أحمد بالطو.. طفل سبقت أنامله لسانه

كان يرسم لوالدته ما يريد قبل أن يجيد لغة الكلام

الطفل بالطو يقف أمام بعض أعماله الفنية (تصوير: غازي مهدي)
TT

لن يكون الطفل التشكيلي أحمد بالطو أول ولا آخر من يشكو إهمال المجتمع بمؤسساته وأفراده لما عنده، فالطفل الذي لم يزل في المرحلة الابتدائية من دراسته قال في أحد تعبيراته «هناك كسالى لا يريدون العمل».

الكسالى الذين لا يريدون العمل - كما وصفهم - لم يلتفتوا لموهبته الفنية في الرسم والتشكيل، فأداؤه الذي تقومه أدوات بدائية قارع وتعدى أحيانا أولئك الذين تجر الأموال والرعايات لوحاتهم إلى معارض بعواصم العالم ومدنه السياحية.

تقول رؤى صدقة قدس، والدته، إنها رأت في لمحاته إشارات مبكرة لعطاء مستقبلي من نوع خاص، ثم استرشدت إلى ذلك النوع من العطاء وابنها في العام الثاني من عمره، حينما بدأ يتلقف القلم، ويحسن الإمساك به من دون أن يتكلف أحد عناء تعليمه إياه. كما ذكرت أن ابنها التحق فترة بالمعهد السعودي وتعلم هناك الرسم الزيتي، لكن أحمد ظل وفيا للقلم الذي عرفه في الثانية من عمره.

وتمثل حصة «التربية الفنية» التي تقدم لطلاب المدارس الابتدائية والمتوسطة في السعودية الرافد الوحيد لتنمية الحس التشكيلي لديهم، لكن 45 أو 90 دقيقة أسبوعيا خلال الفصل الدراسي لا يمكن أن تخرج مكنونات تلك الخصلة في النفس. ورغم ذلك الأمر الذي يقول به المهتمون بالشأن التشكيلي، فإن الوالدة أشادت بدور مدرسة ابنها، ذاكرة أنها تقدم مسابقة سنوية للطلاب في الرسم يتنافس فيها الطلاب.

لكن الموهبة لعبت أكثر من دور المدرسة في تعزيز ذلك، إذ تشير الأم إلى أن أحمد وهو لم يتجاوز الرابعة بعد كان يرسم الوجبة التي يشتهي، ضاربا بصعوبة أسماءها وتداخل نغماتها بين مخارج الحروف في فمه عرض الحائط. ومن أكثر الأشياء التي تشير إلى عزوف المجتمع عن الاهتمام بالفن ما قالته الأم من أنها تطمح أن يدرس أحمد ما هو أكبر من الفن التشكيلي كالهندسة المعمارية، لكن الابن أكد أنه يريد دخول عالم التشكيل الكارتوني الحديث، إذ إن الأبحاث تسعى لجعل تلك الرسوم المتحركة شبيهة بالطبيعية.

وبينت أروى أن مشكلة المبدعين الصغار تتمثل في ثلاثة أمور، لخصتها في «التجاهل الإعلامي وعدم وجود مؤسسات تهتم بالصقل، وكذلك غياب أو دنو مستوى الملتقيات التي تجمع كبار أهل الاختصاص». وتحاول أسرة أحمد الصغيرة أن تتلافى تلك المشكلات، فتقوم مثلا بأخذ ابنها لدبي من أجل حضور معرض «آرت دبي»، ليستفيد أحمد منه.

ويبدو أن الصراع الورقي الإلكتروني يتجاوز الصحافة ليصل إلى أحمد الذي بات يستخدم الحاسب الآلي في رسوماته، ليبدع لوحات شبيهة بتلك التي يرسمها ورقيا.