مسؤول في «السياحة والآثار» يقر بنقص أعداد المرشدين السياحيين

وسط مطالبات بالتوسع في إيجاد مرشدين خاصة في مكة والمدينة

مطالب بتثقيف المعتمرين والحجاج عن طريق إحلال سيناريوهات المعارك الإسلامية في العاصمتين المقدستين (تصوير: أحمد حشاد)
TT

رد مسؤول في هيئة السياحة والآثار على مطالبات التوسع في إيجاد المرشدين السياحيين في مكة والمدينة، بإقراره بوجود نقص في المرشدين السياحيين على مستوى المملكة بشكل عام ومنطقة مكة بشكل خاص.

وقال لـ«الشرق الأوسط»، محمد العمري، المدير التنفيذي لجهاز السياحة الآثار في منطقة مكة المكرمة: «يوجد في المملكة نحو 141 مرشدا فقط، يوجد منهم 43 مرشدا في منطقة مكة المكرمة وحدها، التي تحتاج إلى نحو 250 مرشدا، كونها تحوي ثلاثة من أهم المواقع السياحية، التي يردها نحو 15 مليون زائر سنويا للحج والعمرة و5 ملايين زائر لجدة للمهرجان والفعاليات، إضافة إلى الطائف التي تستقبل مليون زائر سنويا».

وأوضح العمري في حديثه الهاتفي أمس لـ«الشرق الأوسط» أن «الهيئة العامة لسياحة والآثار منحت كل التسهيلات، وسهلت جميع الإجراءات للمرشدين السياحيين، كما أن الحصول على رخصة الإرشاد السياحي لا يتعارض مع القيام بأي وظيفة أخرى، فالمعلم والقاضي وأي ممتهن بأي وظيفة يحق له الحصول على رخصة الإرشاد السياحي إلى جوار وظيفته وممارسة المهنة».

وأشار إلى أن «طريقة الحصول على الرخصة من خلال الاشتراك وتعبئة النموذج في موقع الهيئة وتجاوز بعض الاختبارات المعلوماتية، إضافة إلى موافقة الجهات الأمنية».

وفي سياق المطالبات بالتوسع في إيجاد المرشدين السياحيين، عد حجاج ومعتمرون برنامجهم اليومي لزيارة المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة، بأنه يوميات إيمانية تستشعر قيمة الزمان والمكان، ينقصها وجود كمّ معلوماتي يقدم من خلال مرشدين سياحيين يحول بينهم وبين اللغط التاريخي والعقائدي.

وأشار المعتمرون أن وقوفهم على غاري ثور وحراء، هو استجابة للثراء التاريخي الذي تحتضنه العاصمة المقدسة للمسلمين، مثل الملتزم، وهو الذي بين الحجر الأسود وباب الكعبة المشرفة، حيث يعد من الأماكن المستجاب فيها الدعاء، وهناك الحطيم، ويطلق عليه حِجر إسماعيل عليه السلام، ومقام إبراهيم عليه السلام، وزمزم، وهناك الحجر الأسود.

وأضاف خير الزمان محمد علي، أحد السائحين الماليزيين بجوار غار ثور، أن لبرامج الزيارات أبعادا دينية وسياحية كبيرة، فبالإضافة إلى أنها تقوى علاقة الحجاج والمعتمرين بالأماكن المقدسة في السعودية، تساعد مناطق السعودية الأخرى، التي لا تكتسب سمة التاريخية أو المقدسة بأن تحظى بتحرك الحجاج إليها, وأن يرتبطوا بأبعادها الجغرافية، من خلال دعمها وزيارتها سياحيا، بعد أن نقل إلينا أن السياحة مقتصرة على المناطق الباردة في السعودية.

وأضافت خديجة الكشميري، مسنة باكستانية تتحدث الإنجليزية، أن هذا البرنامج سوف يساعد على ضخ الكثير من المرشدين السياحيين إلى الأراضي المقدسة، وهو ما سيساعدنا على التعرف أكثر على غاري ثور وحراء وجميع مآثر النبوة وتحركات المصطفى (صلى الله عليه وسلم) والصحابة أجمعين، وزادت بالقول: «كم تمنيت أن أحظى بمرشدين يجيدون اللغة الإنجليزية كي أسبر أغوار التاريخ النبوي».

وقال الدكتور عبد الله المغلوث، الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النموذج من هذا النظام يساعد أولا على معرفة المعتمرين بالأماكن الأثرية التي تحتضنها البلاد، وهذا عامل أساسي لا ننظر له بنظره مادية بقدر ما ننظر له بنظره تاريخية، لما للسعودية من باع تاريخي عبر العصور وقبل الإسلام, وينقل للمعتمر فكرة أن المملكة ليست فقط دولة مصدرة للبترول إنما منتجة لبعض السلع ولديها إرث تاريخي قوي وعامر.

