الأمير تركي بن ناصر لـ «الشرق الأوسط» : 6 آلاف مفتش لتغطية المناطق وإلزام المصانع باشتراطاتنا

«الأرصاد والبيئة» تمنع إقامة مشاريع على السواحل إلا بعد أخذ موافقتها

كشف الأمير تركي بن ناصر عن برنامج بديل للشرطة البيئية بالتعاون مع وزارة الداخلية
TT

كشف الأمير تركي بن ناصر، الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، عن مشروع لزيادة أفرع الرئاسة إلى 13 فرعا إقليميا تغطي كل مناطق المملكة، ومنحها استقلالية العمل.

وذكر الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، في حواره مع «الشرق الأوسط»، بعض القضايا البيئية في المملكة، ومنها الأضرار التي خلفتها حرب تحرير الكويت، وقال عن ذلك «أدت الحرب إلى تدمير موارد طبيعية، وطال ضررها 800 كيلومتر من شواطئ المملكة، وتراكم بسببها تحت الشواطئ السعودية أكثر من 8 ملايين متر مكعب من الرمال الملوثة بالزيت المرئي، وهذا الضرر سيمتد لنحو 100 عام في حال لم تتم معالجته».

وأعلن عن جملة من المشاريع، من بينها مشروع لإعادة الحياة والحد من التصحر في عدد من المواقع في المنطقة الشمالية من المملكة، وبرنامج بديل عن الشرطة البيئية بالتعاون مع وزارة الداخلية، يقضي بمرافقة مراقبي الرئاسة لفرق الدفاع المدني عند التفتيش، وقرار سيقضي بإلزام المصانع بتركيب جهاز مراقبة بيئية.

وبين الأمير تركي أن العدد الحالي من المراقبين غير كاف لتغطية كل أرجاء المملكة، وأن هناك مساعي مع وزارة المالية إلى توظيف 6 آلاف مفتش سعودي جامعي في جميع أرجاء المملكة للتفتيش، وسيكون هذا العام عام نزول المفتشين البيئيين.. فإلى نص الحوار..

* نرى أن الوضع البيئي في المملكة يعاني الكثير من المشاكل.. ما الدور الذي تلعبه رئاسة الأرصاد للحفاظ على البيئة؟

- سعت الرئاسة إلى وضع استراتيجية للعمل البيئي في المملكة، وذلك من أجل عمل بيئي منظم على أسس علمية مدروسة ووفق خطط وأهداف راسخة ومرجوة لتحقيق التنمية المستدامة للمملكة والقضاء تدريجيا على مصادر التلوث وتوفير الإمكانات المادية والبشرية لحماية البيئة السعودية وصون مواردها وضمان صحة وسلامة الأجيال القادمة من المواطنين السعوديين، وتعمل الرئاسة حاليا على تطبيق الاشتراطات البيئية وفقا للوائح النظام العام للبيئة في المملكة، من خلال شهادات التقييم والتأهيل البيئي والتي تمنحها الرئاسة للمنشآت الحديثة لتطابقها مع الأنظمة البيئية المعمول بها، ولعل المتتبع لعمل الرئاسة خلال السنوات الماضية يلحظ جليا تطورا في الأداء والبرامج التي تحقق هدف التنمية المستدامة وتعزز من صون البيئة والحفاظ على المقدرات.

* وماذا عن التفتيش البيئي؟

- سعت الرئاسة من خلال التفتيش البيئي لجعله مشروع مراقبة بيئيا لكل مناطق المملكة، باستخدام كل الوسائل والتقنيات الحديثة، ونسعى مع وزارة المالية إلى توظيف 6 آلاف مفتش سعودي جامعي في جميع أرجاء المملكة للتفتيش، وسيكون هذا العام عام نزول المفتشين البيئيين. ويتضمن برنامج التفتيش سبعة برامج متخصصة، منها مشروع لإعادة تدوير النفايات، فضلا عن أسطول من الآليات لحماية الشحنات الخطرة ومراقبتها من أين دخلت وخرجت في أي مكان بالمملكة والتتبع التام لجميع المخلفات الخطرة. وبالتعاون مع وزارة الداخلية سيتم تفعيل برنامج بديل عن الشرطة البيئية ويتضمن مرافقة الدفاع المدني للمفتشين البيئيين، في العمل على كشف جميع المخالفات ورصدها.

