أعضاء في الشورى ورجال أعمال لـ «الشرق الأوسط»: معظم إنجازات سيدات الأعمال السعوديات «حبر على ورق»

قلن إن من حق أي امرأة تدير عملا ولو كان بسيطا أن تحمل هذا الاسم

سيدات الأعمال الحقيقيات يتحدثن بأسماء الآلاف من النساء اللاتي لن يستطعن العمل بأي مطالبات حتى وإن تحققت («الشرق الأوسط»)
TT

شن عضو في مجلس الشورى هجوما عنيفا على سيدات الأعمال السعوديات اللاتي اعتبر معظمهن مجرد «حبر على ورق»، في ظل اتخاذهن لهذا اللقب من منطلق «بريستيج» للتباهي بها بين أفراد المجتمع، مؤكدا أن مثل هذه الألقاب ليست مهمة بقدر ما يجب التركيز على الأعمال التي من شأنها أن تقود عجلة الاقتصاد في الدولة.

ووصف الدكتور نجيب الزامل، عضو مجلس الشورى، وجود بعض سيدات الأعمال بـ«الديكور»، اللاتي لا تدور أموالهن في العجلة الاقتصادية، مؤكدا على أن هذه الألقاب ليست مهمة بالنسبة للمرأة أو الرجل بقدر ما ينبغي الاهتمام بأعمال تقود إلى تحريك عجلة المجتمع ورفع الأداء الاقتصادي للبلد.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأعمال الحقيقية ليست تلك التي تنتج ربحا فقط، وإنما هي ما تقود إلى تنمية المجتمع وتطويره وتوزيع المال على شرائحه، من موظفين وغيرهم، بشكل أو بآخر»، لافتا إلى أن سيدات ورجال الأعمال الحقيقيين يعتبرون المنشط الأساسي لاقتصاد الدولة، لا سيما أنه حتى الرخاء ناتج عنهم في حال انتعاش الأسواق وزيادة الأعمال الحقيقية فيها.

وشدد على أهمية ارتقاء التجارة الحقيقية بمستويات أفراد المجتمع من خلال توفيرها فرصا وظيفية وزيادتها للاقتصاد وتحقيقها النفع على الكثيرين، مطالبا بضرورة وجود تشجيع اجتماعي من جهة وحكومي من جهة أخرى عن طريق تقديم حوافز لسيدات الأعمال الحقيقيات.

ولكنه استدرك قائلا: «من الضروري أيضا خلق تشجيع سلبي لمن تستخدم مثل تلك الألقاب دون وجود أي نفع على المجتمع، خصوصا هؤلاء اللاتي يحققن أرباحا كبيرة ولا يساعدن في تنمية الاقتصاد، وذلك من خلال فرض رسوم مادية عليهن».

وأشار إلى وجود سيدات أعمال مساهمات بشكل حقيقي في رفع المجتمع بكل المجالات، غير أنه في المقابل هناك من تضخ ملايين الريالات من أجل الدعايات والإعلانات والترويج لنفسها فقط (بحسب قوله).

وفيما يتعلق بالمعايير التي ينبغي أن تتوفر في السيدة كي يتاح لها إطلاق لقب «سيدة أعمال» على نفسها، أفاد عضو مجلس الشورى بأن العمل الذي تقوم به هو ما يحكم عليها إذا ما كانت حقيقية أو مجرد حبر على ورق.

الكثير من الجهات المنظمة للندوات والمؤتمرات الاقتصادية وحتى الاجتماعية، باتت تسوق لمثل هذه المناسبات عن طريق دعوة أكبر قدر ممكن من النساء تحت اسم «سيدات الأعمال» لتخرج من خلالها أعداد تدل على وجود آلاف السيدات من صاحبات الأعمال، بصرف النظر عن حجم أعمالهن وتنوعها التجاري.

آراء مجموعة من سيدات الأعمال السعوديات جاءت متشابهة إلى حد كبير في كونهن يملكن الحق على إطلاق ذلك الاسم عليهن بصرف النظر عما يمتلكنه من أعمال، حيث ترى الدكتورة عائشة نتو، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة، أنها لم تصادف مطلقا سيدات يدعين أنهن صاحبات أعمال.

