«الأمطار» و«الغبار» و«الحرائق».. مثلث خطر يحاصر جدة

المنطقة التاريخية سجلت 3 حوادث «جنائية» خلال الشهرين الماضيين

آثار الحريق الذي اندلع فجر أمس في شقة سكنية بحي بني مالك وراح ضحيته شخصان («الشرق الأوسط»)
TT

قضى شخصان، أمس، في حريق اندلع بإحدى الشقق السكنية الواقعة في حي بني مالك وسط جدة، منذ ساعات الفجر الأولى، وذلك بعد أن حاصرتهما الأبخرة الناجمة عن اندلاع النيران في إحدى حجرات الشقة القريبة من مدخلها، مما أدى إلى وفاة الأب البالغ من العمر 40 عاما، وابنه الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره، غير أنه لم تتضح أسباب الحريق حتى وقت النشر. وتزامنت تلك الحادثة مع اندلاع حريق آخر في الطابقين الثالث والرابع لأحد المباني المهجورة الواقعة بحارة المظلوم في قلب المنطقة التاريخية يوم أمس أيضا، والذي باشرته نحو 6 فرق تابعة للدفاع المدني. وأوضح العميد عبد الله الجداوي، مدير عام إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، أن حريق المبنى في المنطقة التاريخية لم يصل إلى المباني المجاورة، مؤكدا أن مثل هذا النوع من الحرائق التي تصيب العمائر المهجورة عادة ما يكون مشكوكا في وجود شبهة جنائية به. وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «شهدت المنطقة التاريخية خلال الشهرين الماضيين نحو 3 حرائق في عمائر مهجورة، الأمر الذي يجعل احتمالية أن تكون بفعل فاعل واردة، ولا سيما أنها مخلاة بالكامل ولا تحتوي على أي سكان»، مشيرا إلى صدور توجيه بتكثيف التحقيق في الحادثة الأخيرة والوصول إلى أسبابها.

في حين أكدت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة في إدارة الدفاع المدني أن حوادث حرائق العمائر المهجورة عادة ما تكون من قبل ما وصفتهم بـ«المجهولين» لدوافع شخصية، خصوصا أن تلك المواقع مسلمة لبلدية المنطقة التاريخية.

وأضافت المصادر المطلعة: «قد تكون هذه الدوافع عبثية، أو أنها من نفس أصحاب تلك العمائر الذين يتعمدون إحراقها للتخلص منها وإيجاد حجة لإعادة بنائها حتى وإن كانت على النظام القديم، أو إنشائها في أماكن أخرى»، موضحة أن أسباب حرائق العمائر المهجورة لم تكن واضحة من ناحية الدفاع المدني، مما يستدعي تحويلها إلى الأدلة الجنائية لاستكمال التحقيق فيها.

مدينة جدة ما زالت تعيش مرحلة «توتر» جراء ترقب هطول الأمطار في أي وقت نتيجة تقلب الأجواء، فضلا عن مواجهة موجة الغبار لتجد الجهات المعنية جبهة جديدة أمامها تتمثل في مسلسل الحرائق على اختلاف أشكالها وأماكنها.

وبحسب تصريحات سابقة لمدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، خص بها «الشرق الأوسط»، فإن نحو 16 مركزا للإسناد باشرت أعمالها منذ بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي ضمن الاستعداد المبكر للأمطار الذي اعتمد خططه الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة، إذ تمت الاستعانة بنحو 1200 كادر بشري ما بين ضباط وأفراد من مختلف المناطق الأخرى، لينضموا إلى 1300 آخرين من الكوادر الأساسية في مدينة جدة، لافتا إلى أن هؤلاء يقومون بجولات على مدار الفترتين الصباحية والمسائية لتحديد مهامهم منذ وقت مبكر. وكانت سرعة الرياح قد تسببت قبل نحو يومين في امتداد حريق اندلع بإحدى الورش الواقعة في المنطقة الصناعية بشمال جدة ليصل إلى نحو 5 ورش أخرى على مساحة تتراوح ما بين 300 و400 متر مربع، والذي راح ضحيته عاملان، فضلا عن نشوب حريق آخر للنفايات في منطقة الورش بكيلو 8 تبلغ مساحته ما يقارب الـ130 مترا مربعا دون أن يسفر عن وقوع وفيات.

وبالعودة إلى مدير عام إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة الذي علق على تداخل خطط الطوارئ مع بعضها البعض خلال هذه الفترة، قال: «إن خطط مواجهة الأمطار والسيول ترتبط بشكل مباشر مع ما يتم تنفيذه لمواجهة موجات الغبار، خاصة أن احتمالية اصطحاب الرياح والعواصف والتراب للأمطار ما زالت واردة، ما يستدعي تنفيذ خطط متكاملة واستمرار تشغيل مراكز الإسناد الموجودة منذ وقت مبكر». وفيما يتعلق بانتهاء موسم الأمطار، أفاد العميد عبد الله الجداوي بأنه من المفترض أن ينتهي هذا الموسم بعد أقل من أسبوعين، إلا أنه لن يتم الإعلان عن انتهاء حالة الطوارئ إلا بعد الرفع بتقارير للجهات المعنية وصدور توجيهات رسمية منها بذلك.

ولفت إلى أن حرائق المنطقة التاريخية في مدينة جدة انخفضت بشكل كبير منذ بداية العام الحالي نتيجة تشكيل اللجان التابعة للمحافظة والقائمة بعدة مهام تتضمن ضبط الإيجار والتدقيق في الساكنين، إلى جانب حملات تفتيش المنازل وإخلاء المستودعات المخالفة.

وزاد: «ساهمت مداهمات الجوازات التي تهدف إلى التأكد من هوية مستأجري المنازل بالمنطقة التاريخية في انخفاض معدلات الحرائق أيضا، فضلا عن عمليات الضبط التي تقوم بها الدوريات الأمنية».