* كم عدد المراقبين الموجودين حاليا، وهل عددهم كاف، وكم مراقبا بيئيا نحتاج؟

- للأسف العدد الحالي من المراقبين غير كاف لتغطية كل أرجاء المملكة، ونعمل وفق ما هو متاح لدينا، وتعد الرئاسة حاليا دراسة احتياجات الرئاسة من المفتشين لإحصاء عدد المفتشين بحيث يرافقهم مفتشون بيئيون للتفتيش على كل المنشآت، وسيتم تأهيل المفتشين ليكونوا على دراية كاملة بكل شيء بحيث يحقق عدم الضرر بالناس وعدم الضرر بكل حاجات الناس، وأن التفتيش الذي نقصده ليس تفتيشا لتوقيع العقوبات بمعناه بقدر ما هو إصلاح للضرر، ونسعى من خلاله لرفع مستوى الوعي ومحبة الناس للبيئة وليس تطبيق غرامة النظام العام للبيئة.

* وهل ستتم زيادة فروع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة؟

- لدى الرئاسة الآن 32 مرصدا على مستوى المملكة، وستتم زيادة الفروع الإقليمية من 7 إلى 13 فرعا مجهزا ومنحها استقلالية والصلاحيات في العمل لتغطي كل قطاعات المملكة.

* ماذا عما أثير بشأن منع الجهات الحكومية مراقبيكم من الدخول لتفتيش مرافقها؟

- لا صحة لهذا الكلام، فمفتشو الرئاسة يقومون بواجبهم في جميع المواقع، وهناك تنسيق وتعاون مباشر مع كل الجهات الحكومية، فضلا عن وجود لجان مشتركة لمناقشة القضايا البيئية المشتركة، كما أن مفتشي الرئاسة يعملون وفق توجيهات وأوامر ملكية تقضي بضرورة تفتيش جميع محطات المملكة بيئيا والتفتيش عن الأضرار التي تلحق بالمركبات، وهناك تعاون كبير من كل الجهات بشأن التفتيش عليها.

* هل توجد لدى الرئاسة وسائل لقياس تلوث هواء المملكة؟

- نعم، فقد أولت الرئاسة اهتماما خاصا لتحسين جودة الهواء في المملكة والحد من تلوثه، وذلك بإطلاق برنامج وطني لمراقبة جودة الهواء يتكون من محطات ثابتة ومختبرات متحركة منتشرة في كل أرجاء المملكة ومرتبطة آليا بالمركز الرئيسي للرئاسة، حيث تتم مراقبة أجواء المملكة على مدار الساعة.

وضمن البرنامج أنهت الرئاسة تركيب أكثر من 14 محطة رصد إشعاع نووي موزعة في مدن المملكة، ومنها تبوك وجازان وجدة والرياض والقريات والمنطقة الشرقية والمناطق الأخرى التي توجد بها مراكز للأرصاد وحماية البيئة، وذلك لرصد الإشعاع النووي على أجواء المملكة، ضمن مشروع إنشاء شبكة وطنية آلية لقياس العناصر الإشعاعية في مدن المملكة وتحديث محطات رصد طبقات الجو العليا لرصد العناصر الإشعاعية.

وزودت الرئاسة حضر وهجر المملكة بشبكة محطات رصد آلية لقياس جودة الهواء، وشبكة مكونة من 9 محطات مراقبة لتلوث الهواء مركبة في المدن الصناعية بالمملكة، إلى جانب تجهيزات قياس عناصر الأرصاد الأساسية، ويتم من خلالها قياس غازات ثاني أكسيد الكبريت وأول أكسيد الفحم وغيرهما من الغازات السامة، فضلا عن وحدات متنقلة لرصد تلوث الهواء بقياس جودة الهواء ورصد التلوثات البيئية المحتملة في الهواء عن طريق تقارير رقمية كل ساعة.

وفي سيبل المحافظة على جودة الهواء، تم مؤخرا إنشاء وحدة وطنية للأوزون تعمل على إجراء المسوحات وتوفير المعلومات والبيانات الخاصة باستهلاك المواد المستنفذة لطبقة الأوزون والقطاعات ذات العلاقة، وذلك ضمن حرص المملكة ودورها على الالتزام بتعهداتها الدولية والإقليمية والعمل على كل ما من شأنه الحفاظ وحماية البيئة من التدهور وصون مواردها.

