لجنة حماية البيئة بالرياض تحدد 4 سنوات مهلة لنقل مصنع إسمنت

رصد 587 منشأة مخلة بالبيئة في جنوب العاصمة

الأمير سطام بن عبد العزيز خلال ترؤس اجتماع لجنة البيئة أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

خلص اجتماع اللجنة العليا لحماية البيئة بالعاصمة السعودية الرياض، الذي أداره الأمير سطام بن عبد العزيز، رئيس اللجنة العليا، بحضور الأمير محمد بن سعد، نائب رئيس اللجنة العليا لحماية البيئة، أول من أمس، إلى نقل مصنع الإسمنت، الواقع بحي العزيزية خارج المدينة، خلال الـ4 أعوام المقبلة، مع الاستمرار في تطبيق الأنظمة والضوابط البيئية عليه فترة بقائه في موقعه.

وكشف المهندس إبراهيم السلطان، عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة، عن قرار اللجنة القاضي بنقل مصنع الإسمنت إلى خارج النطاق العمراني لمدينة الرياض وتغيير موقع الامتياز مع تجديد ترخيص المصنع لمدة 4 سنوات فقط يتم فيها استكمال إجراءات نقل المصنع خارج الحيز العمراني لمدينة الرياض، وتجهيز الموقع البديل وتجهيز المصنع والمحجر.

وأضاف السلطان أن الأمير سطام أصدر توجيهه باعتماد تجديد رخصة محجر شركة مصنع الإسمنت، لمدة 4 سنوات فقط، ابتداء من تاريخ انتهاء الرخصة الحالية في 14 جمادى الأولى 1433هـ، مع الاستمرار في تطبيق الأنظمة والضوابط البيئية عليه خلال فترة بقائه في موقعه الحالي، وأن تقوم اللجنة المشكلة من الجهات المعنية بالعمل على إيجاد موقع مناسب للمصنع بعيدا عن الموقع العمراني للعاصمة، ونقل المصنع إليه.

وبين المهندس السلطان أن الاجتماع ناقش عددا من القضايا الرئيسية المتعلقة بالبيئة في مدينة الرياض، شملت الأنشطة ذات الأثر البيئي في جنوب المدينة، وإجراءات نقل مصنع الإسمنت إلى خارج المدينة، والإجراءات اللازمة لتحسين جودة الهواء في العاصمة السعودية، والمعايير البيئية المصاحبة لعملية إنشاء المشاريع الكبرى، وضوابط التقييم البيئي للمشاريع التنموية فيها، لافتا إلى أن اللجنة اطلعت على الإجراءات التي تمت لإغلاق مرمى الصرف الصحي بحي النظيم، وناقشت موضوع تأهيل وتطوير المتنزه العام في وادي لبن، كما استعرضت برنامج إعادة الغطاء النباتي في منطقة الرياض، واطلعت على نتائج حملة إيقاف وإزالة السيارات التالفة والمتهالكة من شوارع المدينة.

وذكر المهندس إبراهيم السلطان أن الاجتماع استعرض سير عمل اللجنة المكلفة بحصر الأنشطة والمنشآت ذات الأثر السلبي على البيئة في جنوب مدينة الرياض، التي وجه بتشكيلها رئيس اللجنة العليا، لحصر المخالف منها أو التي تعمل من دون تراخيص أو في مناطق عشوائية أو غير مخصصة للأنشطة التي تمارسها، لاتخاذ الإجراءات التصحيحية بشأنها.

واطلع الاجتماع على التقرير النهائي للجنة الفنية الذي رصد جميع الأنشطة الصناعية ذات الأثر السلبي على البيئة في جنوب مدينة الرياض، التي بلغ عددها 587 مصنعا ومنشأة، في كل من بلديات الشفاء، والحائر، والسلي، والعزيزية، وتعددت أنشطتها بين مصانع مواد بناء، ومصانع أثاث، وأعلاف، وجلود، وسماد، وصهر حديد، ومبانٍ جاهزة، ومواد كيماوية.

وقرر الاجتماع إغلاق وإزالة جميع الأنشطة غير المرخصة التي تقع ضمن مناطق غير مخصصة لتلك الأنشطة.

كما قرر تطبيق إجراءات تصحيحية تجاه المتبقي من هذه الأنشطة التي تقع ضمن المناطق المخصصة، وتشمل هذه الإجراءات استخراج التراخيص النظامية وتوفير المتطلبات البيئية المناسبة للحد من تأثير تلك الأنشطة على البيئة، مع الأخذ بعين الاعتبار نوع النشاط وأهميته بالنسبة للحركة العمرانية، وحجم التأثير البيئي، وموقع النشاط من المناطق الحساسة بيئيا والمناطق السكنية.

