سعودي يمنح الأمل للمكفوفين في العمل المكتبي

ابتكر آلة تصوير و«فاكس» على طريقة «برايل»

TT

منح مبتكر سعودي الأمل للمكفوفين في العمل المكتبي بكشفه عن ابتكار تمثل في آلة تصوير، وفاكس من نوع خاص، يمكنه استقبال المعلومات المرسلة بلغة «برايل».

الاختراع الذي من شأنه أن يسهم في تخفيف معاناة فاقدي البصر، من المتوقع أن يشكل ثورة هائلة في مجال التكنولوجيا المتقدمة وتيسير استخداماتها لذوي الاحتياجات الخاصة.

المخترع، الدكتور عبد الملك السلمان أستاذ علوم الحاسب بجامعة الملك سعود، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حاجة ماسة لاستخدام هذين الاختراعين، على نطاق واسع، وتحديدا في مدارس المكفوفين ومراكز ضعاف البصر وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، مشيرا إلى أن هذين الاختراعين هما الأولان له بعد نحو تسع سنوات من البحث في مجال نظام «برايل».

وقام السلمان بالعديد من الأبحاث في مجال نظام «برايل» العربي، وتتضمن هذه البحوث مواضيع مثل ترجمة لغة «برايل» من وإلى العربية، وبحث في التعرف على الصور في لغة «برايل» وتحويلها إلى نصوص، وآخر حول الصيغ الرياضية في لغة «برايل»، وغيرها من البحوث التي توجت في نهاية المطاف باختراع «آلة تصوير برايل»، و«فاكس برايل».

وإذا كان المثل الشهير يقول إن الحاجة أم الاختراع، فإن النبل والتأثر الصادق بمعاناة الآخرين هو ما دفع السلمان لاختراع آلة التصوير القادرة على نسخ لغة «برايل»، ولذلك قصة يرويها بقوله: «شاهدت مكفوفا ذات يوم يطلب من زميل له استعارة ورقة كان يحملها وتتضمن بعض الأذكار والأدعية الدينية بلغة (برايل)، ولما أعجب بها كثيرا طلب من صاحبها الاحتفاظ بها، إلا أنه اعتذر لأنه لا يملك غيرها، حينها تداعى إلى ذهني بساطة الموقف بالنسبة للأشخاص العاديين إذ لا يتطلب الأمر سوى ثانية لنسخ عشرات الأوراق، وهو ما لا يتوفر لفاقدي البصر. ففكرت في كيفية توفير آلة تقوم بتصوير ورق (برايل)».

وأشار إلى وجود جهاز بدائي يقوم على مبدأ الحرارة والشفط الهوائي، وهو غير عملي لأنه لا يمكنه سوى إخراج نسخة واحدة في كل مرة، كما أن الجهاز لا يقبل العمل إذا كانت الورقة مكتوبة على الوجهين، ولا بد أن تكون الورقة أصلية، وتكون الصورة على ورقة بلاستيكية، كما أن الجهاز صعب التعامل ويصدر رائحة غير جيدة نتيجة الحرارة والبلاستيك.

وبين في حديثه أن الغرض الرئيسي من «آلة تصوير برايل» هو تصميم (بناء) آلة لنسخ (تصوير) ورق «برايل» حيث تنتج نسخة من ورقة «برايل» الأصلية على ورقة «برايل» عادية مع الاحتفاظ بالشكل المحدد بغض النظر عن اللغة الأصلية، مثلها مثل آلة التصوير العادية، لافتا إلى أن الطريقة تنطوي على التعرف الضوئي لنقاط «برايل» باستخدام تقنيات معالجة الصور بحيث يمكن نسخ ورقة «برايل» أصلية لاستخراج نسخ مماثلة، ولا سيما أن الفكرة الرئيسية من وراء هذا الاختراع هي بناء آلة نسخ «برايل» التي تنتج نسخة على ورق «برايل» عادي، ولذلك تتكون آلة النسخ المقترحة من معالج (رقاقة) متصلة بماسح ضوئي وطابعة لورق «برايل»، مؤكدا أنه يمكن تنفيذ هذه المهمة في ثلاث خطوات، وذلك عن طريق استخدام الماسح الضوئي العادي للقيام بتصوير ورقة «برايل» وتحويلها إلى صورة رقمية.

وتابع «ومن ثم تطبيق تقنيات معالجة الصور على الصور الرقمية المنتجة لاستخراج جميع مكونات وميزات ورقة (برايل) الأصلية، وبعد ذلك إرسال جميع مكونات وميزات ورقة (برايل) الأصلية إلى طابعة (برايل) لإنتاج نسخة أو أكثر مشابهة لهذه الورقة».

وعن مميزات آلة النسخ، أكد قدرتها على نسخ وجه واحد ووجهين لورق «برايل»، وإنتاجها لنسخة طبق الأصل من ورق «برايل» المراد تصويره، إلى جانب التعامل مع أي لغة، والتعرف التلقائي على وجه واحد أو وجهين لورق «برايل»، وأكد قدرتها على الطباعة بسهولة لنسخ متعددة من ورق «برايل» الأصلي، كما أن الجهاز يقوم بتعديل ورقة «برايل» إذا وضعها بشكل مائل، وهذه الميزة غير متوفرة في آلات التصوير العادية، مشيرا إلى أن تكلفة النسخ تعادل تقريبا تكلفة الطابعة المستخدمة لورق «برايل»، لأن تكلفة الماسح الضوئي والمعالج ضئيلة نسبيا.

وحول الوقت المستغرق لإنجاز آلة التصوير قال: «استغرق سنتين، وهذا الاختراع كان بمشاركة من الزملاء الدكتور علي الزعرت، والمهندسين سويف السحياني، وخالد الحقيل، وعبد العزيز القباني»، لافتا إلى الدعم الذي قامت به مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من خلال دعم ومتابعة هذا المشروع. ويقول السلمان عن ابتكاره الثاني «فاكس برايل» الذي تقوم فكرته على استخدام الماسح الضوئي العادي للقيام بنسخ ورقة «برايل» ثم معالجة هذه الصورة رقميا للاحتفاظ بجميع مواصفات الصورة بما فيها من الأبعاد وحجم الورقة ثم نقلها بواسطة الفاكس (المرسل) إلى جهاز الفاكس (المستقبل)، وتعتمد فكرة «فاكس برايل» على استخدام ماسح ضوئي مربوط بمعالج آلي موصول بآلة طابعة لـ«برايل».

ومميزات «فاكس برايل» الذي استغرق إنجازه ثمانية أشهر، بمعاونة من كل من المهندسين أحمد الجردان وعبده جماعي، هي نفس مميزات الفاكسات العادية حيث يلزم توفر فاكسين لهما القدرة على التعامل مع «برايل» ويمكن إرسال ورقة «برايل» أو أكثر إلى جهة أخرى (أو أكثر من جهة في آن واحد). ويمكن أن ترسل جهة واحدة أو ورقة «برايل» ذات الوجهين إلى جهة الاستقبال (وهذه غير متوفرة في أغلب الفاكسات العادية الحالية).

جدير بالذكر، أن السعودية تشارك الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو) بالاحتفاء باليوم العالمي للملكية الفكرية الذي وافق 26 أبريل (نيسان) من كل عام.