* حرب تحرير الكويت أدت إلى الكثير من الآثار البيئية السلبية.. أين وصلت جهود الرئاسة في إعادة تأهيل المناطق المتضررة؟

- جميع الأعمال الإصلاحية والتأهيلية للبيئة البحرية والبرية في المملكة ستنتهي في عام 2014، وستتم متابعة برنامج المعالجة البيئية على مدى 20 عاما للتأكد من سلامة هذه المشاريع التي يتم تنفيذها، وأن 50 في المائة من أعمال البرنامج قد انتهت، وخلال الأيام القادمة ستبدأ الأعمال المتبقية من البرنامج الإصلاحي التأهيلي وذلك بتوقيع تسعة عقود جديدة لإجراء الإصلاحات في بعض المناطق المتضررة من حرب الخليج. والبرنامج يسير بخطى جيدة، وتم توقيع عدد من العقود لإزالة المخلفات التي حصلت أثناء حرب الخليج على الصحاري والشواطئ، ونتوقع أن تصل أعداد المشاريع التي يتم تنفيذها في البرنامج إلى نحو 28 مشروعا، ويتم الآن تمهيد الصحراء وإرجاعها لطبيعتها ومن ثم بذرها وسقياها حتى تعيد بذر نفسها طبيعيا وتعتمد على الأمطار، حيث إننا نعمل بكل جهد لإعادة الصحراء كما كانت قبل الحرب، والجهود منصبة ولن يتم إغفال أي منطقة تأثرت خاصة أنه لدينا نحو 600 كيلومتر مربع، وهو جزء كبير من المملكة تأثر بيئيا من جراء الحرب.

لقد أدت حرب تحرير الكويت إلى تدمير موارد طبيعية، وطال الدمار السلسلة الأولى من غذاء الأحياء البحرية، على امتداد 800 كيلومتر من شواطئ المملكة، وتراكم بسبب الحرب تحت الشواطئ السعودية أكثر من 8 ملايين متر مكعب من الرمال الملوثة بالزيت المرئي والذي امتد أثره إلى جزء كبير من الأحياء البحرية، وأن الضرر سيمتد لنحو 100 عام في حال لم تتم معالجته. وقد اعتمد لهذه المشاريع المتعلقة بتنظيف الشواطئ والمناطق الصحراوية المتضررة خمسة مليارات ريال ضمن برنامج الأمم المتحدة للتعويضات، صرف منها مليار، وتم تخصيص 4 مليارات ريال لصرفها في برامج إزالة الأضرار في المنطقة الشرقية والشمالية، وتم البدء في الإصلاح والبذر والزراعة لمدة 3 سنوات لعدد من المناطق المختارة في المنطقة الشمالية من المملكة وذلك لجعل الحياة تعود لها مرة أخرى بإنتاج وإرجاع أو قطع دابر التصحر الموجود هناك.

* وماذا عن شواطئ المملكة الأخرى؟

- تعد المملكة شبه قارة، ويبلغ طول سواحلها نحو 2400 كيلومتر، منها نحو 77 في المائة على الساحل الغربي للبحر الأحمر، ونحو 23 في المائة على الخليج العربي. ويعتبر ساحل المملكة على البحر الأحمر أغنى بحار العالم بالأحياء المائية والشعاب المرجانية، لذا سعينا إلى تخطيط وتأهيل السواحل السعودية لتكون أكثر ملاءمة للمشاريع التنموية في ضوء عدم إضرارها بالبيئة، وذلك من خلال مشروع إعادة تأهيل وتنظيف شواطئ المملكة والذي يعد أكبر المشاريع البيئية، وإصدار خطة إدارة المناطق الساحلية ولائحتها التنفيذية بما يمكن الرئاسة من تأسيس نظام متكامل للإدارة الرشيدة للمناطق الساحلية يحقق التعايش والتناغم بين مختلف الأنشطة البشرية في تلك المناطق، حيث أعدت الرئاسة خطة متكاملة لإدارة المناطق الساحلية على مستوى كل مناطق المملكة. وتهدف الخطة إلى استخدام تلك المناطق على نحو متكامل يكفل استدامة مواردها ويحقق أقصى تنمية اقتصادية مع أدنى قدر من الأضرار البيئية، عن طريق التخطيط السليم والتحكم في نوعية النشاطات التنموية بها، حيث قامت الرئاسة بتنفيذ دراسة السواحل السعودية وتقييم الأثر البيئي بها لإعادة تأهيلها بالشكل المطلوب.

