبر وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة الدكتور عبد العزيز الخضيري موضوع الورشة من أهم القضايا الإنسانية التي تجسد محور بناء الإنسان، باعتباره الجناح الأول في استراتيجية المنطقة التي أعلنها الأمير خالد الفيصل قبل نحو خمس سنوات من مقر جامعة أم القرى في حضور نحو 15 ألف مواطن.

وأكد الدكتور الخضيري أن هذا الإعلان كان بمثابة اعتراف ضمني بالتقصير في بناء الإنسان في مقابل الاهتمام بتنمية المكان، مؤكدا أن الاهتمام ببناء الإنسان يأتي انطلاقا من المبادئ الإسلامية والقيم المجتمعية.

وقال إن ثقافة الاهتمام بالفرد أثبتت فشلها بعد عقود من اعتناقها في الفكر الغربي، في مقابل نجاح النموذج الذي تقدمه السعودية في الاهتمام بالأسرة الصغيرة والكبيرة وصولا إلى المجتمع امتثالا للرسالة الإلهية التي تحث على التكاتف والتعاضد والتراحم وتحول أبناء المجتمع إلى جسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

وشدد على أن قضية السجون والسجناء من أهم القضايا التي تحتم الالتفات إليها بصدق وعناية، ويقع عبئها الأكبر على المجتمع أولا ومن ثم إدارات السجون خلال وجود النزيل فيها، مشيرا إلى أن هذا العبء يحتم على الجميع رعاية السجين وأسرته وتوفير حاجاته ومتطلبات إصلاحه، ترجمة لاهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين التي جعلت الإصلاح هدفا أساسيا للإيداع في السجن.

وطالب الدكتور الخضيري أعضاء الورشة بالعمل على تحويل سجون مكة المكرمة إلى نموذج عملي إيجابي.

وتمنى وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة أن تكون هذه الجهود المبذولة في الورشة والجهود التي سبقت في الإعداد لها إضافة نوعية إلى الجهود السابقة المبذولة في هذا الشأن، لتكون في مجموعها نقلة مهمة في عمل البرامج الإصلاحية المقدمة للسجناء، والخروج منها بما يحقق رؤية أمير منطقة مكة المكرمة.

بدوره أوضح مدير عام السجون اللواء علي الحارثي أن منطقة مكة المكرمة تحتاج إلى الكثير من التطوير والتحديث، بما تمثله من مركز إسلامي يؤمه ملايين الناس سنويا من كل بلدان العالم وثقافاته المتعددة.

وقال: «إن حق السجين علينا واجب وكبير، ولا بد أن نؤدي مسؤوليتنا في رعايته أفضل رعاية، فهو أخطأ وكلنا خطاء، ودورنا أن نعينه على تجاوز أخطائه وإصلاحها وتحقيق توبته ومن ثم العودة إلى المجتمع فردا صالحا منتجا».

واعترف اللواء الحارثي بوجود معوقات أمام تحقيق الهدف الإصلاحي للسجون، منها ما يتعلق بالبنية التحتية للسجون وأخرى تتعلق بالأنظمة، إلى جانب معوقات التداخل، مطالبا في الوقت ذاته أن تضطلع كل وزارة بدورها في خدمة نزلاء السجناء، إذ إن مسؤولية السجين تقع على عاتق الجميع، كل في نطاق اختصاصه.