الباحة: رصد 3 آلاف بئر «مكشوفة».. وجهات أمنية «تستنفر»

محافظ بلجرشي لـ «الشرق الأوسط»: سنعمل على تحقيق رغبة الدفاع المدني لدفن أو تسوير هذه الآبار

الجهات الأمنية لوحت بعقوبات رادعة للمتهاونين في تسوير الآبار لما تشكله من مخاطر على الحياة («الشرق الأوسط»)
TT

دقت جهات أمنية جرس الخطر في منطقة الباحة جنوب السعودية محذرة من وجود نحو 3165 بئرا مكشوفة تنتشر في المحافظات وتشكل خطرا على حياة السكان. مطالبة أصحابها بسرعة تسويرها. ومتوعدة بعقوبات رادعه لمن يتهاون لما يسببه ذلك من إشكالات جرى رصدها في الفترة الماضية.

وقال لـ«الشرق الأوسط» العميد إبراهيم بن حسين الزهراني مدير الدفاع المدني بالباحة حول هذا الأمر «يوجد آلاف الآبار في المنطقة بعضها تم تسويرها من قبل ملاكها وبعضها لا يزال يشكل خطورة فعلا لعدم وجود حوامٍ خرسانية أو شبوك قوية على فوهاتها».

وأضاف «انتهت مناقشة جميع مشكلات الآبار من قبل اللجنة الرئيسية بالمنطقة والتي يرأسها الأمير مشاري بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة الباحة ورفع مجموعة من التوصيات حيال تلافي تلك المشكلات والمخاطر ومنها التنسيق حيال عقد اجتماع وتكوين لجنة مشتركة خاصة بالآبار مكونة من: الشرطة الدفاع المدني - المياه - الأمانة - الإمارة».

واستطرد «رأت اللجنة تكليف رؤساء المراكز وعُرفاء القرى بالإبلاغ عن أصحاب الآبار غير المسورة والرفع بالأشخاص غير المتجاوبين والمتهاونين في تسوير آبارهم لمقام الإمارة كل في حدود قريته وتكليف أصحاب الآبار المهجورة والمتروكة بدفنها أو الاستفادة منها». موضحا أنها «تبلغ 3165 بئرا معظمها في محافظة بالجرشي التي تبلغ فيها أكثر من 1700 بئر تليها محافظة المندق فيها 536 بئرا مكشوفة ثم محافظة القرى وبها 428 بئرا ثم العقيق والمخواة والباحة وأقلها عددا في محافظة قلوة حيث لا يزيد عن 15 بئرا».

في حين علق المقدم جمعان دايس الغامدي الناطق الإعلامي بمدني الباحة بقوله «تكمن المشكلة في فقد بعض الأطفال مثلا أو المرضى النفسيين مما يجعل الدفاع المدني يقضي الساعات الطوال للبحث في هذه الآبار التي كثيرا ما تدور الشكوك حولها وفي النهاية قد لا يكون المفقود في أي منها وبالتالي فيه هدر للوقت وإزعاج على كثير من الجهات ذات العلاقة».

ويشدد المقدم الغامدي على ضرورة تسوير الآبار سواء الخاصة بأفراد أو تلك التي يشترك فيها أكثر من شخص ويكون من ضمن هؤلاء الأشخاص من يعيش خارج منطقة الباحة في مناطق أخرى بسبب العمل والإقامة في أمهات المدن ولا يوجد له عنوان معروف لدى الجهات ذات العلاقة وعدم استجابتهم للحضور أو وجود الشركاء في بعض الآبار وعدم اتفاقهم على توفير ما طلب منهم.

ويستطرد: «أما عن إنجازات الدفاع المدني في التعامل مع هذا النوع من الحوادث فيوجد لمديرية الدفاع المدني بمنطقة الباحة وجميع إداراتها أحدث التجهيزات والآليات والمعدات الفنية كما يوجد بكل إدارة مجموعة من الغواصين المدربين والمؤهلين للتعامل بحرفيه تامة في إخراج الغرقى والمحتجزين داخل تلك الآبار».

ويستغل المقدم الغامدي حديثه ليبث على حد قوله من خلال «الشرق الأوسط» دعوة لأهالي المنطقة للتعاون مع الدفاع المدني في تسوير آبارهم والإبلاغ عن كل متهاون والمحافظة على الأرواح. مؤكدا «وليكن شعارنا في هذه المنطقة (السلامة دائما)».

