الباحة تفتح الطريق أمام استثمار «جبل شدا» سياحيا

تشير نقوشه إلى أنه مأهول بالسكان منذ 5 آلاف عام.. وسكانه غادروه بحثا عن أرزاقهم

أهالي شدا الأصليون يعودون ويحولون جبالها إلى استراحات فخمة («الشرق الأوسط»)
TT

فتح مسؤولون عن الملف السياحي في منطقة الباحة الطريق أمام الراغبين في الاستفادة والاستثمار سياحيا لجبل شدا السياحي الذي يعد أعلى وأبرز جبال منطقة تهامة.

وأكد الأمير مشاري بن سعود بن عبد العزيز، أمير منطقة الباحة لـ«الشرق الأوسط»، أن «جبل شدا في تهامة بمنطقة الباحة يعتبر من المعالم السياحية التي تشتهر بها المنطقة كأكبر جبل في سهول تهامة إلى جانب جبلي ربا ونيس غرب محافظة قلوة».

وأضاف «بالإمكان أن يكون قبلة لعشاق الطبيعة بجميع مقوماتها، حيث فيه الجبال والأودية والكهوف والشجار النادرة ومنها شجرة البن إلى جانب الجو المتميز في الصيف والشتاء، حيث يجمع بين الأجواء الباردة لارتفاعه والمعتدلة لانخفاض بعض قراه وقربها من المخواة وقلوة وفيه مطلات على محافظتي المخواة وقلوة من جميع واجهاته».

واستطرد أمير منطقة الباحة بالقول «يمكن لأبنائه استثمار تلك المواقع وتحويلها إلى واجهات سياحية للجبل، وخاصة بعد أن قامت الدولة بتمهيد وتعبيد الطريق من طريق المخواة قلوة وحتى الكبسة في أعلى الجبل».

وبالرجوع إلى جغرافية شدا الأعلى، يقع شمال غربي المخواة في منطقة الباحة جنوب غربي السعودية ويبلغ ارتفاعه عن مستوى سطح البحر بارتفاع جبال السراة بما يزيد على ألفي متر عن سطح البحر.

ويعد شدا الأعلى من المعالم الشهيرة في منطقة تهامة زهران وهو عبارة عن كتلة صخرية واحدة توجد به ما يسمى الفراع التي استفاد منها الإنسان فعمل مدرجات زراعية واستوطن الجبل منذ العصور القديمة.

ويقع شدا على ارتفاع أكثر من 3 آلاف قدم فوق سطح البحر، وذلك عند دائرة عرض 19 درجة و51 دقيقة شمالا، وخط طول 41 درجة و19 دقيقة شرقا، مشيرا إلى أن ارتفاعه يبلغ نحو 3 آلاف قدم عن سطح البحر. وهناك أيضا جبل شدا الأسفل ويقع إلى الغرب من المخواة، وذلك عند دائرة عرض 19 درجة و43 دقيقة و40 ثانية شمالا، وخط طول 41 درجة و23 دقيقة شرقا، ويبلغ ارتفاعه عن مستوى سطح البحر 1513 قدما.

وتشير النقوش إلى أن شدا مأهول بالسكان منذ أكثر من 5 آلاف سنة، إذ إن في الجبل نقوشا ثمودية تدل على وجود الإنسان منذ ذلك العصر وربما قبله.

ويسكن شدا الأعلى «الحنشا» من قبيلة بيضان وبني عبد الله من غامد وعدد القرى التابعة لزهران خمس قرى وتعتبر الصور أكبر هذه القرى مساحة وتليها الصقران، فالجوة، فالعربا، فحضاة، ولغامد الساكنين الجبل أربع قرى، وهي الكبسة والمساعدة، ولحن، والملاليح. وقد غادر كثير من سكان شدا وهاجروا على مر العصور بحثا عن الرزق والحياة الأكثر سهولة، وهو ما يتحدث عنه الأديب الشاعر محمد مشعل الشدوي قائلا «إن هجرة السكان للجبل بدأت مع صعوبة الحياة قديما وصعوبة الطريق والتنقل من وإلى الجبل حديثا ويرجع تلك الهجرة إلى ما قبل ثلاثة قرون بحسب كتب التاريخ، حيث هاجر سكان شدا الأعلى منذ القدم وأول هجرة لهم كانت لوادي نيرا وهي منذ أكثر من 300 عام ثم تلتها الهجرات فكانت مع بداية ظهور النفط فهاجر جزء من أبناء الجبل إلى المنطقة الشرقية والكويت».

وأضاف «من أبناء الجبل من عملوا في شركتي (جتي) و(أرامكو) السعوديتين وتبوأ بعضهم مراكز وظيفية جيدة، وخاصة المهندسين منهم ثم كانت الهجرة الثالثة إلى مكة المكرمة ومن أبناء الجبل من استوطن مكة منذ قرابة خمسين عاما حتى الآن، وكانت الهجرة الأخيرة نزوحا كاملا من الجبل إلى محافظتي المخواة وقلوة وبقي الجبل مزارا فقط».

وحول إشاعة وجود الحيوانات المفترسة التي تعيش في جبل شدا يقول الشدوي «نعم تتمثل في النمر العربي والضباع التي يسمونها محليا (الجعري) ويعيش الذئاب والقط الجبلي وهو أصغر من النمر ويسمى محليا الفهد وتوجد به زواحف من نوع الكبرى والماصول، ومن الطيور طائر الحجل والصفرد ويوجد مكان تفرخ فيه الصقور (وهي منطقة الخيمة) وهي من نوع الشاهين الجبلي، وقد قامت الحياة الفطرية بالمملكة بتحديد شدا الأعلى محمية طبيعية للنمر العربي، ومنع الصيد فيه وهناك مركز للحياة الفطرية بالجبل».

وفي المجال الزراعة الذي يعد من أبرز معالم الجبل يقول غرم الله بن عطية أحد أعيان شدا الأعلى ومعرف الأهالي «إننا نزرع كل ما يزرع في مستوى قمة الجبل في السراة بحكم الأجواء التي تشبه أجواء الجبال»، مشيرا إلى أنه تستخدم في الزراعة قديما الآلات البدائية التقليدية بواسطة الثيران ثم الحراثات بعد وصول الطريق.

وبالعودة إلى المسؤولين في منطقة الباحة، يؤكد حامد بن مالح الشمري وكيل إمارة منطقة الباحة حرص إمارة المنطقة على استثمار هذا الموقع سياحيا لما يحويه من آثار وطبيعة جميلة وأشجار مهمة كشجرة البن الذي تشتهر به مزارع شدا الأعلى والأسفل.

وأضاف «إن أمير منطقة الباحة أولى السياحة بالمنطقة اهتماما بالغا وشجع رجال الأعمال على الاستثمار بالمنطقة ووفر لهم مناخا مناسبا من خلال إنشاء مكتب للاستثمار بالإمارة للتواصل مع رجال الأعمال وتسهيل مهمتهم وتذليل كافة الصعوبات أمامهم من أجل تطوير المناطق السياحية بالمنطقة واستثمارها بالشكل الملائم وتهيئة مكان مناسب لكل زائر ومصطاف من خلال توفير أماكن جميلة يتنزه بها هو وعائلته في ظل أجواء المنطقة الساحرة أيام فصل الصيف، والتي يتوافد إليها الكثير من المصطافين».