وتابع المغلوث حديثه: «لا شك أنه عندما يقر هذا البرنامج، سوف تسعى جميع الكليات السياحية وهيئة السياحة والاستثمار لضخ المزيد من الاستثمارات، إلى سوق العمل من مرشدين سياحيين لديهم فكر وثقافة سياحية، تجعل هذا المرشد أكثر مفهومية لنقل المعلومة واضحة وصريحة ومتسقة مع الواقع الآيديولوجي والتاريخي إلى المعتمر، وبالتالي ستنقل إشارة ورسالة إلى الجامعات والكليات ووزارة التعليم العالي بالذات بأن تضع في أجندتها أن تكون من مهماتها تخريج مرشدين سياحيين لتتقبلهم سوق العمل.

وأردف المغلوث بالقول: «سوق العمل بحاجة لمثل هؤلاء المرشدين السياحيين, والمرشد ليس فقط سياحيا ولكنه بالإضافة لذلك مرشد ديني، حيث إنه سيكون أكثر مرونة وانفتاحا وأكثر أسلوبا حضاريا في التعامل مع المعتمرين السياح من جميع أقطار العالم الأوروبي والآسيوي والأفريقي وغيرهم من الجنسيات المختلفة.

من جانبه، أشار سعد الجودي الشريف، خبير المنطقة المركزية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المردود الاقتصادي سينعكس إيجابيا عندما يأتي لمكة المعتمرون من كل أنحاء العالم إلى البلاد، وسوف تكون هناك ميزانيات للتسويق والشراء, وبالتالي يكون هناك تدفق مالي لدى المنتجين والفئة الاستهلاكية, والاستفادة من الفنادق والشقق, والنقل العام, بالإضافة إلى الترويج السياحي الذي ننعم به في بلادنا.

وزاد الجودي بالقول: «يسمح هذا النظام للمعتمرين بالتنقل إلى كل أنحاء السعودية بموجب ضوابط يتم التقيد بها، ومن ضمنها عدم إبقائهم لفترة معينة, ومتابعتهم حتى يتم ترحيلهم من البلاد, وبالتالي لن يكون المردود الاقتصادي مقتصرا على المناطق التاريخية، بل سوف يشمل جميع مناطق السعودية الأخرى, مثل الرياض المنطقة الشرقية، والمنطقة الغربية».

وأضاف بالقول: «هناك مناطق لا تعد مناطق تاريخية أو دينية مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة، بيد أنها تسويقية، ولها بعد جغرافي لدى بعض الدول, وبالتالي سوف يكون هناك مردود اقتصادي، وثقل وفكر لدى المعتمر عندما يأتي من بلاده، ويعرف ما تقوم به السعودية من مشاريع ضخمة في هذه المناطق التسويقية، وبنية تحتية، وأنها تسابق التنمية العمرانية على مستوى أوجهها، ونسابق الدول المتقدمة من حيث التقنية، والمشاريع العمرانية في الجامعات والكليات، وبالتالي نضع لهذا المعتمر فكرا ينقله إلى مجتمعه الأوروبي والآسيوي والأفريقي».

وأضاف الشريف: «عندما يتم تخريج وضخ العاملين من الشباب السعودي إلى سوق العمل سوف يكون هناك استغلال للفرص الوظيفية, وليس كمرشدين, بل سوف تكون الاستفادة شاملة لقطاع النقل, وقطاع الاستقبال, وفي عدة مجالات أخرى, الأمر الذي يتكون هناك عجلة اقتصادية عاملة باستمرار المستفيد الأكبر، وهو إنقاص أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل.

من جهته، أكد الدكتور عبد الرحمن مارية، أحد العاملين في قطاع الحج والعمرة، أن مثل هذه البرامج من شانها خدمة الكثير من المناطق التاريخية والإسلامية على وجه الخصوص، حيث كان الحديث في السابق عن عدم استغلال مثل تلك الأماكن الأثرية, ساردا حديثه: «قد كانت لي مشاركة في لجنة تختص بمدى إمكانية السماح للمعتمرين أو الحجاج للذهاب إلى المناطق السياحية والأثرية, وكنت مشاركا في عام 1413هـ في بحث مدى إمكانية مدى مرور الحجاج أو دخولهم إلى مدينة الطائف, بمعنى أن هذه الفكرة كانت مطروحة من قبل، ونشوء مثل هذا البرنامج من شأنه أن يدعم القطاع الاقتصادي في السعودية».

وأضاف مارية: «هذا البرنامج سوف يساعد الكثير من المعتمرين المقبلين إلى السعودية في التعرف على القيم التاريخية، والإسلامية، والأحداث التي مرت على مثل تلك المناطق الإسلامية, موضحا أن هذا من شأنه أن يساعد على دعم الاقتصاد في مناطق أخرى لم تكتسب طابع الأثرية أو التاريخية الإسلامية, ولكن مكتسباتها ترفيهية أو تسويقية, وبالتالي فإن قدوم أفواج كثيرة منهم يساعد على الانتعاش الاقتصادي في تلك المناطق المنتشرة في البلاد.