* يعاني البحر الأحمر من التدمير البيئي.. هل عالجتم هذا الأمر؟

- البحر الأحمر من البحور الغنية بجميع العناصر الجمالية وغيرها من العناصر الأخرى، إلا أنه يتأثر سلبيا بالمدن الساحلية الموجودة عليه ونموها وصرف الكثير من مخلفاتها به، إلا أن العديد من الدراسات التي أجرتها الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن وكذلك برنامج الأمير خالد بن سلطان لحماية البحار، أكدت أن الوضع البيئي للبحر الأحمر مطمئن ونراه في أحسن حال، وهو منفذ راحة للناس ورواد البحر، إلا أنه يعاني من التلوث في المناطق القريبة من المدن الساحلية وذلك بسبب بعض المخلفات.

* وماذا عن شاطئ جدة وكثرة المصبات فيه؟

- تم تكوين لجنة من الجهات ذات العلاقة لإقفال هذه المصبات خاصة المساكن والمنشآت على البحر، وبدأنا نرغم الناس للحفاظ على البحر، وبجهود الجهات، ولكون أمير المنطقة مهتما جدا، فقد بدأ الإغلاق للمصاب غير القانونية، أما المصاب القانونية فيسمح لها بالصب في البحر في حالات الطوارئ كالسيول، كما تم إنهاء دراسة حديثة عن تلوث شواطئ محافظة جدة، وقامت بدراسة تحليلية شاملة لمحافظة جدة، وتضمنت وصف البيئة المحيطة وتحليل المشاكل البيئية والحلول المقترحة.

* كنتم من أوائل من انتقد إغلاق واجهة البحر في جدة.. هل من جهود في هذا الجانب؟

- هناك لجنة مشتركة الرئاسة عضو فيها تعمل على مراقبة ومتابعة كل الأنشطة على ساحل بحر جدة، فضلا عن أن جميع المشاريع التي يجري تنفيذها على سواحل المملكة لا يمكن إقامتها إلا بعد موافقة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. وفي ما يتعلق ببحر جدة فقد أنهت الرئاسة دراسة حديثة عن تلوث شواطئ محافظة جدة تناولت أولويات الرئاسة في كيفية المحافظة على الشواطئ ومنع تلوثها والمشاريع المقترح تنفيذها للحفاظ عليها. وتطرقت الدراسة إلى ما لحق ببيئة شواطئ محافظة جدة منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، محذرة من العواقب التي سيؤول إليها الوضع جراء الضغوط المتزايدة والطلب المتنامي على استغلال تلك الشواطئ بطرق غير مرشدة، خصوصا أنها تعاني من ازدياد الطلب على سواحلها جراء الزيادة المطردة في التعداد السكاني بها. وخلصت الدراسة إلى أن عملية تأهيل شواطئ محافظة جدة تركز على تصحيح الوضع الحالي أولا عن طريق منع وإغلاق جميع مصادر التلوث من خلال العمل على اكتمال منظومة شبكة الصرف الصحي لكامل محافظة مدينة جدة ورفع مستوى المعالجة في جميع محطات المعالجة إلى المعالجة الثلاثية، والاستفادة من المياه المعالجة في الأغراض الصناعية والري وعدم تصريفها إلى البحر إلا في الحالات الضرورية القصوى، مع دعم البدء في تنفيذ مشاريع إعادة التأهيل كمرحلة ثانية لتكون النتائج ذات مردود إيجابي وملموس على بيئة شواطئ محافظة جدة، مع ضرورة صدور نظام إدارة المناطق الساحلية لتحقيق التنمية المستدامة بجميع أشكالها.

* متى ستتنقل الرئاسة إلى المقر الجديد؟

- نعمل بكل جهد على الانتقال للعمل من المبنى الجديد خلال 6 أشهر كما عملت الرئاسة، ليس هذا فقط لكن أيضا سيتم تحويل المراصد التابعة للرئاسة المنتشرة في ربوع المملكة إلى مراكز إقليمية تأخذ طابع الاستقلال في أدائها العملي لتعزيز دور الأرصاد والبيئة في المناطق، فضلا عن إعداد نماذج وتصاميم مبان مناسبة تتلاءم مع المهام المناطة بها الرئاسة، حتى أصبح لدى الرئاسة على مستوى المملكة 32 فرعا، وسيكون هناك 13 مركزا إقليميا مجهزا بكل الصلاحيات.

