وزارة النقل لـ «الشرق الأوسط»: مخطط النقل العام في جدة يدخل مراحل التصميم

بعد الانتهاء من مرحلة الدراسة وتمهيدا للبدء في تنفيذه على أرض الواقع

العمل على قدم وساق لإنهاء مشروع قطار الحرمين
TT

بدأت وزارة النقل مؤخرا في مراحل تصميمات مخطط النقل العام الذي وضعته لمدينة جدة، وذلك عقب انتهائها من كافة الدراسات المتعلقة به، حيث تنوي خلال الفترة المقبلة البدء في تنفيذه على أرض الواقع.

وكان مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة أول من أمس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وافق على مشروع النقل العام (القطارات والحافلات) بالمدن ذات الكثافة السكانية.

وقال المهندس مفرح الزهراني، مدير عام النقل والمواصلات في منطقة مكة المكرمة، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن الوزارة كانت قد وضعت مخططا للنقل العام في مدينة جدة، والذي تم الانتهاء من دراساته ليدخل ضمن مرحلة التصميمات تمهيدا للبدء في تنفيذه»، لافتا إلى وجود دراسات أخرى متعلقة بمخطط النقل الشامل تتولاها أمانة محافظة جدة.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، أن تلك الدراسات المتعلقة بالنقل العام بجدة خرجت بخطة مفصلة تم وضعها حتى عام 2023، والتي تم اعتمادها من قبل وزارة النقل وأمانة محافظة جدة.

وكشف مصدر رفيع في شركة «جدة للتطوير والتنمية»، المشرفة على مشاريع أمانة محافظة جدة لـ«الشرق الأوسط» عن اختيار نحو 108 كيلومترات من شبكة النقل السريع على ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في محور طريق الأمير ماجد وشارعي فلسطين والأندلس، والتي تكملها شبكة الكومبيوتر وعربات الكورنيش عدا عن خدمة العبارات.

وأوضح أن تلك المحاور تدعمها شبكة نظام حافلات التغذية، إلى جانب تقديم خدمة وصفها بأنها ذات جودة عالية كونها تعتمد على تكنولوجيا السكك الحديدية، والمدعمة ببنية تحتية متكاملة.

وقال المصدر المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تم اختيار تلك المواقع كونها تعد مناطق الطلب الرئيسية التي حددت للنظام الأولي في حي الصفا المتوسط الكثافة والدخل، وجامعة الملك عبد العزيز المتوسطة الكثافة والمنخفضة الدخل، ومنطقة البلد التي تعتبر مركز الأعمال».

ولفت إلى أنه وبحسب الصور الأولية للمخطط والمشروع، فإن مراحل دراسة الجدوى للمرحلة الأولى من نظام النقل العام في مدينة جدة تستغرق نحو 5 أشهر، مبينا أنها تهدف إلى تحديد وتثبيت المسار الأمثل من خلال تقييم البدائل للمسارات المقترحة مع الأخذ في الاعتبار العوامل البيئية والنواحي الفنية وعنصر التكلفة ضمن التحليل متعدد المعايير.

وفيما يتعلق بمرحلة التصميم الهندسي المبدئي، أفاد المصدر في شركة «جدة للتطوير والتنمية»، بأن تلك المرحلة تستغرق ما يقارب 8 أشهر، حيث تسعى لإيصال النظام إلى 30 في المائة من مستوى التصميم الكامل، على أن يتم البدء بعد ذلك في المرحلة الثالثة ووضع تصور وثائق المنافسة للمراحل التالية من المشروع خلال شهرين.

وزاد: «تبدأ بعد ذلك مراحل تنفيذ الشبكة في الممر الأول الذي سيخدم الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية في منطقة البلد، ويربط السكان بمناطق الأعمال في وسط جدة، بينما سيربط الممر الثاني الجامعة على امتداد شارع الأمير ماجد».