وبيَّن المهندس إبراهيم السلطان أن اللجنة العليا أقرت عددا من الإجراءات الخاصة بالمناطق التي يتركز فيها العدد الأكبر من المنشآت المخالفة، وتشمل: مخطط 196 على امتداد طريق الخرج، ومنطقة التشليح العشوائي في الحائر، ومنطقة أعمال الخشب بالمنصورية، والأنشطة العشوائية بحي المصانع، ومخطط أرض الراجحي. وتتضمن هذه الإجراءات إزالة وتنظيم الأنشطة في تلك المناطق ومنها إيقاف أنشطة جلب وقص الحجر وتنظيم أنشطة التشليح وإزالة أعمال الخشب والأنشطة العشوائية كافة. وتطرق السلطان إلى عدد الأنشطة والمصانع غير المرخصة في جنوب الرياض، التي وصلت إلى أكثر من 587، مصنفة حسب التالي: 207 مصانع للحجر والرخام والغرانيت والبلك والبلاط والبلدورات والسيراميك والطوب، و21 نشاطا صناعيا غير مرخص، بالإضافة إلى 5 مصانع لتعبئة الإسمنت والجبس، و7 مصانع كيميائية.

وشمل التصنيف الأنشطة غير المرخصة وهي 259 صناعة غير مرخصة ضمن مخطط الراجحي، و6 مصانع للجلود، ومصنع أسمدة، و6 مصانع أثاث ونجارة، و10 مصانع لإعادة تصنيع البلاستيك والورق، بالإضافة إلى مصنعين للطوب الأحمر والرملي.

كما ضم التصنيف مصنعا للأعلاف، و14 مصنعا لصهر الحديد والسكراب وورش الحدادة، كما شمل 38 مصنعا للخرسانة والأنابيب الخرسانية، و4 محلات تشليح وأنشطة عشوائية، و4 أنشطة أخرى. وأشار رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة إلى أن الاجتماع تناول التقارير التي أشارت إلى ارتفاع معدل تلوث الهواء في مدينة الرياض والعوالق الصغيرة (الجسيمات) وثاني أكسيد الكربون؛ حيث صدر تكليف من رئيس اللجنة العليا لحماية البيئة بمدينة الرياض للجنة الفنية التابعة للجنة العليا بدراسة الموضوع. وأوردت اللجنة الفنية في تقريرها الفني أن العوامل الطبيعية، وفي مقدمتها العواصف الترابية، هي المصدر الرئيسي لتلك العوالق بنسبة 96%، بينما تصدر النسبة المتبقية من الأنشطة البشرية، مؤكدة تنفيذ قرارات اللجنة السابقة المتعلقة بتحسين جودة الهواء في المدينة، والاستمرار في مراقبة جودة الهواء، بالإضافة إلى دعم الدراسات والأبحاث الرامية إلى الحد من آثار العواصف الترابية على المدينة، إلى جانب تحسين وتطوير برامج إعادة الغطاء النباتي، وحماية المناطق الطبيعية، والالتزام بالضوابط البيئية للمشاريع الإنشائية أثناء فترة التنفيذ، ودعم مشاريع النقل العام وأنماط التنقل الأخرى.

وتابع الاجتماع سير العمل في تنفيذ قرارات اللجنة الخاصة بمعالجة تلوث الهواء الناجم عن بعض المشاريع التنموية في مدينة الرياض، ومدى التزام هذه المشاريع بالإجراءات اللازمة للتقليل من تلوث الهواء والحفاظ على سلامة البيئة، واطلع على نتائج رصد لجنة الدفاع المدني الرئيسية بمنطقة الرياض لجودة الهواء في تلك المشاريع، الذي كشف عن وجود قصور في التقيد بالمعايير البيئية أثناء تنفيذ عدد من المشاريع التنموية، إضافة إلى عدم إعدادها دراسات تقييم الأثر البيئي على الرغم من صدور الأنظمة والقرارات المنظمة لذلك، ومن بينها المرسوم الملكي الصادر عام 2001، الذي يعتبر تقديم دراسات تقييم الأثر البيئي أحد متطلبات النظام العام للبيئة، وقرار الهيئة العليا عام 2008، الذي أكد الإلزام بتقديم دراسات تقييم الأثر البيئي ضمن ضوابط البناء للمشاريع متكاملة المرافق، وقرار اللجنة العليا لحماية البيئة عام 2011، باعتماد برنامج تطبيق إجراءات التقييم البيئي للمشاريع. وأقر الاجتماع عددا من الإجراءات في هذا الشأن، شملت تطبيق اللوائح والأنظمة المتعلقة بالجزاءات على تلك المشاريع، واشتراط تقديم «دراسة تقييم الأثر البيئي» في جميع المشاريع الإنشائية ذات التأثير البيئي للحصول على رخصة البناء.

