رئيس «مكافحة الفساد» لـ «الشرق الأوسط»: اكتمال جهاز الهيئة هذا العام.. ونسعى لافتتاح فروع في بقية المناطق العام المقبل

قال في أول حوار صحافي إن هناك أولوية للمواطنين في القرى والمناطق البعيدة التي تشكو نقصا في الخدمات العامة

صورة من كارثة جدة التي فتحت أبواب الحساب والفساد في السعودية.(تصوير: ثامر الفرج)
TT

في أول حوار صحافي له، واجه الرجل الأول في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، بحزم كل من يقف أمام مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الخاص بمحاربة الفساد في البلاد، مشددا على أنه في حالة عدم تجاوب الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة، فإن ذلك يعد مخالفة للمادة «الخامسة» من نظام الهيئة، وللأمر الملكي القاضي بإلزام الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة بالتجاوب معها خلال المدة المحددة، وإلزام الهيئة بالرفع لخادم الحرمين الشريفين عن الجهات التي لا تتجاوب، مما يستوجب المساءلة.

وكشف محمد بن عبد الله الشريف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لـ«الشرق الأوسط»، أن الهيئة تلقت حتى الآن ما يربو على 1000 بلاغ، منها ما يخص قضايا فساد، موضحا أن أي قضية تمر بمراحل المتابعة والتحري والتحقق، ثم التحقيق، وانتهاء بصدور الحكم.

وأرجع الشريف صدور أحكام بشأن الملفات التي تتابعها هيئة مكافحة الفساد إلى الجهات القضائية في البلاد بحسب كل قضية وحيثياتها.

وأعرب الشريف عن أمله بأن يكتمل الجهاز الرئيسي للهيئة هذا العام، كما هو مرسوم له في ميزانيتها، وأن تشرع في افتتاح فروع لها في مناطق المملكة العام المقبل، إضافة إلى الفرع النسائي، لافتا في ذات السياق إلى أن هيئة الفساد تكثف جولاتها التفتيشية على المشاريع الحكومية في جميع مناطق المملكة.

وتحدث محمد الشريف عن الحراك الذي أحدثته الهيئة الوطنية للفساد، منذ إنشائها على الرغم من حداثتها، ومنه معالجة المشاريع المتعثرة والمتأخرة، ومتابعة أعمال المقاولين والاستشاريين، مؤكدا أنه يتجنب الحديث عن الأمور التي لم تنجز.

ولفت إلى أن الضوابط المطبقة على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تكرس الشعور بالمسؤولية، وقيمة العمل في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، منوها بأن نموذج إقرار الذمة المالية يشمل الأموال والحقوق المالية والعينية والمعنوية للموظف، ومقدار الدخل أو المنفعة التي يجب الإفصاح عنها.فإلى مضابط الحوار:

* بداية، نبارك لكم قيام الهيئة التي بدت إنجازاتها، على الرغم من قصر عمرها، هل يمكن تسليط الضوء على ما تم منذ صدور الأمر الملكي بإنشاء الهيئة؟

- منذ صدور الأمر الملكي الكريم رقم (أ/65) وتاريخ 18 مارس (آذار) 2011، الذي نص في الفقرة «الثالثة» منه بأن على رئيس الهيئة، ورئيس هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، وضع التنظيم الخاص بالهيئة، وتم الانتهاء منه في فترة وجيزة، ثم عرض على مجلس الوزراء، فصدر قراره رقم 165 و2 مايو (أيار) 2011 بالموافقة عليه، ثم شرعت الهيئة في اختيار مقر لها، ووقع اختيارها على مقر شمال الرياض في حي الغدير، وتم الانتهاء من تجهيزه وتأثيثه، وتم الانتقال إليه في 29 يوليو (تموز) 2011، وفي نفس الوقت قامت بالبحث عن الكفاءات المتميزة، سواء من الجهات الحكومية التي تتشابه أعمالها مع الهيئة، أو من الخريجين في التخصصات التي تحتاجها الهيئة، وتراعي في ذلك الشروط الواجب توفرها فيمن يلتحق بالهيئة، كما تم الانتهاء من بناء الأنظمة واللوائح، سواء ما يتعلق منها بالهيئة ككيان أو بالتنظيم، كما قامت بمباشرة اختصاصاتها، سواء ما يتعلق باستقبال البلاغات من المواطنين، أو ما يتعلق بمتابعة الشأن العام، أو متابعة المشاريع العامة، والخدمات الصحية والبلدية والطرق والمياه والصرف الصحي.

