«موجة الغبار» اليوم أكثر شدة من أمس

أوقفت الملاحة في ميناء الملك عبد العزيز بشكل كامل

موجة الغبار لفت العديد من مناطق السعودية بالأمس ويتوقع استمرارها اليوم («الشرق الأوسط»)
TT

بعد أن سجلت موجة الغبار التي ما زالت تغطي سماء معظم مدن المملكة منذ أول من أمس سرعة وصلت إلى 60 كيلومترا في الساعة، بثت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أمس تحذيراتها من استمرار ذلك الغبار حتى غد (الثلاثاء)، وذلك نتيجة التحول الفصلي الذي تعيشه السعودية في الوقت الراهن والمتوقع استمراره حتى 20 يوما.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، عن أن الفترة الانتقالية التي يشهدها مناخ المملكة هي السبب الرئيسي في عدم استقرار الحالة الجوية المتضمنة التسارع في انخفاض وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى موجات الغبار وغيرها.

وأوضح حسين القحطاني المتحدث الرسمي باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أن هذه المرحلة الانتقالية ناتجة عن دخول فصل الصيف الذي وصفه بـ«المتقلب»، مبينا أن تنبيهات الأرصاد بشأنها بدأت منذ يوم الجمعة الماضي لتستهدف نحو 16 جهة حكومية، فضلا عن موقع الإنذار المبكر الذي يتيح لتلك الجهات متابعة الحالة أولا بأول.

وقال القحطاني في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «وصلت سرعة الرياح أمس (أول من أمس) في العاصمة الرياض إلى ما يقارب 60 كيلومترا في الساعة، غير أن عدم وجود سحب خلال ساعات النهار حال دون تحول الأجواء إلى الظلام»، مؤكدا استمرار تأثر كل من المنطقة الوسطى والشرقية وحتى الغربية بهذه الموجة.

ولفت إلى أن معدل الرؤية قد يكون ضعيفا في عدد من مناطق السعودية، إلا أنه في ما يتعلق بمحافظة جدة فإن انعدام الرؤية يختص بالمناطق السريعة المفتوحة، ولكنه استدرك قائلا: «عادة لا تكون هناك كميات غبار عالية في المدن القريبة من الساحل»، مفيدا بأن بعض مناطق المملكة أعلنت تعليق الدراسة بناء على التنبيهات الصادرة عن الأرصاد، ما عدا مدينة جدة.

الجهات المعنية في جدة، غيرت أمس وجهة خططها الموضوعة لمواجهة الأمطار نحو التصدي لموجة الغبار، حيث تسببت سرعة الرياح في امتداد حريق اندلع بإحدى الورش الواقعة في المنطقة الصناعية بشمال جدة ليصل إلى نحو 5 ورش أخرى على مساحة تتراوح ما بين 300 و400 متر مربع، والذي راح ضحيته عاملان، فضلا عن نشوب حريق آخر للنفايات في منطقة الورش بكيلو 8 تبلغ مساحته ما يقارب 130 مترا مربعا من دون أن يسفر عن وقوع وفيات.

وذكر العميد عبد الله الجداوي مدير عام إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، أن الحريق الأول بدأ من ورشة لميكانيكا السيارات وامتد إلى 5 ورش أخرى نتيجة سرعة الرياح التي ساعدت على امتداده بسرعة، مبينا أن تلك الورش متعددة الأنشطة ومتداخلة مع بعضها البعض.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نتج عن الحريق وفاة عاملين كانا داخل غرفة في نهاية الورشة التي بدأ منها الحريق ولم يتمكنا من الخروج ليلقيا حتفهما على خلفية اختناقهما بكميات الدخان»، مشيرا إلى أن نحو 10 فرق إطفاء وإنقاذ وإسعاف باشرت الحادث.

وأضاف: «تمثل الحريق الثاني في احتراق نفايات بإحدى ورش كيلو 8 على مساحة 130 مترا مربعا والذي شاركت في إخماده ثلاث فرق تابعة للدفاع المدني من دون وقوع وفيات، غير أن خطورته كانت تكمن في كونه قريبا من منطقة الخط البترولي التابع لشركة (أرامكو) والممتد من جنوب جدة حتى شمالها».

وأشار إلى احتمالية أن تكون الأجواء اليوم أكثر شدة من أمس في ما يتعلق بسرعة الرياح وكميات الغبار، مؤكدا في الوقت نفسه وجود تنسيق مستمر بين جميع الجهات الحكومية والأرصاد، فضلا عن تمرير التنبيهات إلى تلك الجهات.

وفي الوقت الذي أفاد فيه مدير عام إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة بأن تنبيهات جهازه وصلت حتى إلى إدارة التربية والتعليم، غير أن الثانية لم تعلن عن تعليق الدراسة أسوة بما حدث في بعض مناطق السعودية الأخرى من ضمنها الرياض.

وعلق عبد المجيد الغامدي مدير الإعلام التربوي في محافظة جدة خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «حتى الآن لا يوجد أي توجيه بشأن تعليق الدراسة في مدارس محافظة جدة، إلا أن عمليات الإخلاء التي شهدتها بعض تلك المدارس اليوم (أمس) تمت بناء على صلاحيات مديريها ومديراتها وفق رؤيتهم الخاصة وبالتنسيق مع أولياء أمور الطلبة والطالبات».

