منتدى جدة الاقتصادي يفشل في مناقشة أعمال البر والخير المحلية والعربية

بينما تتصدر السعودية دول العالم بـ125 مليار ريال سنويا في هذا المجال

جانب من جلسة اليوم الختامي لمنتدى جدة الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
TT

فشل منتدى جدة الاقتصادي يوم أمس في مناقشة محور أعمال البر العربية وتعزيز فن العطاء وإنصاف المجتمع، وذلك في ظل استقطاب متحدثين «غرب» خلال تلك الجلسة والذين لم يتمكنوا من الرد على معظم مداخلات الحضور باعتبارهم ليسوا على دراية بالشأن العربي حول ذلك الأمر.

الفشل الذي شهده المنتدى خلال هذا العام اعترف به صالح كامل رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة ضمن مؤتمر صحافي عقد بعد انتهاء الجلسة الثانية، مرجعا سبب ذلك إلى إخفاق الغرفة في اختيار الأسماء المتحدثة في كافة جلسات المنتدى المخصصة لمناقشة الشأن المحلي.

إلى ذلك، كشف لـ«الشرق الأوسط» المهندس هاني خوجه المدير والشريك لاستشارات «إكسير» للشركات عن أعمال البر والإحسان السعودية عن بلوغ نسبة الخريجات والخريجين السعوديين الجدد الراغبين في الانخراط بمجال الأعمال التطوعية والخيرية 0%، وذلك بعد دراسة أجراها على ما يقارب 60 خريجا وخريجة.

وأرجع سبب ذلك إلى الانطباع الخاطئ الموجود لديهم عن الأعمال التطوعية والخيرية، إلى جانب أن هذا المجال لا يوفر لهم دخلا ماديا مما يدفع بهم إلى ممارسته من باب التسلية فقط لحين عثورهم على وظائف أخرى.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من فرض نظام معين للأعمال التطوعية والخيرية وإيجاد جمعية عمومية ووضع خطة زمنية، شريطة أن تكون القيادة العاملة في هذه الجمعية ذات مؤهلات تسمح لها بهذا المنصب، ولا سيما أن معظم القياديين في هذا المجال هم من أصحاب المناصب الاجتماعية أو الذين ينتمون إلى العائلات الغنية ماديا»، مطالبا بتحويل الجمعيات الخيرية إلى مؤسسات حقيقية من خلال استقطاب أفضل الكوادر ودفع أجور مناسبة لهم.

ولفت إلى أن مثل هذه الحلول من شأنها أن تتغلب على البطالة الموجودة بين الشباب السعودي وتزيد من رغبتهم في العمل ضمن المجال التطوعي والخيري، لافتا إلى أن قطاع التطوع يعد ثالث أكبر القطاعات استقطابا للكوادر في أميركا.

الجلسة الثانية من جلسات اليوم الأخير لمنتدى جدة الاقتصادي شهدت مطالبات كثيرة بضرورة توجيه أعمال البر والخير في السعودية إلى تحقيق التنمية الشاملة، عدا عن التشديد على إيجاد استثمار أفضل لأكثر من 125 مليار ريال تنفق سنويا في هذا المجال لتضع المملكة في المركز الأول عالميا.

الدكتور هيرمان دو بوده العضو المنتدب لشركة «ماكينزي أند كومباني» أفاد خلال حديثه في تلك الجلسة بأن 90% من نشاطات البر بالسعودية لا يتم توجيهها في الطريق الصحيح، لافتا إلى ضرورة النظر لمشاريع تعطي فائدة على المدى الطويل.

وأضاف: «تقول الأرقام إن النشاطات البرية والخيرية في أميركا تمثل نحو 2% من مجموع الدخل الوطني، في حين أنها تمثل في السعودية ما يقارب 5% لتكون الأعلى على مستوى العالم، مما يعني أن هناك ما يزيد عن 30 مليار دولار سنويا، وهو يفوق ما يتم إنفاقه في الولايات المتحدية الأميركية مرتين ونصف المرة».

وذكر أن جانبا كبيرا من المليارات التي تنفقها المملكة في البر «مشتتة» ولا تستثمر بالشكل الصحيح، الأمر الذي يحتم توجيهها إلى مبادرة واحدة محددة تهم قطاعا كبيرا في المجتمع ويجري التركيز عليها، مستشهدا على ذلك بمؤسسة «بيل غيتس» الخيرية في أميركا التي تقوم بطرح موضوع واحد كل عام بعد دراسات كثيرة توضح الجدوى الإنساني منه وقدرته على تحقيق الاستدامة.

وتابع: «يجب على السعودية تحويل الأموال التي تنفقها في البر إلى عطاء مسؤول، بدلا من جمع الأموال بسرعة وانتهائها بسرعة أيضا، ما يجعلها لا تساهم في تحقيق التنمية الشاملة»، داعيا إلى ضرورة تقديم آلية جديدة تتعلق بأعمال البر والعطاء وإدارتها بصورة تضمن تحقيق فوائد على المدى الطويل.

وأشار هومايون إلى أن السعودية قادرة على جمع 125 مليار ريال سنويا، سواء من أموال الزكاة أو البر، مما يستدعي ضرورة استثمار هذه الأموال في مشاريع مستدامة تتعلق بالتوظيف وتحقيق الرفاهية للمجتمع، والدمج بين مفهوم الوقف والزكاة.