قريبا التأهيل للزواج في السعودية «إلزامي» قبل النكاح

مدير مشروع «البداية الرشيدة» لـ «الشرق الأوسط» : دربنا 168 مدربا و150 مدربة.. من مختلف مدن البلاد

جانب من البرنامج الذي عقدته جامعة الملك فيصل هذا الأسبوع لتأهيل الشباب إلى عش الزوجية («الشرق الأوسط»)
TT

مع تزايد نسب الطلاق وحالات العنف الأسري، كشف الدكتور فؤاد الجغيمان، وهو المدير التنفيذي لمشروع «البداية الرشيدة لتأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج»، ورئيس التدريب والتطوير بمعهد التنمية الأسرية العالي بالأحساء، عن قرب صدور قرار «إلزام» خضوع كل المقبلين على الزواج لدورات تأهيلية عن مفهوم الحياة الزوجية، قبل توقيع عقد النكاح، واصفا صدور هذا القرار بأنه «قاب قوسين أو أدنى».

وأردف الجغيمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «هناك رؤية من لجنة الخبراء بمجلس الوزارة بالإضافة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بأن يكون هناك تدريب إلزامي على مستوى المملكة، والتدريب على مثل هذه البرامج سيتم قريبا»، وتابع بالقول: «نحن الآن نعمل على تدريب المدربين، كي لا تبقى أي مدينة في السعودية إلا وفيها مدرب ومدربة، فخطتنا تتضمن القيام بتدريب 1000 مدرب ومدربة، وحتى الآن دربنا أكثر من 168 مدربا ونحو 150 مدربة، من مختلف مدن المملكة».

يُذكر أن معهد التنمية الأسرية العالي يسعى للتعاون مع نحو 40 جهة أسرية على مستوى البلاد حول مشروع وطني كبير يتضمن تدريب مئات المدربين والمدربات، في حين يأتي قرار إلزامية الدورات التأهيلية كاستجابة لمطالب سابقة نادى بها خبراء التنمية الأسرية بضرورة «إلزام» الشباب والفتيات بالخضوع لهذه الدورات قبل توقيع عقد النكاح، وإحضار شهادة إثبات حضور دورة تأهيلية لما قبل الزواج، تماما كحال الفحص الطبي الإلزامي.

وكانت جمعية «مودة»، التي مقرها مدينة جدة، قد قامت بدراسة مسحية أظهرت نتائجها انخفاض نسبة الطلاق في الذين تم تأهيلهم للحياة الزوجية، إذ بلغت 3 في المائة، مع إشارة القائمين على المشروع إلى أن التجربة الماليزية في تأهيل المقبلين على الزواج، أكدت انخفاض نسبة الطلاق بين المقبلين على الزواج ممن خضعوا لدورة تدريبية شبيهة بما يقدمه برنامج «البداية الرشيدة»، حيث إن نسبة الطلاق في المجتمع الماليزي كانت تقدر بـ31 في المائة، لتصبح بعد إلزامية التدريب والتأهيل للحياة الزوجية 7 في المائة فقط.

ويأتي حديث الدكتور الجغيمان على خلفية تنظيم برنامج تدريبي خاص بتأهيل المقبلين على الزواج، الذي تبنته إحدى الجامعات السعودية في بادرة غير مألوفة من نوعها، فلم يقتصر الدور المجتمعي للجامعات على توجيه الشباب إلى فرص العمل، وتدريبهم على كتابة السير الذاتية والمقابلات الوظيفية، بل تجاوز ذلك إلى تأهيلهم ليكونوا أزواجا «أكفاء»، وتوجيههم نحو سبل تكوين أسر سعيدة، إذ جاءت هذه الخطوة من جامعة الملك فيصل بالأحساء، من خلال برنامج تدريبي خضع له هذا الأسبوع نحو 20 طالبا ممن هم على وشك التخرج، وقدم لهم خريطة طريق نحو الزواج السعيد.

