الاحتياطات الأمنية تسبق افتتاح معرض الرياض للكتاب 2012

تكريم عدد من المثقفين وإطلاق بوابة إلكترونية للمكتبات.. ومعرض «افتراضي» مصاحب للمرة الأولى

يأتي معرض الرياض الدولي للكتاب وسط حالة ترقب في الأوساط الثقافية والاجتماعية (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

في مساء ثقافي لم يخل من احتياطات أمنية تمثلت في عملية تمشيط قام بها عدد من رجال الشرطة لكافة أرجاء المعرض للتأكد من سلامته أمنيا، على خلفية ما تناقلته عدد من المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي مطالبة بالاحتساب والتنديد بما يقدمه ويعرضه معرض الرياض الدولي للكتاب 2012 من إصدارات وكتب تخالف الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد المحلية.

في وقت أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الإجراءات الأمنية هي أمر روتيني يخضع له المعرض في كل دورة من دوراته السابقة، فيما رأى الكثير من المتابعين لمعرض الكتاب أن الاحتياطات الأمنية في هذا العام تميزت بالصرامة.

إلى ذلك انطلقت مساء يوم الثلاثاء الماضي فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2012 والذي افتتحه الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين وزير الثقافة والإعلام، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، والذي يقام المعرض تحت رعايته، بمقر معارض الرياض.

وأوضح وزير الثقافة والإعلام السعودي عقب حفل الافتتاح أنهم لم يقوموا بسحب أي كتب من أي دار نشر حتى الآن، وموضحا أن حدوث سحب أي كتاب خلال أيام المعرض أمر وارد في حال كان هناك أي كتاب يتعرض للعقيدة الإسلامية أو الذات الإلهية أو الرسول الكريم أو يمس مباشر بالقيادة السعودية.

وزاد: «أنا شخصيا لن أسمح بأي كتاب يمس الذات الإلهية أو العقيدة أو الرسول صلى الله عليه وسلم»، ومضيفا «هذه تظاهرة بحد ذاتها وهناك إقبال شديد من الجمهور على الكتاب يدل على وعي في الحقيقة وأي نوع من أنواع المعرفة هي إضافة إلى القارئ وهذا ما يحتاجه كل مواطن».

وأشار خوجه إلى تبني وزارته لخطة استراتيجية طموحة لنشر ثقافة القراءة وحب الاطلاع في البيت والمدرسة، ومشيرا لما تمثله تلك الثقافة من أثر على قوة الشخصية لدى الفرد.

وشدد خوجه على أنه مهما يقال عن ضمور العناية بالكتاب والمعرفة محليا، فإن معارض الكتب تكشف زيف هذا القول، ومؤكدا أن الكتاب لا يزال له سطوته على العقول، والكتاب لا يزال يعبر عن فصوص الحكم ويجلي المعرفة التي اختمرت في ذاكرة التاريخ.

وبين خوجه أن معرض الرياض للكتاب يأتي في إطار تجديد التواصل مع الكتاب، وتمنى خوجه من المثقفين السعوديين والمترجمين فتح نافذة جديدة على الأدب السويدي، والذي يحل ضيفا على المعرض في دورته الحالية، معتبرا أن الأدب السويدي أدب إنساني عظيم ومهم يجب أن يعرف القارئ العربي مدارسه وأساليبه وأعلامه.

وأوضح الوزير أن السويد ساهمت عبر جائزة نوبل العالمية في رفد تراث الإنسانية بأدباء عظام قائلا: «يكفي أن أول امرأة تحصل على جائزة نوبل للسلام في السويد هي ابنة السويد الروائية سلمى لاغرلوف وكان ذلك عام 1909.

وأكد الوزير خوجه أن معرض الرياض الدولي للكتاب امتداد لتقليد عربي يمتد في الزمان والمكان ابتهاجا بالكتاب، ومؤكدا على أن معرض الرياض الدولي للكتاب برغم قصر عمره الزمني مقارنة بالمعارض الدولية المماثلة فإنه أثبت مكانته الكبيرة في منطقتنا العربية، مستدلا بما يبديه الناشرون وصناع الكتاب من رغبة متجددة في حجز أركان وأجنحة لهم بالمعرض في كل عام، ولتزايد أعدادهم باستمرار.