وشدد الاجتماع على أهمية إجراء دراسات للتقييم البيئي لجميع المشاريع التنموية العاملة في منطقة الرياض وتقديمها للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، بهدف تعزيز مبدأ الاستدامة والرفع من إيجابيات المشاريع التنموية، مع تلافي إضرار هذه المشاريع ببيئة المدينة خلال مراحل الإنشاء أو التشغيل، إضافة إلى التقليل من الأخطار والكوارث التي قد تصدر عنها تجاه العاملين فيها، أو تجاه البيئة العامة.

وفي جانب آخر، اطلعت اللجنة على توجيه نائب أمير منطقة الرياض بالإزالة الفورية لأنشطة الكسارات أو الغرابيل أو خلاطات الإسمنت غير المرخصة في مجمعي الجافي والعرمة، وإيقاف أنشطة الكسارات والغرابيل وخلاطات الإسمنت غير الملتزمة بالشروط البيئية، بما في ذلك تركيب الفلاتر والكمامات، مع رفع أسماء المخالفين له للكتابة عنهم لوزارة البترول والثروة المعدنية لفرض الغرامات النظامية بحقهم، والنظر في إلغاء الرخص الممنوحة لهم.

وتطرق الاجتماع إلى الإجراءات التي تمت لإغلاق مرمى استقبال صهاريج الصرف الصحي شرق الرياض، الواقع شرق حي النظيم، نهائيا، والذي كان مصدرا لكثير من المشاكل البيئية والإزعاج لسكان المناطق المجاورة، وإعادة تأهيله عبر إزالة جميع الآثار التي خلفتها أعمال المرمى على مدى السنوات الماضية. كما أقر الاجتماع استكمال تحويل موقع المرمى إلى متنزه عام بمساحة 3 كيلومترات مربعة لخدمة سكان المنطقة، والإسهام في توفير مناطق خضراء وليكون أحد المتنزهات الكبرى في مدينة الرياض. وتعتبر منطقة المرمى ضمن الضاحية الشرقية التي تتضمن تخصيص منطقة خدمية ترويحية في نفس موقع المرمى المغلق، تتواءم مع طبيعة المنطقة وطبوغرافيتها.

وشمل الاجتماع قرار استكمال تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع تطوير المتنزه العام في وادي لبن الذي يقع حاليا في منطقة حجز السيارات أسفل الجسر المعلق بمساحة 340 ألف متر مربع؛ حيث سيتم نقل حجز السيارات خارج منطقة الوادي. وتضمنت خطة التطوير المعتمدة لوادي حنيفة إخلاء الوادي والأودية الرافدة له، من جميع الأنشطة المخلة ببيئتها؛ حيث تم نقل الكسارات والأنشطة الصناعية ووقف أعمال نقل التربة.

وسيتم نقل حجز السيارات من وادي لبن إلى موقع ملائم خارج منطقة الوادي، وإيجاد موقع بديل لحجز السيارات، وإزالة السيارات التالفة والمخالفة؛ حيث يعرقل هذا النشاط استكمال مراحل التأهيل البيئي لوادي لبن، ويمنع استكمال أعمال تطوير المتنزه العام فيه، فضلا عمَّا تسببه السيارات المخالفة والتالفة في إحداث تلوث بيئي للوادي ناتج عن تسرب الزيوت، والسوائل، وتراكم السيارات ضمن هذا الموقع الحساس بيئيا، بالإضافة إلى ما تحدثه من تلوث بصري للوادي.

يُشار إلى أن المرحلة الأولى من مشروع تطوير المتنزه العام في وادي لبن تتضمن متنزه حوض سد وادي لبن، بما يشمله من جلسات ومسطحات خضراء وممرات مشاة ومواقف سيارات ودورات مياه.

واطلع الاجتماع على البرنامج الموضوع لإعادة الغطاء النباتي بمنطقة الرياض، الذي يهدف إلى الحد من تدهور الغطاء النباتي بالتحكم في مسبباته، وزيادة الغطاء النباتي في المناطق الطبيعية وإعادة تأهيلها مثل الروضات والشعاب والأودية والنفود، وتنمية المناطق الرعوية، وتنمية الحياة الفطرية النباتية والحيوانية على مستوى منطقة الرياض. وقد تم من خلال البرنامج تنفيذ مشروعي تشجير تجريبيين في متنزه الثمامة تضمنا زراعة نحو 6 آلاف شجرة طلح، وتتم المتابعة المنتظمة لها وإجراء القياسات الدورية التي تقيس نموها وتعطي المؤشرات حول الظروف الأنسب لها من ناحية المكان وأسلوب الغرس والري.

