تضارب التكلفة ونسب تملك المساكن يحفزان إنشاء مركز معلوماتي

وزارتا الإسكان والعدل تجتمعان للتنسيق المباشر لبحث تداخل الصلاحيات

جانب من الورشة التي احتضنتها غرفة الرياض أمس (تصوير: خالد المصري)
TT

تفاجأ الحضور في ورشة عمل الإسكان والدور المأمول من القطاع الخاص في العاصمة السعودية «الرياض» أمس، بتضارب الأرقام بين مسؤولي شركات تعنى بقطاع العقارات والإسكان في البلاد حول مقدار تكلفة شراء المساكن، وحجم الطلب الحالي، وعدد الأسر السعودية التي لا تمتلك مسكنا خلال الفترة الحالية، قبل أن تكشف وزارة «الإسكان» للمشاركين عن قرب إطلاق مركز وطني معلوماتي يعنى بقطاع الإسكان.

ويرى أحد المشاركين في الورشة أن حجم تكاليف شراء المساكن في البلاد يبلغ نحو 450 ألف ريال عقب خصم قيمة الأرض (120 ألف دولار)، في حين يرى متحدث آخر أنه لا يمكن تجاهل قيمة الأرض التي تمثل 60% من أزمة المساكن في البلاد، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن تكلفة شراء المساكن في البلاد تبلغ حاليا نحو 1.28 مليون ريال للفيللة الصغيرة (340 ألف دولار).

وكانت من أبرز الأرقام المتضاربة خلال الورشة المنعقدة في الغرفة التجارية والصناعية بالرياض متعلقة في عدد الشباب السعودي الذي يبلغ عمره دون الـ30 عاما ، حيث يرى أحد المتحدثين أنهم يمثلون ما نسبته 70% من سكان البلاد، فيما يؤكد متحدث آخر على أنهم 60% فقط.

في حين كشفت وزارة الإسكان السعودية التي شاركت في ورشة العمل أمس عن قرب إطلاق مركز وطني جديد لمعلومات الإسكان في البلاد، مؤكدة في الوقت ذاته للحضور والمشاركين في الندوة على سعيها نحو إيجاد تصاميم هندسية خاصة بالمساكن الأقل تكلفة، في خطوة جديدة من شأنها أن تحل جزءا من أزمة ارتفاع تكاليف المساكن في البلاد.

وأمام هذه الأرقام المتضاربة، أكد مشاركون خلال الورشة على ضرورة الاستفادة من التجارب العالمية في موضوع توفير المساكن للمواطنين، مبينين أن عدد مخزون المساكن في السعودية بلغ حتى نهاية عام 2010 نحو 4.6 مليون مسكن.

وقال المهندس عباس بن أحمد هادي المشرف العام على وكالة التخطيط والدراسات في وزارة «الإسكان» السعودية خلال الورشة أمس: «تعيش الاستراتيجية الوطنية للإسكان مرحلتها الرابعة حاليا، وهو يتمثل في إعداد وثيقة الاستراتيجية»، مضيفا: «يسعدنا في الوزارة حاليا تلقي ملاحظات الجهات الحكومية والغرف التجارية حول الاستراتيجية، ونأمل أن ننهي التعديلات اللازمة على الاستراتيجية في هذا العام».

وكشف هادي عن اجتماع سيتم خلال الأسبوع المقبل بين وزارتي «الإسكان» و«العدل» السعودية للتنسيق فيما بين الوزارتين، مبينا أن الهدف من هذه الخطوة أن لا يكون هنالك تداخل بين الوزارتين في الصلاحيات أو القرارات.

وأوضح هادي أن الوزارة تعمل حاليا على إنشاء مركز وطني لمعلومات الإسكان في البلاد، مضيفا: «كما أن للوزارة الآن جهودا في عملية وضع تصاميم خاصة بمساكن أقل تكلفة».