ويعد المبنى الرئاسة الجديد المقرر الانتهاء منه في غضون الأشهر الستة القادمة أحد أبرز النقلات المهمة في بيئة العمل بالرئاسة، ويقع على أرض تبلغ مساحتها خمسين ألف متر مربع، وسيكون المبنى بعد الانتهاء من إنشائه علامة مميزة لمدينة جدة ومعلما من معالمها العمرانية الحضارية، والبرج بتشكيله المعماري ونهايته الساحقة المتجهة إلى السماء والمواد المستخدمة في الواجهات من زجاج وألمونيوم وحديد والتكنولوجيا المستخدمة فيه، كلها ترمي إلى واقع العمل الذي نقوم به في الأرصاد وحماية البيئة.

* كل الجهات الحكومية تسعى إلى العمل وفقا للنظام الإلكتروني.. ماذا عن الرئاسة؟

- بدأنا في الرئاسة منذ فترة في التحول نحو النظام الإلكتروني في التعاملات، ونعمل على ألا يزيد عدد موظفينا عن اللازم، وذلك بالاعتماد على التقنية الحديثة في جميع أمورنا، ونعمل على إلزام كل المصانع بتركيب جهاز مراقبة وعدم تلويث الجو، وننظر في كثير من الأمور بالتعاون مع الجامعات لخفض الانبعاث من المصانع، وذلك تماشيا مع توجيهات حكومة خادم الحرمين الشريفين بالانتقال نحو الحكومة الإلكترونية، والتقليل قدر المستطاع من التعاملات الورقية، وكل ذلك جعل الرئاسة تصنف ضمن الجهات الحكومية الرائدة في تطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية.. فبموجب معايير القياس والتقييم الخاصة بوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات صنفت الرئاسة ضمن الجهات الحكومية الرائدة في تطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية، حيث حصلت، في تقرير قياس مدى التحول إلى التعاملات الإلكترونية الحكومية، على تقدير ممتاز بنسبة 89.4 في المائة في عام 2009، ونسبة 94.3 في المائة في عام 2010، كما فازت الرئاسة في عام 2010 بجائزة الإنجاز في التعاملات الإلكترونية الحكومية في دورتها الأولى فرع التعاون بين الجهات الحكومية لتقديم خدمة أفضل.

* هناك اتهامات للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بالتقصير في رصد التوقعات والظواهر الجوية..

- هذه الاتهامات ليس لها أي أساس من الصحة، فالرئاسة تقوم بواجبها على أفضل وجه في رصد الظواهر الجوية، ونقوم برصد كل الظواهر ونقوم بالتحذير منها، لكن للأسف في نشرتنا الجوية والتوقعات نجد الكثير من المراصد غير المتخصصة، وكذلك بعض الجيولوجيين والفلكيين يقومون بتقديم توقعات غير دقيقة للناس وهو ما يحدث البلبلة.. والحل أنه يجب الرجوع إلى المصدر الأساسي في المملكة، وهو أفضل حل، والرئاسة العامة للأرصاد ليست مصدرا رئيسيا فقط لكنها أيضا مصدر عالمي، ويستفيد من خدماتنا عدد من الدول المجاورة خاصة دول غرب آسيا. وتعمل الرئاسة من خلال مراصدها التي تتجاور 40 مرصدا مأهولا وأوتوماتيكيا على مدى الـ24 ساعة على تغطية أجواء المملكة بشبكة رادارات حديثة مكونة من 11 رادارا ترصد كل الظواهر والظروف المناخية، بالإضافة إلى صور أقمار صناعية لأجواء المملكة تلتقطها الرئاسة كل خمس دقائق.

كما قامت الرئاسة بتطوير برنامج النماذج العددية للتوقعات وذلك للحصول توقعات عالية الدقة، وتمت من خلاله محاكاة الظواهر الجوية السابقة والشديدة التي مرت بها المملكة لزيادة كفاءة النماذج العددية (التوقعات المستقبلية للظواهر الجوية وأحوال الطقس والتي تستخدم كمبيوترات خاصة عالية السرعة)، وتم استخلاص نموذج سعودي للتوقعات بدقة عالية، فضلا عن تركيب وتشغيل 150 محطة رصد آلي في كل أرجاء المملكة تغطي كل المدن، وترصد المحطات جميع عناصر الطقس بشكل آني على مدار الساعة، والمتمثلة في تقدير كمية الأمطار الساقطة، واتجاه سرعة الرياح والرياح الشديدة وحقول الرطوبة والضغط الجوي.

