«الجوازات» لـ«الشرق الأوسط»: ضيقنا الخناق على متخلفي الحج والعمرة

في حين دعا مختصون لتمشيط شريط حدودي طوله 1600 كلم بين السعودية واليمن

شرح الصورة: تمشيط مناطقي لترحيل المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت الإدارة العامة للجوازات في السعودية انحسار أعداد متخلفي الحج والعمرة في السنوات الخمس الماضية، مؤكدة أن المنافذ الجوية والبرية والبحرية كانت راصدة لحالات الخروج، وذلك بفضل تمشيط جميع مناطق المملكة بعد فترة المواسم الدينية.

وطالب أكاديميون بضرورة تمشيط الشريط الحدودي الفاصل بين السعودية واليمن والمقدر طوله بأكثر من 1600 كلم، مؤكدين أنه أضحى ممرا تتنامى فيه أعداد المخالفين ويسهل دخول مخالفين أفارقة.

وأوضح العقيد بدر المالك، المتحدث الرسمي باسم «الجوازات» في السعودية أن «الجوازات» غير مسؤولة عن مراقبة الحدود وأمنها، مبينا أن حالات تسرب عمالة مخالفة سواء كانت من اليمن أو غيره، ليست من صلاحيات الجوازات، ودور الجوازات يأتي حينما يتأكد لها وجود عمالة مخالفة لأنظمة الإقامة والعمل داخل الأراضي السعودية.

وأفاد المالك في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن جهاز الجوازات مسؤول عن المقيمين إقامة غير نظامية، أما مخالفي أنظمة العمل، فهذا دور جهات أخرى، مؤكدا أن الجوازات تتعامل مع حالات التسلل غير النظامي بالإضافة إلى المقيمين بصفة غير نظامية، فضلا عمن انتهت إقامتهم ولم يقوموا بعمليات تجديد لها.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجوازات في السعودية، إن الجوازات تقوم بدوريات مكثفة حسب الخطط المعمول بها، وأكد مشاركة جوازات المناطق وقيامها بعمليات تمشيط واسعة بحثا عن المتخلفين، وتقوم بدورها بنقل مخالفي الأنظمة للجهات المختصة.

وحول ما إذا كانت المشاريع الحكومية ساهمت في حلحلة مجاميع متخلفة منذ عقود، أجاب المالك بأنه خلال السنوات الخمس الماضية انخفضت أعداد المتخلفين بشكل واسع، وبدأت تتناقص لدرجة أنها لم تعد تذكر، رافضا إعطاء نسبة مئوية توضح حجم الانحسار. وقال المالك: «وفد إلى السعودية من الخارج قرابة المليوني حاج وخمسة ملايين معتمر في 2011، وكانت نسبة التخلف ضئيلة جدا، وهو نشاط ملموس جراء تضافر عدة جهات حكومية»، موضحا أنه حتى العمالة الموجودة المخالفة لأنظمة الإقامة، قد تكون نتيجة مخالفات عمالية بين الكافل والمكفول، موضحا أن «ذلك يكون أيضا محل نظر حتى ولو تم إلقاء القبض عليه، وانتظار تحريات القضية».

من جانبه، طالب محمد الفعر، أكاديمي سعودي، بضرورة إحكام المراقبة على الشريط الحدودي مع دولة اليمن، المقدر طوله بأكثر من 1600 كلم، معتبرا أنه «معين لا ينضب من المتخلفين الذين كبدوا الاقتصاد السعودي أزمات تلو الأزمات».

وقال إن الشريط الحدودي أصبح منفذا للأفارقة، الذين اتخذوا من الشريط الحدودي انطلاقة نحو التوافد على أحياء في العاصمة المقدسة تعتبر برمتها متخلفة وتؤوي مخالفين وتشكل خطرا يهدد حياة المواطنين والمقيمين.

إلى ذلك، قال الدكتور محمود كسناوي، وهو أكاديمي بجامعة أم القرى لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشكلة تكمن في أن بعض المؤسسات الخاصة والمقاولات المعمارية تقوم بتشغيل العمالة الهاربة من أيدي العدالة كما أن بعض المواطنين يقومون بالتستر على العمال والخدم والخادمات بتوفير العمل لهم وتأمين الإيواء والسكن لهم، أي وكأنهم يوفرون لهم المناخ الاجتماعي المناسب للاستقرار النفسي والاقتصادي، ويقومون بذلك من منطلق الأنانية وحب الذات والمصلحة الخاصة دون الأخذ في الاعتبار مخاطر ومشكلات أمنية يتضرر منها المواطنون وتعتبر بمثابة خروج عن طاعة ولاة الأمر في الامتثال لتطبيق الأوامر والتنظيمات حفاظا على أمن الفرد والمجتمع وحفاظا على رفاهية المجتمع السعودي ورقيه اقتصاديا واجتماعيا». وأضاف: «نريد، بصفتنا متخصصين، بتشخيص أبعاد ظاهرة مخالفة أنظمة الإقامة والعمل، والوقوف على عواملها وأسبابها الداخلية والخارجية، والتوصل إلى آليات إجرائية قابلة للتنفيذ وفق خطة واقعية قصيرة المدى وطويلة المدى للحد من هذه المشكلة، ومن المتوقع أيضا أن تتم الاستفادة من النتائج في الحد من هذه الظاهرة بالتدريج، وفي قيام المواطنين والمقيمين إقامة نظامية بعدم التستر على المخالفين»، وزاد: «من هذا المنطلق، فإن مشكلة البحث تكمن في أن المجتمع السعودي يواجه تحديات داخلية مستمرة على مر الأيام والسنين، ما دامت عوامل الجذب الاقتصادي والاجتماعي مشجعة للإقامة غير المشروعة في المملكة العربية السعودية وما دامت عوامل الإقامة غير الشرعية المتمثلة في الفقر والبطالة وتدني المستوى الاقتصادي والاجتماعي ما زالت تمثل معاناة لبعض الدول الآسيوية والأفريقية، الأمر الذي أدى ولا يزال يؤدي إلى الإقامة بطريقة مخالفة للنظام للبحث عن الأمن الغذائي والعمل والدخل الاقتصادي، بعيدا عن الرقابة من الجهات الأمنية».