مختصون: نزاعات مقاولات الباطن تتسبب في تعثر 60% من المشاريع بالسعودية

«التحكيم الهندسي» يوصي بإيجاد صيغة دقيقة للوائح

TT

في الوقت الذي تشهد فيه المدن السعودية حراكا واسعا في تدشين المشاريع الحكومية والأهلية بسبب الدعم الحكومي للأفراد والمؤسسات، أوصى مختصون في قطاع البناء والتشييد بإيجاد صيغة دقيقة للوائح وأنظمة الجهات الاستشارية بهدف إيجاد بيئة عمل سليمة ومواجهة العوائق والتحديات التي تواجه قطاع الإنشاءات في البلاد.

وقدر مختصون في «ملتقى التحكيم الهندسي 2012» بمحافظة جدة أول من أمس تصاعد إجمالي حجم المشاريع المتعثرة إلى نحو تريليون ريال، مشيرين إلى أن أكثر من 60 في المائة من هذا التعثر يأتي بسبب النزاعات الناجمة عن مقاولات الباطن لعدم وجود الصيغة بين المقاول وصاحب المشروع، مما دفع بالعديد من القضايا للمحاكم السعودية.

وطالب المختصون خلال الملتقى بأن تتمتع هيئة التحكيم بمسؤولية تحليل وتسوية النزاعات وتقديم توصياتها وحكمها في غضون ثلاثين يوما من تاريخ الانعقاد بتبني مفهوم فض المنازعات والتحكيم المحدد زمنيا، وهو النهج الجديد والأنسب لتسوية النزاعات في صناعة التشييد، مما يضمن السيطرة على المشكلات التي تطرأ بين الأطراف المتعاقدة في الوقت المناسب وبتكلفة أقل ماديا وزمنا من التقاضي عبر المحاكم التقليدية، وكذلك مواجهة التحديات في بيئة العمل التي تشتمل على نظام التعاقد ونظام المنافسات ونظام التقاضي.

وأوضح المستشار الهندسي باسم الزهراوي رئيس اللجنة العلمية وعضو لجنة ارتباط المهندسين الأردنيين أن «اللجنة تسعى إلى تأهيل المهندسين لأداء مهمة التحكيم وتنظم عقود المقاولات للدول العربية بما يلائم التطورات في العالم من حولنا ويناسب التحديات التي تواجه قطاع الإنشاءات. ويشتمل المركز على ممثلين للدول العربية من الخبراء والمستشارين لإيجاد الآليات التنفيذية الملزمة، ومواكبة الخبرات العالمية في هذا المجال بما يسهم في إيجاد بيئات استثمارية وفرص اقتصادية تخدم اقتصادات الدول العربية».

وشدد الزهراوي على «ضرورة إلزام المقاولين ومقاولي الباطن بوضع آلية ملزمة وذات توقيت محدد خلال مرحلة التفاوض وعند توقيع العقد بشأن تعيين محكم أو محكمين يمثلون كلا الطرفين، الذين سيكونون بمثابة لجنة تحكيم مستمرة تجتمع بانتظام إذا دعيت للاجتماع بواسطة أي من الطرفين خلال فترة التشييد، نظرا لأن المواقف السلبية والمشاعر السيئة والتوترات لا توجد في هذه المرحلة التي سوف تجعل من السهل الاتفاق على محكم أو محكمين مؤهلين وأكفاء في وقت قصير ودون أي إكراه أو توتر الذي عادة ما يكون خلال مرحلة التشييد».

ورأت لجنة المكاتب الهندسية في الغرفة التجارية الصناعية في محافظة جدة، ضرورة أن تتمتع هيئة التحكيم بمسؤولية تحليل وتسوية النزاعات وتقديم توصياتها وحكمها في غضون «30» يوما من تاريخ الانعقاد، وينبغي أن يكون قرار التحكيم حازما وملزما لكلا الطرفين ولا مجال لمزيد من اللجوء إلى التقاضي أو غيرها من وسائل تسوية المنازعات، مشددين على أهمية تضمين ذلك القرار بوضوح في العقد مما يسهم في تقليل وتفادي تراكم النزاعات والمشكلات المتوقعة التي تنشأ أثناء التنفيذ العملي للعقد بين الطرفين. وأشارت اللجنة إلى أن «التحكيم المحدد زمنيا سينتج عنه ثلاثة معطيات مهمة؛ هي قرارات سريعة للمنازعات في حال حدوثها، وانخفاض كبير في الوقت المستغرق في التقاضي والتحكيم العادي مما يخفف العبء عن المحاكم، والوقاية من مشكلات التدفق النقدي لأن حل المشكلات يسهل الصرف على المشاريع وتسريعها مما يعود على اقتصادات المنطقة بقوة أكبر ويسهم في خلق بيئة استثمارية ويعزز العلاقة والثقة بين مختلف الأطراف ذات العلاقة».

وكان المهندس نبيل محمد علي عباس رئيس الاتحاد العربي لغرف التحكيم الهندسية، قدم ورقة عمل بعنوان «مقدمة عن التحكيم في المجالات الهندسية» وتطرق إلى التحكيم الهندسي من حيث خصائصه والمبادئ العامة التي تحكم قواعده وأنواعه وفوائده والمشكلات التي تواجهه، ثم تدرج في حديثه حول شروط اختيار المحكم وواجباته، وأتبع ذلك بنظرة عامة عن كيفية كتابة التقارير الفنية في النزاعات، وتطرق إلى صناعة الإنشاءات وخصائصها، والمناخ العام لصناعة التشييد في المملكة، واختتم بنبذة عن نظام التحكيم السعودي مبينا مزايا التحكيم.

واستعرض المهندس طلال سمرقندي رئيس لجنة المكاتب الهندسية في غرفة جدة إنجازات اللجنة ودورها في الارتقاء بالعمل الهندسي والسعي إلى ترسيخ ثقافة التحكيم الهندسي ونشر الوعي بضرورتها لا سيما الحاجة إلى وجود آلية سريعة لتسوية المنازعات التعاقدية في المشاريع بطريقة أكثر فعالية مشابهة للنظام القانوني، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال تشكيل لجنة تحكيم في المرحلة المبكرة أو قبل توقيع الاتفاقية بين الأطراف المتعاقدة، مما يوفر الكثير على الاقتصاد الوطني، بما يسهم في الإسراع في تنفيذ المشاريع دون تعثر بسب خلافات تعاقدية قد تطرأ، ويسهل على العاملين في هذا القطاع بما يدفع العمل الهندسي بصورة أكثر مرونة وإيجابية.