«الشورى»: مشروع قانون لملاحقة المعتدين على صور المواطنين وبياناتهم

«الشرق الأوسط» تحصل على مسودة قرار حماية البيانات الشخصية للمؤسسات والأفراد

«الشورى»: مسودة قرار لتجريم المعتدين على صور المواطنين ومعلوماتهم («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بمجلس الشورى السعودي، أن السطو على الصور والمعلومات والبيانات الخاصة بالأفراد والجهات، عمل لا أخلاقي متزايد، ما دفعها إلى وضع الأطر النهائية لمشروع يجرم تلك الممارسات.

وحصلت «الشرق الأوسط» على مسودة القرار المتضمن الأطر التي انطلق منها الشورى السعودي، أبرزها الكشف عن المعلومات السرية لأي مواطن وفق إجراءات قانونية، بحيث لا يجوز الحصول على البيانات الشخصية أو الإفصاح عنها أو توفيرها أو معالجتها من دون الحصول على الموافقة الصريحة من صاحب البيانات، إلا في الأمور الضرورية، مثل منع أو كشف جريمة بناء على طلب رسمي من جهات التحقيق، أو كانت البيانات مطلوبة أو مصرحا بها بموجب أي قانون، أو كان ذلك بقرار من المحكمة.

وقال الدكتور جبريل العريشي، نائب رئيس لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، لـ«الشرق الأوسط»، إن انتهاك خصوصية الأفراد بصورة غير مشروعة، عبر التعدي على بياناتهم الشخصية الرقمية التي يسجلونها في النظم الحاسوبية، يضاف إلى كل الأفعال اللاأخلاقية التي عرفتها المجتمعات الإنسانية منذ نشوئها، بما لا يمكن تجاهله في تشريعات الدولة، عادا خلاف ذلك «ضررا جسيما بأمن وسلامة المجتمع، حيث قد يدفع أفراد المجتمع إلى التفكير في الوسائل الخاصة أو الوقاية الذاتية من تلك الأفعال، وأقل تلك الوسائل العزوف عن استخدام ما توفره الدولة لرفعة شأن مواطنيها في إطار المعلوماتية».

وزاد العريشي بالقول: «إن تقنية المعلوماتية تسابق العصر الذي نعيش فيه، ولذا كان لزاما علينا أن نطرح نظام الحماية الشخصية للبيانات الذي يمثل المواكبة التشريعية الضرورية لتلك التقنية، التي يجب أن لا تستبقنا تداعياتها دون أن يكون ثمَّة قانون نهتدي به»، لافتا إلى أن النظام المقدم روعيت فيه الموازنة بين حماية خصوصية الإنسان، وما يفرضه تأمين المجتمع من ضرورات، «فالنظام القانوني لحماية البيانات الشخصية لا يمنع الجهات الحكومية المخولة - كالأمن والقضاء ومن في مقامهما - من الكشف عن المعلومات السرية لأي مواطن وفق إجراءات قانونية، أو كانت البيانات ضرورية لتقدير أو تحصيل أي ضريبة أو رسوم، أو كانت المعالجة ضرورية لحماية مصلحة حيوية للشخص المجموعة عنه البيانات».

وحول كيفية بناء نظام معلوماتي متوازن، قال العريشي: «بناء مثل هذا المجتمع المعلوماتي يتطلب وجود نوع من التفاعل الآمن والفوري بين خدمات إلكترونية عالية المستوى تقدمها المؤسسات الحكومية أو الخاصة، وبين المواطنين الذين يستفيدون من تلك الخدمات، ولذا فإن نظام حماية البيانات الشخصية يجعلهم يشعرون بالثقة في أن البيانات التي يدلون بها في إطار هذه المعاملات والخدمات لن يساء استخدامها».

وبين نائب رئيس لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بمجلس الشورى، أن «الشعور بمخاطر تقنية المعلومات وتهديدها للخصوصية، تزايد مع الحالات الواقعية للاستخدام غير المشروع للبيانات الشخصية، واتساع دائرة الاعتداء على حق الأفراد في الحياة الخاصة، ما حرك الجهود الدولية والإقليمية والوطنية لسن تشريعات قانونية لحماية الحق في الحياة الخاصة، تراعي التوازن بين حاجات المجتمع لجمع وتخزين ومعالجة البيانات الشخصية، وبين كفالة حماية هذه البيانات من مخاطر الاستخدام غير المشروع».

وقال العريشي: «إن وضعنا لهذا النظام، الذي يحفظ أسرار المواطنين المطمورة في بياناتهم الشخصية، لهو تجسيد لالتزام الدولة بقواعد الدين والأخلاق والضمير، فضلا عن تحقيقه لمصالح الفرد والمجتمع. كما أنه يمثل جوهر ما تنص عليه تشريعات حماية الحياة الخاصة، حيث إنه في جميع الأحوال يجب أن لا تكون المعلوماتية وسيلة للانتقاص من الكرامة الإنسانية أو حقوق الإنسان أو الحياة الخاصة والعامة»، مفيدا بأن «نظام حماية البيانات الشخصية للمواطنين - الذي قمنا بطرحه أنا وبعض أعضاء في مجلس الشورى - يضم حزمة شاملة من المواد القانونية التي تحفظ خصوصية الأفراد، والتي تتصدى لكل المخاطر والمحاذير المصاحبة لجمع البيانات الشخصية للأفراد في نظم حاسوبية، كوجوب مراعاة الدقة في جمع البيانات وكفالة صحتها وسلامتها، واتخاذ تدابير أمنية لمعالجتها وخزنها ونقلها، وإقرار مبدأ حق المشاركة الفردية في تعديل وتصحيح وطلب إلغاء البيانات، ووجوب تحديد الغرض من جمعها ومدة استخدامها، وإقرار مبدأ مسؤولية الجهات المسيطرة على المعلومات لأي تجاوز أو مخالفة للمبادئ الموضوعية والشكلية في جمع ومعالجة وتخزين ونقل البيانات الشخصية».

واستطرد العريشي بالقول: «إن هذا النظام - فضلا عن حمايته لأسرار الأفراد - ذو أهمية بالغة لبلدنا التي تسعى حثيثا لبناء مجتمع معلوماتي واقتصاد رقمي، يستهدف زيادة الإنتاجية وتوفير خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات لكل شرائح المجتمع في جميع أنحاء البلاد، وبناء صناعة قوية في هذا القطاع لتصبح أحد المصادر الرئيسية للدخل».

ومع التقدم الهائل لوسائل التقنية، والإمكانات غير المحدودة في مجال تحليل واسترجاع المعلومات، أوضح العريشي أن كثيرا من المؤسسات تجمع بيانات كثيرة ومفصلة عن الأفراد، تتعلق بوضعهم المادي والصحي والتعليمي والعائلي، أو بعاداتهم الاجتماعية أو بالعمل، وأصبحت الحاسبات وشبكات الاتصال تستخدم في تخزين تلك البيانات ومعالجتها، وتحليلها والربط بينها، واسترجاعها ومقارنتها ونقلها، وهو ما يجعل فرص الوصول إلى هذه البيانات على نحو غير مأذون به أو بطريق التحايل أكثر من ذي قبل.