نادلات سعوديات.. يقدمن القهوة والكتاب

مقهى نسائي بلا «معسل» ولا تدخين ويراعي الأمهات في جدة

أول مقهى نسائي ثقافي ترفيهي يقدم خدماته عبر أيادي نادلات سعوديات («الشرق الأوسط»)
TT

يحتضن أحد الأحياء الشمالية، بمدينة جدة، أول مقهى نسائي ثقافي ترفيهي، يقدم خدماته عبر أيادي نادلات سعوديات، يمتلكن الجرأة متحليات بالحماسة لسوق العمل، متجاهلات بذلك نظرة المجتمع لمثل هذه المهن وغيرها التي كانت حتى وقت قريب محل ازدراء البعض.

ترى امتنان طلال، ذات السبعة عشر ربيعا، النادلة في مقهى، أن عملها كنادلة أمر ممتع بالنسبة لها، على الرغم من نظرة المجتمع السعودي لهذه المهنة، مؤكدة رغبتها الجدية في تطوير هذه الخبرة وتدعيمها من خلال الالتحاق بأحد التخصصات الجامعية بعد تخرجها في المرحلة الثانوية.

وعلى الرغم من استغراب واستهجان البعض لها حين يرونها تقوم بمهام عملها والمتمثلة في تقديم الطعام، وتلبية خدمات الزبائن، فإنها تشجع الفتيات السعوديات على أن يعملن بمثل هذه المهن، لتعلمهن الدقة والانضباط، والاعتماد على الذات، إلى جانب تغيير الصورة النمطية عن الفتاة السعودية، لافتة إلى أن بعض صديقاتها بدأن التفكير جديا بالالتحاق في هذه المهنة.

وتعود قصة تأسيس المقهى النسائي، بحسب ما ترويه مالكة المقهى سارة محجوب، إلى أيام الدراسة، حيث كانت تحب المشاركة في البازارات النسائية بأركان خاصة، إلا أن فكرة عمل مقهى نسائي بهذا الشكل لم تكن واردة لديها على الإطلاق، بل كانت تطمح إلى عمل مطعم وجبات سريعة، لكنها سرعان ما صرفت النظر عنها، واتجهت إلى الفكرة الحالية للمقهى النسائي.

وتشير إلى أن فكرة عمل مطعم نسائي متخصص في الوجبات السريعة وفي مكان مغلق لا شك أنها ستفشل، حيث إن الفكرة ستستلزم التعامل مع الرجال في بعض الأمور الفنية والتقنية، وهو ما سيحرمها من أهم عنصر يميزها، المتمثل في الخصوصية، التي يجذب السيدات والفتيات لركنها، إلى جانب الخدمة المميزة من قبل المضيفات السعوديات اللاتي تم تدريبهن وتجهيزهن لهذه الوظيفة.

مرتادات المقهى استحسنّ الفكرة، وطالبن بتنفيذ المزيد منها، كونه يمنح المرأة السعودية الخصوصية جوا من الترفيه والتثقيف، وخلق روح المنافسة في تطوير ذواتنا.

تقول إحداهن: «لعل أهم سبب دفع ذوينا للثقة في هذا المكان هو كونه للسيدات فقط، وعدم السماح بتقديم (المعسلات)، إلى جانب كونه يقع بالقرب من بيتي، مع إمكانية اصطحابي لأخواتي الصغار».

وتعد فكرة المقهى النسائي الثقافي مشابهة لبعض المكتبات العامة والمجالس الثقافية التي بدأت تنتشر مؤخرا، إلا أن هناك بعض القواعد الخاصة بهذا الركن، المتمثلة في عدم تقديم المعسلات داخل المقهى، ومنع التدخين، إلى جانب مراعاة وضع الأمهات من خلال توفير ركن خاص بالأطفال يتم عمل فعاليات خاصة لهم وفق خطة مسبقة.

ويوفر المقهى وغيره من المكتبات الثقافية والأماكن العامة مجموعة من الكتب الثرية والمتنوعة لرواده، ضمن أجواء تكفل لهم خصوصيتهم، وتلبي أذواقهم المختلفة ما من شأنه المساهمة في انتشار المكاتب والمجالس الثقافية الحقيقية، وهنا أفصحت سارة عن خطتها التطويرية لمقهاها الخاص من خلال قيامها بندوات ودورات تطويريه منتظمة، وملتقيات ثقافية نسائية في المستقبل.