كما سيتم تنفيذ مشروع التشجير التجريبي الرئيسي في المتنزه الذي يتضمن زراعة 80 ألف شجرة طلح، وسمر، وسمر راديانا، وسلم. وإجراء جميع التجارب العلمية عليها لمعرفة ورصد أفضل الأساليب والطرق لإعادة الغطاء النباتي.

وفي هذا البرنامج، جرى إنشاء بنك للبذور يتم فيه حصر وتصنيف وجمع البذور من النباتات المحلية، بناء على التصنيف العلمي للنباتات، ومن ثم تتم دراستها في المختبر وفرزها ومعالجتها بالطرق العلمية لمعرفة خصائصها وتحديد الطرق المناسبة لحفظها وتخزينها، من أجل إكثار النباتات مستقبلا والمحافظة على بعض الأنواع من الانقراض. ويشتمل مبنى البنك على غرف لفرز وتجفيف البذور، ومن ثم حفظها عن طريق التبريد أو التجميد. كما يشتمل على مختبر معالجة وإجراء الاختبارات الحيوية على البذور، ومعشبة لحفظ عينات النباتات التي تم جمع بذورها بعد التجفيف.

وقد بدأ جمع وتخزين البذور من عدة مناطق محيطة بمدينة الرياض مثل الثمامة والطوقي ورويغب والقدية وحفيرة نساح والحاير، ومن ثم استخدام هذه البذور في إنتاج الشتلات وفي مواقع التشجير التجريبية وتجري دراستها ومتابعة نموها بشكل مستمر.

وقد جرى ضمن البرنامج تصنيف الأشجار والشجيرات ومغطيات التربة المحلية في منطقة الرياض، بالإضافة إلى إعداد «دليل للنباتات بمنطقة الرياض» احتوى على 396 نوعا مختلفا من النباتات.

كما أجريت، ضمن البرنامج، دراسة علمية لتوثيق مشروع تشجير وادي حنيفة، التي تهدف إلى حفظ الخبرات المكتسبة في عمليات تشجير وادي حنيفة للإفادة منها ضمن الأعمال المستقبلية، وقد اشتملت الدراسة على إعداد دليل للنباتات التي تمت زراعتها في الوادي، وطرق غرسها، وعمليات التشجير، وتوثيق الخبرات العملية في عمليات نقل أشجار الطلح.

في السياق ذاته، تضمن البرنامج تخصيص مناطق للتشجير المكثف في وادي حنيفة، تزرع فيها الشتلات على مساحات محددة، وبعد نموها يتم نقلها إلى أماكن أخرى، وقد تم استزراع 20 ألف شجرة، حتى الآن، وفق هذه التجربة في موقعين مختلفين من الوادي، تمهيدا لتعميمها على بقية مواقع الوادي وفروعه مستقبلا.

وأوضح المهندس إبراهيم السلطان أن الهيئة شكلت، ضمن برنامج إعادة الغطاء النباتي بمنطقة الرياض، فريق عمل من المختصين، وعقدت عددا من ورش العمل، ونظمت زيارات للاطلاع على التجارب العالمية والمحلية في مجال التشجير وإعادة الغطاء النباتي، وصولا إلى إعداد استراتيجية شاملة لإعادة الغطاء النباتي في المنطقة.

كما تابع الاجتماع سير العمل في حملة إدارة مرور الرياض لإيقاف وإزالة السيارات المشوهة والتالفة والمتهالكة والملوثة للبيئة؛ نظرا لمساهمتها في إحداث تلوث الهواء في المدينة، وتأثيرها السلبي على المظهر العام، وتسببها بعرقلة حركة السير على شبكة الطرق.

وقد أسفرت الحملة عن حجز عدد كبير من هذه السيارات، ومنعها من السير على شبكة الطرق، من خلال متابعتها عبر نقاط التفتيش المرورية، ومتابعة معارض السيارات والمناطق الصناعية لرصد هذه السيارات، وقد بلغ عدد السيارات المحجوزة والمرفوعة من شوارع مدينة الرياض منذ بدء الحملة في عام 2010 وحتى مارس (آذار) 2012، ما يقارب 8500 سيارة.