* من المؤكد أن لديكم رؤية مستقبلية للتطوير، فهل يمكن أن نقف على ملامح منها؟

- تأمل الهيئة أن يكتمل جهازها الرئيسي هذا العام، كما هو مرسوم له في ميزانيتها، وأن تشرع في افتتاح فروع لها في مناطق المملكة العام المقبل، إضافة إلى الفرع النسائي، وأن تكثف جولاتها التفتيشية على المشاريع الحكومية في جميع مناطق المملكة، وأن تتابع ما يتعلق بالشأن العام ومصالح المواطنين، خاصة في القرى والمناطق البعيدة التي تشكو من نقص في الخدمات العامة، كما يتبين من بلاغات المواطنين.

* في الفترة الماضية تم استقبالكم من عدد من المسؤولين البارزين منهم سماحة المفتي، ووزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وغيرهم، ما تطلعاتكم من تلك الزيارات؟

- تهدف الهيئة من هذه الزيارات لتعزيز أوجه التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة مع جميع الجهات المشمولة باختصاصاتها لتنفيذ ما أوجبته الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، على كل جهة حكومية من الإسهام في الأنشطة الرامية إلى حماية النزاهة وإشاعة الشفافية ومكافحة الفساد.

* قدمت لمفتي السعودية عرضا للآلية التي تنتهجها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في استقبال البلاغات والشكاوى، هل لكم أن تشرحوا ذلك؟

- نصت الفقرة الـ12 من المادة الثالثة من تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على «توفير قنوات اتصال مباشرة مع الجمهور لتلقي بلاغاتهم المتعلقة بتصرفات منطوية على فساد، والتحقق من صحتها واتخاذ ما يلزم في شأنها، وتحدد اللوائح التنفيذية لهذا التنظيم الآلية والضوابط اللازمة لذلك»، وقامت الهيئة بإنشاء إدارة رئيسية لاستقبال بلاغات المواطنين، التي تتعامل معها الهيئة بحسب ما تقتضيه طبيعتها، كما أنه تنفيذا لهذا النص قامت الهيئة بإعداد لائحة تم رفعها لخادم الحرمين الشريفين حول البلاغات، نأمل أن تصدر قريبا.

* اعتمدتم مؤخرا ضوابط الإدلاء بإقرارات الذمة المالية، ونموذج إقرار الذمة المالية، التي سيقدمها موظفو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للإدارة المختصة بالهيئة، ما تلك الضوابط؟ ولماذا تأخر صدورها؟

- تطبق هذه الضوابط على موظفي الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذين يباشرون الوظائف المتعلقة باختصاصاتها المنصوص عليها في تنظيمها، وتهدف إلى تعزيز مبدأ الشفافية، والحصانة الذاتية ضد الفساد، وتكريس الشعور بالمسؤولية، وأهمية الانتساب للهيئة، وقيمة العمل في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، ويشتمل نموذج إقرار الذمة المالية على الأموال والحقوق المالية والعينية والمعنوية للموظف، ومقدار الدخل أو المنفعة التي يجب الإفصاح عنها، ولم يكن هناك تأخير في إصدارها، لأنها صدرت بتاريخ 4 ديسمبر (كانون الأول) وطبقت بتاريخ 31 ديسمبر 2011، وهو ما يتوافق وبداية العمل بالميزانية الحالية.

