السعودية تتجه نحو تطبيق مفاهيم «الاقتصاد الأخضر» في المدن

تسعى إلى تسجيل البرنامج الوطني للتنمية المستدامة بسجلات الـ«يونيسكو»

«المباني الخضراء» تعمل على حماية البيئة والمحافظة على مواردها
TT

كشف الأمير نواف بن ناصر بن عبد العزيز، المدير التنفيذي لجمعية البيئة السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء المملكة في التوجه نحو تطبيقات مفاهيم «الاقتصاد الأخضر» وتحويل كافة مدنها تدريجيا إلى مدن خضراء، وذلك بهدف حماية البيئة والمحافظة على مواردها وفق مراحل وخطط واستراتيجيات يتم تنفيذها من قبل قطاعات الدولة المختلفة.

وأوضح أن مبادرة البرنامج الوطني للتنمية المستدامة «بيئتي علم أخضر.. وطن أخضر» الذي تندرج ضمنه برامج الحس البيئي المنفذ من قبل السعودية، سيتم تسجيله في سجلات ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة (اليونيسكو) بمجرد الانتهاء من تطبيقه، كي يكون أول برنامج سعودي عالمي لحماية البيئة.

جاء ذلك بالتزامن مع الإعلان عن انعقاد أعمال المنتدى والمعرض الدولي للبيئة والتنمية المستدامة الخليجي الثالث تحت عنوان «الاقتصاد الأخضر.. الابتكار الأخضر.. المسؤولية الاجتماعية»، الذي تستضيفه مدينة جدة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مطلع الشهر المقبل ويستمر لمدة 3 أيام.

وأفاد الأمير نواف بن ناصر بن عبد العزيز بأن هذا المنتدى يأتي تزامنا مع ما حققه البرنامج الوطني للتنمية المستدامة من فاعلية عن طريق تطبيق برامج الحس البيئي في المدن السعودية، الذي يستهدف نحو 300 مدرسة و3 آلاف معلم ومعلمة من أجل تحويل تلك المدارس إلى نموذجية تهتم بالبيئة وتتقيد بمفاهيم «الاقتصاد الأخضر».

وأشار خلال تصريح خص به «الشرق الأوسط»، إلى أن المنتدى الذي تشرف عليه الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وتنظمه جمعية البيئة السعودية، سيشهد حضور ما يقرب من 1000 شخصية بيئية واقتصادية، عدا عن مشاركة نحو 50 متحدثا عالميا ومحليا وصناع القرار من المتخصصين والمهتمين والباحثين في مجالي البيئة والتنمية المستدامة، وعدد من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية المتخصصة، لمناقشة الأوضاع والمستجدات البيئية التي يشهدها العالم.

وأضاف: «سيتطرق المنتدى إلى قضايا الاستثمار لمشاريع البناء الأخضر وبنية النقل التحتية بدول مجلس التعاون الخليجي من خلال حماية البيئة وفرص التمويل، إلى جانب دمج الاستدامة في المشاريع الكبرى وتحقيق التوازن في ما بينها، إضافة إلى تطبيقات (الاقتصاد الأخضر) ضمن المسؤولية المجتمعية والإنسانية عبر حماية البيئة وصون مواردها والتصدي لكل المخاطر التي تعمل على تدميرها، سواء كان ذلك بفعل النمو أو الإنسان بشكل عام، والإسهام في تطبيق الحلول المقترحة».

ولفت المدير التنفيذي لجمعية البيئة السعودية، إلى أن الدول الخليجية بشكل عام تسعى إلى تحقيق بناء «اقتصاد أخضر» يتسم بالاستقرار والاستدامة والمحافظة على سلامة البيئة، وذلك عن طريق مجموعة وصفها بـ«الواسعة» من المشاريع في مختلف القطاعات.

وشدد على أهمية توفير بنية تحتية متطورة ومبان حديثة وفق أرقى المعايير والمواصفات البيئية العالمية، وذلك لمواكبة معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة التي تشهدها المنطقة في ظل زيادة الطلب على الطاقة والتحديات التي يفرضها تغير المناخ، مما يؤكد الحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل التوصل إلى حلول «خضراء» في كافة مجالات الحياة.

واستطرد في القول: «إن المباني تعد من أكبر مصادر استهلاك الطاقة كونها تستهلك وحدها ما بين 30 و40 في المائة من إجمالي الطاقة بالعالم، الأمر الذي يدفع بنا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لتفادي تفاقم الأوضاع».

وفي ما يتعلق بالحلول المقترحة، بين الأمير نواف بن ناصر بن عبد العزيز أن من ضمنها تعديل المجمعات العمرانية لتصبح أكثر كفاءة في استخدام الطاقة وصداقة تجاه البيئة، والجمع بين تحسين المردود الاقتصادي والحد من الآثار السلبية على البيئة وتعزيز كفاءة المباني في استخدام الطاقة والمياه، والاعتماد قدر الإمكان على مواد البناء المحلية لضمان جدوى الانتقال إلى المباني الخضراء من الناحيتين الاقتصادية والبيئية.

ولكنه استدرك قائلا: «إن مشاريع التطوير العمراني ومحاولة النجاح في بناء مجتمعات صحية ونابضة بالحيوية، مع المحافظة في الوقت نفسه على البيئة واتخاذ قرارات اقتصادية صائبة، تعد من أبرز التحديات التي تواجه الدول الخليجية حاليا، إلا أنها تقدم فرصا مجدية أيضا باعتبار أن التحول إلى المباني الخضراء من شأنه أن ينتج انعكاسات إيجابية كبيرة، إلى جانب أن الاستثمار في تطوير البنية التحتية سيعود بنتائج اقتصادية واجتماعية تتيح الارتقاء بمستوى الحياة».

وشدد المدير التنفيذي لجمعية البيئة السعودية على ضرورة مناقشة المحاور التي سيتم طرحها في المنتدى والبت فيها والتوصية بتطبيقها ومعاقبة المخالفين لها ضد كل من يحاول المساس بالبيئة في منظورها العام والخاص.