وتحدث الجغيمان عن محتوى البرنامج التدريبي، قائلا: «نغطي 4 جوانب تهم الشباب والفتيات، ولكل منهما حقيبة تدريبية خاصة بما يناسبه، فلدينا الجانب الشرعي ثم الجانب النفسي والجانب الطبي والجانب الاجتماعي، وقد قسمت إلى 3 وحدات، الوحدة الأولى تتضمن ما قبل ليلة الدخلة وتشمل آداب الخطبة وأحكام العقد وأهمية الفحص الطبي ثم بعد ذلك فهم خصائص الرجال وخصائص المرأة، والوحدة الثانية تتناول ليلة الزفاف أو كما تسمى الليلة الوردية، ثم الوحدة الثالثة المتعلقة بما بعد ليلة الدخلة، وتتناول عدة جوانب تشمل العلاقة بين الزوجين، بالإضافة إلى أسلوب حل المشكلات ومهارات وآليات التعامل مع أهل الزوج وأهل الزوجة».

وعن ضرورة تدريب الشباب والفتيات على مفاهيم الحياة الزوجية وهم على مقاعد الدراسة الجامعية، يقول الجغيمان: «تأهيل الشباب، خاصة قبل التخرج، وتشجيعهم على الزواج أمر مهم، وينطلق من الحديث النبوي الشريف: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج) فلا بد من أن تكون لهم تهيئة في التفكير بهذه الخطوة وإكمال نصف الدين - كما يقال - وفي ذلك إعفاف وإسعاد للشباب».

في حين طالب الجغيمان بأن يكون هناك «منهج جامعي غير إلزامي يدرس فيه الشباب مفهوم الحياة الزوجية وكيفية التعامل معها في ظل وجود الزوجة»، مؤكدا على أهمية ذلك، ووصف خطوة جامعة الملك فيصل بتقديم البرنامج التدريبي بأنها «رائدة وناجحة»، مضيفا: «نتمنى أن تتبنى جميع الجامعات السعودية هذه الفكرة، وأن يؤهل الشباب والفتيات من خلال الدراسة الجامعية».

وبحسب بيان صحافي تسلمته «الشرق الأوسط» أمس، فإن هذا البرنامج يأتي انطلاقا من شعار الجامعة «الريادة في الشراكة المجتمعية»، وتفعيلا لاتفاقية التعاون المبرمة بين الجامعة وجمعية البر بالأحساء ممثلة في مركز التنمية الأسرية، إذ نظمته وكالة الجامعة للدراسات والتطوير وخدمة المجتمع ممثلة بإدارة تطوير الشراكة المجتمعية وعمادة تطوير التعليم الجامعي وإدارة الإعلام والعلاقات العامة بالتعاون مع معهد التنمية الأسرية العالي للتدريب، وقد استهدف البرنامج عددا من طلاب الجامعة بالسنوات النهائية في قاعة التدريب بكلية التربية، واستمر البرنامج حتى أمس (الاثنين).

وأوضح الدكتور مهنا الدلامي، وهو المشرف على إدارة تطوير الشراكة المجتمعية في الجامعة، أن البرنامج التدريبي اهتم بأهداف الزواج الشرعية والاجتماعية والنفسية والصحية، وتطرق أيضا إلى آداب الخطبة وشروط الرؤية وأهمية الفحص الطبي قبل الزواج ومشروعيته، كما تضمن أضرار المخدرات والمسكرات والتدخين على الشباب الراغبين في الزواج، ومواضيع تتعلق بأحكام وآداب ليلة الزفاف والحقوق والواجبات الزوجية وكل ما يهم الشباب والفتيات المقبلين على الزواج. وأكد الدكتور الدلامي أن مثل هذه الدورات تأتي ضمن أنشطة إدارة تطوير الشراكة المجتمعية التي تسعى إلى تقديم الدورات النوعية التي تهم المجتمع وتحقق طموحاته.