وقالت في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك سيدات ما زلن صاعدات، وينشئن محلات صغيرة، ويطلقن على أنفسهن لقب سيدات أعمال، إلا أنه لا يمكن لأحد أن ينكر عليهن ذلك باعتبارهن يمتلكن سجلا تجاريا». وأبانت وجود من هن مدعومات من قبل أسرهن ليبدأن أعمالهن، وقد استطعن الوصول فعلا، إلى جانب سيدات يعشن حالات الصعود والهبوط في عملهن لأي ظروف كانت، التي من ضمنها ارتفاع إيجارات محلاتهن أو الانتقال من مكان إلى آخر، مؤكدة على وجود تنوع في سيدات الأعمال، غير أنه من غير الممكن الجزم بعدم وجودهن في المجتمع.

واستطردت في القول: «يحق لأي امرأة تدير عملا مهما كان حجمه أن يطلق عليها لقب «سيدة أعمال»، وليس ضروريا أن تكون من أصحاب الملايين، لافتة إلى أن مجموعة من السيدات حاولن المطالبة بإلغاء هذا اللقب واستبدال «صاحبات الأعمال» به. وأكدت على أن حتى النساء اللاتي يعملن من داخل منازلهن يعتبرن سيدات أعمال، إذ إنه ليس من الضروري أن يكن داخل السوق وبين ملايين الريالات كي يحظين بهذا اللقب، معتبرة تلك النظرة التي تستهجن حمل أي صاحبة عمل لهذا اللقب ثقافة قديمة ينبغي تغييرها.

وزادت: «تواجه سيدات الأعمال الكثير من الصعوبات المتعلقة بالإجراءات الحكومية، وخاصة المبتدئات منهن، في ظل عدم امتلاك المراكز النسائية في الإدارات الحكومية لصلاحيات كاملة تخوله لها إنهاء متطلبات صاحبات الأعمال، وهو ما يؤكد سيطرة الرجال حتى الآن على مثل تلك الأمور».

في حين استنكرت الدكتورة لمى السليمان، نائبة رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة، ما وصفته بـ«حسد» الرجال للنساء على حملهن لمثل تلك الألقاب، قائلة: «حتى اسم سيدة أعمال يريدون أن يحسدوا المرأة عليه».

وقالت، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «وفق أنظمة وزارة التجارة والصناعة فإن لقب (سيدة أعمال) يطلق على من لديها سجلان تجاريان وأكثر، ولا مانع من إطلاقه على أي امرأة صاحبة عمل مهما كانت نوعيته»، مشيرة إلى وجود صعوبات في الإجراءات الحكومية التي من شأنها أن تؤثر على النشاط الفعلي لسيدات الأعمال السعوديات.

بينما اعتبر الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ، رجل الأعمال السعودي وأحد أعضاء الغرفة التجارية الصناعية بجدة، أن اسم «سيدة أعمال» هو لقب يدغدغ المشاعر للرجل أو المرأة على حد سواء، مرجعا سبب كثرة حاملات ذلك المصطلح إلى فتح الباب أمام السيدات لأول مرة في الغرف التجارية بشكل عام.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «يعد هذا اللقب من حق المرأة طالما تحمل سجلا تجاريا، أو تملك أي استثمار عقاري يدر دخلا ماديا عليها، أو حتى إن كان لديها مبلغ مستثمر في المحافظ أو الأسهم»، ولكنه استدرك قائلا: «أصبح مصطلح سيدة أعمال جزءا من حياة المرأة، ليجعلها تقضي وقتا في الغرف التجارية وتطالب بالكثير من الأمور، غير أنها لا تسعى فعليا إلى تحقيقها وإنما ترغب في أن ينفذها لها الرجل».

