خبراء نفسيون يطالبون بتطوير المصحات بدل وصفها بـ«السجن»

قرار زيادة عدد المستشفيات النفسية يدعم التطور في القطاع

TT

أثار نقص الكوادر الطبية النفسية في المملكة جدلا حول كفايتها لاحتياج المستشفيات والعيادات، في ظل ارتفاع حالات المرض النفسي بالمملكة مؤخرا وفقا للإحصاءات العالمية، إضافة إلى نقص الدعم المقدم للطب النفسي من قبل وزارة الصحة السعودية.

وأكد الدكتور محمد خالد، استشاري ورئيس الطب النفسي بمستشفى السعودي الألماني بجدة، أن هناك تطورا ملموسا في المملكة لدعم الطب النفسي، إضافة إلى ارتفاع الوعي، وذلك من خلال الدعم المالي المقدم لمستشفيات الصحة النفسية على مستوى المملكة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك قرارات صادرة ببناء عدة مستشفيات نفسية»، معتبرا أن هذا القرار يعد دافعا كبيرا لتطوير العلاج النفسي بالمملكة.

وأشار إلى أنه صدر قرار في المملكة وتم تطبيقه هذا العام لأول مرة، بأن يغطي التأمين الطبي الأمراض النفسية، إضافة إلى وجود بدل نفسية يعطى للأطباء النفسيين كدعم لهم، لافتا إلى أن ذلك يعتبر أكبر دليل على دعم المملكة للطب النفسي، الأمر الذي نفاه الدكتور محمد شاووش، استشاري أول الطب النفسي، وقال: «مراكز العلاج في المملكة لا ترقى إلى المستوى المطلوب والموجود في جميع الدول العربية». وأضاف: «في ظل الموارد المالية والثروات الموجودة لدينا في المملكة، نجد أن هناك نقصا في الكوادر البشرية القادرة على التخطيط واتخاذ القرار، إضافة إلى النقص في المستشفيات والعيادات النفسية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أصحاب القرار في المملكة ينظرون إلى الأمور من زاوية ضيقة، كونهم يفكرون بطريقة قديمة جدا ولا تتوافق مع العصر، الأمر الذي جعل أصحاب العلم والمعرفة محبطين ومهمشين، ولا يترك لهم المجال لإبداء رأيهم».

بينما طالب الدكتور جلال يوسف، منسق الدراسات العليا في وزارة الصحة واستشاري الطب النفسي، بضرورة تأهيل أطباء الرعاية الصحية الأولية ليكونوا خط الدفاع الأول للحماية من الأمراض النفسية، وذلك من خلال تحويلهم إلى أطباء نفسيين عند حاجتهم لذلك، مبينا أهمية أن يكون هناك تواصل بين أطباء الرعاية الأولية والأطباء النفسيين، إضافة إلى أهمية وجود الطبيب النفسي ضمن الفريق المعالج لأي حالة.

ونادى بضرورة فتح عيادات نفسية داخل المستشفيات العامة بعد الخوف من ثقافة العيب لدى المجتمع من الذهاب إلى المستشفيات أو العيادات النفسية لتساعد في القضاء على وصمة العار التي قد تصاحبهم جراء الذهاب للطبيب النفسي.

كما بين أن هناك نقصا حادا في عدد الأطباء النفسيين السعوديين، وقال: «نسبة الأطباء غير السعوديين في مجال الطب النفسي مرتفعة جدا، تصل إلى 70 في المائة مقابل نسبة بسيطة من الأطباء السعوديين»، مشيرا إلى أن تخصص الطب النفسي والإدمان من أكثر التخصصات النادرة وغير الموجودة في المملكة.

وبالعودة إلى شاووش الذي وصف مستشفيات الصحة النفسية الموجودة بالمملكة بأنها كـ«السجن، ولا يوجد حقوق للمرضى النفسيين»، مبينا أن قرار حقوق المرضى النفسيين دار بين أروقة الشورى والخبراء، إلا أنه لم يصدر، حيث إن المريض ليس لديه القدرة على إخراج نفسه من العيادة، فيتم الحجر عليه بشكل مؤبد وغير منطقي.

وبين أن المريض النفسي يدخل المصحة وكأنه في سجن، وقال: «أنا أصنفها بأنها أكثر سوءا من أي سجن بالعالم، كونها مكانا مغلقا ومصادرة فيها الحقوق، والمريض لا يستطيع أن يعبر عن رأيه أو يمارس حقوقه أو يتابع أموره الخارجية».

وحول التوصيات التي تخرج بها المؤتمرات، أوضح استشاري أول الطب النفسي أن «توصيات المؤتمرات العربية أغلبها مع الأسف الشديد تبقى حبيسة الأدراج، ولا تطبق ولا يسمع كثيرا للمؤتمرات العلمية».

وطالب وزارة الصحة بضرورة تأهيل الكوادر الطبية النفسية من خلال تقديم برامج تعمل على خدمة المجتمع بشكل صحيح، مبينا أن المستشفيات والعيادات أيضا تحتاج إلى إعادة نظر، وقال: «لو حاولنا تقييم الوضع منذ العشرين عاما الماضية والآن، نجد أنه كان لدينا قبل 20 سنة 16 مستشفى للأمراض النفسية و3 مستشفيات أمل، ولدينا عدد محدد من الأسرّة». وأضاف: «بعد مرور عشرين عام، نجد أن لدينا العدد نفسه دون زيادة أي سرير أو مستشفى».

وبين أن الطبيب يستطيع أن يعطي المريض إذنا بالخروج في حال كان بحاجة تسمح بخروجه ولا تستدعي وجوده داخل المصحة النفسية، ولكن ليس هناك أي نظام يحمي الطبيب، المستشفيات والمباني لا تساعد على شفاء وعلاج المريض النفسي، وقال: «الكوادر العاملة فيها محبطون، وأصبح المجتمع يصفنا بأننا مرضى».

جاء ذلك خلال ورش عمل المؤتمر العالمي الثامن للطب النفسي الذي نظمته الجمعية السعودية للطب النفسي ومستشفى الصحة النفسية ومستشفى السعودي الألماني بجدة، وذلك بفندق الإنتركونتننتال بجدة يوم أمس تحت عنوان «الاعتلال المشترك ضمن الاضطرابات النفسية والأمراض الطبية» ويستمر لثلاثة أيام.