من جهة أخرى أكد فهد عبد الله القاسم الرئيس التنفيذي لشركة «أموال للاستشارات المالية» خلال مشاركته في الورشة أمس أن صناعة التثمين العقاري ما زالت «تحبو» في المملكة، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات العقارية في بلاده بلغت حتى عام 2010 نحو 440 مليار ريال (117.3 مليار دولار).

وأشار القاسم إلى أنه بلغ مخزون المساكن في السعودية حتى نهاية عام 2010 نحو 4.6 مليون مسكن، مضيفا في هذا الجانب: «60% من المواطنين يبلغ أعمارهم أقل من 30 عاما وهو يمثل تحديات أكبر في موضوع توفير المساكن المناسبة لهم خلال السنوات القليلة المقبلة».

وأوضح القاسم أن السعودية بحاجة إلى توفير نحو 2.55 مليون وحدة سكنية حتى عام 2020، وقال: «من أبرز التحديات التي تواجه توفير المساكن في البلاد هو ارتفاع أسعار الأراضي، وتمثل الأرض ما نسبته 60% من أزمة المساكن الحالية في البلاد».

وأشار القاسم إلى أن أعلى أسعار الأراضي في السعودية خلال الفترة الحالية تقع في أحد أحياء مدينة «الخبر» حيث يبلغ سعر المتر الأعلى نحو 3933 ريالا (1048 دولارا)، موضحا أنه يليها من حيث أعلى الأسعار أحد أحياء مدينة «جدة» والذي يبلغ فيه سعر المتر نحو 3850 ريالا (1026 دولارا).

وانتقد القاسم عدم الاستفادة من أراضي المنح في حل أزمة الإسكان في البلاد، مشيرا إلى أن ما نسبته 5% فقط من هذه الأراضي تم بناء المساكن عليها.

وبين القاسم أن عدد الوحدات السكنية المستأجرة من قبل الأسر السعودية في البلاد بلغ حتى نهاية عام 2010 نحو 1.1 مليون وحدة سكنية، لافتا إلى أن عدد الوحدات السكنية الشعبية في البلاد تبلغ 844 ألف وحدة سكنية، موضحا أن دخل 60% من السعوديين يقل عن مستويات 8700 ريال شهريا .

وأشار القاسم إلى أن تكلفة شراء فيللة سكنية صغيرة الحجم في السعودية يبلغ حاليا قرابة 1.28 مليون ريال (340 ألف دولار)، مشيرا إلى أن عدد السعوديين القادرين على شراء مسكن خلال الفترة الحالية يبلغ ما نسبته 15% من عدد المواطنين المحتاجين لامتلاك مسكن.

وطالب القاسم بضرورة الإسراع في إصدار نظام الرهن العقاري لحل أزمة الإسكان، بالإضافة إلى أهمية تأسيس بنك للإسكان يعنى بالادخار والتسليف، وإيجاد حلول سريعة للأراضي البيضاء غير المستفاد منها.

من جانبه أكد الدكتور محمد بن عبد الله العجلان الرئيس التنفيذي لشركة «رأيك العقارية» خلال الورشة أمس أن نسبة تملك السعوديين للمساكن تبلغ حاليا نحو 30%، مقارنة بـ68% في أميركا، و87% في سنغافورة، و85% في إسبانيا.

وأشار العجلان إلى أن تكلفة امتلاك المساكن عقب خصم قيمة الأرض في البلاد تبلغ نحو 450 ألف ريال (120 ألف دولار)، مبينا أن ما نسبته 70% من السعوديين تقل أعمارهم عن مستويات الـ30 عاما ، وهي الأرقام التي خالفها القاسم في الرأي خلال الورشة أمس.

وقال العجلان: «لا يمكن أن تحل أزمة عدم امتلاك المساكن من خلال طرق تقليدية قديمة، كما أنه لا بد من مراجعة آليات صندوق التنمية العقاري، حيث إن المطلوب مسكن وليس قرضا فقط»، مشيرا إلى أن هنالك حاجة لإنشاء 1.65 مليون مسكن خلال السنوات الـ5 المقبلة.