سماسرة العمالة في إندونيسيا تحول نشاطها إلى تنظيم رحلات الحج والعمرة

بعد توقف تصدير التأشيرات لدول الخليج.. وشركات التأمين تعرض خدماتها لضمان حقوق الخدم

TT

كشفت مصادر عمالية عن توجه سماسرة وشركات الاستقدام في إندونيسيا إلى السعودية، لتحويل نشاطهم إلى حملات حج وعمرة، بعد أن منيت تلك المكاتب بخسائر كبيرة وتسريح بأكثر من 40 في المائة من الموظفين، وذلك لتوقف تصدير العمالة المنزلية لأكثر من سنة و7 شهور إلى الرياض، لأسباب تتعلق بحفظ حقوق ومرتبات الخادمات.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر خاصة أن شركات التأمين المحلية والعالمية بدأت في الدخول لسوق العمالة المنزلية، بعد أن أعلنت جاكرتا عن رغبتها في فتح باب الاستقدام من جديد في حال توفير التأمين على كل تأشيرة من الجنسين كعمالة منزلية.

وأشارت المصادر إلى أن حجم العمالة السنوية في دول الخليج يزيد عن 500 ألف عاملة، تمثل السعودية 75 في المائة من مجمل العمالة.

وأضافت المصادر أن لجان الاستقدام الوطنية في السعودية بدأت في التخاطب مع بعض الدول الأفريقية، كالتوسع في الاستقدام بجزر القمر ليشمل العمالة المنزلية، بعد نجاح التجربة الإثيوبية، في السعودية ودول الخليج، وهو ما سبب ضغطا كبيرا على مكاتب الاستقدام في أديس أبابا، إضافة إلى احتمالية توقف الاستقدام نهائيا من كينيا لفشل التجربة فيها، إضافة إلى عدم رغبة شركات الاستقدام والجهات الحكومية ذات العلاقة في احتكار سوق العمالة على دولة وحيدة، وعدم تكرار تجربة إندونيسيا في السابق والتي كانت تستحوذ على 80 في المائة من سوق العمالة المنزلية.

وأوضح علي القرشي عضو اللجنة الوطنية للاستقدام ونائب رئيس لجنة الاستقدام في غرفة جدة أن الضغط الكبير على إثيوبيا في تصدير العمالة المنزلية في الخليج وخاصة السعودية سبب في تأخر حجوزات وتأخر في توفير عمالة مدربة في أوقات قصيرة.

وقال القرشي لـ«الشرق الأوسط»: «إن فكرة وجود دولة وحيدة لجلب الخادمات أمر نرفضه، ولا نؤيد الاستمرار فيه طويلا، لذا ما زال التباحث مع الجانب الإندونيسي، مطروحا حاليا، ونحن نحترم مطالبات الجهات الرسمية الراعية لحقوق المهاجرين، بوجود ضمانات للعمالة، وهذا أمر يساهم أيضا في ضمان حقوق الأسر السعودية، في استرجاع حقوقها المالية من مصاريف إدارية وتأشيرات للعمالة المنزلية».

ووصف القرشي التجربة الإثيوبية في العمل بالسعودية لأكثر من 9 أشهر بـ«الناجحة». وقال: «نسبة هروب العاملات لا تزيد عن 2 في المائة وهي نسبة قياسية، لم تسجل في أي بلد جلبت منها عمالة منزلية من الجنسين».

من جهته كشف متعامل في الاستقدام وشركات العمرة عن تنسيق يجري بين شركات الحج والعمرة، وبين مكاتب الاستقدام في إندونيسيا بعد أن سبب توقف العمالة لديها توقف نشاطها بالكامل، ولم تجد تلك المكاتب سوى تحويل نشاطها من سماسرة للعمالة إلى تنظيم حملات للحج والعمرة من خلال توفير رحلات إلى السعودية، بالتعاقد مع شركات الحج والعمرة المحلية.

وأضاف المصدر أن «السماسرة ينتظرون البدء في عمل شركات تأجير الاستقدام والبالغ عددها 7 شركات موزعة بالسعودية، لإمكانية تغيير موقف جاكرتا والسماح بعودة عملهم من جديد في السعودية، وبقية دول الخليج، حيث توفر الرياض 15 ألف وظيفة شهريا للإندونيسيات».

وأشارت المصادر إلى أن معظم شركات التأجير حصلت على تصريح مبدئي من قبل وزارة العمل، وينتظر خروج التصريح النهائي من قبل الوزارة مع توفير رأس المال المقترح والبالغ مقداره 100 مليون ريال، مع وجود دراسة جدوى لعملها، وتوزيع فروعها بالمناطق، الأمر الذي سيتيح وجود نشاط التأجير وتوفيره في السعودية لأول مرة.

وأضاف: «أتوقع أن يتم عمل أول شركة سعودية في مجال التأجير في شهر أبريل (نيسان) المقبل، وسيحد من استقدام العمالة بنسب كبيرة، حيث يطالب عدد كبير من الأسر بتوفير عمالة لفترات محددة من السنة، وللضرورة لأيام وأسابيع قليلة، دون الحاجة لوجود تحمل مصاريف التأشيرات وتكاليف السماسرة».

وكانت السعودية، ومنذ بداية العام الماضي، قد شهدت أزمة عمالية بعد توقف جلب العمالة المنزلية التي كانت محصورة بين الفلبين وإندونيسيا، وكانت الأخيرة تمثل 80 في المائة من مجموع وجود العاملات.

أعلنت جاكرتا تعليق الاستقدام لتتبعها السعودية بفتح المجال لدول أخرى، لتوفير النقص، ويرجع السبب في فتور العلاقة العمالية بين السعودية وجاكرتا بعد رفع رسوم الاستقدام لـ550 دولارا عن كل عاملة، ليصل مجموع قيمة التأشيرة إلى 1200 دولار، وهو ما اعتبر ابتزازا للمواطن في السعودية، وطالب مجلس الشورى في حينها بالبحث عن بدائل جديدة لإندونيسيا.

وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين في إندونيسيا قد طالبوا بعودة التفاوض في الاستقدام، بعد أن خسرت إندونيسيا أكثر من 15 ألف فرصة وظيفية شهريا، كانت السعودية توفرها للعمل كمربيات وعاملات، وسائقين ومزارعين بالنسبة للرجال، فإن الشروط التي حددتها شركات السماسرة في جاكرتا تسببت مرة أخرى في إثارة الجدل بين الأوساط السعودية، ووصلت مفاوضات اللجان العمالية في السعودية وإندونيسيا إلى طريق مسدود بعد اشتراط الأخيرة شرطا مثيرا للجدل لمخالفته للعادات السعودية، حيث اشترطت جهات مسؤولة ترعى رعاياها في الخارج، وضع صورة واضحة ومكبرة للزوجة ولجميع أفراد الأسرة الراغبة في استقدام خادمة من إندونيسيا، وهو ما تم رفضه من الجانب السعودي، إضافة لمنع أي سعودي من الاستقدام إذا قل مرتبة الشهري عن 15 ألف ريال، مع رفع الرواتب من 850 إلى 1500 ريال، وهو ما قوبل بالرفض من قبل الجهات الرسمية والمجتمع المدني في السعودية.