* قلتم بأن الهيئة طلبت من جميع الجهات العامة والشركات التي تمتلك الدولة نسبة 25 في المائة من رأسمالها، وضع لوحات في مواقع المشاريع بمقاسات حددتها الهيئة، في حال عدم التزام تلك الجهات بوضع تلك اللوحات، ما العقوبات التي سوف توجه لهم؟ وهل هناك جولات تفتيشية تقوم بها الهيئة للتأكد من ذلك؟

- المادة الخامسة من تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ألزمت الجهات المشمولة باختصاصاتها بتزويدها «وفق آلية تحددها» بالمشاريع المعتمدة لديها وعقودها وعقود التشغيل والصيانة، كما ألزمت هذه الجهات بالرد على استفسارات الهيئة وملحوظاتها، وإفادتها بما اتخذته حيالها، وذلك خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ إبلاغها بها، وقد صدر مؤخرا الأمر الملكي رقم (7816) بتاريخ 26 ديسمبر 2012، القاضي بإلزام الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة بالتجاوب معها خلال المدة المحددة، وإلزام الهيئة بالرفع لخادم الحرمين الشريفين عن الجهات التي لا تتجاوب.

* ظهر اسم الهيئة في عدد من القضايا منها حادث طالبات حائل، وحريق مدرسة البراعم في جدة وعدد من القضايا في البلاد، هل بالإمكان أن تكشف عن عدد القضايا التي توجد في الهيئة، ومتى يمكن صدور حكم في قضية فساد؟

- تلقت الهيئة حتى الآن ما يزيد على ألف بلاغ، منها ما يخص قضايا فساد، وكما تعلمون، فإن أي قضية تمر بمراحل المتابعة والتحري والتحقق، ثم التحقيق، وانتهاءً بصدور الحكم، الذي يرجع للجهات القضائية بحسب كل قضية وحيثياتها.

* ما معايير اختيار الكفاءات الجديدة التي انضمت للهيئة؟ وكم تبلغ أعدادهم حتى الآن؟

- تقوم الهيئة باستقطاب كوادرها من مصدرين، من الموظفين المتميزين أصحاب الخبرة في الجهات التي تتشابه أعمالها مع أعمال الهيئة عن طريق الإعارة، أو من الخريجين المتميزين في التخصصات التي تحتاجها، ويشترط فيمن يلتحق بالهيئة أن يتحلى بالحكمة والأمانة والنزاهة والحياد، وأن يؤدي القسم، ويقدم إقرار الذمة المالية، إضافة إلى الشروط الأخرى الواردة في المادة «التاسعة» من تنظيم الهيئة، وعدد موظفي الهيئة حاليا يقارب المائة.

* أبديتم امتعاضا من عدم تجاوب كثير من الجهات مع الهيئة، ما المعادلة التي سوف تعمل عليها الهيئة من أجل إجراء مزيد من التعاون؟

- تقوم الهيئة بالكتابة للجهات المشمولة باختصاصاتها، ثم تتابع معها، كما يقوم رئيس الهيئة بزيارات للمسؤولين للتعريف بأهداف واختصاصات الهيئة، وتعزيز أوجه التعاون مع هذه الجهات، وأخيرا فإن هناك ما يحتكم إليه في حالة عدم التجاوب، وهو الأمر الملكي الذي أشرت إليه آنفا.

* العقوبات التي لوحتم بها، ما أبرز ملامحها؟

- في حالة عدم تجاوب الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة، فإن ذلك يعد مخالفة للمادة «الخامسة» من تنظيمها وللأمر الملكي الذي سبق أن أشرت إليه، وهو ما يستوجب المساءلة.

* توقيع اتفاقية مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ماذا ترمون من خلالها؟

- هناك بحث أفكار مشتركة لتوقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، للاستفادة من خبرات الجامعة وإمكاناتها من خلال كرسي الملك عبد الله بن عبد العزيز لتعزيز قيم النزاهة.

* هل أنتم راضون عما قدمتموه حتى الآن؟

- بطبيعتي ومن خلال مسلكي في أعمالي السابقة، لا أحب الكلام عن أمور لم تنجز، وكل ما أستطيع قوله الآن أنني فخور بما أنجزت وزملائي من تأسيس وبناء متين للهيئة، رغم الزمن القصير جدا، وما حققته الهيئة على صعيد العمل والمبادرات، وما لمسناه من حراك وتوجه لدى مختلف الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة، من تحسن في الخدمات التي تقدم للمواطنين لا سيما معالجة وضع المشاريع المتعثرة والمتأخرة، ومتابعة أعمال المقاولين والاستشاريين.