الأرصفة.. مقياس المسافة بين «الضومنة» و«تويتر»

المواطنون والمقيمون يستخدمونها في أغراض عدة

TT

مع أنها قد تبدو خالية في أوقات كثيرة بسبب الأجواء غير الملائمة لقضاء بعض الوقت عليها، إلا أن الأرصفة تشهد في أحايين عدة، مواعيد أو مواقف أو جلسات تجمع أفراد العائلة أو جمعا من الأصدقاء، وفي أحيان يجد على طولها ملجأ من ضنت عليهم الدنيا بسقف يؤويهم غير السماء، منتظرين من يعطف عليهم بصدقة أو من يسألهم عما أوصلهم إلى ذلك المكان.

الأرصفة سليمة أو متلفة تمتد على طول الشوارع، وتحاذي كل المنازل والمرافق العامة، وتخصص في الأساس لوضع مسافة بين المرفق أو المنزل وبين مسار السيارات، أو فواصل بين شوارع متوازية، أو توجد في أماكن تم التعارف على اتخاذها أماكن للتسلية والترفيه والسمر.

ومع انتشار ثقافة الرياضة عند الكثير من الشباب والفتيات والرجال والنساء تستخدم الأرصفة في أماكن معينة للمشي والجري والهرولة التي تستهدف الجانب البدني، وغيرها للترويح والتسلية.

وفي وقت التمست فيه أمانات المدن تلك الحاجة وذلك الإقبال لدى الناس، قال الدكتور بهجت حمو، مدير عام الحدائق والتشجير بأمانة جدة، إن لديهم توجها لزيادة ممرات المشاة في نحو 15 حيا ولإنشاء ممر للمشاة في وسط المدينة بمساحة 85 ألف كلم مربع، لتخدم الأطفال والشباب كبار السن على السواء، فمئات الشباب والفتيات يسرن في الأرصفة بعيد عصر كل يوم وحتى منتصف الليل بهدف الحمية وتخفيف الأوزان، وكذلك يفعل عشرات من كبار السن الذين أجبرهم السكري وضغط الدم للذهاب هناك.

بندر العوفي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن التعامل مع الرصيف لدى الصغار في الماضي متوارث من الشباب الكبار الذين كانوا يستخدمون رصيف الحارة في ممارسة بعض الألعاب كالضومنة (الدومينو) والكيرم والبالوت (الورق)، في وجود أكواب الشاي وبعض الوجبات الخفيفة.

ما أشار إليه بندر العوفي أكده وليد الفقش، وأضاف أن استخدامات الأرصفة تنوعت وتطورت بتقدم الزمن، فالجيل الحالي من الجالسين باتوا يستعملون الحواسيب المحمولة، ووسائل الاتصال الحديثة من على تلك الأرصفة ليتواصلوا مع الجالسين على أرصفة أخرى بعيدة عبر «تويتر» و«فيس بوك» و«ماسنجر» وغيرها من وسائل التواصل الحديثة.

وبموازاة كل ما ذكر لا تخلو تصرفات المارة والجالسين في مرات كثيرة من تصرفات غير لائقة أو مسيئة، فعلى رغم ما توصلت إليه وسائل التقنية في التواصل، فإن البعض كما يذكر تركي عسيري آثر استخدام الأرصفة للمعاكسات وإيذاء العائلات المستمتعة بوقتها عليها، بالإضافة لمن يستخدم الداخلية منها خصوصا لتعاطي الحشيش وبعض المواد المخدرة.

وقد تتحول الأرصفة في المدينة الواحدة إلى جغرافيا تجمع الناس من الجنسين والذين ينتمون لجالية واحدة، خاصة في عطل نهاية الأسبوع، حتى باتت بعضها تعرف بمتنزه خاص لأبناء تلك الجالية، تماما كتركزهم في أحياء معينة من المدن. ويلفت العوفي إلى استخدامات أخرى ذات طابع فني للأرصفة، كالعزف على بعض الآلات الموسيقية، وخاصة في الجهات الأقرب إلى المتنزهات والسواحل، وأيضا هواية الرسم على الأرصفة أو الجدران حولها المعروفة بـ«الجرافيتي».

اليوم وعند التجول بأحد الأرصفة الجديدة كالممشى الموجود بشارع الأمير فيصل بن فهد في جدة، تلفت الانتباه جلسات الشباب والعائلات على حواسيبهم المحمولة وتسجيل مشاهداتهم مع أصدقائهم على شبكات التواصل الاجتماعي كـ«تويتر» و«فيس بوك».

وتدفع الاستخدامات المتعددة للأرصفة فئاما من الباعة الجائلين، لافتراش بضاعتهم واستعراضها أو السير بها أو تثبيت الأكشاك على ضفافها، لتكون في متناول المارة والجالسين الذين يظلون بحاجة للمياه الغازية والمشروبات المنعشة أو المأكولات الخفيفة بالإضافة لأدوات التسلية والألعاب.