* ماذا عن النظام الجديد للإنذار المبكر؟

- قامت الرئاسة بالتعاون مع الدفاع المدني بتفعيل النظام الآلي للإنذار المبكر الذي يتيح الربط المباشر بين الجانبين؛ لتحقيق أقصى سرعة في التعامل الاستباقي مع حالات الكوارث وغيرها التي تستلزم إجراءات معينة أو استثنائية، ويتسم النظام الجديد بالسرعة وبسهولة التعامل معه والإضافة عليه من قبل الدفاع المدني؛ ليسهل تعميمه لاحقا على كل الجهات الحكومية المعنية، وقسم النظام الرسائل إلى أربعة أنواع بألوان مختلفة، أعلاها تحت عنوان «تحذير، اللون الأحمر»، ثم «تنبيه متقدم، اللون البرتقالي»، ثم «تنبيه، اللون الأصفر» وأخيرا «تنويه، اللون الأخضر».

* ذكرتم أن الرئاسة ليست مركزا محليا فقط، لكنها أيضا مركز دولي.. ما هي أهم المراكز التي تحتضنها الرئاسة؟

- تحتضن الرئاسة المركز العالمي للمعلومات والاتصالات المرشح من قبل المنظمة العالمية للأرصاد وذلك ضمن ثلاثة عشر مركزا عالميا، وكذلك مركز جدة الإقليمي للمناخ والمرشح من قبل المنظمة العالمية لخدمة جنوب غربي آسيا، فضلا عن المركز الإقليمي لمراقبة الجفاف والإنذار المبكر بالرئاسة والذي يعمل تحت مظلة المنظمة العالمية للأرصاد وجامعة الدول العربية وسيخدم الدول العربية كافة. وإنشاء هذه المراكز يأتي في إطار الاهتمام والجهود الدؤوبة للرقي بالخدمات الأرصادية والمناخية والبيئية، ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما على المستويات الإقليمية والدولية، وهذا إدراك من قادة المملكة لكون أبعاد الظواهر الجوية والمناخية ومتغيراتها تأخذ طابع التأثير على نطاق إقليمي وعالمي، وأنه لا بد من تضافر الجهود لاستدامة التنمية في دولنا للأجيال المقبلة.

* أوضحت أن هناك تعاونا مع الجامعات السعودية للارتقاء بالبحث العملي في مجالات البيئة والأرصاد.. ما هي المجالات التي يتضمنها هذا التعاون؟

- نعمل على الاستفادة من البحث العلمي، وكل ما من شأنه تطوير العمل الأرصادي والبيئي بالمملكة، وذلك لتطبيق أحدث السبل والأساليب العملية والعالمية والارتقاء بالعمل المبني على أسلوب علمي إلى أفضل الدرجات، ولذا تم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون مع عدد من الجامعات ومراكز الأبحاث السعودية، منها مذكرة تفاهم مع جامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبد العزيز، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك خالد، ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وكذلك مذكرة تفاهم مع الهيئة الملكية للجبيل وينبع.. فضلا عن إنشاء أول كرسي علمي في مجال الدراسات والبحوث العلمية المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة تحت مسمى كرسي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز للبيئة والتنمية المستدامة بجامعة الملك عبد العزيز، والذي يدعم رسائل الماجستير والدكتوراه ودعم التقنيات الحديثة والجديدة، إضافة إلى دعم برامج التوعية، وتفعيل عملية التعاون بشأن التدريب العملي لطلبة الجامعة شاملا التدريب الصيفي، ودعم وتوجيه بعض المشاريع البحثية المختارة لطلبة الدراسات العليا ومرحلة البكالوريوس بحيث تسهم في حل القضايا البيئية المختلفة التي يعاني منها المجتمع السعودي.

* كيف ترى مستوى الوعي البيئي؟

- الآن نرى الوعي البيئي بدأ بشكل قوي، وبدأ الناس يتجهون للعمل البيئي، وإن كان ذلك بطيئا في بعض المناطق خاصة في البادية، وقد بدأت الرئاسة في تفعيل مشروع للتوعية البيئية الشامل، والتوسع في حملات التوعية الإعلامية، وذلك من خلال إقامة المعارض والمؤتمرات والندوات البيئية، وإعداد وتوزيع النشرات والمطبوعات التوعوية، والتدريب ونقل الخبرات في مجال التوعية البيئية والإعلام البيئي، كما استغلت الرئاسة ورش العمل والمناسبات الوطنية والإقليمية والدولية لنشر الوعي البيئي، والمشاركة بمعارض متنقلة في العديد من الاجتماعات والمنتديات والمؤتمرات وورش العمل.