ولمح خوجه إلى مواكبة المعرض في دورته الخالية للعصر والذي يتخذ من التقنية لغة له، مبينا تدشين المعرض الافتراضي المصاحب لمعرض الرياض الدولي للكتاب، والذي يمكن الباحثين عبر الإنترنت من التجول الافتراضي في مختلف دور النشر المشاركة والبحث عن الكتب من خلال الموقع، والذي تم تنفيذه خدمة للباحثين عن عناوين محددة تهمهم.

من جانبه أوضح الدكتور ناصر الحجيلان وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية المشرف العام على المعرض أن وكالة الوزارة للشؤون الثقافية قامت بالإعداد لهذا المعرض وما يصاحبه من فعاليات وبرامج ثقافية بمشاركة عدد من اللجان الثقافية والإدارية والفنية من أصحاب الفكر والرأي والمعرفة.

وقال: «إن الوزارة سعدت بإضافة مجموعة من الأنشطة والبرامج الجديدة التي تواكب السير الإيجابي الذي تنتهجه هذه الوزارة نحو صناعة كتاب متميز، ومن ذلك تخصيص جائزة لـ10 كتب متميزة في مجالات مختلفة، وجوائز لأفضل تصاميم للكتب وأغلفتها، وفتح المجال للنشر الإلكتروني للكتب، وتدشين معرض الكتاب الافتراضي، وتوفير خدمة إلكترونية للزوار لمساعدة الباحثين في الوصول إلى دور النشر والعناوين المطلوبة بيسر وسهولة، وإتاحة الفرصة للمؤلفين السعوديين الذين ليس لكتبهم ناشر محدد أن يعرضوا كتبهم في الجناح الخاص ليطلع عليها رواد الفكر في المملكة الذين أسهمت مؤلفاتهم في تشكيل خارطة الثقافة في المجتمع السعودي».

جاء ذلك خلال كلمته التي ألقها خلال حفل افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب، والذي يشهد مشاركة 600 دار نشر من مختلف دول العالم يعرضون أكثر من 200 ألف عنوان تتناول مختلف العلوم البشرية، إضافة إلى 17 ندوة ومحاضرة متنوعة.

وأشار الحجيلان إلى أن المعرض يقدم تجربة ثقافية من خلال زيارته والتفاعل مع برامجه والاستفادة من التنوع المعرفي الذي يحويه، مفيدا أن اللجنة الثقافية اختارت للمعرض عنوانا هذا العام هو «الحياة.. قراءة» من منطلق أن القراءة توصلنا إلى المعرفة، وتفتح لنا الأفق لمعرفة ما لم نعرفه، ورؤية ما لم نره.

وزاد: «إن الاختلاف في الرأي أمر طبيعي ناتج عن اختلاف البشر في الفهم والتصور وهي من حكمة الله سبحانه وتعالى فلو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة، لكن هذا الاختلاف هو مفتاح للثراء الفكري والمعرفي».

وأوضح أن هذه الدورة من المعرض هي اجتهاد قائم على الإخلاص لتحقيق الأهداف السامية لنشر الثقافة والمحبة والوئام، وموضحا أنه يهدف إلى تلبية تطلعات راعي المعرض خادم الحرمين الشريفين، ويواكب خطط هذه الوزارة وأهدافها، ولافتا إلى أن القراءة الواعية والواسعة والحرة تساعد على الفهم، من خلال معرفة المنطلقات التي نرى فيها الأشياء ومعرفة زوايا النظر التي ربما تكون غائبة عنا في لحظة من اللحظات.

وفي ذات السياق ألقت مدير عام المعهد السويدي أنيكا ريمبي كلمة ضيف شرف المعرض - مملكة السويد، أشارت فيها إلى أن الترجمة وتبادل الأدب يعزز التواصل بين الشعوب في العالم أجمع وبين الشعب السعودي والسويدي بشكل خاص، ومشيرة إلى أن الحكومة السويدية خصصت أكبر جائزة لأدب الطفل متجاوزة الدور الاجتماعي والترفيهي.

وأكدت ريمبي أن انتشار المكتبات في السويد أسهم في نشر البحوث والابتكار على مستوى البلاد، لافتة النظر إلى أن القراءة تعد أكبر محفز لظهور المبدعين في مختلف مجالات الحياة.

من جانب آخر شهد حفل الافتتاح حضور أكثر من 100 سيدة ما بين مثقفات وأكاديميات وتربويات وسيدات المجتمع، كما شهد الحفل تدشين بوابة المكتبات السعودية «الفهرس العربي الموحد»، والذي عرض له فيلم توثيقي قصير خلال الحفل.