واعترف بأن عدد سيدات الأعمال السعوديات الحقيقيات لا يتجاوز العشرات، اللاتي عادة ما يتحدثن باسم آلاف السيدات ممن ليس لديهن أنشطة اقتصادية فعلية، مضيفا: «الكثير من المطالب تطالب بها صاحبات الأعمال الحقيقيات كي يتم تحقيقها لكل سيدات الأعمال، إلا أنه في حال تحققها فإن الكثير من السيدات لن يستطعن العمل بها». وبيّن وجود مطالبات وصفها بـ«المبالغ فيها»، التي من ضمنها التحدث عن أن هناك الآلاف من سيدات الأعمال بينما الموجودات لا يزيد عددهن على الـ10، في حين يقتصر نشاط الباقيات على حضور المؤتمرات والندوات فقط، مستدركا بالقول: «غير أن اسم سيدة أعمال يعد حق من حقوق المرأة أن تكتسبه» (بحسب وصفه).

وشدد الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ على ضرورة التفرقة بين قطاع الأعمال والقطاع التطوعي والخيري، خصوصا أن مئات السيدات تفوقن على الرجال في مجال التطوع والأعمال الخيرية، لا سيما أن معظم المبادرات القوية في هذا المجال تنطلق من السيدات، مؤكدا أن المرأة في محافظة جدة يستهويها العمل التطوعي والخيري أكثر من العمل في قطاع الأعمال والغرف التجارية (بحسب قوله).

بينما حمّلت إحدى سيدات الأعمال السعوديات، مسؤولية كثرة استخدام ذلك اللقب من قبل معظم النساء إلى من يجتمع معهن دون التأكد من هويتهن ونشاطهن التجاري الحقيقي، خصوصا أن التجارة بمفهومها البسيط عبارة عن بيع وشراء.

وقالت سيدة الأعمال السعودية (التي فضلت عدم ذكرها) خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «كل واحدة تطلق على نفسها هذا اللقب فإنه من المؤكد أنها تعمل في البيع والشراء ولو ضمن مشاريع صغيرة أو أنها تدير مكتبا أو منشأة خاصة بها، غير أنه من الضروري جدا على من يتعامل معهن التحري عن الباب الذي يودون طرقه».

ومما لا شك فيه أن قرار تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية التي شرعت في تطبيقه كل الجهات المعنية سيسهم بشكل أو بآخر في زيادة أعداد صاحبات الأعمال، ممن قد يبدأن مشوارهن في التجارة عن طريق مقعد بائعة ليتسّعن بعد ذلك في إنشاء نشاطات تجارية خاصة بهن، غير أن الفاصل الحقيقي لقياس مدى جديتهن في تحريك عجلة الاقتصاد بالشكل الصحيح ستحدده معايير معينة، من ضمنها مدى الفائدة التي قد تجنيها صاحبات تلك الأعمال، إلى جانب العوائد التي قد تعود على المجتمع بشكل عام من خلال الفرص الوظيفية الناتجة عن هذه النشاطات.

الجدير بالذكر، أن اقتصاديين كانوا قد توقعوا توفير أكثر من 300 ألف فرصة عمل نسائية في السوق المحلية برواتب سنوية لا تقل عن 36 ألف ريال للموظفة، في حال إشغال جميع الوظائف المتاحة بعد تطبيق قرار تأنيث المحلات النسائية، الأمر الذي سيؤدي إلى تحقيق إيرادات سنوية تفوق 10 مليارات ريال، مما يسهم في تقليص الحوالات الأجنبية بنفس المقدار.

وبحسب الدكتور فهد بن جمعة، المستشار الاقتصادي، فإنه، طبقا لبيانات مصلحة الإحصاءات العامة في 2009، بلغت القوى العاملة النسائية 705.7 ألف عاملة، منهن 200 ألف عاطلة، بينما وصل عدد العاطلات خلال عام 2008 إلى 163.789 ألف عاطلة، متوقعا أن تكون الأرقام أكبر من ذلك، عند حساب الزيادة في 2010 و2011، مما قد يضع العاطلين بين النساء في نطاق 300 ألف.