كما قامت الرئاسة بتنظيم دورات تدريبية لتأهيل الإعلاميين لتناول القضايا البيئية، بهدف نقل الخبرة في مجال التوعية والإعلام البيئي وتنمية معارف ومعارات كتابة المقال البيئي، فضلا عن تدشين المركز الإعلامي للرئاسة، وذلك للتواصل مع كل الإعلاميين وإعداد المواد الإعلامية بأسلوب مبسط لزيادة الوعي البيئي في المجتمع، وتخصيص جوائز سنوية للإعلام البيئي يصل مجموعها إلى 120 ألف ريال للإعلام البيئي.

* ما هي الأدوار المناطة بجمعية البيئية السعودية التي ترأسونها؟

- جمعية البيئة السعودية أول جمعية للبيئة على مستوى السعودية، وذلك لتحفيز الدور الكبير المناط بالمجتمع المدني في خدمة البيئة ومراقبة النشاطات البيئية التي تتنوع وتمتد على طول المجتمع وعرضه، والجمعية تسعى للمساهمة وبشكل فاعل في رقابة البيئة ومساندة القنوات الرسمية؛ التي تسعى إلى تطبيق ما نص عليه النظام العام للبيئة بالمملكة لينعم المواطن والمقيم ببيئة صحية سليمة تمكنه من أداء الدور المناط به في بناء المجتمع، وهي الغاية التي نطمح لأن نصل إليها بمشيئة الله. وتستهدف الجمعية التوسع في الخدمات البيئية ليصبح عدد فروعها نحو 180 فرعا، يقوم على العمل فيها متطوعون في خدمة برامج البيئة، وتم حتى الآن إنشاء والشروع في إنشاء 7 فروع بالإضافة للمقر الرئيسي بجدة.

* سمعنا عن مجلس البيئة والمجلس الفخري للبيئة ماذا عنهما؟

- مجلس البيئة صدر بقرار من مجلس الوزراء، ويعمل على مناقشة كل المستجدات البيئية على الساحة المحلية والإقليمية والدولية والنظر بعين الاعتبار لكل ما من شأنه رفعة العمل البيئي وتحقيقه أقصى درجات النجاح في التنسيق لتحقيق ما رسمه المقام السامي الكريم عندما وضع الخطوط العريضة وحدد الاتجاهات والسياسات والاستراتيجيات لهذا المجلس، والذي يرأسه الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة وعضوية ممثلين للجهات الحكومية ذات العلاقة، ويناقش المجلس في اجتماعاته كل الموضوعات المتعلقة بالبيئة على المستوى المحلي وكذلك الاتفاقيات الإقليمية والدولية المعنية بالبيئة وكذلك العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، فضلا عن المنظمات الدولية الأخرى في إطار العمل البيئي المشترك وتوظيف كل الإمكانات والمعلومات في حماية بيئة المملكة والمحافظة على مكتسباتها التنموية.

أما المجلس الاستشاري الفخري للبيئة فيضم 22 شخصية اعتبارية من رجال أعمال وصناع قرار سابقين وعلماء وخبراء، وتأسس نظرا لما يمثله العمل البيئي مسؤولية مشتركة بين مختلف القطاعات، ولكونه ضرورة ملحة لصيانة مقومات التنمية على كل المستويات فقد صدر قرار مجلس البيئة بإنشائه، مما يعكس مدى اهتمام حكومتنا الرشيدة المتزايد بالبعد البيئي كموقف ثابت واستراتيجية راسخة تسير قدما نحو تحقيق أهدافنا التنويه المستدامة، ويشكل القطاع الأهلي الركيزة الأساسية لمقومات البعد البيئي، فقد أكدت المادة الأولى من هذا القرار الصائب على ضرورة التنسيق بين أجهزة القطاعين الحكومي والأهلي لحماية البيئة والمحافظة عليها. ويهدف المجلس إلى ربط القطاع الخاص مع القطاع العام في رابطة استشارية، ويعمل على أن يكون له باع طويل في ابتكار عمل ثابت لحماية البيئة من أي أضرار وإيجاد برنامج للتحرك لدعم البيئة في السعودية.