أسر سعودية تبادر بتبني مصابات بالإيدز تحت إشراف جمعية خيرية

بعد تضارب حول مصير نزلاء دور الرعاية الاجتماعية المصابين بالمرض

«الشؤون الاجتماعية» أكدت استحالة إعادة أي حالة تستدعي العزل إلى مجتمع دور الرعاية («الشرق الأوسط»)
TT

بادرت أسر سعودية بتبني عدد من المصابات بمرض المناعة المكتسب «الإيدز» تحت إشراف إحدى الجمعيات الخيرية، بغية دمجهن في المجتمع بصورة سليمة.

يأتي ذلك في وقت تضاربت فيه أقوال مسؤولين في وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، حول مصير ومستقبل نزلاء دور الرعاية التابعة للوزارة الثانية، من المصابين بالأمراض المعدية، وإعادتهم للعيش مع أقرانهم، بعد اكتشاف أصابتهم.

ففي الوقت الذي أكد فيه الدكتور سامي با داود المدير العام للشؤون الصحية بجدة لـ«الشرق الأوسط» أن وزارته لا تشرف إشرافا مباشرا على الرعاية الصحية في دور الرعاية الاجتماعية، أشار إلى وجود تعاون بين الوزارتين، في نطاق بعض الحالات التي تحدث لها مشكلات صحية، وتحتاج إلى رعاية خاصة، وهنا يتم إرجاعها للدار التي أتت منها، بعد تقديم اللازم لها.

وحول أصحاب الأمراض المعدية التي لا يرجى شفاؤها، مثل مرض نقص المناعة المكتسب «الإيدز»، قال «يتم إعادتها للدار أيضا، بعد الانتهاء من الإجراءات في هذا الخصوص»، معتبرا أن الإيدز لا ينتقل بين الأشخاص بمجرد الجلوس أو الحديث معهم، شارحا الطرق التي يتم انتقال المرض بها، ومستدلا بأن مريض الإيدز يعيش مع أسرته بشكل عادي.

وبحسب مصدر يعمل بدور الرعاية الاجتماعية، فضل حجب اسمه، قال لـ«الشرق الأوسط» وردتنا حالة مصابة بالإيدز، وعلمنا بذلك حينما بدأنا في الفحوصات الطبيبة، وتم نقلها لأحد المستشفيات، لتلقي العلاج اللازم، ولكننا فوجئنا بإعادته إلينا مرة أخرى، مبينين بأن أي حالة تكون مصابة بالايدز يتم إرجاعها، بعد علاجها.

إلا أن عبد الله آل طاوي مدير الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة نفى لـ«الشرق الأوسط» أن يتم إرجاع أي حالة تحمل مرضا معديا للدار، مؤكدا على أن أي حالة تستدعي العزل يستحيل إعادتها لمجتمع الدور، وأن التعاون بين وزرته والصحة قائم في مثل هذه الحالات، وأن جميع الدور عليها رقابة صحية مشددة، بإشراف من فرق طبية متكاملة.

من جانبها، قالت الدكتورة سناء فلمبان، مدير عام برنامج الإيدز بوزارة الصحة، ورئيسة جمعية الإيدز الخيرية لـ«الشرق الأوسط» إن أي حالة ثبت إصابتها بالإيدز من نزلاء دور الرعاية الاجتماعية يتم التعامل معها مثل جميع الحالات المصابة بالإيدز، ولا يتطلب عزلهم بشكل تام عن بقية النزلاء، وهذا هو الوضع المعمول به عالميا، حيث إنه لا يوجد أي قانون يلزم بعزل أي مصاب بالايدز نتيجة الإصابة بالفيروس فقط، ما لم تكن هنالك مبررات ودواع أخرى.

وطبقا لفلمبان التي أكدت أنه تم التنسيق خلال الفترة الماضية بين إدارة الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة والجمعية السعودية لمرضى الإيدز وتم إيجاد أسر حاضنة بديلة تطوعت لتبني عدد اثنين من الفتيات المصابات بالإيدز لتوفير الجو الأسري المناسب لهن وتوفير احتياجاتهن المعيشية تحت إشراف الجمعية ومتابعة وضعهن النفسي والاجتماعي والصحي وتوفير مختلف أنواع الدعم اللوجستي المناسب لهن وتمكينهن من الدراسة في بيئة مناسبة.