وبالنسبة إلى امتناع بعض الأهالي عن إرسال أبنائهم وبناتهم إلى المدارس في مثل تلك الظروف، أبان مدير الإعلام التربوي في محافظة جدة أن إدارة التربية والتعليم تراعي هذا الأمر ولا تفرض أي عقوبات على متخذي هذا القرار.

من جهته، ذكر العميد محمد القحطاني مدير مرور محافظة جدة، أن نحو 165 دورية تباشر أعمالها في تنفيذ خطط مواجهة الغبار بالميدان، والتي تم توزيعها على المحاور والطرق الرئيسية كإجراء أولي لتهدئة حركة السير، مؤكدا عدم وقوع أي حوادث مرورية أو بلاغات عن سقوط أعمدة أو أشجار أو تعطل لإشارات المرور. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «خروج أولياء أمور الطلبة والطالبات منذ وقت مبكر ساعد في هدوء حركة السير أثناء موجة الغبار، إلى جانب أن الرؤية كانت فوق المتوسطة وهو ما يدل على أنه لا بأس بها»، غير أنه شدد على استمرار تنفيذ خطط المرور المعدة لمثل تلك الظروف.

إلى ذلك، أكد خالد الخيبري المتحدث الرسمي في هيئة الطيران المدني، أن موجة الغبار التي اجتاحت بعض مدن المملكة أمس لم تؤثر بشكل كبير على حركة الملاحة الجوية، مستثنيا من ذلك بعض الرحلات الجوية في مطار الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز بمحافظة ينبع.

وقال الخيبري لـ«الشرق الأوسط»: «لم تؤثر موجة الغبار التي اجتاحت بعض مدن المملكة أمس على حركة الطائرات بشكل كبير، باستثناء طائرتين تابعتين لشركة الطيران المصري (طيران النيل، شركة الطيران المصرية العالمية) مما اضطرهما للعودة إلى مطار القاهرة بعد قدومهما إلى مطار الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز في محافظة ينبع».

وأضاف: «اضطرت إحدى الطائرات التابعة لإحدى شركات الطيران المصرية (طيران النيل) من الهبوط بسبب وصول الرؤية الأفقية إلى نحو 300 متر، وذلك في تمام الساعة 8:20 صباحا أمس، كما أثرت موجة الغبار على حركة إحدى الطائرات التابعة لـ(شركة الطيران المصرية العالمية) في تمام الساعة 10:45 صباحا لنفس السبب».

وأرجع الخيبري عودة الطائرتين إلى أن بعض معايير بعض شركات الطيران يصل مستوى الرؤية الأفقية فيها إلى 300 متر، مما يؤدي إلى تأثرها بمثل هذه الأحوال الجوية فتضطر إلى العودة وعدم استكمال رحلتها، لافتا إلى وجود بعض شركات الطيران التي يرتفع مستوى الرؤية فيها إلى نحو 800 متر فلا تضطر للهبوط أو العودة.

وفي المنطقة الشرقية أدت موجة الغبار إلى توقف الدراسة في مدارس التعليم العام أمس (الأحد)، بينما تعطلت الحركة الملاحية في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام، منذ مساء السبت، وأبلغ نعيم النعيم مدير ميناء الملك عبد العزيز «الشرق الأوسط» أن حركة الدخول والخروج للميناء متوقفة منذ الساعة العاشرة من مساء يوم السبت، متوقعا أن يستمر إيقاف حركة الملاحة في الميناء حتى الساعة الثامنة من مساء الأحد (أمس). وأكد المهندس خالد المزعل مدير مطار الملك فهد الدولي بالدمام، تأثر حركة الطيران بموجة الغبار التي شهدتها المنطقة والتي سجلت مستوى متدنيا من الرؤية الأفقية بلغت أقل من 300 متر.

وقال المزعل إن ثلاث رحلات تم تأخيرها اثنتان منها محلية ورحلة دولية، بينما تم تحويل رحلة قادمة للمطار إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض، وتوقع المزعل أن تنتظم حركة الرحلات بعد غروب الشمس، حيث تقل حركة الرياح السطحية.

وأوضح مركز الأرصاد وحماية البيئة بمطار الملك فهد الدولي بالدمام في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن حركة الرياح السطحية سجلت سرعة تتراوح بين 25 و30 عقدة، أي ما يوازي (50 إلى 60 كيلومترا في الساعة)، في حين تدنت الرؤية الأفقية أمس إلى أقل من 300 متر.

وتوقع مركز الأرصاد وحماية البيئة بالمنطقة الشرقية، أن يستمر تأثير موجة الغبار التي تؤثر على عدد من مناطق السعودية حتى غد (الثلاثاء)، في حين أشار المركز إلى أن تأثيرات الرياح والغبار ستتراجع تدريجيا، حيث تشير التوقعات إلى أن سرعة الرياح ستكون في حدها الأقصى في فترة الظهيرة عند حدود 25 عقدة (50 كيلومترا)، في حين ستتحسن الرؤية الأفقية لتصل إلى نحو 1500 متر.