وهنا علقت سيدة الأعمال السعودية قائلة: «إن قرار تأنيث محلات المستلزمات النسائية من شأنه أن يفتح آفاقا كبيرة أمام السيدات، ليصبحن فيما بعد صاحبات أعمال، إذ إنه يوسع مداركهن ويخلق نوعا من التوازن الطبيعي في السوق، خاصة أن الحياة الطبيعية الفطرية تقوم على التكافؤ في توزيع الفرص بين الرجال والنساء».

وأفادت بأن المجتمع اعتاد رؤية المرأة داخل المحلات التجارية كبائعة، وذلك في ظل كسر حاجز الخوف لديها، وإزالة كل العقبات التي عطّلت تنفيذ القرار في فترة من الفترات، إلى جانب أن تأنيث عدد أكبر من المحلات بنشاطاتها المختلفة سيخلق بيئة مناسبة لزيادة أعداد سيدات الأعمال الحقيقيات.

وحول تأثر صاحبات الأعمال الفعليات بغيرهن من السيدات اللاتي اتخذن ذلك اللقب من باب المباهاة فقط، أكدت على أن ذلك لا يؤثر على عمل الأخريات، ولكنها استدركت قائلة: «إن اتخاذ هذا الاسم قد يكون من منطلق الطموح لمن يمتلكن أعمالا بسيطة، ولكن طريقة الحوار معهن ومظهرهن هو ما يحدد إذا ما كانت سيدة أعمال حقيقية أم لا، في ظل اكتشاف ثغرات تثبت العكس».

وتابعت: «جميل أن يكون هذا الطموح موجودا لدى السيدات، وبالتالي فإن ذلك سيسهم في تفعيل دور المرأة الحقيقي بالمجتمع على مستوى القطاع الاقتصادي بشكل عام، إضافة إلى أن هناك الكثير من الموظفات استطعن إنشاء عمل خاص بهن بعد أن اتخذن الوظيفة نقطة انطلاقة لأعمالهن».

من جهته، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، عبد الله العقيل، وكيل وزارة التجارة والصناعة للتجارة الداخلية، أن اشتراطات استصدار سجل تجاري للمرأة لا تختلف مطلقا عن الموضوعة بالنسبة للرجل. وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «تتمثل تلك الاشتراطات في أن لا يقل سن المتقدمة بطلب استصدار سجل تجاري عن 18 عاما، إلى جانب أن لا تكون موظفة في قطاع حكومي كي يتم منحها سجلا تمارس من خلاله نشاطها التجاري، فضلا عن أن الوزارة تدعها تدير عملها بنفسها دون شرط وجود رجل».

ولعل نشاط المرأة كسيدة أعمال يظهر واضحا من خلال شبكة الإنترنت، في ظل إنشاء الكثير من المواقع الإلكترونية التي تهدف إلى جمع سيدات الأعمال السعوديات تحت مظلة واحدة، في محاولات فردية منهن لتوحيد جهودهن والاستفادة من خبرات بعضهن.

أحد المواقع الإلكترونية الذي يحمل اسم «أول موقع لسيدات الأعمال السعوديات»، تديره مجموعة من المتخصصات في مجال الاقتصاد والأعمال، إلى جانب عدد من سيدات الأعمال في المملكة، حيث يتكون من منتدى يضم أكثر من 2000 عضو قدموا من خلاله ما يزيد على 17.8 ألف مشاركة.

ويحتوي الموقع على 8 أقسام تتضمن العامة والتجارة والأعمال الأدبية والإبداعية والتعليمية والتسلية والترفيه والأناقة والجمال والتصميم والديكور والأسرة والمجتمع، إضافة إلى مجلة «سيدة الأعمال» التي تضم مواضيع مختلفة تهتم بالأبناء والتدريب والأزياء والمشاريع، فضلا عن نصائح عامة وحياتك الزوجية، إلى جانب الاستعانة بمواضيع أخرى من مواقع إلكترونية مختلفة.

كما يشتمل أول موقع لسيدات الأعمال السعوديات على قسم «أنظمة» المتعلق بأنظمة ولوائح مهمة لسيدات الأعمال في المملكة، التي من ضمنها أنظمة الخدمة المدنية ومكتب العمل والغرف التجارية والصندوق العقاري والتربية والتعليم.