وفي ذات السياق، يؤكد المواطن عبد الله فاضل عضو مجلس المنطقة وأحد أعلام المنطقة بقوله «الآن أصبحت هذه الآبار مصادر خطر على المارة وعلى الأطفال وقد تشكل هاجسا أمنيا لأنها مكشوفة وغير مستخدمة والأشجار أحاطت بفوهاتها إلى درجة يمكن أن تشكل مساقط للحيوانات الضالة أو الآدميين».

وأضاف «على وزارة الزراعة والبنك الزراعي مساعدة المزارعين لتسويرها ووضع شبوك غليظة على فوهاتها أو ردم بعضها التي لا يستفاد منها في ظل وصول المياه عن طريق مشروعات السقيا من خارج المنطقة عبر السدود وقريبا التحلية من مياه البحر الأحمر عبر الشعيبة في منطقة مكة المكرمة بواسطة نقل المياه عن طريق الطائف الباحة إلى جانب مشروعات مياه عردة وسد العقيق بالباحة وطالب بحصرها ومعرفة مدى صلاحية مياهها لأن بعض المواطنين يستخدمها بواسطة مضخات المياه حيث بعض هذه الآبار يوجد عليه ما بين عشر وعشرين مضخة حتى لا تكاد ترى الماء من كثرتها وكثرة أسلاك الكهرباء بطريقة غير نظامية وبعضها معلق في الهواء تعلو الطرق المؤدية للقرى وبعض هذه الأسلاك مكشوفة قد تسبب حوادث خاصة للأطفال».

إلى ذلك يؤكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد جمعان دادا محافظ بالجرشي باعتبار محافظة بلجرشي من أكثر المحافظات في وجود الآبار المكشوفة حسب الإحصائية الخاصة بالدفاع المدني ويقول «سنعمل على التعاون مع الدفاع المدني في المنطقة وفي بلجرشي على وجه التحديد ونتعرف على مواقعها ونخاطب شيوخ القبائل ومعرفي القرى والملاك أنفسهم وسنعمل على تحقيق رغبة الدفاع المدني لما في ذلك من مصلحة عامة وسدا لمواقع قد تشكل خطورة على الناس وحتى الحيوانات إلى جانب أنها تشكل إزعاجا للسلطات في حوادث الغرق مثلا أو ما شابهها».

وأضاف «سيعقد اجتماعا مع المسؤولين ذوي العلاقة في المحافظة لبحث الطرق الكفيلة بتسوير هذه الآبار لمن يريد إبقاءها أو دفنها إذا لم تكن الحاجة قائمة لا سيما أن مشاريع المياه الحومية قد ألغت الكثير منها وأن بعضها لا يوجد به ماء بعد شح الأمطار». داعيا المواطنين إلى التعاون في سبيل تقليص هذه النسبة وهذا العدد الكبير الذي يشكل ثلثي الآبار المكشوفة والخطرة في المنطقة.

ويشار إلى أن منطقة الباحة إلى عهد قريب كانت منطقة زراعية تشتهر بأراضيها الزراعية المنتشرة في عشرات الأودية التي تتوسد جبال السراة التي تكثر فيها المصاطب الزراعية على شكل مدرجات محاطة بجدران لحفظ التربة والمياه التي تعتمد في السقيا على مياه المطر وكانت تجبى منها أجود أنواع الحبوب كالقمح والشعير والذرة وأنواع كثيرة من الحبوب المحلية التي كانت تصدر للمنطقة الغربية بالذات لقربها وخاصة أثناء المواسم وتنتشر في منطقة الباحة آلاف الآبار التي حفر بعضها قبل مئات السنين وبعضها حديث ولكن قبل أن يتجه الناس لحفر الآبار الارتوازية بمئات الأمتار بحثا عنا الماء في بطون الأودية وأعالي الجبال حيث يقول أحد المعمرين علي بن محمد الزهراني «إن الآبار المحفورة في قريتهم لا يعرف متى حفرت وإن بعضها محفور بطريقة صعبة جدا حيث تم حفر البير من وجه الأرض وعلى أعماق تصل ما بين عشرين إلى ثلاثين مترا وقطر قد يصل بين ثلاثة وأربعة أمتار بشكل دائري أو مربع عبارة عن صخور مقصوصة بطريقة حتى الآن لم يعرف الآلات التي حفرت بها ولم تبحث من قبل الجيولوجيين».

وأضاف «كانوا يعتمدون في معرفة وجود الماء في باطن الأرض عندما يريدون حفرها بواسطة ما يسمونه بالمبصر أو المهندس الذي يعتمد على حاسة خاصة بعضهم يعزوها لوجود نوع من أنواع الجان يهتدي به لوضع كمية من الأحجار في وسط المكان الذي يعتقد أن فيه ماء غزيرا يكفي المزارع التي تحيط به».