وأكد أن هذين الممرين يمكن تنفيذهما بشكل متتابع وبفاصل زمني قصير للاستفادة من استمرارية القوة العاملة، فضلا عن الممر الآخر المتوائم مع مشروع تطوير وسط جدة وذلك بتنفيذ امتداد الخط على شارع الملك عبد العزيز كي يمتد شمالا، مضيفا: «إن المرحلة الثانية من مشروع النقل العام في جدة تتضمن تنفيذه على طول طريق الملك عبد العزيز وتمديد خدمات عربات الكورنيش وشبكة الكومبيوتر».

ووفقا لمعلومات أولية حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن شبكة النقل العام المفضلة أو التي يمكن اختيارها كمحطات تمر عبر خطين رئيسيين للنقل العام السريع، إذ يبلغ إجمالي طول الشبكة 8400 متر، في حين يتضمن الخط الأول 11 محطة مرتفعة، ومحطة تحويل، وثالثة متصلة بمركز النقل متعدد الوسائط، إلى جانب محطة قطار الحرمين.

وأشارت تلك المعلومات إلى أن الطول الكلي للخط الأول يبلغ 11.9 ألف متر، بينما يتمثل الخط الثاني في 6 محطات مرتفعة ومحطة تحويل ليبلغ طوله الكلي 6500م، إذ من المتوقع أن يصل إجمالي الإركاب الكلي للنظام شاملا شبكة التغذية اليومية إلى نحو 229.1 ألف شخص، بحيث يتم إركاب خط الذروة للنقل السريع 3600 شخص في الساعة ضمن اتجاه واحد، وتحديد نقاط الذروة المسائية بالتنسيق مع خطة النقل العام.

المهندس إبراهيم كتبخانه، وكيل أمين »جدة للتعمير والمشاريع»، ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن الاستشاري المكلف بدراسة مشروع النقل الشامل في جدة سينتهي من كافة الدراسات ووضع التصورات النهائية مع نهاية العام الحالي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مخطط النقل الشامل الذي سيتم تنفيذه بمشاركة عدد من الجهات الحكومية، لا يقتصر على النقل العام فحسب، وإنما يشمل خدمات متعددة منها شبكات الطرق وإنشاء ممرات المشاة ومشاريع القطارات الخفيفة والحافلات، إضافة إلى استخدام التقنية الذكية في الطرق وخدمات النقل المتمثلة في إنشاء وبناء الطرق، والأنفاق، والجسور وطرق خاصة للدراجات، وجميع وسائط النقل».

وبحسب دراسة أعدها كل من الدكتور عبد الرحيم حمود الزهراني، أستاذ هندسة النقل والمرور بجامعة الملك عبد العزيز والدكتور عبد العزيز عسيري، مدير تخطيط النقل والمرور في أمانة محافظة جدة، فإن إشكاليات النقل بجدة تتمثل في تزايد عدد السكان المتوقع أن يصل إلى 4.4 مليون نسمة بحلول 2020، إلى جانب زيادة أعداد الرحلات اليومية التي قاربت حاليا الـ7 ملايين رحلة يقطعها السكان والزوار بشكل يومي.

وأكدت تلك الدراسة، أن معدل استخدام المركبات في جدة يزيد عليه في الرياض، حيث توجد 299 سيارة خاصة لكل 1000 فرد بجدة، بينما لا تزيد في الرياض على 233 سيارة لعدد الأفراد نفسه.

وهنا، علق مدير تخطيط النقل والمرور في أمانة محافظة جدة قائلا «إن من مشكلات النقل في مدينة جدة عدم توافر خدمات النقل العام لكل المناطق، فضلا عن بطء التوسع في إنشاء مرافق النقل العام».

وتابع: «يعد عدم مواكبة إدارة وتشغيل الحركة المرورية ووجود اختناقات عند معظم التقاطعات فضلا عن انخفاض متوسط السرعة على الشبكة، من أبرز إشكاليات النقل في جدة أيضا، حيث يصل متوسط السرعة حاليا إلى أكثر من 30 كيلومترا في الساعة، ومن المتوقع أن تصل لما يقارب 18 كيلومترا في الساعة بحلول عام 2020 في حالة ما إذا كانت المعوقات الحالية موجودة».

