السجلات الخليجية تواجه مشكلات إحصائية في مكافحة السرطان

د. خوجة: لا يزال الوعي ورصد المرض دون المستوى المطلوب

مطالب بضرورة الرقي بعمل السجلات الوطنية لرصد حالات الإصابة بمرض السرطان («الشرق الأوسط»)
TT

أرجع مسؤول رفيع في القطاع الصحي بدول مجلس التعاون الخليجي تأخر رصد حالات الإصابة بمرض السرطان بين مواطني دول المجلس إلى ضعف إحصاءات السجلات الوطنية بتلك الدول، مؤكدا أن تلك الحالة من التأخر تعد مشكلة عامة تعاني منها كل وزارات الصحة المشرفة على السجل الوطني لرصد حالات الإصابة، لافتا إلى ضرورة الرقي بعمل تلك السجلات الوطنية لما لها من أهمية في رسم السياسات والتشريعات الطبية الوطنية لمكافحة مرض السرطان.

وذكر الدكتور توفيق خوجة المدير العام لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لـ«الشرق الأوسط» أن أكبر التحديات التي تواجه القطاع الصحي في دول مجلس التعاون الخليجي في مكافحة مرض السرطان تتمثل في تأخر وصول الحالات المصابة بالمرض للمراكز الطبية المتخصصة بتلك الدول، موضحا أنه لا يزال الوعي والترصد للمرض في دول الخليج دون المستوى المطلوب، لافتا إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود.

وأكد خوجة أن معدلات الإصابة بمرض السرطان في دول مجلس التعاون تعد مرتفعة جدا مقارنة بالمستوى العالمي، كما أكد وجود حاجة فعلية إلى زيادة المراكز المتخصصة للسرطان بدول المجلس.

وبحسب آخر إحصائيات السرطان في دول مجلس التعاون الخليجي الرسمية، التي صدرت عام 2007، فإن التقديرات تشير إلى تشخيص 95 ألف حالة سرطان بين مواطني دول المجلس في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) 1998 وديسمبر (كانون الأول) 2007، حيث بلغ عدد الحالات بين الذكور 47250، وبين الإناث 47933، في وقت جاءت أعلى نسبة إصابة بالسرطان في السعودية بـ73 في المائة، وأقلها كانت بنسبة 1 في المائة لمواطني دولة قطر.

ولمح خوجة إلى ما قامت به السعودية مؤخرا من الشروع في تحديد 5 مراكز طبيبة لتكون مرجعية لرصد مرض السرطان محليا، مبينا أن تلك المراكز ستسهم في وضع خارطة طريق واضحة المعالم لمكافحة المرض بالبلاد من خلال توفيرها لرصد كل حالات الإصابة الجديدة بالمرض، ومدى انتشاره ونوعية الإصابة به.

وبيّن خوجة أن تنامي تسجيل حالات الإصابة بمرض السرطان في دول مجلس التعاون الخليجي مرجعه لزيادة وعي المجتمع أولا ثم لزيادة الخدمات الصحية من خلال ارتفاع أعداد المراكز المتخصصة في الكشف المبكر عن المرض، ويضيف: «وكذلك للرصد المبكر لحالات السرطان عما كان عليه الوضع سابقا في تلك الدول». وزاد: «ونلاحظ زيادة في أعداد البرامج التوعوية لمكافحة السرطان في دول مجلس التعاون الخليجي، وتنامي أعداد الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني، التي تعنى بمكافحة المرض ومساعدة المرضى في التغلب على معاناتهم مع المرض، كما هناك تشجيع لعمليات الكشف المبكر تقوم بها وزارات الصحة بدول المجلس لحث مواطنيها على إجراء الفحوصات المبكرة عن المرض».

كما لمح خوجة إلى تنامي الوعي بأهمية برامج التوعية بالمرض من قبل القطاع الصحي، لافتا إلى أنه لوحظ التزايد في البرامج التوعوية والصحية، وخصوصا لمرض سرطان الثدي لدى السيدات، ويضيف: «فلا يخلو شهر من شهور السنة دون عقد أحد تلك البرامج في دولة من دول المجلس».

وشدد المدير العام لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون على أن الظاهرة الصحية المرتبطة بزيادة أعداد الإصابة بمرض السرطان بدول المنطقة أدت إلى ضرورة وجود سياسات وتشريعات حكومية تسعى لمواجهة تلك الظاهرة، والعمل على مكافحتها، مؤكدا أن دول الخليج استطاعت إلى حد ما سن الكثير من التشريعات والخلوص إلى جملة من السياسات الصحية لمواجهة المرض.

وكشف من جانبه عن قيام مجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون على إنشاء مجلس خليجي لمكافحة السرطان، الذي تحتضنه العاصمة السعودية الرياض، مشيرا إلى أنه منشأ منذ ما يقارب 10 سنوات، ولكن تم تطويره وإعادة هيكلته قبل عدة أشهر مضت، بالإضافة إلى أنه تم توسعته من أجل نشر الوعي الصحي بين مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز التعاون بين دول المنطقة لوضع سياسات وبرامج وتشريعات متعلقة بمكافحة المرض والتصدي له، وكذلك تعزيز القدرات الطبية لدى العاملين في القطاع الصحي بدول الخليج، ولتمكينهم من تحقيق متابعة لحالات السرطان ورصده، ووضع الإحصاءات الرسمية لنسب الإصابة ونوعيتها في دول المنطقة، واستقراء تلك الإحصاءات لوضع سياسات خليجية موحدة لمواجهة المرض ومكافحته. وأشار إلى قيام مجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون بعقد 3 حلقات علمية وورش عمل، تم خلالها استقطاب خبراء من المركز العالمي لمكافحة السرطان (اتريك) وغيره من المراكز العالمية المتخصصة في مرض السرطان، بهدف تدريب العاملين والمشرفين وضباط الاتصال في السجلات الطبية الوطنية بدول المجلس. كما أشار إلى تطلعهم لتحقيق نسب أسرع في رصد حالات السرطان في تلك الدول، بالإضافة إلى تعزيز آلية الإسراع بالتبليغ عن الحالات الجديدة المكتشفة، وإعداد الإحصاءات بهدف رسم سياسات صحية للمكافحة والتصدي.

وبيّن أنه على المستوى العالمي يتم رصد حالات السرطان كل 3 سنوات، وفي دول الخليج تم تقليص الفترة الزمنية من 7 سنوات إلى 4 سنوات، أي بفارق سنة واحدة عن المستوى العالمي، لافتا إلى أن صعوبة الرصد وتأخره ينجم عن تعقيدات المرض في حد ذاته.

يشار إلى أن سرطان الثدي يتصدر الإحصائيات الرسمية لدول مجلس التعاون، حيث يمثل نسبة 11 في المائة من حالات الإصابة المسجلة رسميا، يليه سرطان القولون والمستقيم بنسبة 8 في المائة، وسرطان الليمفاوي بنسبة 7 في المائة، ثم سرطان ابيضاض الدم (اللوكيميا) بنسبة 6 في المائة، بينما يحتل سرطان الدماغ المرتبة الأخيرة بنسبة 2 في المائة.