قضايا الميراث تثير جدلا في غرفة الشرقية وتفكك الأسر

القانوني القاسم: لا يلزم «الوكيل» ولا بد من توعية الورثة بأصول الإدارة المالية

TT

دار جدل ساخن في غرفة الشرقية، مساء أول من أمس، خلال لقاء استضاف خبيرا قانونيا للحديث عن «الميراث التجاري»، حيث ركزت السيدات على عرض قصصهن مع المحاكم وتعامل القضاة مع المرأة في قضايا الميراث، وهو ما دعا المستشار القانوني والقاضي السابق في المحكمة الشرعية الكبرى في أبها، عبد العزيز القاسم، لأن يقول: «عندما تكون المرأة قوية وتدافع عن نفسها بثقة، هنا ستعطي انطباعا مختلفا للقاضي».

وقالت أيلا الشدوي، وهي عضو المجلس التنفيذي لمجلس شابات الأعمال، إنه «في قضايا الميراث المتعلقة بالمرأة، يصرّ القاضي على توكيل شخص واحد عن مجموعة الورثة، بحيث يتصرف بتوزيع الإرث، ومعظم المشكلات التي تحصل تكون بسبب هذا الوكيل»، وهو ما رد عليه القاسم موضحا أنه «لا يوجد أي شيء يلزم الورثة بتعيين الوكيل»، مضيفا بقوله: «تعيين وكيل هو إجراء تنظيمي فقط». وشدد القاسم على أن «القاضي لا يملك أن يجبر أحدا في التوكيل»، مشيرا إلى أنه لو حصل ذلك فعلى الشخص أن يرسل برقية إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وتابع قائلا: «دعونا نفرق بين الأخطاء التشغيلية والأخطاء النظامية»، مفيدا بأن القوانين والتشريعات في السعودية عملت على المساواة بين المرأة والرجل، لكن هناك روح اجتماعية تحوم دائما حول المشهد. في حين كشفت مداخلة عضو مجلس إدارة غرفة الشرقية، سميرة الصويغ، عن معاناة أخرى تواجهها النساء، إذ قالت: «أجد رهبة بمجرد دخولي للمحكمة، والقاضي ممكن أن يسبب لنا بعض الإحراج بوضع (ستيكر) على صورنا الموجودة في بطاقة الأحوال، وممكن أن تأتي سيدة وتأخذ بطاقة سيدة أخرى وتستعملها، وسبق أن حصلت قصص كثيرة بهذا الشأن». وجاء رد المستشار القانوني مفاجئا في ذلك، إذ كشف أن الإمام أحمد بن حنبل له نص صريح في كتاب يتم تدريسه في كليات الشريعة، ينص على أنه «على الشاهد النظر إلى وجه المرأة حتى يميزها عن غيرها». أما سيدة الأعمال الدكتورة عائشة المانع، فقد قالت خلال مداخلتها: «رفض القاضي أن يقابلني لأني كاشفة الوجه»، وهنا علق القاسم بالقول: «هذا خطأ منه».

ونصح المستشار القانوني كل السيدات بالاستدلال بنصوص الحنابلة بهذا الشأن، مقترحا أن يقوم موقع الغرفة التجارية ومواقع سيدات الأعمال بطباعة هذه النصوص ونشرها والتوعية بها، مضيفا: «بإمكان كل سيدة أن تطبع النص وترد على القاضي من خلاله، وإذا رفض، تذهب لمرجعه وتشتكيه، لأن الحقوق لا مجاملة فيها».

من جهة أخرى، ركز ضيف اللقاء على «وضع هيكل يوضح مكامن الألم في البيئة السعودية فيما يخص المواريث التجارية»، حسب قوله، خاصة فيما يتعلق بحقوق الوارث قبل الوفاة، إذ قال: «من الحقوق الرئيسية والمهمة جدا للورثة تأهيل الورثة لفهم الميراث وفهم إدارة العلاقات بعد الميراث، بحيث لا يورث المورث ترِكة تكون سببا في تمزيق صلة الرحم بين ورثته، ومن وسائل التأهيل؛ تعليمهم المسائل الأساسية، من الإدارة والمالية والمحاسبة ونحو ذلك».

وكشف القاسم عن الكثير من الحقائق الصادمة بهذا الشأن، بقوله: «رأينا في حالات كثيرة أن أمية الأسرة تقتل الأسرة، وتمزق ما بينهم من روابط النسب والرحم»، وفيما يخص إهمال تسجيل الأصول التجارية، يقول: «لدينا في المملكة سرية وإخفاء للأصول بشكل عرفي غريب جدا، فنجد بعض عائلات يملك المورث فيها مئات الملايين، وبعض أولاده يأخذ الصدقة من شدة السرية والكتمان!». وأكد القاسم على أهمية أن «يحاط الميراث بمدرج هبوط سلس وناعم، ينتقل من خلاله الميراث من أشخاص لأشخاص بالحد الأدنى من الأضرار»، وعن الثغرات الحاصلة بعد الوفاة، يقول: «في الدول الأخرى يجب على الأقارب أو الورثة إبلاغ النيابة العامة حتى تحضر السلطة لضبط المال الذي يعيش مرحلة انتقالية، وتعيين حارس عليه، والبدء بإجراءات سداد الديون وتقسيم الإرث، لكن في السعودية لا يوجد شيء من هذا القبيل، وإن كان يوجد في نظام الأحوال المدنية مادة توجب الإبلاغ عن الوفاة، لكن للأسف لا يوجد بعد هذا إجراء آخر».

وأردف قائلا: «في السعودية يتوفى الشخص ويجامل الورثة بعضهم البعض وتتضاعف المشكلات وتداعياتها، إلى أن تصل إلى لحظة الانفجار في حالات معينة»، مشيرا إلى أنه، وخلال نحو 30 عاما قضاها في العمل القضائي والقانوني، لم يعرف عائلة تقسم الإرث فورا إلا في حالات نادرة، حسب قوله، معلقا على ذلك بالقول: «هذا فيه إضرار بالمضعفين، خصوصا عندما يكون أحد الورثة محتاجا للمال».