ألقى كتاب «الإسلام والرياضة» الضوء على لمحات من تاريخ الألعاب والمناشط الرياضية والبدنية في المجتمع العربي المسلم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، ومعاشه في الفترة النبوية وما قبلها وما بعدها، مبينا أنها ظلت مهملة ومهمشة بقصد أو بجهل من قبل المعارف العربية والإسلامية أفرادا وهيئات.
وكشف الكتاب الذي صدر حديثا عن دار نشر طوى للثقافة والنشر والإعلام، عن أن عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، كان يعج بالألعاب والمناشط الرياضية، بشكل لا يمكن حصره، لكثرته وتنوعه، مبينا أن مجتمع فجر الإسلام الأول، أسس للرياضة الإنسانية الجديدة، لإيمانه بضرورة نشر ما بها من القيم والمبادئ الإنسانية الجديدة، المؤكدة على التنافس العادل وحق المشاركة للجميع. ومارس تركي الناصر السديري، مؤلف الكتاب، نوعا من الدهشة، مستعرضا تاريخ الصحابة وعلاقتهم بالرياضة، وتحديدا كرة القدم في ما روي عن علي بن أبي طالب حين سأل رجلا قدم من مكة، كيف تركتم قريشا والناس بمكة، فأجاب الرجل «تركنا فتيان قريش يلعبون الكرة بين الصفا والمروة»، مشيرا إلى أن الرجل لم يجد أدق من «المعيار الرياضي» لوصف حالة الاستقرار والرخاء التي تعيش أجواءها مكة المكرمة.
ويستهل السديري الكتاب من خلال الفصل الأول بتعريف ماهية الرياضة عند مجتمعات الحضارة العربية والمسلمة انطلاقا من تعريفي أبو علي الحسين بن عبد الله 1037م في كتابه «القانون» بأن «الرياضة هي حركة إرادية تضطر إلى التنفس العظيم المتواتر»، مستعرضا مفهوم الرياضة عند المسلمين من ابن سيناء والرازي والجرجاني.
كما يستعرض الكتاب تاريخيا نشأة الرياضة في العهد الإسلامي على يد الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة للهجرة في المدينة المنورة، التي شهدت أول مسابقة رياضية، حيث أمر رسول الله بإقامة سباق الخيل، وكلف علي بن أبي طالب أن يشرف على تنظيم السباق، حيث شهد هذا الحدث الريادي تأسيس شروط التنافسية الرياضية والمرجعية القانونية والتنظيمية المعيارية.
ويتعرض الكتاب لتأسيس حقوق الإنسان الرياضية، والنبي محمد والألعاب، وأنواع رياضات الأطفال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وممارسة الرسول لرياضة السباحة كرياضة في صغره، ورياضة المصارعة كوسيلة اختبار واختيار، والمصارعين من أصحاب رسول الله، وألعاب حمل الأثقال والمبارزة والمرامحة، وأصول وأخلاقيات وآداب استخدام السيف عند العرب، وألعاب الجمباز والرمي، وألعاب الكرة (القدم والرجبي والتنس والغولف والهوكي والبولو واليد والقلة والبولينغ) وتاريخ نشأتها ومواصفاتها في الجاهلية وعند العرب.
وفصّل المؤلف بإسهاب عن نشأة كرة القدم في التاريخ القديم في تاريخ البشرية ونشأتها في بلاد العرب، وجذر لعبة كرة القدم الحديثة عربيا، حيث استهل فصل آداب الرياضة وأخلاقياتها بمقولة ابن القيم «ينبغي على المناضل أن يعد رواحه إلى المرمى كرواحه إلى المسجد»، يستعرض الكتاب القيم والمبادئ الأخلاقية والقانونية التشريعية التي تراعي حق كرامة الإنسان وتحقيق العدل والمساواة والذوق العام في المنافسة وتوثيق التسامح وروح الجماعة، كما جاء في فصل «مصطلحات العرب الرياضية» بصفتهم أول من استخدم كلمة «الرياضة» في التاريخ، أهم المصطلحات الخاصة بالألعاب والأدوات الرياضية.
وفي فصل «أصحاب رسول الله والرياضة»، ذكر الكتاب أول الأحداث الرياضية التي مارسها صحابة رسول الله في العهد الإسلامي، من خلال المصادر الإسلامية في الأحاديث النبوية وكتب التاريخ الإسلامي.
الكتاب جاء في 294 صفحة، حافلة بتسجيل تاريخ الرياضة في الإسلام من الأحداث والشواهد، التي يمكن اعتبار الكتاب سجلا تاريخيا منسيّا من حياة الرسول وصحابته واهتمامهم الحضاري بالرياضة، تأسيسا وتشجيعا وممارسة وتنوعا.