تطوير عمل 20 ألف مواطن في 45 حرفة صناعية

سلطان بن سلمان: الصناعات اليدوية مصدر للتنمية في الأرياف

اتجهت السعودية مؤخرا نحو تمويل أكثر من 20 ألف مواطن يمارسون عملهم في 45 صناعة (تصوير: خالد الخميس)
TT

قال الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، إن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية مشروع متكامل رفعته الهيئة للدولة بعد دراسة مستفيضة تمت الاستفادة منها من عدد من الدول المتقدمة في هذا المجال، وأسهمت فيها عدة وزارات، وناقشتها لجنة وزارية شاركت فيها وزارات المالية، والاقتصاد والتخطيط، والتجارة والصناعة، والشؤون الاجتماعية، ووزارة العمل، إضافة إلى المؤسسة العامة للتدريب التقني، والهيئة العامة للاستثمار، ومجلس الغرف التجارية السعودية.

وأوضح الأمير سلطان بن سلمان أن الاستراتيجية أكدت على أهمية قطاع الحرف والصناعات اليدوية في المساهمة في توفير فرص عيش كريم لقطاع عريض من المواطنين، كما أنه يعد مصدرا للتنمية الاقتصادية في المدن الصغيرة والأرياف، حيث يعمل فيه حاليا أكثر من 20 ألف مواطن يمارسون عملهم في 45 صناعة يتفرع عنها كم هائل من المنتجات اليدوية، وهو ما تسعى الاستراتيجية للبناء عليه وتطويره والارتقاء بمستويات الصناعات وضبط جودتها وأساليب تغليفها وتقديمها، كما تسهم بشكل كبير في التعريف بهذه الصناعات وتسويقها، الأمر الذي كان معدوما في المراحل السابقة.

وأبان الأمير سلطان بن سلمان، أن واردات المملكة من الصناعات اليدوية والهدايا التذكارية في الوقت الحالي تقدر بنحو ملياري ريال سنويا، وهو ما يتطلب الاستثمار في الصناعات اليدوية لتوفير المنتجات محليا بدلا من استيرادها، والمحافظة على الصناعات التقليدية التي تعد عنصرا من الثقافة والتراث الوطني، كما تحظى بإقبال كبير من قبل المواطنين وزوار المملكة، مستشهدا بما تحظى به المهرجانات من مشاركة كبيرة من الحرفيين السعوديين.

وأشار المسؤول الأول عن السياحة إلى أن دعم الدولة لهذا القطاع مستمر بأشكال مختلفة؛ من تنظيم المهرجانات المتخصصة، وعلى رأسها المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) الذي يعد الخيط الرفيع الذي حافظ على كثير من الحرف والتراث الوطني في زمن انشغل فيه الكثيرون عنه، إلى قرارات دعم متفرقة أصدرتها الدولة للعاملين في هذا القطاع والأسر المنتجة بشكل أعم، مشيرا إلى أن ما صدر سابقا من قرارات «كان أهمها الأمر السامي الكريم بأن تكون جميع هدايا الدولة من المصنوعات التراثية المحلية».

وقال الأمير سلطان إن الهيئة تعمل بالتعاون مع بعض الجهات ذات العلاقة بالحرف اليدوية، وبعض الأفراد الحرفيين في المناطق، للمحافظة على هذه الحرف وتطوير مهارات ممارسيها وتوسيع قاعدتهم من خلال عقد ورشات عمل تدريبية للحرفيين لزيادة تأهيلهم وتدريبهم، يتم تنفيذها حاليا في بعض المناطق السعودية، مشيرا إلى أن الهيئة تسعى بالتعاون مع شركائها إلى تعميم هذه الأسواق على معظم المناطق والمحافظات لتكون بيئة جيدة لتوفير فرص العمل، وإعادة تفعيل هذه الصناعة، إضافة إلى استفادتها من السياحة واستفادة السياحة منها، وأضاف: «إننا نستشرف الانطلاق بهذا القطاع في المستقبل بوصفه قطاعا أصيلا يؤدي دوره في الاقتصاد الوطني، وأن يدخل لاعبون جدد في هذا القطاع لاستكمال المنظومة المطلوبة لتطوير قطاع بهذا الأهمية، ومن ضمن ذلك تفعيل التمويل المتكامل للمشاريع الرائدة، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ودخول الشركات التسويقية وحماية العلامات التجارية (حرفة سعودية أصيلة)، وتطوير تسويقها على المستويين المحلي والعالمي، ونظام التوزيع وتسويق المنتجات بشكل مطور كما هو معمول به في دول أخرى».

وأكد رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن «جميع مؤسسات الدولة تضامنت في وضع الاستراتيجية مع المؤسسات التي تعمل في هذا المجال، والشخصيات الاعتبارية التي عملت معنا على الاستراتيجية في جميع مراحلها.

وكان مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها في قصر اليمامة بالرياض الاثنين الماضي وبعد الاطلاع على ما رفعه رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، قد وافق على الاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية وخطتها التنفيذية الخمسية، وإنشاء برنامج وطني تحت اسم «البرنامج الوطني لتنمية الحرف والصناعات اليدوية»، وذلك بتخصيص وزارة المالية مبلغا منفصلا داخل ميزانية الهيئة للصرف على متطلبات البرنامج البشرية والإدارية.

كما أقر مجلس الوزراء تمويل الحرف والصناعات اليدوية من خلال مساهمة مؤسسات وبرامج تمويل ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مثل البنك السعودي للتسليف والادخار وبرامج الأسرة المنتجة. وأن تكون للبرنامج لجنة إشرافية لمدة 5 سنوات برئاسة رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ويكون أعضاؤها من وكلاء الوزارات ونواب المحافظين بالجهات ذات العلاقة، واثنين من القطاع الخاص ممن لديهم مبادرات استثمارية في الحرف اليدوية، واثنين من الجمعيات المهتمة بالحرف.

ومن ضمن الخطوات العاجلة التي اتخذتها الجهات المعنية لتنشيط قطاع الحرف اليدوية، إنشاء 7 أسواق للحرف والمنتجات اليدوية في عدد من مناطق السعودية تضم مجموعة من الحرفيين يقومون بمزاولة حرفهم فيها بصورة دائمة بدلا من تفرقهم في أماكن متعددة.

واستشعارا من الهيئة العامة للسياحة والآثار أهمية هذا القطاع في دعم السياحة الوطنية والترويج لها، فقد بادرت الهيئة بالتعاون مع بعض الجهات إلى تبني استراتيجية وخطة عمل اتضح من خلالها أن هذا القطاع يعتمد بدرجة كبيرة على مشاركة العديد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وذلك لوجود عدة جهات وتكتلات معقدة ترتبط به.

واقترحت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية البدء بخطوات عاجلة لإنعاش وتنشيط قطاع الحرف والصناعات اليدوية في السعودية، متمثلة في إنشاء مجمعات دائمة لمزاولة الحرف والصناعات اليدوية في مراكز المدن، والاستفادة من مراكز التنمية والخدمة الاجتماعية المنتشرة في مناطق المملكة وجعلها مقرات للتدريب والإنتاج الحرفي.