وقالت: من المعروف عالميا أن أماكن الاحتجاز عادة ما تكون فيها إمكانية انتقال العدوى أكثر من الأماكن التي في خارجها، وأن هنالك احتمالا لحدوث بعض السلوكيات الخطرة داخل أماكن الاحتجاز والتي من شانها أن تسهم في نقل العدوى بين النزلاء سواء بالتراضي أو قسرا، مشددة على ضرورة أهمية التعامل مع الأوضاع البيئية وتهيئتها بشكل صحي للحد من المخاطر المختلفة التي يمكن تعرض النزلاء أو العاملين لها مثل تعرض النزلاء للإصابة بالأمراض الأخرى مثل الأمراض المنقولة جنسيا والالتهاب الكبدي سي والدرن (السل) وخلافه.

وعلى حد قولها فإن وزارة الصحة تعمل على توفير جميع ما يحتاجه المصابون بالإيدز من علاج ومتابعة ورعاية صحية، مبينة أنه وفي حال اقتضى الوضع الصحي دخول المصاب بالإيدز إلى المستشفى لتلقي العلاج، فإنه يتم خروجه بعد تحسن الحالة الصحية، لأنه لا يوجد أي حاجة صحية تقتضي عزل المصابين بالإيدز بشكل دائم عن المجتمع، خاصة أن طرق انتقال العدوى معروفة، ويمكن تجنبها سواء في داخل دور الرعاية أو منشأة أخرى بالطرق المناسبة حرصا على عدم نقل العدوى من المصاب إلى الآخرين.

وهنا عاد الدكتور سامي با داود مدير الشؤون الصحية في جدة ليوضح أن وزارته لا تشرف على الخدمات الصحية المقدمة من مختلف القطاعات مثل السجون، والتعليم، وغيرها، إلا في حال وجدت بعض الحالات الخاصة التي تحتاج إلى رعاية خاصة، فيتم تحويلها إلى الوزارة، وفور الانتهاء منها، تُعاد إلى الدار.

وحول وجود بعض السلوكيات التي من شأنها أن تسهم في نقل العدوى، عادت قالت الدكتورة سناء فلمبان بالقول إن وجود أي تعديات أو سلوكيات داخل أي منشأة من شأنه أن يسهم في نقل العدوى من المصاب بالإيدز إلى السليم، لذا فإنه يستلزم الحرص على عدم توفر الجو الذي يسمح أو يسهل هذه التعديات الجسدية، ويستلزم مكافحة السلوكيات الجنسية الخطرة بأنواعها.

وتابعت حديثها «كما يتم العمل على تعديلها مع وضع السياسات والإجراءات التي من شأنها الحد من تعرض النزلاء للعنف من قبل النزلاء الآخرين، وتحديد الأسباب واتخاذ التدابير الضرورية لسلامة البيئة داخل أماكن الاحتجاز والتعامل بشكل مدروس لمنع الأسباب الأساسية المعرضة إلى التحرش وليس التبعات التي تليها فقط».

وقالت الدكتور فلمبان إنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار المشكلات الصحية الأخرى، والجوانب النفسية التي يتعرض لها الأشخاص الذين يتم التحرش بهم، ويجب التعامل معها بشكل صحي، وسليم للحد من ما قد ينتج عن ذلك من تبعات خطيرة على الفرد والمجتمع.

وأضافت «هنا تكمن المشكلة في حال ثبت التعرض للتحرش الجنسي في السلوك الخاطئ المؤدي إلى التحرش وليس في إمكانية نقل العدوى، لأنه طالما تم التعامل مع هذه الحالة أساسا بشكل سليم فإنه لا خطورة في نقل العدوى من خلال الاختلاط العارض بين أي من أفراد المجتمع». وذكرت الدور الذي يلعبه الالتزام الديني، والمستوى الاجتماعي، والثقافي للأفراد في الحد من المخاطر داخل أماكن الاحتجاز، مشيرة إلى ضرورة التدخل بشكل مكثف لزيادة مستوى المعرفة العامة، والوعي الصحي، والثقافي، وتقوية الوازع الديني والالتزام لدى النزلاء، وإدراجهم في برامج تأهيلية نافعة لهم خلال فترة الإقامة، والعمل على استنزاف طاقاتهم الجسدية في مواضع مفيدة وهذا هو المعمول به عادة في جميع أماكن الاحتجاز بشكل عام.