وبالعودة إلى المهندس إبراهيم كتبخانه، فقد أبان أن مشروع النقل الشامل يتضمن وضع بناء رياضي يحدد الحركة والتوقعات وفق نظام مرئي عبر كاميرات توزع في التقاطعات وتعطي توقعا للحركة المستقبلية، وذلك عبر نموذج حاسوبي يساعد على التنبؤ بالمشكلات المرورية الحالية والمستقبلية حتى عام 2030م، بهدف إيجاد حلول شاملة للنقل وحركة المرور بالمحافظة التي شهدت زيادة سكانية كبيرة وأيضا زيادة في المساحة العمراني.

وأشار إلى أن النقل العام يعتبر من الأشياء المهمة، ولا سيما أن الدراسة التي تقوم بها أمانة محافظة جدة أثبتت أن نحو 96 في المائة من النقل حاليا يتم بواسطة المركبات الخاصة، بينما لا تتعدى نسبة السكان الذين يستخدمون النقل العام نحو 4 في المائة، موضحا أنه تم رصد 24 مليار ريال لتنفيذ مشروع النقل العام في جدة.

وأعلن وكيل أمين «جدة للتعمير والمشاريع» أن مشروع مترو جدة الذي تشرف عليه شركة «جدة للتطوير والتنمية»، سيمر عبر 19 محطة في عدد من الأحياء التي تشهد كثافة سكانية، مبينا أنه يتضمن نظام للحافلات تخدم الشبكة، وهو الأمر الذي يستوجب إقامة مشروع آخر لتطوير المحاور.

وزاد: «إن أمانة جدة وضعت حلولا كإنشاء الجسور والأنفاق وممرات للمشاة في مناطق مختلفة، بينما تعمل من جهتها ووزارة النقل على إنشاء الطريق الدائري الثاني وتحسين طريق الحرمين وبعض المحاور التي تصل إلى المدينة وجهات أخرى».

ولكنه استدرك قائلا «هناك الكثير من السياسات التي تخص النقل بحاجة إلى تعديل، خصوصا أن هذه السياسات في مجملها كانت سببا فيما ما وصلت إليه مدينة جدة حاليا».

وذكر أن أمانة محافظة جدة تعمل بمعية كافة الجهات الحكومية المشاركة في وضع مخطط النقل الشامل وذلك بهدف تجاوز الصعاب، مفيدا بأن المخطط له لجنة توجيهية فيها كل الجهات ذات العلاقة سواء الإدارة العامة للمرور أو وزارة النقل أو المؤسسة العامة للموانئ إضافة إلى الجهات الاستشارية كجامعة الملك عبد العزيز.

وأفصح المهندس إبراهيم كتبخانه عن دراسة لتحرير 91 تقاطعا في المدينة بواسطة بناء جسور وأنفاق تم طرح 24 منها ودراسة 27 محورا أخر سيتم تنفيذها خلال الأيام المقبلة بحسب الأولويات، مشددا على الحاجة لتعديل الكثير من السياسات القائمة، والبدء بشكل عاجل في إنشاء النقل العام بجدة.

وقال: «نعمل على خطة لتوفير عدد من الطرق السريعة من شمال إلى جنوب المدينة، إذ لدينا الآن طريق الملك فهد ويوازيه طريق الملك عبد الله وطريق الأمير ماجد، إضافة إلى طريق الحرمين والطريق الجديد شرق جدة والتي تعكف على إنشائه وزارة النقل».

وأفاد بأنه يقابلها على الجانب الآخر طرق عمودية تقطع المدينة من الشرق الغرب ومنها طريق صاري وقريش وحراء، إلى جانب شارع فلسطين والملك عبد الله وطريق مكة القديم.